أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - تخبط وارتجال ي مواجهة المنهجية المتماسكة والمثابرة















المزيد.....

تخبط وارتجال ي مواجهة المنهجية المتماسكة والمثابرة


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 2709 - 2009 / 7 / 16 - 09:11
المحور: القضية الفلسطينية
    


السياسات الفلسطينية تمعن في ولوج اللاعقلانية ، وتتخبط في التذاكي والتشاطر وحشد الشعبوية على حساب الإنجاز، ولو خطوة متواضعة في التضييق على نهج إسرائيل التوسعي، أو إحراجه على أقل تقدير. من الطرف المقابل تنحو السياسة الإسرائيلية، منهجية متماسكة مثابرة محسوبة الإمكانات والخطوات. يحاور اوباما بسياسات عملية؛ وحين تتوفر القدرة على التنفيذ يتم الحوار بنمطه الأرقى ـ الممارسة السياسيةـ من خلال صراع البرامج. نتنياهو يحاور اوباما بهذا الأسلوب الراقي ويتجاهل العرب، مجتمعات وأنظمة وجامعة دول. ولا يتحرج نتنياهو من إظهار الاستخفاف بالعرب المشغولين بخلافاتهم وإدمان الانتظار على قارعة الطريق؛ وهو يمضي مع الطرف الفلسطيني طبقا لمقولة "ارض بلا شعب"؛ فلا يتوقف مع تنظيم أو قيادة ، حيث القيادات الفلسطينية الأبرز استنزفت الطاقة الكفاحية للشعب الفلسطيني في صراعات دونكيشوتية استعراضية شغلها هدف مراكمة العزوة الشعبوية عن إخضاع الجماهير لسكين الجزار. إن إهدار الطاقات في ما لا يجدي قد قلص وظيفة السلطة في الضفة إلى حماية أمن إسرائيل، واختزل دور السلطة في غزة في المراوحة بين التهدئة تحت ضغط الأمر الواقع أو تلقي الضربات العسكرية القاسية. وحوار السلاح، حين يتصدر جدول الأعمال، يلغي حوارات القانون والفكر والحقوق الإنسانية والقرارات والاتفاقات الدولية.
أثمر الحوار مع الإدارة الأمريكية عبر الممارسة السياسية في ابتزاز تنازلات من جانب إدارة أوباما، بالطبع على حساب القاعدين في الانتظار والمرغمين على الانتظار. لدى الرد الأولي على خطاب نتنياهو تجاهل اوباما وميتشيل الانتقادات العربية والفلسطينية الفاترة والخجولة وتركز حديثهما مرارا على توصيف إسرائيل بالدولة اليهودية. والحقيقة أن نتنياهو، إذ أصر على وجوب اعتراف السلطة الفلسطينية والعرب بيهودية دولة إسرائيل، فإنما استند إلى ما صدر عن اوباما أثناء حملاته الانتخابية من تأكيد غير عفوي ليهودية دولة إسرائيل. أما التنازلات الفعلية فقد تجلت في البيان الختامي الذي صدر عن لقاء وزير الحرب الإسرائيلي، إيهود براك والمبعوث الأمريكي جورج ميتشيل. عادت اللغة الديبلوماسية لإدارة اوباما إلى مقولات بوش ـ تتجاهل البناء في المستوطنات اليهودية، وتقدم من حيث الأولوية " "محاربة الإرهاب "، وتحث العرب على التطبيع مع إسرائيل. الجانب العربي مطالب بتقديم التنازلات حتى التعري مقابل الوعود السرابية!

