أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - مشروعية السؤال .. ما العمل؟















المزيد.....

مشروعية السؤال .. ما العمل؟


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3058 - 2010 / 7 / 9 - 09:11
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مشروعية السؤال . . ما العمل؟
علّق أحدهم مؤخراً على مقالة لي قائلاً . . نحن لا نريد كلاماً مكروراً بل نريد أن نعرف ما العمل؟ لكن هذا المعلق لم يقل لي باتجاه ماذا، العمل باتجاه ماذا؟ .. باتجاه الوحدة العربية؟ .. أم باتجاه استعادة فلسطين للعرب؟ .. أم باتجاه انجاز الثورة الاشتراكية؟ .. وأظنه يقصد هذاالأخير! لكن وحتى وهو يقصد هذا، فأي اشتراكية يقصد؟ هل هي اشتراكية البعث كما كان في العراق في ظل صدام؟ .. أم إشتراكية البعث في سوريا في ظل آل الأسد؟ .. أم هي الإشتراكية العلمية؟ .. وأظنه يقصد هذه الأخيرة! .. لكنه وهو يقصد هذه فهل يتفق معي على المفهوم العلمي للإشتراكية؟ .. وأظنه لا يتفق! فكيف لي أن أحدد له مساراً نحو هدف لا أستهدفه؟ .. أظنه يفهم الإشتراكية كما يسيء فهمها العامة إذ يعتقدون أن الإشتراكية نظام اجتماعي مستقر يحقق ما يتصورون عمّا يسمّى بالعدالة الإجتماعية، بينما الإشتراكية العلمية، التي لا اشتراكية سواها، هي في الحقيقة ليست نظاماً، وليست مستقرة، والعدالة الاجتماعية ليست من مفرداتها، بل هي حصراً برزخ عبور إلى الشيوعية يتم خلاله محو الطبقات مترافقاً مع تعظيم الإنتاج خلال ثلاثين عاماً في أسوأ الأحوال لا تتخللها الحروب. فإن كان معلقنا الكريم لا يرغب في الوصول إلى الشيوعية، فكيف لي أن أحدد مساراً لهدف لا يستهدفه؟ .. نحن إنما نتطرق إلى مختلف هذه الشروط والمحاذير كي نؤكد للمعلق إيّاه أن الكلام المكرور، الذي أزعجه كما بدا، إنما هو شرط لا غنى عنه للإستدلال على الطريق المؤدي إلى إنجاز الثورة الإشتراكية للوصول سريعاً للشيوعية.

كنت كتبت تحت عنوان (ما العمل ؟) في الحوار المتمدن بتاريخ 21/2 /09 لأستعيد السؤال الفيصل الذي كان قد سأله مؤسس البلشفية فلاديمير إيلتش لينين في العام 1902 (ما العمل؟)، وهو السؤال الذي يكتسب مشروعية اليوم أكثر من أي وقت مضى، المشروعية التي يستشعرها معلقنا الكريم كأمر جوهري وعهد بها إلي مشكوراً لأسنّ قوانينها. كان لينين من مؤسسي حزب العمال الإشتراكي الديموقراطي في روسيا في العام 1898 ــ الشيوعي فيما بعد ــ ولم تمض أكثر من ثلاث سنوات على التأسيس إلا وعاد لينين يكتب (ما العمل؟) ويطالب بتغيير الإستراتيجية والتاكتيك لحزبه. فلول الأحزاب الشيوعية اليوم المنبثقة أصلاً من المشروع اللينيني والتي شاركت خروشتشوف وكتلته الخيانية في الحزب الشيوعي السوفياتي في تهديم المشروع، مشروع لينين، في حين أنه هو أمها وأبوها والذي دفعت الشعوب السوفياتية عشرات ملايين الضحايا في حمايته والدفاع عنه، هذه الفلول لم تعلن بعد أن استراتيجيتها وتكتيكاتها الموروثة عن الأممية الثالثة في العام 1919 بحاجة إلى أي تغيير. وهي ترفض بدايةً السؤال، ما العمل؟، وذلك لأنها تعرف تماماً ما عليها أن تعمل! ما زالت منهمكة في حربها ضد الإمبريالية! لن تغادر سوح النضال!! ألم يقاتل الفارس الهمام دون كيخوته أعداءه، طواحين الهواء بعد أن عزَّ الأعداء!؟

