أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سعيد مضيه - بوش والحذاء... سخرية في حفل ساخر















المزيد.....

بوش والحذاء... سخرية في حفل ساخر


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2505 - 2008 / 12 / 24 - 09:03
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بوش والحذاء فصل ختام ساخر لحفلة ساخرة. تناسق وانسجام مع الجو المحيط والفضاء الأوسع. أخذت السخرية مداها من الانتشار لأن الفضاء الدولي مركب سخريات او مساخر درامية موجعة. المفارقة في هذا الحفل الساخر أشبه بالمفارقة في كل سخرية تتم بالقول أو الفعل. ومثالنا هو التراث الساخر للروائيين المعاصرين والراحلين، وأبرزهم البريطاني برنارد شو. أرجو أن لا يذهب الظن بالبعض إلى سخريته من الحرية الأمريكية، وتمثال الحرية على الشاطئ الأمريكي؛ فتلك السخرية قول تعلق بالحرية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وحالنا مع النعل انسجام مع مناخ . قال الأديب الساخر : يقولون أني كاتب ساخر؛ لكن لم تبلغ بي السخرية حد السفر إلى هناك والوقوف تحت تمثال الحرية. تمثال الحرية المسكين نحته الفرنسيون وأهداه ملك فرنسا إلى جورج واشنطون تيمنا بالانتصار على الاستعمار البريطاني، و نكاية بالغريمة بريطانيا المهزومة أمام أشواق الحرية على الشاطئ الآخر للأطلسي . لم يكن ملك فرنسا نصيرا للحرية فانتقلت عدوى أشواق الحرية سريعا إلى الشاطئ المقابل وأطيح بملك لويس الرابع عشر على أيدي ثوار باريس بعد فترة وجيزة من انتصار جورج واشنطون. ومع الزمن انحسرت قيم الحرية داخل الولايات المتحدة مع تطور الرأسمالية الأمريكية المحمومة في اندفاعتها الشرسة خلف التراكم المالي السريع؛ كما تلوثت قيم الحرية التي نادت بها الثورة الفرنسية مع تحول الرأسمالية إلى امبريالية وتوجهها للبحث عن المستعمرات. وبات تمثال الحرية الفرنسي ـ الأمريكي رمز سخرية.

