أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - زوبعة أبو اللطف















المزيد.....

زوبعة أبو اللطف


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2711 - 2009 / 7 / 18 - 09:37
المحور: القضية الفلسطينية
    


ليست زوبعة في فنجان، ولا هي بالرواية التي ترقد في سلال النفايات لو لم تتعامل معها فضائية "الجزيرة". فهي من تلك الأخبار التي تطيّر على عجل، وتتسابق مؤسسات الإعلام على تضمينها صدر نشراتها الإخبارية. وإذا انطوت الرواية على ضرر، وفعلا هي كذلك، فالمسئولية تقع على عاتق من أطلقها أولا، وليس على صحفي أو مؤسسة إعلامية . حقا نزلت الرواية هدية ثمينة بأيدي أعداء القضية الفلسطينية، وكل من يسعى للخلاص بأي ثمن من "الهم" الفلسطيني الذي بات مجمع فوازير أو عقدة ألغاز. فقد طغت قصص المؤامرات والخلافات والانشقاقات والاتهامات المتبادلة وتلاوين التكاذب على حقيقة ما تنفذه إسرائيل من جرائم اغتصاب وتهويد للأرض وقتل بالجملة. والأغلب أن حكاية القدومي هي من تلك المكائد التي مهرت في حبكها وتسريبها عوالم الاستخبارات بقصد التمويه على جرائمها..
قال أبو اللطف أن ما لديه "محاضر اجتماعات" الإعداد للمؤامرة لاغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل. وكشف أن الاجتماع السري الذي جمع عباس مع شارون وبيرنز بحضور دحلان. محضر الاجتماع، مؤرخ في 2/3/2004.. أي قبل ثمانية أشهر وتسعة أيام فقط من وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل مسموما؛ وقد تم حين كان عباس مستقيلا من حركة "فتح" ولا يملك أية صفة تمثيلية في حركة "فتح" أو السلطة، أو منظمة التحرير، التي كان أعلن كذلك استقالته من عضوية لجنتها المركزية..! كان عرفات قد مارس ضغوطا على عباس اضطرته للاستقالة من رئاسة الوزراء مطلع ايلول/سبتمبر 2003.. أي قبل وفاة عرفات مسموما بسنة وشهرين..!
إذن جلسة التآمر حضرها العديد من الشخصيات خارج جهاز الاستخبارات الإسرائيلية . وهذا مخالف للمنطق الاستخباري وأصول إخفاء البصمات الذي مهرت إسرائيل في فنه. وأمامي صورة صفحة تابلويد من جريدة " السبيل " تسلمتها من الصديق سامي مطير، وهو يساري أظنه يؤيد الجبهة الشعبية. سألني ماذا تعرف عن صحيفة السبيل، وأجبته أنها صحيفة تصدر عن الإخوان المسلمين بالأردن. الصفحة تتضمن ما دعته الصحيفة رسالة من محمد دحلان إلى وزير الدفاع الإسرائيلي، موفاز. العنوان الرئيس في أعلى الصفحة يقول " في رسالة خطيرة وصلت مكتب عرفات واطلع عليها". تحته عنوان بحروف أكبر "دحلان ل موفاز: عرفات يعد أيامه الأخيرة . دعونا ننهيه على طريقتننا لا على طريقتكم". في تفصيل الخبر تورد الصحيفة مقتطفات من الرسالة على أربعة أعمدة، الأول منها غابت أحرفه الأولى لدى تصوير الصفحة ، وهنا أستبدلها بالنقاط . قصة الخبر تحكي " رسالة خطيرة للغاية موجهة بتاريخ ... 2002بعث بها وزير الأمن الداخلي ... محمد دحلان إلى وزير الدفاع الصهيوني ... موفاز،عن ترتيبات متفق عليها بين حكومة ...عباس وحكومة العدو تتعلق بترتيبات يطلبها ... من الإسرائيليين لمواجهة رئيس السلطة ...-ينية ياسر عرفات وحركات المقاومة"0ثم تمضي الصحيفة إلى القول: وعلمت " السبيل " أن ياسر عرفات اطلع على تفاصيلها." وفي النص المنشور من القصة الصحفية نجد دحلان يتحدث باسمه ويتعهد باسمه لوحده . باستثناء المقدمة المشار إليها لا يوجد ذكر لحكومة عباس أو ما يشير إلى شخصية ثانية فلسطينية تشارك دحلان مشروعه الذي يقترح تنفيذه للتخلص من عرفات ، مشيرا إلى إمكانية الدفع باتجاه توتير الأجواء مع حركتي حماس والجهاد كي يحمّل دمه، حين يقتل ، لهاتين المنظمتين.

