أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الحزب الشيوعي اللبناني يطلّق الماركسية















المزيد.....


الحزب الشيوعي اللبناني يطلّق الماركسية


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3172 - 2010 / 11 / 1 - 11:37
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لعل علّة هذا الحزب الذي ما زال يسمي نفسه " الحزب الشيوعي اللبناني " بالرغم من أنه لم يعد يمتلك من الشيوعية حرفاً، لعلّها الحياء. فبالرغم من مسحة الإندفاع والتهور التي تبدو على صورة أمينه العام وهو يدلي بتصريحاته أمام عدسة التلفزيون، بمناسبة وبغير مناسبة، إلا أن الحزب، كما يبدو، يعاني نفسياً من علة الحياء والخجل. فهو يستحي مثلاً من أن يعلن صراحة اصطفافه خلف حزب الله، ويستحي أيضاً أن يعلن على الملأ عزلته الخانقة، ويستحي كذلك أن يتخذ موقفاً صريحاً إزاء الإنشقاقات الكثيرة المتتالية بين صفوفه. وكما لو أن أصل البلاء كله هو المهابة الجليلة للماركسية، إذ يبدو أن مشكلة المشاكل التي يعاني منها هذا الحزب هو حياؤه الشديد من أن يطلّق الماركسية ذات المهابة الجليلة طلاقاً بائناً!!

في حيلة تفتقد كل لمعة من الذكاء عمل هذا الحزب الحيي على عقد مؤتمر " لليسار " العربي في 22 أكتوبر المنصرم تحت شعار استعادة اليسار العربي لدوره المفقود في مقاومة الإمبريالية وحليفتها الصهيونية ــ وحبذا لو عرف أسباب فقدانه لهذا الدور لما دعا لمثل هذا المؤتمر الذي انتهى إلى بيان فائض عن الحاجة. استحى هذا الحزب في أن يعلن تطليقه للماركسية من على رؤوس الأشهاد فنادى عوضاً عن ذلك إلى عقد مثل هذا المؤتمر السخيف والأجوف ليكون طلاق الماركسية طلاقاً فعلياً لا لبس فيه دون أن يقترن ذلك بالإعلان.

لنترك العلكة السمجة التي يعلكها الحزب ليل نهار والتي هي علكة حزب الله واسمها التجاري "المقاومة"، ولنمعن النظر دقيقاً في "اليسار" صاحب المؤتمر وشاغله. الحزب صاحب الدعوة يقول . . " استعادة الدور العائد للقوى اليسارية عامة في العالم العربي يقتضي ابراز طبيعة هذه القوى نظرياً وعملياً " إذاً صاحب الدعوة لا يعلم حتى طبيعة تلك القوى التي دعاها بوصفها يسارية قبل أن يعرف طبيعتها !! ما الذي "أيسر" هذه القوى!؟ ولماذا لا تكون هذه القوى وسطية أو حتى يمينية؟؟ المقاييس في مثل هذا التصنيف بنظر الحزب "الشيوعي" اللبناني والتي تدل عليها أهداف المؤتر هي : الديموقراطية، والعلمانية، والعداء للإمبريالية. لكن مثل هذه الأهداف لا تخص اليسار فقط. أنا حقاً لا أعلم فيما إذا الجنرال عون أرسل مندوبين عن حزبه لهذا المؤتمر "اليساري"؛ ولعل ممثلين عن حزب عمر كرامي، وعن حزب طلال أرسلان حضروا المؤتمر. ولا أعتقد أن الحزب كان قد وجه دعوة لحزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية اليمينيين رغم أنهما يتبنيان الديموقراطية والعلمانية والعداء للإمبريالية، فلو طلب حضورهما لتكريس مثل هذه الأهداف البورجوازية حقاً وحقيقةً لحضرا. ولا بدّ أن يكون بين من حضر ممثلون عن حزب البعث وعن الحزب القومي السوري الإجتماعي بالرغم من أن عملاء الإستعمار أنفسهم لم يخدموا الإمبريالية كما خدمها هذان الحزبان قبل أن تلفظ أنفاسها. كيف لحزب يدعو قوى لمؤتمر ثم يطالبها في المؤتر ب " إبراز طبيعة هذه القوى نظرياً وعملياً " !؟ هذا ما لا يفعله حزب آخر غير الحزب "الشيوعي" اللبناني، ولا يفعله هذا الحزب مهما بلغ غباء قيادته إلا ليفك عملياً كل رباط له مع الماركسية اللينينية.