واضح أن التنازلات في ظل الحوار المتواصل تغري حكومة نتنياهو بالسعي لفرض رؤيتها بصدد الدولة الفلسطينية الموعودة ، وتنذر بحصيلة سرابية من المشروع المرسوم في رحم الغيب. والمؤشرات كاشفة فيما أعلنته حركة " السلام الآن " الإسرائيلية من أن الحكومة الإسرائيلية الحالية خصصت مبلغ مليار شيكل للبناء في المستوطنات في الضفة الغربية في موازنة العام 2009-2010، وفيما أكدته الحركة ذاتها في تقرير أصدرته يقول أن المليار شيكل مخصصة للاستيطان، بينما العناصر الأخرى مدرجة ضمن مساعدات لمجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، توازي 9% من نسبة المبالغ التي تحولها للمجالس البلدية في بقية أرجاء إسرائيل، مع العلم أن المستوطنين يشكلون 4% من إجمالي عدد سكان البلدات الإسرائيلية.
مدحلة الاستيطان الإسرائيلية تتدحرج في ما تبقى من أراض عربية بالضفة ، ولا يوقفها التعلق العربي بوعود الإدارة الأمريكية، إنما يمنحها المزيد من قوة الاندفاع تلك السياسات الفلسطينية الغارقة في وحول النزق والكيد المتشاطر المتذاكي ومجافاة العقلانية . والسياسة تفسد إن لم تتحصن بالعقلانية، وتنتزع منها الأخلاق إن هي أدارت الظهر للثقافة . وعبثا يتوقع الحريصون أن تسهم العدوانية الإسرائيلية في عودة الرشد للقيادات الفلسطينية فتتعقل، وتلم شمل الفلسطينيين وتوحدهم؛ لكن الحريصين يشدهون إذ تباغتهم تشظيات جديدة .
إن كل ما أصاب الحركات السياسية في فلسطين والعالم العربي من انشاقاقات وتشظيات إنما مرده فقر الديمقراطية. وما من حركة وطنية تنجز تحررا ما لم تتسلح بالديمقراطية نهجا. المتصدرون للحركات الوطنية العربية يزدرون القانون والمؤسسات فيحتكرون المرجعية ، والمعارضون ينفذ صبرهم ويعمدون إلى الانشقاق، كي يمارسوا احتكار السلطوية وهجر القانون والمؤسسات. ولو أبدى المتصدرون احترامهم للقانون والمؤسسات لما حار الأتباع وتفرقوا بعد غيابهم. ولو صبر المعارضون داخل الفصائل على ما لا يعجبهم لكانوا ديمقراطيين حقا يراهنون على الحوار داخل الفصيل الواحد. ولو ساد الحوار داخل كل فصيل لبات يسيرا تحالف الفصائل واتفاقها على القاسم المشترك. في العصر الوسيط كان المتمردون على الطغاة يمارسون الطغيان. لم يبرز داخل النفق المظلم ضوء التسامح مع الرأي الآخر و لا التخفيف من القهر والجور. كل ما قامت به الحركات الانقلابية في العصر الوسيط هو قلب العلاقة مؤقتا بين القاهر والمقهور، إلى أن تستنفذ الحركة طاقتها ّوينفضّ عنها الأنصار العاجزون عن الانتظام وتحقيق وحدة الإرادة. وما زلنا في العصر الحديث ندور في دوامة العصر الوسيط، نجحد الديمقراطية ونرفض ونغفل الرأي الآخر، ونجهل فن التحاور ونفتقد مقوماته العقلانية ونسلك درب التسيب والفلتان. ورغم ارتطام النضال الفلسطيني بالإخفاقات والنكسات فإنه ما زال يدور ضمن الحلقة الكريهة للصراعات العشائرية والقبلية والطائفية في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي. وتتمظهر التحزبات الفصائلية بالمظهر العشائري أو الطائفي. وقد أتقنت مكائد الانتداب البريطاني في تحريك الحزازات وإلهابها، كما طورت إسرائيل فن تصدير الأزمات داخل حركة التحرر الفلسطينية، وحشرها داخل مأزق العجز الذي يسد الرؤية، فيتوهم القابعون مخرجهم في الانشقاقات والتشظيات. وهل يمكن التعامي عن مهارة إسرائيل في إدخال العلاقة بين حماس وفتح دائرة الصدام المسلح، وتوجيه الخلاف داخل حركة فتح نحو التناحر؟
إسرائيل كشفت الفلسطينيين بلا رؤية وعاجزين عن التوحد وتوحيد الهدف. وعلاوة على امتلاك الهراوة الثقيلة تمتلك إسرائيل التكنولوجيا والإبداع العلمي والثقافي. وحيث الافتتان على أشده بالقدرات التكنولوجية المجردة من الأخلاق، وحيث العلاقة تفاعلية بين تملك التقاني وتملك القدرات الاقتصادية والعسكرية ونشدان الهيمنة، فإن القوى الدولية المتنفذة تراهن على إسرائيل وتصمت عن انتهاكاتها لمبادئ الأخلاق وللقانون الدولي الإنساني. هكذا ترد بالصمت الدول المتقدمة في أمريكا والاتحاد الأوروبي واليابان عن جرائم إسرائيل، وتقابلها بالتحية، وهو ما تجلى في تقاطر الزعماء من تلك الدول على رحاب أولمرت رئيس الوزراء حينذاك، لمصافحة يديه وهما تقطران بدماء أطفال غزة. وبدهي أن اوباما لا يمتلك مزاجا مغايرا، ولا يستطيع انتهاج درب مغاير لو راوده نزوع مغاير رغم كل ما ينهال عليه من إطراء ويبنى على إدارته من آمال. فحملات اليمين الأمريكي برئاسة ديك تشيني وعتاة المسيحية الأصولية ترفع بوجهه عصا التحذير، وهو يبدي الولاء للتجمع الصناعي العسكري في الولايات المتحدة.
يواجه اوباما في الداخل صعوبات اقتصادية أضخم مما كان يظن أثناء حملاته الانتخابية؛ لكنه يواجه أيضا الضغوط للبحث في حلول للمشاكل الاقتصادية المتفاقمة عبر تضخيم الإنفاق الحربي وسياسات خارجية أكثر عدوانية ، وذلك كطريقة للمساعدة في حل المشاكل الاقتصادية. ويقف التجمع الصناعي العسكري ونزعاته العدوانية وتوجيهاته خلف اللوبي اليهودي أقوى حلفاء التجمع الصناعي العسكري، ويساند بقوة لاهوت المسيحية الأصولية ، خاصة دعواته في التعبئة من اجل حروب جديدة وعدوانية اشد ضراوة داخل الشرق الأوسط. ولم يبدر من اوباما سوى الانصياع لتوجيهات التجمع الصناعي العسكري الذي تصمت الصحافة وشبكات الإعلام عن تأثيراته الهائلة في السياسة والثقافة والاقتصاد داخل الولايات المتحدة الأمريكية ويوجه سياساتها الدولية.