ألم يحدث من قبل تسريب من هذا القبيل؟ قبيل الغزو النازي للبلاد السوفييتية أفلحت مخابرات ألمانيا النازية في الإيقاع بكوكبة من كبار الضباط السوفييت ذوي الكفاءة، إذ فتك بهم ستالين، جراء رسالة وقعت "سهوا " من يد عميل استخبارات وتلقفها عميل آخر. كل شيء محسوب وهادف في عالم المخابرات، حتى السهو والخطأ ؛ وما من هيئة استخبارية إلا ولديها فرع لتضليل العدو . ولكن "سر" مؤامرة اغتيال ياسر عرفات المثارة داخل حركة فتح بقصد التفسيخ والتشظي، أو بقصد الانتقام من شخص محمود عباس ليس إلا ، لا تنطوي على كبير دهاء؛ وربما أنها أقرب إلى مصائد مغفلين. وبالفعل، فحيث يتغلب الهوى على الموضوعية، مثلما هو سائد في أحكام المتخاصمين على الساحة الفلسطينية، تسبق الانتقائيةُ جهد التحري والتدقيق، وتحول دونه. وعندما تورطت حماس في انقلابها الدموي بغزة لم تتوقف عند التصريحات المتواترة الكاشفة ل"مؤامرة" بصدد تدريب قوات لتوضع تحت إمرة دحلان (رجلنا)، ولم تكلف نفسها عناء التحليل والتركيب قبل التقاط المصيدة من على فارعة الطريق. وربما فتل محمد دحلان شاربيه، زهوا، وهو يسمع رئيس اكبر دولة في العالم يأتي على ذكر اسمه ويصفه بالصديق، وراح يضحك في عبه، تماما مثلما ضحك صدام حسين في عبه، ولم يدر بخلده أنه المضحوك عليه، وهو يسمع الأكذوبة الزاعمة أن بمقدوره إبادة العالم في ساعات!! أما الإيرانيون فلم تنطل عليهم الحيلة، وعلى النقيض، نظروا بتفكير حصيف في تصريحات الإسرائيليين المتواترة حول النية في غزو بلادهم وضربها بالقنابل. فالضربات القاصمة للظهر ، الحاسمة للمنازلة، لا تسبقها التصريحات المتغطرسة؛ بل تباغت الضحية على غرار ضرب المفاعل النووي في العراق وضرب المطارات المصرية يوم الخامس من حزيران.

بدون محاولة التأكد من صدقية الرسالة بحوزة فاروق القدومي ، نقول لدينا قصة إخبارية عن رسالة موجهة من دحلان؛ ولدينا رواية عن "محضر جلسات". فإما أن تنفي واحدة الأخرى ؛ أو تؤكدها باعتبارهما تعاقبتا من حيث الزمن. لنفترض أن أهل فتح لا يقرأون ولا يتابعون، وحتما ينطبق الأمر على فاروق القدومي الذي احتفظ ب "رسالة عرفات"؛ ولو عرف بأمر النشر الصحفي لبدل الكثير من الحيثيات لدى إخراج روايته . ويقينا أن مسئولي فتح ممن ردوا على أبو اللطف لم يعرفوا بأمر رواية " السبيل"؛ ويخلو محضر الاجتماع ، كما سلمه القدومي للصحافة من إشارة للنشر في صحيفة "السبيل" . ويقينا أيضا أن شخصية في مقام القدومي لو كان بحوزته الرواية من عرفات شخصيا عن مؤامرة اغتياله ، كما يقول، لمارس ما يفرضه عليه الواجب والمسئولية وقطع الشك باليقين وقدم نسخة عنها لأصحاب الشأن ولجان التحقيق المكلفة ، كي يضع الكل أمام مسئولياتهم ويأخذوا الأمر بكل جدية. هو يقول أنه احتفظ بالوثيقة طوال خمس سنوات للتأكد من مصداقيتها ؛ و من المؤكد، في حال صحة التسلسل، أن المتهمين حسب رواية "محضر الجلسات" عرفوا بأمر تسريب الرسالة إلى مكتب عرفات ثم إلى صحيفة " السبيل"، فلم يداخلهم الشك، وما تساءلوا بصدد أهلية شركائهم للثقة: هل سربت الرسالة عمدا أو عن طريق الإهمال ؟ وفي أي من الحالتين يفكرون مليا في مواصلة التعاون. أما أن يسدر دحلان في الغي بعد كشف المستور ويصطحب معه أبو مازن للتفاوض مع شارون ، كما ورد في رواية القدومي، فأمر يقرب من الاستحالة والعبث الصبياني.
ويحق التساؤل: هل يعقل أن يظل عرفات صامتا وهو يتسلم وثيقتين تؤكدان التآمر لاغتياله ويكتفي بتحويلهما إلى جهات أخرى؟ ألم يفكر عرفات في التصرف، كأن يفضح المؤامرة و يشدد إجراءات الحيطة والحذر فبل أن يعنى بتوثيق مؤامرة اغتياله؟ اغتيال ياسر عرفات لم يبق طي الكتمان؛ فقد تواترت تصريحات المسئولين الإسرائيليين، وبعضها قاطع جازم بصدد تصفية عرفات ولم يصدر صوت إدانة رسمي عربي أو غير عربي ؛ بحيث بدا الأمر وكأن الاتفاق عام وشامل على التخلص من الرجل. هل انضم عرفات إلى الإجماع؟