من هنا يترتب على من يسأل، ما العمل؟، ألا يؤكد مشروعية السؤال فقط، بل عليه أيضاً أن يبرر تلك المشروعية. لماذا توجّب اليوم تبديل الاستراتيجية والتاكتيك المعهودين لقرن طويل مضى لدى عامة الماركسيين والشيوعيين؟ ما الذي تغيّر ولماذا تغيّر وكيف تغيّر؟ ليس بوسع أحد أن يتحدث عن أي استراتيجية وتاكتيك جديدين مختلفين ما لم يعرف تمام المعرفة ويحيط كامل الإحاطة بكل هذه المتغيرات وما هو جديدها وشتى تداعياتها. لأجل هذا فقط نقول ونكرر القول مرات ومرات من أجل أن يقتنع طلائعيو الماركسيين والشيوعيين بأن تغيير الاستراتيجية والتاكتيك القديمين لديهم أصبح أمراً لازباً. ما أكثر ما كتبنا وكررنا ما كتبنا مرات ومرات مستهدفين حث الماركسيين على تفهم ميكانزمات عالم اليوم المختلفة نوعاً عنها قبل قرن؛ لكن لأسفنا العميق، والعميق جداً، أن عدداً قليلاً منهم يستوعب خصوصية البنية العلمية الكاملة للماركسية، وعدداً أقل يأخذ على عاتقه الإلتزام بالمنهج الماركسي حتى ولو كلفه ذلك مشاقاً لم تكن في الحسبان وأولها عدم تحقيق الذات البورجوازية.

راهنية البيان الشيوعي (Manifesto 1848) ظلت قائمة على المسرح الأوروبي بشكل خاص. ففي أكتوبر 1917 انتفض الشيوعيون الروس بالنيابة عن البورجوازية الوطنية، وكانوا أكبر الأحزاب، مستهدفين استكمال شروط الثورة البورجوازية في روسيا (فبراير 1917) تطبيقاً لما كانت الأممية الثانية في مؤتمرها في بازل في سويسرا في العام 1912 قد أوصت بأن يقوم الاشتراكيون الديوقراطيون الروس باستكمال شروط الثورة البورجوزية نيابة عن طبقة البورجوازية الروسية الهشة. البورجوازية الروسية الهشة لم تسمح بانجاز ثورتها على أيدي الشيوعيين فكان أن جيّشت كل قوى الرجعية معها وحملت السلاح في مارس 1918 بهدف إبادة الشيوعيين، غير أن النتيجة كانت بالعكس تماماً مما استهدفت فلم يبق أي خيار للشيوعيين بقيادة لينين سوى تفعيل البيان الشيوعي وإطلاق مشروع لينين في الثورة الاشتراكية العالمية بوحي من نبوءة ماركس في العام 1872 والقائلة بإمكانية انطلاق شرارة الثورة الاشتراكية العالمية من روسيا، وهو ما استدعى بناء الأممية الثالثة في يناير 1919 وأحزابها الشيوعية في كافة بلدان العالم فيما بعد.

انتصار البلاشفة في الحرب الأهلية ضد كافة شرائح البورجوازية والرجعية الروسية في ديسمبر 1918 وضد جيوش الغزاة الأجانب من أربع عشرة دولة إمبريالية وأذنابها في العام 1921 لم يلغِ بالطبع الصراع الطبقي في المجتمع السوفياتي، بل كان الصراع يشتد ضراوة كلما تقدم البناء الاشتراكيي. ظل المجتمع السوفياتي يتشكل من طبقتين رئيسيتين، الأولى طبقة البروليتاريا والثانية طبقة البورجوازية الوضيعة التي تتشكل بدورها من ثلاث شرائح كبيرة، أقواها القوات المسلحة ويقودها مئات من المارشالات والجنرالات وهم في تماس مباشر مع قادة الحزب والدولة، والشريحة الثانية هي طبقة الفلاحين الكولخوزيين الواسعة، والشريحة الثالثة الأوسع وهي الانتلجنسيا مثل المهنيين وموظفي الدولة . كانت هذه الشرائح تنازع البروليتاريا في حصتها من الكعكة الوطنية التي هي في الأساس من صناعة البروليتاريا. في العام 1934 تعاظمت الكعكة وأخذت رائحتها تشد النفوس بعد إنجاز الخطة الخمسية الأولى بنجاح باهر ونجاح الحزب في تجميع الفلاحة ومحو طبقة الكولاك. في ذلك العام استعر الصراع الطبقي متجاوزاً كل الخطوط الحمراء وبدا وكما لو أن البورجوازية الوضيعة هي صاحبة اليد العليا وتفرض برنامجها على المجتمع، ووصل الأمر إلى اغتيال الرجل الثاني في الحزب سيرجي كيروف بتدبير من زينوفييف وكامينيف عضوي المكتب السياسي للحزب. ارتفاع حدة ووتيرة الصراع الطبقي في المجتمع السوفياتي من جهة واستلام النازيين للسلطة في ألمانيا من جهة أخرى بتشجيع وتواطئ من الدول الرأسمالية، بريطانيا وفرنسا وأميركا، باعتباره خطوة متقدمة على طريق مقاومة الشيوعية بالإضافة إلى الفاشية في إيطاليا، كل ذلك فرض على الحزب أن يستخدم قواه الزجرية لأجل حماية المشروع اللينيني واحتفاظ البروليتاريا بسلطتها المطلقة دون منازع. وليس إلا من باب الاستعداد للدفاع عن دولة الإشتراكية، دولة العمال الأولى والوحيدة في التاريخ نحا الحزب إلى تطهير الصفوف المتقدمة في الحزب والدولة من المترددين الذين لا يثقون بمستقبل الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي والذين لديهم الاستعداد للتصالح مع النازية وفق شروطها. الخطاب التاريخي الذي ألقاه نيقولاي بوخارين لدى صدور الحكم عليه بالإعدام في مارس 1938 يلقي ضوءاً كاشفاًعلى طبيعة تلك التطهيرات، وقد أكد ستالين أن الإتحاد السوفياتي ما كان لينتصر على النازية لو لم يطهر صفوفه المتقدمة من المتآمرين والمتصالحين مع النازية.

