أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - البورجوازية طبقتان متايزتان (في البورجوازية العربية)















المزيد.....

البورجوازية طبقتان متايزتان (في البورجوازية العربية)


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3141 - 2010 / 10 / 1 - 09:38
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


البورجوازية طبقتان متمايزتان
(في البورجوازية العربية)

فقد العرب سيادتهم في بلادهم حالما افتتح البويهيون الفرس بغداد عاصمة الإمبراطورية العباسية العربية في العام 945 م بعد مقاومة استمرت مائة عام وخلعوا الخليفة وأتوا بآخر صوري هو مجرد مفتىٍ في الشؤون الدينية. ثم عقب البويهيين السلاجقة ثم المماليك فالعثمانيون الذين استمرت ولايتهم حتى العام 1917. كانت الدولة خلال كل تلك القرون العشرة دولة غير عربية بالإضافة إلى أنها قبلية بطريركية ريعية، وهو ما يعني أن الدولة لم تكن مسؤولة عن أية إلتزامات تجاه الشعب بل الشعب هو المسؤول تجاه الدولة عن تأمين كافة إلتزاماتها من أموال ومن رجال كي تقوم بحروبها المتواصلة حيث أن الدولة البطريركية الريعية تؤمن استمراريتها من خلال الحروب المتواصلة، بالإضافة إلى نفقاتها الجارية الباهظة بكل المقاييس. ولنا أن نؤكد هنا أن السلطنة العثمانية كانت أحط أنواع الدول البطريركية فقد سجل المؤرخون، ومنهم محمد كرد علي، اندثار آلاف القرى في بلاد الشام وتراجع المساحات المزروعة وتناقص عدد السكان لدرجة خطيرة في ظل الحكم العثماني الجائر 1516 ــ 1917. ومن الصور الجلية لانحطاط السلطنة العثمانية هي أنها حالت دون تقدم المجتمعات شرق المتوسط إلى النظام الإقطاعي، فكانت كل الأراضي ملكاً للسلطان يفلحها "أقنان" يؤدون أعشاراً له بواسطة وكلائه من الأغوات المعينين من قبله بين الحين والآخر. في مثل هذا النظام تنحط قوى الإنتاج لدرجة خطيرة بما في ذلك الصناعات الحرفية في المدن الشامية وهي أقدم صناعات حرفية في التاريخ ولم تتطور خلال أربعمائة عام بل اعتراها تراجع ملحوظ.

من المدهش حقاً، وما يصعب تفسيره فعلاً، هو خضوع شعوب المشرق العربي لسلطنة عثمانية منحطة طيلة أربعة قرون متصلة دون أن تتململ لتدافع عن حقها في الحياة على الأقل كما نهض الشعب في اليونان في العام 1821 وعمّد استقلاله عن السلطنة العثمانية بدماء شهدائه عام 1832. هناك من يعلل السبات العربي بالتماثل الديني مع آل عثمان، غير أن ذلك ليس صحيحاً فالدين هو ثقافة خاملة لا أثر لها في الحياة على الأرض. التفسير الوحيد المقبول في مثل هذه الحالة هو أن قوى الإنتاج كانت قد تراجعت بفعل الإستغلال الجائر المستمر إلى حد لم تعد معه تسعف نفسها في الثورة على المحتل الأجنبي. وقد سقطت نظرية التماثل الديني عندما نهض شيوخ وزعماء بلاد الشام بقيادة الشريف حسين بن علي متحالفين مع الإنجليز غير المسلمين وأعلنوا الثورة العربية الكبرى في يونيو حزيران 1916. ما كانت شعوب المشرق العربي لتتحرر من نير الإحتلال العثماني الهمجي البغيض إلا بقيام جيوش الإنجليز والفرنسيين بطرد الأتراك إلى داخل حدود الأناضول واحتلال سوريا الكبرى والعراق في العام 1917، وهو ما نقل عرب المشرق من النظام الريعي ما قبل الإقطاعي المتخلف إلى النظام الرأسمالي الحديث في المنطقة الذي يعمل وفق السنن الدستورية وأصول الديموقراطية البورجوازية والحريات العامة والتمثيل الشعبي النيابي. وما هو جدير بالملاحظة في هذا السياق هو أن البورجوازية الشامية التي أعلنت الثورة على العثمانيين كانت من الرثاثة بحيث لم يكن لديها القدرات لتتكفل بتموين جيش الثورة الذي شكله الشريف حسين في الحجاز ليعبر بلاد الشام ويحررها من الأتراك. توقف جيش الثورة الشامية في تبوك شمال الحجاز بفعل الجوع والعطش يتهددانه بالفناء لولا ضابط المخابرات البريطانية توماس إدوارد لورنس (لورنس العرب) الذي جاءه محملاً بالذهب لينقذه من التهلكة بالجوع والعطش ويقوده بدلاً عن الأمير فيصل ابن الشريف حسين إلى الشمال واحتلال دمشق. ما يمكن أن نقطع فيه في هذا السياق هو أن رثاثة البورجوازية الشامية هي ما مكن الإمبريالية الأنجلو فرنسية من اقتسام بلاد الشام والعراق خاصة وأن هذه البلاد لم يسبق لها أن كانت في وحدة واحدة حيث أن النظام البطريركي الريعي وبحكم طبيعته يجزئ ولا يوحد.

