أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - هل هي حكومة حرب في إسرائيل؟















المزيد.....

هل هي حكومة حرب في إسرائيل؟


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3250 - 2011 / 1 / 18 - 14:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطوة باراك صباح السابع عشر من يناير /كانون ثاني لا تتعلق بالوضع الداخلي لإسرائيل وحسب ، بل هي جزء من إكمال الاستعدادات لمهمات خارجية . صحيح أن باراك كان وزيرا للحرب ولما يزل ، وأن تغييرا في الجهاز الأمني نفذ بأسلوب سلس دون أن يثير الانتباه. وصحيح أن مناورة باراك نزلت صاعقة على حزب العمل وحده ؛ ولا غرابة أن تصفها صحيفة هآرتس في اليوم التالي بأنها " مناورة قذرة"، من ذلك النمط الذي يجعل المرء يقرف من السياسة. وهي مناورة غير مسبوقة رغم أن باراك تمثل ببن غوريون ودايان وشارون من قبله. لكن أيا من هؤلاء لم ينفرد بقيادة الحزب ودفعه في متاهة الضياع والحيرة ليتخلى عنه بغتة، ويتركه متصدعا آيلا للسقوط.

ما الذي دفع باراك للإقدام على خطوة غادرة بحق حزب احتضنه ووثق به وسلمه مقاديره؟ هل هو نذير مؤتمر حزب العمل المنوي عقده شباط او آذار؟ انسحب بماء الوجه قبل أن يعفى من مهمته القيادية بطريقة ديمقراطية لا يستسيغها الجنرال؟ أم أن باراك يريد أن يوفر على حكومة نتنياهو فقدان دعم ثلاثة عشر نائبا في الكنيسيت فاختزل الخسارة إلى ثمانية وأبقى على نصاب الحكومة اليمينية ؟ هل أراد الابتعاد عن كل ما له علاقة باليسار ويسفر عن يمينيته في السياستين الداخلية والخارجية ؟ أم أن الثنائي نتنياهو وباراك يضمران خطة سرية للتحرك في مواجهة تطورات إقليمية ؟
يبدو أن جدول أعمال الحكومة ، المتفق عليه بين باراك ونتنياهو، مثقل بالمهمات ولا يسمح بترف التلهي بانتخابات قد تفرضها تطورات داخل حزب العمل مع انعقاد مؤتمره العتيد. ولذلك اختصر الطريق واجبر أعضاء حزب العمل في الحكومة ، اسحق هيرتزوغ وبريفرمان وبن أليعازر على ترك الحكومة. سبق وأن هدد هؤلاء بترك الحكومة إن لم تستأنف مسيرة السلام، ولا بد ان نتنياهو سمع مطالب مماثلة من آخرين داخل حزبه. وإسرائيل غير مستعدة للسلام وتقاومه بشتى السبل والإجراءات. كما اعتبر إسحق هيرتزوغ، مندوب حزب العمل بالحكومة،"قانون الولاء " المعروض على الكنيسيت "خطوة باتجاه الفاشية"؛ ولا يقبل باراك أن يحسب الموقف عليه ، وهو رئيس حزب يمثله هيرتزوغ بالحكومة. كان لابد من النأي بنفسه عن توجهات السلام والحريات الليبرالية وحقوق الإنسان ، التي باتت تشغل كل سياسي يحس بنبض الحياة الدولية المعاصرة، ولم يتصحر وجدانه بعد. فاقتضى الهدف غير المشرف تنحية "اليساريين" من الحكومة. وبالنتيجة عزز باراك عناصر اليمين داخل الحكومة وبيديه دفع الحكومة نحو مزيد من التطرف اليميني.