أهداف جوفاء لمؤتمر فاقد الهوية
المؤتمر الموصوف تعسفاً باليساري انتهى يدعو لتحقيق ثلاثة أهداف بورجوازية، ليست يسارية، وهي الديموقراطية والعلمانية والعداء للإمبريالية والصهيونية
(أولاً الديموقراطية)
لتعلم قيادة ما يسمى تعسفاً بالحزب الشيوعي اللبناني أن مسحة الديموقراطية التي تميز الحكم في لبنان عنه في سائر الدول المحيطة لم يوفرها غير الإنقسام الطائفي المستحكم في شعب لبنان، حيث أصبح من أولى البديهيات التي يتداولها الساسة في لبنان هي أن طائفة واحدة بعينها لا تستطيع أن تحكم لبنان. وهكذا تتوزع السلطة بين الطوائف لكل حسب حجمها. صحيح أن كل السلطة تقريباً تعود لزعماء الطوائف، لكن أحداً لا يستطيع أن ينكر بأن قيادة الدولة هي قيادة جماعية، وهو ما يؤمن قسطاً وافراً من الحريات تفتقده بلدان المنطقة باستثناء العراق نتيجة للإحتلال الأميركي. لكن ماذا لو تم إلغاء الطائفية بقرار سياسي على سبيل الإفتراض فقط ؟ ــ علماً بأن الإنتاج القومي البضاعي فقط هو ما يتكفل بإلغاء الطائفية ــ لن تؤول السلطة عندئذٍ إلا لعصابة مغلقة طاغية. فطالما أن الإنتاج القومي اللبناني يعتمد على إنتاج الخدمات (السياحة والصيرفة والتجارة) التي هي حصراً من إنتاج الطبقة الوسطى فذلك لن يجلب إلى لبنان سوى حكم العصابة الطغياني والدكتاتوري. وبغض النظر عن كل الشروط الأخرى فالطبقة الوسطى تحكم بطبيعتها بسلطة دكتاتورية حيث أنها لا تموّن المجتمع بشيء وتفتقد بذلك القاعدة المادية لأية سلطة شرعية.
ثم طالما أن قيادة ما يسمى بالحزب الشيوعي اللبناني لم تعلن بعد تخليها عن الماركسية فلنا في هذه الحالة أن نسألها عن أي ديموقراطية تتحدث؟ علّمنا ماركس أن هنالك ديوقراطيتين لا ثالث لهما، الديموقراطية البورجوازية والديموقراطية الإشتراكية. أما وأن الإشتراكية لم تعد في الأفق بعد انهيار مشروع لينين 1917 ـ 1991 فليس ثمة من ديموقراطية متاحة سوى الديموقراطية البورجوازية. ولا أعتقد أن قيادة الحزب نادت بديموقراطية أخرى غير الديموقراطية البورجوازية إلا إذا اعتقدت أن ثمة ديموقراطية بلا هوية طبقية كما يدعي البورجوازيون. الديموقراطية البورجوازية تقوم فقط داخل إطار المجتمع الرأسمالي ووفق شروطه. الموضوع الوحيد لعمل الرأسماليين هو الإتجار بقوى العمل البشرية إذ لا رأسماليين بدون عمال. ولما كانت أرباح الرأسماليين هي ما يسرقونه من إنتاج العمال فتغدو تنمية الطبقة العاملة كماً وكيفاً شرطاً أساسياً من شروط النظام الرأسمالي. من استحقاقات هذا الشرط هو أن تأخذ الدولة الرأسمالية على عاتقها توفير سقف خفيضٍ غالباً للحريات المساعدة على نمو الطبقة العاملة وتطورها ضمن حدود النظام.
التنمية الرأسمالية في البلدان الطرفية كانت قد أصبحت مستحيلة منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى 1914 وهي اليوم أكثر استحالة ضمن الشروط الدولية القائمة. على قيادة ما يسمى بالحزب الشيوعي اللبناني أن ترسم طريقاً لتطور لبنان في نمط الإنتاج الرأسمالي قبل أن تطالب بإقامة الديموقراطية البورجوازية وإلا كانت كمن يصر على الطلب " أنا عايز اتجوز بنت السلطان " !! طالما أن التنمية الرأسمالية مستحيلة فالديموقراطية البورجوازية هي بالتبعية مستحيلة أيضا.