كان من نصيب شعوب المشرق العربي ألا تمكث تابعة لمراكز الإمبريالية الأنجلو فرنسية لأكثر من 30 عاما (1917 ــ 1946) وهي فترة قصيرة في حياة الشعوب تعرفت خلالها على قيم الحرية والديموقراطية التي كانت غائبة تماماً في النظام العثماني. الحرب العالمية الثانية 1939 ــ 1945 غيرت موازين القوى الدولية، ففي مجريات الحرب استطاعت ألمانيا الهتلرية أن تفكك أكبر إمبراطوريتين استعماريتين عبر التاريخ، بريطانيا وفرنسا، إلا أنها عجزت عن مواجهة أول دولة للعمال في التاريخ وهي الإتحاد السوفياتي الذي خرج من الحرب بعد احتلاله برلين عام 1945، وبالرغم من كل الخسائر التي لحقت به والتي عادلت أكثر من نصف مجمل خسائر الحرب العالمية الثانية، خرج كأقوى قوة في الأرض. في المناخ الدولي المستجد بعد الحرب، وقد لحق بالإمبريالية الدولية ضربات قاصمة، انفجرت ثورة التحرر الوطني على مستوى العالم وحققت نجاحات عظمى بحماية الإتحاد السوفياتي فكان أن تحررت جميع الدول المستعمرة والتابعة من ربقة الإمبريالية فيما بين عامي 1946 ــ 1972 وأعلنت الأمم المتحدة في إعلان رسمي صادر عن لجنة الأمم المتحدة الخاصة بتصفية الإستعمار في العام 1972، أعلنت انتهاء الإستعمار نهائياً من العالم وجرى تبعاً لذلك تصفية اللجنة.

كان من مقتضيات التطور التاريخي للبلدان النامية أن تقوم ثورة التحرر الوطني بقيادة البورجوازية الكبيرة النامية ذات المصالح الحقيقية في إقتصاد وطني مستقل. ولما كانت ثورة التحرر الوطني تقوم بدور فعال ونشيط بتفكيك النظام الرأسمالي الإمبريالي العالمي ــ بدا أنه تقدم على دور الثورة الإشتراكية خلال فترة التحرر الوطني في العقدين السادس والسابع من القرن العشرين بسبب الردة داخل الحزب الشيوعي السوفياتي ــ وهو الهدف المباشر للمشروع اللينيني، لذلك اشترط لينين على الأحزاب الشيوعية في البلدان المستعمرة والتابعة دعم البورجوازية في ثورة التحرر الوطني، ومن هنا تواجد شخصيات من مثل صن يات سن وتشان كاي تشك في قيادة الأممية الثالثة (الكومنتيرن). إفلاس الولايات المتحدة في العام 1971 واضطرارها كشف الدولار من الغطاء الذهبي إنما كان بسبب حربها في فيتنام وتكلفتها الباهظة جداً. كما أن انهيار النظام الرأسمالي العالمي ونعيه في إعلان رامبوييه (Declaration Of Rambouillet) في نوفمبر 1975 إنما كان بسبب فقدان مراكز الرأسمالية العالمية لكافة محيطاتها نتيجة لاستقلال الدول المحيطية وفك روابطها مع تلك المراكز ــ ولقصور في الرؤى ما زال المشتغلون في الأدب السياسي يلغون لغواً فارغاً وغبياً عن الرأسمالية المتجددة والعولمة الرأسمالية وعن الإمبريالية !!