الحرية المتداولة في حادث " بوش والحذاء" تتعلق برسالة أمربكا لنشر الحرية في أقطار العرب. وهي تمثيلية ساخرة انسجم مع جوها الساخر منتظر الزيدي، فمضى على خطو برنارد شو. فقد دعي هذا الأديب الساخر إلى حفل خيري، ولفت نظره عجوز متصابية. والتصابي مثير للسخرية، والسخرية نوع من العقوبة. عندما حلت نمرة الرقص في الحفل سارع برناردشو وعرض على العجوز المتصابية أن تراقصه؛ لكنه أراد أن يريح الأعين المفتوحة على دهشة فقال : معلهش هذا حفل خيري.
الأديب يتميز برهافة الإحساس وبدقة الرصد وبالخيال المحلق. وتميز برناردشو بسرعة البديهة. كثيرا ما تماهى الروائيون مع أبطالهم المتخيلين: يمرضون بمرضهم ويبكون مع بكائهم الخ. والأدب الجيد دراما واقعية لا يستضيف المسرات إلى فضائه. ربما يدرج شر البلية في مفارقة مضحكة ساخرة. انسجم برناردو شو بسخريته مع فضاء الصدقات وتصدق على المتصابية. ألا يجوز لمنتظر الزيدي الانسجام مع فضاء السخرية الماثل في الحفل والمحتفى به والحفاة ( صيغة مبالغة ل "المحتفين")؟! تحفى منتظر مع المتحفّين واكتملت السخرية. ربما خسر منتظر حقه كصحفي؛ لكنه فاز بامتياز بدور الممثل الهزلي.
إن قدوم الرئيس الأمريكي إلى العراق سخرية من دماء المليون ونصف مليون شهيد سقطوا تحت بساطير جنوده ، سخرية من التراث الحضاري الذي دمر بتواطؤ من إدارته وحلفائها من اليمين المسيحي الصهيوني. فقد نبهت هيئة أمريكية تعنى بالتراث الإدارة الأمريكية، وقد أدركت أنها سترسل جيوشها إلى العراق، إلى ضرورة الحفاظ على المتحف ومؤسسات ثقافية أخرى دونتها في مذكرة رفعت إلى الإدارة الأمريكية. فقط ضرب الجيش الغازي حصاره حول وزارة النفط. وسخر بوش بقدومه إلى العراق للتوقيع على اتفاق وهو إملاء سبقه تهديدات وتوعدات بالويل وعظائم الأمور. وسخر بوش من الوعي العراقي والعربي، إذ تظاهر بالصداقة وسمو القصد، وهو اللص الذي ينهب ثروة العراق النفطية ويصمت حيال النهب المنظم لثرواته، فماذا عمل مع مبعوثه الأول الذي نهب ثمانية مليارات دولار ورحل؟ سخر بوش من العالم كله وسخر معه "الحفاة" عندما زعموا أن الوثيقة الموقعة بين العراق والولايات المتحدة عنوان صداقة ورمز تعاون لما فيه مصلحة العراق.
جاء بوش إلى العراق ساخرا وخرج منه موضع سخرية. وأنّى لحفلة السخرية، التي بدأها بوش ولم ينهها على مزاجه.. أنى لها أن تغيب من ذاكرة الشعوب! بوش بدأ الغزو على العراق ولم يستطع إنهاءه وفق مزاجه. ومن قبل بدأ العدوان على أفغانستان لينتهي على غير ما يشتهي. ومن بعد القبل شجع غزو إسرائيل للبنان وأمل فيه مخاض تشكل الشرق الأوسط الكبير، وخاب أمله. ومن قبل القبل أقبل على الإدارة الأمريكية يحف به رهط المحافظين الجدد يستشرفون بأنياب نووية أفق قرن أمريكي ، يفترس الرأسمال الأمريكي المعولم، في غضونه، شعوب العالم وثرواتها وقيمها الإنسانية ويحكم تسلطه على الكون برمته ناشرا التوحش في كل الربوع؛ لكن جشع الرأسمالية المتوحشة ونهمها للتراكم ورط الرأسمال العالمي وشعوب الكرة الأرضية في كوارت لم تظهر سوى مقدماتها فقط.
كانت الحرب الباردة الثقافية سخرية من شعوب العالم كافة . روجت ثقافة الكذب والتدليس مستلهمة خبرات الحرب النفسية أثناء الحرب الساخنة ضد الهتلرية. من هذه الثقافة مضمون كتاب "الأمريكي القبيح" من تألبف أحد فرسان الحرب الباردة في الولايات المتحدة. يدور موضوع الكتاب حول تفسير ظاهرة " لماذا يكرهون أميركا" التي أثارها بوش الابن في الوقت الراهن. أليست السخرية الأمريكية عتيقة ذات تقاليد عريقة في الكذب والانتحال ؟ فسر القبح الأمريكي بحكاية معونة طحين أرسلتها الولايات المتحدة إلى أحد شعوب شرقي آسيا . حملها العتالون ، وكلهم شيوعيون، وكذبوا على الناس زاعمين أنها معونة سوفييتية . وهكذا تجمل وجه وتقبح وجه. في الكتاب سخر المؤلف من أداء الفرنسيين في حرب الفيتنام، حيث انتهوا بهزيمة مشينة في ديان بيان فو. نظّر الكاتب لخطة تدخل الولايات المتحدة في فيتنام مع نهاية ناجحة. و انتهت الحرب بطائرة هيليوكبتر انتشلت الهاربين المرعوبين من مدينة سايجون. ساخرة جاءت نهاية المغامرة الأمريكية في فيتنام، ومنهكة اقتصاديا كذلك. وبقي الشعب الأمريكي والسياسيون الأمريكيون يعيشون رعب " عرض فيتنام".
وصل بوش العراق ساخرا وخرج منه موضع سخرية. فهل تختلف النهاية الصغرى عن النهايات الكبرى ؟! وهل من قليل هب الرأسمال الأمريكي يدعم حملة داعية التغيير ، أوباما ؟! ولعل هذا قد استوعب الدرس من أسلافه فيوقف مسلسل السخرية في السياسة الأمريكية والثقافة الأمريكية والرسالة الأمريكية الموجهة إلى العالم؟!



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
- تصعيد المقاومة الشعبية بوجه سعار الاستيطان
- زيوف أقحمت لتشويه الماركسية
- ماركسية بلا زيوف 1
- تحية للحوار المتمدن في عيده السابع
- وخرج القمر عن مداره
- أكتوبر و عثرات البناء الاشتراكي
- أكتوبر في حياة البشرية
- هل يخمد عطر الدين عفونة فساد الحكم الحلقة الأخيرة
- هل يخمد عطر الدين عفونة فساد الحكم-3 .... السيف والكتاب
- فرقة ناجية واحدة أم اكثر؟
- هل يذهب عطر الدين عفونة فساد الحكم؟
- يجدفون وسط دوامة العولمة
- نتظر من عام القدس الثقافي
- النزاهة وحرية التجمع في فلسطين
- كبق نستثمر البنية الثقافية لمحمود درويش
- تصعيد المقاومة مسئولية قوى الديمقرطية
- الثقافة العربية في فسطين البدايات والإعاقات (4من 4)
- رفيقنا الذي رحل عنا
- الثقافة العربية في فلسطين البدايات والإعاقات 3من4)


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سعيد مضيه - بوش والحذاء... سخرية في حفل ساخر