(ثانياً العلمانية)
الحكم الطائفي هو حكم علماني بامتياز، إذ ليس من رباط ديني في الحقيقة يشد الطائفة الواحدة إلى بعضها البعص. فلو أن ميرون مار مارون هو ما يشد الموارنة إلى بعضهم البعض لما رأيناهم في أحزاب وشيع متخاصمة ــ حزب مع العماد عون، وحزب مع القوات اللبنانية، وثالث مع الكتائب. ولو كانت السنة النبوية هي ما يوحد المسلمين السنة لما رأينا أحزاباً وجماعات سنية عديدة تعارض التيار الأعرض فيهم وهو تيار الحريرية. ومثلهما الطائفة الشيعية التي تنقسم في تيارين متعارضين؛ والدروز في ثلاثة أحزاب متعارضة. وهكذا يتفرّق اللبنانيون إلى فرق حيثما يتوفر لكل لبناني الأمن الشخصي والمصالح الذاتية اللذان هما الأساس المادي للحكم العلماني.
من الأفكار السطحية الرائجة هي أن ما يسمى بالعلمانية خصيصة مرافقة فقط للمجتمعات المنقسمة إنقساماً أفقياً حيث يجري الصراع على السلطة والثروة على أساس طبقي، لكن الصراع الذي كان يجري بانقسام عمودي بين القبائل في الإمبراطوريات البطريركية القديمة كان يستهدف قبل كل شيء توزيع السلطة والثروة وهو الأمر الذي يدمغ الحكم فيها بالعلمانية أيضاً. الفرق الوحيد بين الحالتين هو أن الصراع بين الطبقات يعمل على تطوير المجتمع في مختلف الميادين بينما الصراع بين القبائل أو الطوائف يعيق التطور ويمنعه. لكن طالما أن الصراع في المجتمع يحتدم حصراً حول توزيع السلطة والثروة كما هو في الحالتين فالحكم فيهما علماني بامتياز.
في دولة النبي محمد الوليدة في يثرب كانت سياسة النبي تقضي بزيادة حصة الفقراء من ريوع الدولة لإقامة العدالة الإجتماعية التي سكنت إسلام محمد، أما إسلام قريش بدءاً بسقيفة بني ساعدة (الخلافة في قريش) فقضى بحصر الريوع بشيوخ قريش والحكم في الحالتين حكم علماني طالما انحصر النزاع في دائرتي السلطة والثروة.
كل أنظمة الحكم المختلفة عبر التاريخ هي أنظمة علمانية طالما أنها أدارت شؤون الحكم بمقتضى الشروط القائمة على الأرض وليس شروط السماء التي لا يعلم شروطها حتى الأنبياء. لذلك فعلكة العلمانية الفاسدة يجب أن تبصق أرضاً وتداس بالنعال كيلا تعود تمضغ من جديد. إنها علكة إكليركية فاسدة يعلكها رجال الإكليروس المسلمون بشكل خاص حيث لم يعد أحد يعترف بانميازهم. العلمانية ليست إلا صيحة إكليركية إسلاموية مفتعلة تعيب كل من يلغو بها على غير حقيقتها.

(ثالثاً العداء للإمبريالية)