وفي وسع المراقب رصد حملات دانييل بايبس، أحد أقطاب اليمين وركيزته داخل الحياة الأكاديمية الأمريكية، الذي لم يوفّر جهداً في تأثيم أوباما أثناء أطوار الترشيح والحملات الانتخابية؛ وهو يحصر العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية داخل إطار الصهيونية المسيحية او المسيحية الأصولية! وبالنظر إلى أهمية مواقف اليمين الأمريكي المسيحي الذي يخطط لإسرائيل دورا أساسيا في الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط ، و يتبنى مواقف متشددة تبدو خيارات ساسة إسرائيل حمائمية تماماً إلى جانبها، فإنه يرجع النهج الإسرائيلي المتساوق مع أطماع الامبريالية في نفط العرب والموقع الاستراتيجي لمنطقتهم إلى نظرات لاهوتية ، رشدت في العام 1840 اللورد بالمرستون وزير خارجية بريطانيا حين أوصى بأن تبذل السلطات العثمانية كلّ جهد ممكن من أجل تشجيع وتسهيل عودة يهود أوروبا إلى فلسطين، و كذلك سياسة اللورد شافتزبري الذي نحت في العام 1853، العبارة الشهيرة في وصف فلسطين: أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض .
فمن المنطقي والمعقول أن يؤجل اوباما النظر الجاد في المشكلة الفلسطينية إلى ما بعد النجاح في حل المشكلات الاقتصادية والخروج من أوحال العراق وأفغانستان، بينما تدرج مدخلة التوسع الاستيطاني على الأرض الفلسطينية. وليس في الواقع ما ينفي مسئولية الإدارة الأمريكية في تأجيج الصراعات والإرباكات في اكثر من منطقة وحركة تحرر ريثما تفرع من مشاكلها .
وما من قوة تردع المدحلة الاستيطانية سوى المقاومة الشعبية الموحدة بقيادة الحركة الديمقراطية للتحرر والتغيير والتنمية الاجتماعية، المسترشدة بالعقلانية والتفكير الجدلي.. أما تصفية الاحتلال و مستوطناته وجداره فأمر مرهون بتصاعد الحركة النهضوية العربية الجديدة من اجل التحرر الوطني والديمقراطية والتنمية الاجتماعية والوحدة القومية.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اجل فلسطين نظيفة من دنس الاحتلال وجداره ومستوطناته
- لقدس مجال تدافع ثقافي
- أوباما : بشير تحولات أم قناع تمويه؟
- خطة استراتيجية للتحرر الوطني الفلسطيني
- الجدار نقتلعه أم يقتلعنا(3من3)
- الجدار ..نقتلعه أم يقتلعنا(2من3)
- الجدار ..نقتلعه أم يقتلعنا
- المجد لكم يا حراس الأرض
- الدفاع عن الأرض دفاع عن الوطن
- علم النفس الإيجابي وبناء الاقتدار بوجه الهدر
- استحالة التقدم في ظل الاستبداد
- عرض كتاب -الإنسان المهدور- الحلقة الثانية
- الإنسان المهدور
- مين فرعنك يا فرعون
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية 3- جدل الواقع في ...
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية - 2 الجدلية جوهر ...
- محمود أمين العالم في الحياة الفكرية العربية الحلقة الأولى
- المجزرة .. كوارث ودروس
- الجدار واغتيال ياسر
- الهندسة الوراثية لدولة إسرائيل


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - تخبط وارتجال ي مواجهة المنهجية المتماسكة والمثابرة