دولة إسرائيل بصدد إنجاز المشروع الصهيوني للاستحواذ على أكبر مساحة من الأرض بالضفة وأقل عدد من السكان . لا يجدون في الوقت الراهن من المناسب ضم كامل الضفة وإدارة نظام أبارتهايد معلن؛ ولا يريدون التوصل إلى تسوية تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية المطالب بها. وهي تخشى من تداعيات قادمة استهلها المثال التونسي تحطم الحصار المطبق حول الشعب الفلسطيني من قبل أنظمة سادرة في التبعية وإدارة الظهر لشعوبها ولكل قضايا المنطقة.
ومن جانب آخر لا تقبل إسرائيل أن تمضي إيران بمشروعها النووي من دون عقاب . لا تقبل أن ترتفع بالمنطقة صولة حكام إيران وهي تجد من بين الحكومات العربية من يساندها . ولا تقبل أيضا لحزب الله في لبنان ان يفلت من الشرك المنصوب له ويفرض توجهه على لبنان، الذي يراد له أن يبقى احتياطا للهيمنة ونقطة وثوب للتدخلات بالمنطقة.
احتمالات حرب ظلت إسرائيل لسنوات تلح عليها وتضغط من أجل تجسيدها في واقع المنطقة ، وتصبر انتظارا لفرصة سانحة . ويبدو ان تداعيات تجري بالخفاء تعطي الضوء الأخضر لليمين الإسرائيلي المتطرف. وإذا ما نشبت الحرب في إحدى الجبهات ، او على الجبهتين وهو أفضل لإسرائيل ، فإن حسم الأمور بالضفة تغدو يسيرة وبأقل قدر من الضجة.
باراك احد ثلاثة ،بجانب نتنياهو وشارون، صمموا على إفشال توجه اوسلو منذ البداية. وباراك هو الذي صرح في مؤتمر صحفي أن أي كيان غير إسرائيل يقام بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط يشكل البداية لنهاية إسرائيل. وباراك هو الذي بادر للوقوف بجانب نتنياهو عندما اتهم بالتحريض على اغتيال رابين . وباراك هو صاحب اقتراح قمة كامب ديفد، كي يحسم نهج المفاوضات المملة إما على طريق استسلام السلطة وقيادتها لإملاءات إسرائيل او الدخول معها في صدام مسلح . وكان كل ما اعتبرته السذاجة السياسية انتفاضة ثانية مجرد استدراج خبيث شرع به باراك ثم واصله شارون لتوريط الفلسطينيين في صدام مسلح غير متكافئ. قبل التوجه إلى كامب ديفيد أوصى باراك بوضع الجيش على أهبة الاستعداد للتحرك . وأثناء كامب ديفيد سرب أكذوبة التنازلات غير المسبوقة ثم فجر قنبلته الموقوتة " لا وجود لشريك فلسطيني في عملية السلام". هذه القنبلة فجرت معسكر السلام داخل إسرائيل، وعملت مظلة لحماية الموجة العاتية لنزع الأراضي والتهويد وتشييد الجدار العنصري وعزل النضال الفلسطيني بتسخير ثقافة محاربة الإرهاب. بعد عود باراك من كامب ديفيد سارع بتحريك عمليات عنف "غير مبرر " ضد مظاهرات الفلسطينيين الذين أفاقوا على خيبة سراب تفاوض أشغلهم تسع سنوات !! الكثير من الدول وحتى الأمم المتحدة راقبت باستغرب " الإفراط في العنف " و" العنف غير المبرر " من جانب الجيش الإسرائيلي ضد مظاهرات سلمية !! ثم تطوعت الرؤوس الحامية في تنافسها من أجل شعبوية زائفة بتقديم المسوغ والوسيلة لإسرائيل كي تمارس العنف غير المقيد ضد الأحياء السكنية وخلايا الاقتصاد الفلسطيني، وضد المدنيين العزل من كل سلاح.