لن يصدقني أحد إذا ما قلت أن أحداً في قيادة ما يسمى بالحزب الشيوعي اللبناني لا يعرف الإمبريالية ولا ماهية الإمبريالية؛ فهل يعقل أن أحداً من هؤلاء القادة لم يتصفح كتاب لينين "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية"!؟ للتدليل على صحة ما أقول فليس لي إلا أن أتحدى هؤلاء القادة والكثيرين مثلهم في أن يأتوا بدلالة واحدة فقط تدل على أن الولايات المتحدة اليوم ما زالت دولة إمبريالية بالمعنى العلمي الوافي للكلمة. دور اسرائيل ككلب حراسة للإمبريالية الأميركية في المنطقة كان قد انتهى مع نهاية الإمبريالية قبل ثلاثة عقود.
حالما فقدت مراكز الرأسمالية العالمية محيطاتها بفعل ثورة التحرر الوطني العالمية 1946 ـ 1972 انهار النظام الرأسمالي في العالم كله بما في ذلك مداميكه العليا، الإمبريالية؛ حيث الشرط الحيوي لاستمرار النظام الرأسمالي في المركز هو تصدير فائض إنتاجه إلى خارج حدود المركز القومية، إلى المحيط، وهو ما انقطع في سبعينيات القرن الماضي.
الإمبريالية كما شرّحها لينين تتحقق بسيطرة مراكز الرأسماليه على بلدان أخرى لجعلها سوقاً لفائض إنتاجها من البضائع، وقد تطور هذا إلى تصدير رؤوس الأموال وتوظيفها في البلدان المستعمرة والتابعة إن في الصناعات الإستخراجية أو في الصناعات التكميلية. حال الولايات المتحدة اليوم هو العكس تماماً من مثل هذا التشريح. فهي اليوم أكبر مستورد للبضائع من الصين وشرق آسيا، كما أنها أكبر مستورد لرؤوس الأموال الصينية واليابانية وغيرها. كيف يمكن وصف الولايات المتحدة الأميركية بالإمبريالية وميزانها التجاري يعجز سنوياً بحوالي تريليون دولاراً!؟ أي رأسمالية هذه التي تقصر عن توفير احتياجات شعبها ولا تسدها إلا عن طريق الإستدانة!؟ أي دولة رأسمالية إمبريالية هذه التي تتجاوز ديونها الخارجية الرسمية فقط اليوم 17 تريليوناً من الدولارات، وأما الفعلية فهي مئات التريليونات!؟ الرأسمالية تنتج ثروة بعرف ماركس وأميركا اليوم تنتج العجز والقصور.