صحيفة " السبيل" لم تعلق على القصة التي نشرتها ، مع أن خبرا كهذا يجب أن يقلب ويدرس في ضوء احتمالات متعددة. ربما أن تعمد تجنب " نظرية المؤامرة" وكذلك تواتر التصريحات الإسرائيلية عن التخلص من عرفات بوسيلة أو أخرى والإحباط العام لدى الجماهير العربية لا يجعل لمثل هذه الأخبار الصحفية وقع الصدمة المولدة لردة الفعل. النظرة الأولى تحكم بأن الحيثيات تخدم مهمة نسج الشكوك داخل السلطة وبين فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية. وقد كثرت التكهنات والتحذيرات منذ الانتفاضة الأولى بصدد نوايا إسرائيل ضرب وحدة العمل الفلسطيني. وفي خضم التكهنات والتحذيرات نجحت إسرائيل والولايات المتحدة في إثارة الصدام العسكري بين حماس وفتح. فالرسالة المضمنة في رواية " السبيل" تتضمن نوايا اغتيال ضباط كبار في السلطة ومنهم موسى عرفات والمجايدة وتدبير اغتيالات داخل حماس والجهاد وخلق أجواء بوليسية عبر فرض الطاعة قبل التنفيذ وتشديد الإجراءات الأمنية في السير والتراخيص والتشدد في ملاحقة سرقة السيارات ومخالفي البناء والمتهربين من الضرائب،ثم ... "الضرب بيد من حديد على كل المخالفين لذلك، ولو أدى الأمر في النهاية أن يقضى على نصف الشعب الفلسطيني من أجل أن يعيش النصف بأمان فإنني لن أتردد في ذلك".

الصفحة المصورة من صحيفة "السبيل" عن صورة لمقتطفات من رسالة دحلان لا تحمل تاريخ صدور العدد، وتتضمن صورة زينكوغراف للصفحتين الأولى والأخيرة من الرسالة. ومن المستغرب أن لا تضع الصحيفة الوثيقة التي وصلتها من مكتب عرفات بين يدي التحقيق، ومن الأغرب أن تصمت الصحيفة لما توفي عرفات بمرض غامض، ويصمت أيضا المسئول عن أرشيف عرفات . وتنتفي الغرابة إذا كانت رواية صحيفة " السبيل" مفبركة، ورواية القدومي مدسوسة.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخبط وارتجال ي مواجهة المنهجية المتماسكة والمثابرة
- من اجل فلسطين نظيفة من دنس الاحتلال وجداره ومستوطناته
- لقدس مجال تدافع ثقافي
- أوباما : بشير تحولات أم قناع تمويه؟
- خطة استراتيجية للتحرر الوطني الفلسطيني
- الجدار نقتلعه أم يقتلعنا(3من3)
- الجدار ..نقتلعه أم يقتلعنا(2من3)
- الجدار ..نقتلعه أم يقتلعنا
- المجد لكم يا حراس الأرض
- الدفاع عن الأرض دفاع عن الوطن
- علم النفس الإيجابي وبناء الاقتدار بوجه الهدر
- استحالة التقدم في ظل الاستبداد
- عرض كتاب -الإنسان المهدور- الحلقة الثانية
- الإنسان المهدور
- مين فرعنك يا فرعون
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية 3- جدل الواقع في ...
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية - 2 الجدلية جوهر ...
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية الحلقة الأولى
- المجزرة .. كوارث ودروس
- الجدار واغتيال ياسر


المزيد.....




- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - زوبعة أبو اللطف