أكثر وصف مطابق لباراك الحالة أطلقته هآرتس تضمن القول أن باراك "فايروس كومبيوتر". حقا فقد عطل أجهزة حزب العمل وشل حركته وأضعف نفوذه ووجوده داخل الطيف السياسي في إسرائيل. إن قفز باراك إلى قيادة الحزب، بعد أقل من سنتين من اكتساب العضوية ، هو دليل بين على عسكرة السياسة في إسرائيل. ليس بالوسع نسيان حروب حزب العمل وعمليات الضم والاستيطان التي مارسها ، ولا تنسى أسئلة غولدا ماير أين هو الشعب الفلسطيني. ورغم ماضي حزب العمل كان حضور باراك إلى الحزب خطأ في الاستدلال على العنوان. كل الأحزاب الصهيونية متطابقة في توجهاتها ، لكن باراك قاد حزب العمل وحكومته بأسلوب قيادة القطعات العسكرية. في كل بلدان الرأسمالية المتقدمة يوجد حزب يعنى بالقضايا الاجتماعية والعمالية ما عدا الولايات المتحدة وإسرائيل . فقد أعطب باراك حزبه، أخمد الأصوات المنادية بالليبرالية والتخفيف من الكراهية الشوفينية للعرب وتجيير ولو قدر بسيط من مخصصات الحرب والاستيطان للتخفيف من ضائقة الشرائح الفقيرة. لم يسمح بالنقاش ولا بالمساءلة ، فانفرد بالقرارات التي نأت بالعلاقات مع الجانب الفلسطيني بعيدا عن توجه السلام . مارس باراك السياسة طبقا لمنطق المعركة الحربية ، حيث ينتصب الخياران ـ النصر أو الهزيمةـ ولا مجال للأخلاق او المشاعر الإنسانية، ولا حتى للقوانين الدولية مثل معاملة المدنيين أثناء الحرب. ونفذ مجزرة دموية ضد المتظاهرين في الجليل تضامنا مع الجماهير في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي المناطق المحتلة لم تتوقف عمليات نهب الأرض والتوسع الاستيطاني؛ واستعر العنف الدموي ضد المواطنين العرب، ونشط المستوطنون يحملون القانون بأيديهم ، وأحكم الحصار حول مدينة القدس سياسيا واقتصاديا، وبات أصعب على آلاف العمال العثور على فرص عمل مشروعة داخل إسرائيل. وكان ملحوظا أن الأوضاع المعيشية للأهالي ساءت بصورة ملحوظة في ظل السلطة . لم تخف الحكومات الإسرائيلية رغبتها في تحويل السلطة عبئا على المواطنين في الأراضي المحتلة.
يبدو أن مشوار باراك لم ينته بعد ولديه خطط يريد تنفيذها بالتعاون مع اليمين المتطرف . وهو يضع قدراته ومواهبه تحت تصرف اليمين الفاشي.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوليان أسانج وقانون التجسس ومأساة الزوجين روزنبرغ
- ويكيليكس وحرية العبور الإعلامي
- بين حجب الحقائق وهدر العقل الجماعي
- نقد مسمم النصال
- الانتظاريون والانتخابات الأميركية
- في ذكرى ثورة أكتوبر العظمى متى بدأ نقص المناعة ينخر جسد النظ ...
- الطريق الثالث غير عبث التفاوض وعبث العنف القاصر
- الوساطة الأميركية مشكلة وليست الحل
- ديبلوماسية إدارة الصراع وابتزاز التنازلات
- عقد حصار لا تنفع معها المواعظ
- دلالات فشل المفاوضات الجارية
- كيف نحول الأفكار إلى قوة تغيير
- الأمن الوطني مفهوم مركب من عناصر اقتصادية وسياسية وثقافية
- اليسار الفلسطيني وصراع الديكة
- دانيال بايبس بروفيسور مزور وعنصي
- الفهلوة السنية في تشويه الإسلام والماركسية
- إصرار على بديل تآكل الحقوق الفلسطينية
- الزهد داخل صومعة العقلانية الإنسانية
- معالم الفكر الثوري وتبعاته
- أوباما ينحني للريح والريح يمينية


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - هل هي حكومة حرب في إسرائيل؟