مأزق البورجوازية في العالم الثالث
المأزق الذي سارت إليه البورجوازية في العالم الثالث على قدميها هو ما يسمّى ب " القطيعة الرأسمالية ". المراكز الرأسمالية الإمبريالية الرئيسية الستة في العالم في مطلع القرن العشرين والأربعة الفرعية الأخرى كانت عشية الحرب العالمية الأولى (1914) قد تقاسمت سطح الكرة الأرضية بالكامل تقريباً الأمر الذي قضي بقطع كل فرصة لأي دولة أخرى أن تنمو تنمية رأسمالية مركزية خاصة وأن كل تنمية رأسمالية لا يمكن أن تقوم على الذات إذ يحتاج المركز الرأسمالي مهما كان صغيراً إلى محيط يصدّر إليه فائض إنتاجه. البورجوازيات في الدول التابعة والمستقلة ما كانت لتستطيع أن تحصل على استقلالها قبل بروز الإتحاد السوفياتي كقوة عظمى ليشكل قاعدة صلبة لقوى التحرر الوطني. ولذلك نجحت كل الدول في الحصول على استقلالها السياسي فيما بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة وحتى العام 1972. المأزق الصعب الذي وجدت البورجوازية نفسها فيه فيما بعد الاستقلال مباشرة هو أن التنمية الرأسمالية التي ظلت الهدف النهائي لحركة التحرر الوطني، أو حتى بناء اقتصاد وطني مستقل قائم على الذات، تبيّن أنه من المهمات المستحيلة حيث أن الدول الرأسمالية الكلاسيكية ترفض رفضاً قاطعاً تزويدها بالتقنيات اللازمة للتنمية الرأسمالية كيلا تغدو منافساً لها في الأسواق بعد أن كانت سوقاً تابعة لها. أما الخيار البديل الوحيد المطروح إذّاك فكان التنمية عن طريق استيراد التقنيات الاشتراكية وهو ما يستدعي بالضرورة التنمية الإشتراكية المرفوضة بطبيعتها من قبل البورجوازية. وهكذا وقعت البورجوازية بكل أطيافها في حيص بيص، التنمية الرأسمالية ممنوعة والتنمية الإشتراكية مرفوضة!!

في الواقع أن مروحة البورجوازية العريضة تتشكل أساساً من طبقتين متمايزتين تماماً لا تجمعهما سوى خاصية " العمل للذات " وهي المعنى التاريخي الكامل الذي تحمله كلمة "بورجوازية" (bourgeoisie)؛ فهناك البورجوازية الساكنة (static) المعروفة باسم البورجوازية الصغيرة، والصفة الأدق لها هي "الوضيعة" وذلك لأن إنتاجها الفردي، وهو الخدمات، وضيع من حيث هو فردي يتوظف كليّاً في خدمة الإنتاج المادي ولا يصنع ثروة ولذلك لا تمتلك البورجوازية الوضيعة أي برنامج تنموي؛ ويقابلها البورجوازية المتحركة أو الدينامية (dynamic) المعروفة باسم البورجوازية الكبيرة وهي البورجوازية التي لديها برنامج تنموي رأسمالي يستدعي تحويل وسائل الإنتاج الفردية إلى وسيلة جمعية تضم المجتمع بأسره، كما تحوّل كافة قوى العمل البشري المتاحة إلى بروليتاريا. ويمكن اعتبارهما طبقتين متمايزتين لأن لكل منهما وسيلتها المختلفة في الإنتاج. البورجوازية الساكنة أو الوضيعة لا تتطور؛ تنتج الخدمات وتبيعها على الطبقة العاملة لكن بواسطة البورجوازية الرأسمالية وهو ما يعني أنها تعيش على حساب الطبقة العاملة مقابل خدمات قلّما تستفيد منها الطبقة العاملة فائدة مادية، وهي لذلك لا تمتلك برنامجاً تنموياً اجتماعياً ــ ولنا أن نشير في هذا المقام إلى تنامي الطبقة الوسطى في المجتمعات فيما بعد الإنهيار الرأسمالي في السبعينيات ومدى الجور اللاحق بالطبقة العاملة جراء ذلك، خاصة وأن الخدمات أخذت تتغول فيما بعد انهيار النظام الرأسمالي وتفترس السلع بعيداً عن حاكمية قانون القيمة الرأسمالي. أما البورجوازية الكبيرة الدينامية وهي تختص بالإتجار بقوى العمل البشري فإنها تقوم بإنتاج الثروة عن طريق تحويل قوى العمل البشري إلى سلع مادية وتطورالمجتمع على طريق التقدم.