السياسيون من الشيوعيين سابقاً ومن القوميين الذين لم يعلنوا إفلاسهم بعد، بعد انهيار مشروع لينين والمعسكر الإشتراكي، فشلوا فشلاً ذريعاً في إيجاد أي أساس لأي مشروع سياسي جديد يحل محل مشروعهم المنهار سوى الإدعاء بأن الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة التي ما زالت إمبريالية، خلافاً لبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان، والتي في مواجهتها يجب أن تقوم كل المشاريع السياسية. وكل الحجج التي يسوقونها تبريراً لهذه المزاعم الخرقاء هي أن الولايات المتحدة هي الحليف والداعم لإسرائيل وأنها شنت الحرب الإستعمارية بزعمهم على أفغانستان والعراق. الديماغوجيا المستخدمة من قبل هؤلاء الساسة المفلسين لا تستطيع أن تمحو وقائع التاريخ. الإدارة الأميركية ومنذ حرب الخليج قبل عشرين عاماً تميل إلى الجانب الفلسطيني ضمن ظروفها المتاحة، وإلى حل القضية الفلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة، وهي لن تستطيع أن تقاتل إسرائيل بالنيابة عن العرب. واليوم الحكومة الكندية أكثر تأييداً لإسرائيل من الإدارة الأميركية ومع ذلك لا ينادي اليساريون العرب بالعداء لكندا.
أما الحرب الأميركية على العراق فكان سببها صدام العراق واحتلاله الكويت ليضع يده على نفط الخليج الذي هو مصدر الطاقة لكل العالم الصناعي. حاولت أمريكا بكل السبل السلمية أن تقنع صدام بالرحيل عن الكويت وعبثاً حاولت. كل القادة العرب جهدوا لإقناع صدام بالرحيل من الكويت دون نتيجة. الإتحاد السوفياتي ضغط عليه للرحيل ووعده بامتلاك حقل الرميلة النفطي وهو سبب النزاع مع الكويت وبأن لا تعود أسرة الصباح لحكم الكويت ورفض العرض السوفياتي مصراً على أن الكويت هي المحافظة العراقية رقم 19. كان واضحاً أن صدام راغب في استقدام الولايات المتحدة لمواجهة حربية في الخليج، كما أكد لي أحد الضباط العراقيين الموالين لصدام عشية الحرب، وكما تأكد ذلك في مفاوضات بيكر ــ عزيز في جنيف حين تحدى بيكر عزيز كي يلفظ اسم الكويت فقط أمام الصحفيين كشرط لاستمرار المفاوضات، لكن عزيز أبى أن يتلفظ باسم الكويت، فكانت الحرب بعد 48 ساعة. مع كل ذلك لا يستحي اليساريون المفلسون سياسياً في أن يصفوا تلك الحرب بالحرب الاستعمارية وهم يعلمون أن عشرة جيوش عربية اشتركت في الحرب بجانب الجيوش الأميركية. أما احتلال العراق في العام 2003 فبغض النظر عن شرعية الحرب بعد أن رفض صدام السماح لمفتشي الأمم المتحدة دخول العراق لاستكمال مهام التفتيش بعد أن تعهد للأمريكان بالتخلص من كافة أسلحة الدمار الشامل في خيمة صفوان إثر هزيمته عام 91 ، بغض النظر عن ذلك فإن أحداً لا يستطيع أن يصف الحرب على نظام صدام عام 2003 بأنها حرب استعمارية حيث أنفقت الولايات التحدة في الحرب أكثر من 3 تريليون دولاراً لا تستطيع أن تستردها لو استعمرت العراق لمائة عام وها هي تستعجل الرحيل عن العراق توفيراً في الإنفاق دون أن تأخذ من العراق شروى نقير، بل جاء نائب الرئيس تشيني بعد احتلال العراق إلى ملك السعودية يرجوه أن يخفض سعر النفط الذي أخذ يرهق ميزان المدفوعات الأميركي.
أما حرب أفغانستان فساستنا المفلسون من قومجيين ويساريين يريدوننا أن ننسى بأن أفغانستان/طالبان هي التي بدأت الحرب على الولايات المتحدة التي جهدت بالمقابل أن تعتبر جريمة البرجين لا تعود مسؤوليتها للحكومة الأفغانية الطالبانية بل للقاعدة وزعيمها بن لادن. ولذلك طالبت الولايات المتحدة حكومة طالبان بتبرئة ذمتها من خلال تسليم بن لادن لمواجهة العدالة وهو من تسبب بجريمة يندى لها جبين الإنسانية راح ضحيتها ثلاثة آلاف مواطن أمريكي بريء. رفضت الحكومة الأفغانية تسليم بن لادن بالرغم من تهديد الولايات المتحدة باحتلال أفغانستان إذا لم تتسلم بن لادن خلال شهر. انقضى الشهر ولن تتسلم الإدارة الأميركية بن لادن فكانت الحرب. هذه وقائع تحول دون وصف الحرب الأميركية على طالبان بأنها حرب استعمارية. الاتحاد السوفياتي حارب طالبان ولم توصف حربه بالحرب الاستعمارية، أما أميركا وهي تحارب نفس العدو فحربها استعمارية !!!

كان لينين على حق عندما لاحظ في العام 1922 أن مئات الألوف من البورجوازية الوضيعة يتجندون في الحزب الشيوعي ليس من أجل تحقيق الشيوعية بل من أجل تحقيق الذات هرباً من النظام الرأسمالي الذي يتطور على حساب البورجوازية الوضيعة وتحويلها إلى بروليتاريا. لذلك طالب لينين بطرد مائتي ألف عضواً من الحزب وأشار إلى أن أمثال هؤلاء متواجدون حتى في قيادة الحزب. مقاومة البورجوازية الوضيعة في الحزب كانت على الدوام من أسس قيادة ستالين للحزب 1922 ــ 1953 غير أن العدوان الهتلري على الاتحاد السوفياتي صب أخيراً في طاحون البورجوازية الوضيعة في الحزب وفي الدولة. ولذلك تيسّر للبورجوازية الوضيعة أن تقوم بانقلاب على النهج اللينيني حال رحيل ستالين. من هنا يمكن فهم لماذا ترفض الأحزاب "الشيوعية" التي لم تتفكك بعد بعناد مستغرب البحث في أسباب انهيار الإتحاد السوفياتي بالرغم من التعرّف على أسباب الإنهيار هو أول شروط استمرار العمل الشيوعي. المرء ليس بحاجة إلى ذكاء ليعلم علم اليقين أن رفض هذه الأحزاب البحث في أسباب انهيار الإتحاد السوفياتي إنما يعود لمشاركة هذه الأحزاب نفسها في الإنهيار كونها من نسيج البورجوازية الوضيعة. وهي ترفض أن تعترف بأن الإنهيار جاء كنتيجة للصراع الطبقي داخل المجتمع الإشتراكي، ترفض ذلك بالرغم من أن ماركس وإنجلز قد أكّدا أن كل تطور إجتماعي يتحقق بقوة الصراع الطبقي.