تبعاً لتخليق هاتين الطبقتين ودور كل منهما في الإنتاج الوطني يمكن التعرف على العلاقات البينية وعلاقات الإنتاج بين مختلف طبقات المجتمع. فوحدة التناقض بين الرأسماليين من جهة والبروليتاريا من جهة أخرى تقتضي فيما تقتضي أن يأخذ الرأسماليون على عاتقهم تنمية حجم قوى العمل من خلال زيادة أعداد طبقة البروليتاريا ووضع حد أدنى للعناية الصحية والتربوية التي تنعكس على جودة العمل وهو مادة تجارة الرأسماليين، فاللصوص معنيون أبداً بسرقة البنوك الغنية وليس الفقيرة. تطور الطبقة الرأسمالية مشروط بتطور طبقة البروليتاريا على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى البورجوازية الوضيعة التي تعتاش من إنتاج البروليتاريا دون تكلفة متناسبة، وهي بذلك تشارك الرأسماليين في استغلال البروليتاريا. ولذلك رأينا الرأسماليين طيلة مرحلة ازدهار الإنتاج الرأسمالي يقاومون طبقة البورجوازية الوضيعة ولا يشترون من خدماتها إلا أقل القليل حيث كلفة الخدمات المحملة على السلعة تثقل على حركتها في السوق. هذا ما يفسر تخلف الخدمات الصحية والتعليمية في الدول الرأسمالية الكلاسيكية حتى فيما بعد منتصف القرن المنصرم بخلاف الخدمات العسكرية التي تؤمن الأسواق لفائض الإنتاج الرأسمالي. وأن تقوم البورجوازية الوضيعة بتكليف البروليتاريا بكامل كلفة إنتاج الخدمات فذلك من شأنه أن يزيد من حقد البروليتاريا الطبقي على البورجوازية الوضيعة.

فيما قبل ظهور أولى علائم التراجع والإنهيار على الثورة الاشتراكية العالمية خلال ولاية خروشتشوف 1954 – 1964 استمرت البورجوازية الدينامية الكبيرة تناضل بكل قواها المتاحة ضد الإمبريالية من أجل قطع الروابط نهائياً مع مراكز الرأسمالية الإمبريالية ولو أن هذه البورجوازيات عمدت غالباً إلى توظيف البورجوازية الوضيعة في حراسة مؤخرتها وهو ما قامت به البورجوازية الكبيرة الشامية بتوظيف البورجوازية الوضيعة متجسدة بحزب البعث في مقاومة الشيوعية ورأينا المنشورات الأولى لمؤسسي البعث تهاجم الشيوعية وتسكت عن الإستعمار حتى أمكن القول أخيراً أن أجراء الاستعمار لم يخدموا الاستعمار كما خدمه حزب البعث، ومصائر العراق وسوريا شاهدة على ذلك. المناضلون الحقيقيون من البورجوازية الكبيرة من أمثال خالد العظم وشكري القوتلي كانوا أقرب إلى الشيوعيين السوريين من ممثلي البورجوازية الوضيعة الحاقدين على الشيوعية من مثل مشيل عفلق وأمين الحافظ. وفي العراق كان كامل الجادرجي، ممثل البورجوازية الكبيرة، أقرب إلى الشيوعيين من مجندي البعث، بل كان نوري السعيد رجل الاستعمار الأول أهون شراً على الشيوعيين من صدام حسين وطارق عزيز وممثلي البورجوازية الوضيعة من البعثيين.

في ستينيات القرن الماضي وقد بدت أولى علائم التفكك على المعسكر الاشتراكي، خارت عزائم قطاعات واسعة من البورجوازية الدينامية مما ساعد القوى الرجعية في أقطار عديدة لأن تقوم بانقلابات عسكرية دموية، كما في أندونيسيا والعراق، تلغي ما كانت حصلته قوى الثورة. وهنا يتوجب استذكار القائد الثوري التاريخي جمال عبد الناصر الذي وبخ قادة الحزب الشيوعي السوفياتي في فبراير شباط 1970 لأنهم لا يشاركون مصر في مقاومة الإمبريالية رغم أن العدوان على مصر في حزيران 67 كان يستهدف الإتحاد السوفياتي قبل مصر.

ما يفوت المحللين السياسيين وسائر الكتاب في الأدب السياسي هو أن الثورة الإشتراكية التي أطلقها لينين في العام 1919 وثورة التحرر الوطني التي انطلقت بقوى متعاظمة في العالم عام 1946 هما ذات الثورة، بروليتارية في المركز، موسكو، وبورجوازية في الأطراف. هزيمة الثورة في مصر في العام 1967 هي بالضبط هزيمة ماحقة للثورة الإشتراكية في مركزها موسكو وهو ما أدركه عبد الناصر قبل قادة الكرملين. إنقاذ الثورة الذي طمح إليه عبد الناصر لم يكن مقنعاً لخليفته أنور السادات الذي انتقل من الحضن السوفياتي إلى الحضن الأميركي في العام 1974 بعد أن لمس لمس اليد هزيمة الثورة العالمية التي أطلقها لينين في العام 1919 بوجهيها البروليتاري والبورجوازي الملتحمين إلتحاماً عضوياً ولو أن تفسير السادات لذلك القصور السوفياتي كان على أنه مجرد غباء كما كان يؤكد.

الطامة الكبرى التي أحاقت بالبشرية جمعاء هي أن النظام الرأسمالي العالمي تفكك وانهار قبل أن يُستكمل انهيار الثورة الإشتراكية العالمية. كانت الضربة القاتلة للنظام الرأسمالي هي فقدانه لكامل محيطاته حين أعلنت الأمم المتحدة نهاية الاستعمار في العالم عام 1972. اجتمع رؤساء الدول الرأسمالية الخمس الغنية (G5) في رامبوييه/باريس في 16 نوفمبر 1975 وقر قرارهم على محاولة أخيرة لإنقاذ نظامهم الرأسمالي فكان أن تبرعوا بكل ما تحويه خزائنهم من أموال بحجة ديون دولية إلى عشرات الدول المستقلة حديثاً بهدف تقويض ما ابتنته هذه الدول من اقتصادات مستقلة من جهة وإعادة دورة الإنتاج الرأسمالي إلى سابق عهدها من جهة أخرى فكانت النتيجة وبالاً على الطرفين. استهلكت دول المحيط سابقاً كل ما اختزنته المراكز من أموال دون أن تعيد شيئاً إليها بالمقابل. جاءت الضربة ساحقة للطبقة الرأسمالية في المراكز وللطبقة العاملة النامية في المحيطات. وهكذا وصل العالم إلى العولمة؛ ليست العولمة الرأسمالية التي يتحدث فيها الكتبة من ممتهني السياسة، بل العولمة اللارأسمالية، عولمة الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة التي تحكم عالم اليوم بكل قاراته والتي تستهلك الثروة بكل شراهة ولا تنتج شيئاً ذا قيمة حقيقية باستثناء الخدمات غير الحيوية للإنسان.

وهكذا سقط التاريخ في غياهب السجن، سجن البورجوازية الوضيعة عالي الأسوار وبلا أبواب. سيقضي التاريخ نحبه في غياهب السجن إن لم يخرج بأعجوبة وقد سلخ جلده ودون أن يتعرّف عليه أحد. البورجوازية الوضيعة التي تشن اليوم هجوماً كاسحاً على الشيوعية والماركسية وعلى ستالين تحديداً إنما هي حفار قبر الإنسانية. البورجوازية الوضيعة مقبرة الإنسانية جمعاء.

ينقسم الماركسيون اليوم إلى قسمين، قسم يقول أن هذا السجن البورجوازي الوضيع، مقبرة الإنسانية، هو ما أوصلنا إليه مشروع لينين. وقسم آخر يقول إن هذا إنما هو النتيجة الطبيعية لخيانة خروشتشوف التي استمدت مرتكزاتها من الحرب الهتلرية على الإتحاد السوفياتي. أنا بالطبع من القسم الآخر.

فؤاد النمري
www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبراليون لا يعرفون معنى الليبرالية (الحرية)
- تنويراً لأنصاف الماركسيين
- ليس في الماركسية ما يفشل ... لماذا؟
- الإشتراكية السوفياتية ليست رأسمالية الدولة
- رسالة من ستالين إلى الرئيسين روزفلت وتشرتشل
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (5)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (4)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (3)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . . (2)
- الرسائل الثلاث ودلالاتها . . .
- الرسالة الثانية . . ردٌّ على ردّ
- جواب قيادة الحزب الشيوعي الأردني على رسالتي
- رسالة قديمة إلى قيادة الحزب الشيوعي الأردني
- مشروعية السؤال .. ما العمل؟
- ماركسية صدر القرن الحادي والعشرين
- البولشفية وضرورة إحيائها
- الماركسيون ليسوا يساريين
- سفر الخروج / 3
- ما بين الرأسمالية والإستهلاكية
- أزمة اليونان مرة أخرى


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - البورجوازية طبقتان متايزتان (في البورجوازية العربية)