الحزب "الشيوعي" اللبناني ليس فقط لا يعرف أسباب انهيار الإتحاد السوفياتي، بل ولا يتعرّف أيضاً على تداعيات الإنهيار التي تحكم دون أدنى شك كل ميكانزمات "النظام" الدولي القائم حالياً. لذلك قام هذا الحزب بدعوة جماعات وصفها هو متطوعاً باليسارية من أجل التباحث في استعادة أمجادها!! كيف؟ بالنضال ضد الإمبريالية الأميركية والصهيونية، لاستعادة فلسطين عربية وللتحرر الوطني!! التحرر الوطني لمن؟ للعراق؟ العراق أكثر البلدان العربية تحرراً، فبالرغم من تواجد أكثر من 150 ألف جندي أميركي حول بغداد بعد تحريرها من الطاغية صدام فإن ثلاث زيارات لنائب الرئيس الأميركي لبغداد بعد الإنتخابات لم تفلح في عقد تآلف بين حزبين لتشكيل حكومة، الشعب العراقي بحاجة ماسة لها. أي حزب شيوعي هذا الذي لا يدرك أن حركة التحرر الوطني في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ما كانت لتكون لولا وجود الإتحاد السوفياتي كقاعدة صلبة لها!! السياسيون الذين اجتمعوا في ندوة عنوانها اليسار لن يجدوا عملاً لهم وسيتقاعدون في بيوتهم فليس ثمة إمبريالية ولا دولاً غير متحررة وطنياً والشعب الفلسطيني اليوم يجمع على أنه لا يعمل من أجل استعادة فلسطين عربية، بل لقيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع فقط.

ليعلم الشيوعيون الذين ما زالوا مجندين في أحزاب ينتظرها التفكك والإنحلال أن الخطر الذي يتهدد مصير عالم اليوم بصورة جدية ووشيكة كان قد ابتدأ يتشكل مع بداية انهيار النظام الإشتراكي عام 1954، وتلاه انهيار النظام الرأسمالي عام 1975، وتلاه انهيار نظام النقد في العالم الذي يعمل وقوداً لمحرك النظام الرأسمالي. عالم اليوم هو بالضبط مغارة علي بابا والأربعين حرامي. علي بابا هو شخص الولايات المتحدة، تطبع تريليونات الدولارات دون أن تكلفها أكثر من الحبر والورق؛ تبيعها على العالم كما لو أنها ذهب وفضة وهي لذلك لا تقبل ولا تستطيع أن تعود إمبريالية وتلوث أيديها بالإنتاج الرأسمالي الذي لن يعود عليها بعشر ما يعود عليها الدولار المزيف. ومن الحرامية شركاء علي بابا الحرامي الأكبر الصين الشيوعية، ودول الخليج، ودول شرق آسيا. العالم سينتهي نهاية مأساوية سوداء حالما ينتهي الذهب في مغارة علي بابا. فهل للشيوعيين الحقيقيين أن يحاولوا إنقاذ العالم مما هو فيه؟؟ تلك هي القضية.



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة أكتوبر لم تفشل
- - حفّار التاريخ - يسأل أسئلة صعبة
- صيحة الديموقراطية الكاذبة
- البورجوازية طبقتان متايزتان (في البورجوازية العربية)
- الليبراليون لا يعرفون معنى الليبرالية (الحرية)
- تنويراً لأنصاف الماركسيين
- ليس في الماركسية ما يفشل ... لماذا؟
- الإشتراكية السوفياتية ليست رأسمالية الدولة
- رسالة من ستالين إلى الرئيسين روزفلت وتشرتشل
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (5)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (4)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (3)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (2)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . .
- الرسالة الثانية . . ردٌّ على ردّ
- جواب قيادة الحزب الشيوعي الأردني على رسالتي
- رسالة قديمة إلى قيادة الحزب الشيوعي الأردني
- مشروعية السؤال .. ما العمل؟
- ماركسية صدر القرن الحادي والعشرين
- البولشفية وضرورة إحيائها


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الحزب الشيوعي اللبناني يطلّق الماركسية