الحرب العالمية الثانية كانت التجربة التي اختبرت أعمق أسس الأنظمة الاجتماعية المختلفة وأكدت أن النظام الاشتراكي هو أقوى الأنظمة وهو ما أهّل الاتحاد السوفياتي للإنتصار على النازية بعد أن حطمت أكبر إمبراطوريتين استعماريتين هما بريطانيا وفرنسا. انتصار الاتحاد السوفياتي في الحرب ملأ دويّه تاريخ العالم المعاصر. نعم الاشتراكية انتصرت، لكن ليس بغير ثمن، وثمن باهظ جداً كما تبيّن فيما بعد. الهجوم النازي الهمجي المفاجئ على الشعوب السوفياتية المستغرقة في العمل السلمي تلقاه طلائع الشيوعيين بصدورهم العارية. كان من الطبيعي أن يكون أولى ضحايا الدفاع عن وطن الاشتراكية هم كوادر الحزب الشيوعي في الصفوف المتقدمة. من النتائج الهامة للحرب الوطنية 1941 ــ 1945 كان إضعاف قوة الحزب الشيوعي. مئات الألوف من خيرة كوادره المجربة قدمت أرواحها دفاعاً عن الوطن. هذا من جهة ومن جهة أخرى ترتب على الحزب وقف الصراع الطبقي من أجل أن تشارك البورجوازية الوضيعة في الدفاع عن الوطن الأم وهو ما أدى إلى هبوط سوية الوعي الطبقي لدى الشيوعيين السوفييت وإلى بروز فصائل من البورجوازية الوضيعة في مقدمة صفوف العمل الوطني كقادة الجيش ومئات المارشالات والجنرالات الذين أبدعوا في الأعمال الحربية، وفصائل أخرى من الفلاحين الذين قاموا بدور تاريخي وهو توفير الغذاء للجيوش المحاربة في الجبهات وإلى قواعدها الصناعية والجبهة في الداخل. الحرب التي انتهت إلى انتصار الإشتراكية على غيرها من الأنظمة أدت بنفس الوقت إلى تقوية الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة على حساب البروليتاريا وحزبها الشيوعي. ولذلك وقف ستالين في المؤتمر التاسع عشر للحزب في أكتوبر 1952، أي قبل رحيله بأربعة أشهر فقط، وقف يخاطب الهيئة العامة للمؤتمر ويشير بيده إلى الجالسين حوله على المنصة وهم أعضاء القيادة في المكتب السياسي قائلاً .. " ليس هؤلاء من سيوصلكم إلى الشيوعية. علينا أن نخلق قيادات شابة جديدة تتحلى بمزيد من الطاقة وتكرس نفسها لهذه الغاية ". وما إن رحل ستالين حتى شنت البورجوازية الوضيعة بقيادة خروشتشوف هجوماَ حاقداً على الإرث الستاليني الطبقي الإشتراكي وتمكنت من تعطيل البرنامج التنموي 52 ــ 56 وإحلال خروشتشوف محل مالنكوف كأمين عام للحزب الشيوعي في أكتوبر 53 ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم لم يعد الحزب الشيوعي شيوعياً بل حزب البورجوازية الوضيعة تحوي قيادته عدداً من المسنين البلاشفة تم طردهم في العام 57. وهنا نعتذر لمعلقنا الكريم عن التكرار الممل لكل هذه الحقائق التي تؤكد أن انهيار الاتحاد ىالسوفياتي لم يكن بسبب خطأ في النظرية أو خلل في مشروع لينين أو أخطاء في التطبيق أو بسبب بيروقراطية ستالين كما يلغو المتخلفون والتروتسكيون. الإنهيار يمكن وصفه بأنه طبيعي حيث كان النتيجة الطبيعية للصراع الطبقي الذي لن تتحرر منه الإنسانية إلا في المرحلة الشيوعية. انهيار توقعه لينين في العام 22 ولذلك إقترح السياسة الإقتصادية الجديدة (النيب) وتوقعه ستالين في العا 52 ولذلك اقترح خلق قيادات شابة جديدة للحزب، لكنه رحل عن هذا العالم الضاج بالتناقضات قبل أن تخلق مثل هذه القيادات.

يتخبط العالم اليوم في مأزق مأزوم، وما يزيد من وقع أزمته هو الوعي المتدني لدى مختلف المهمومين بالشأن العام ومن مختلف الاتجاهات. نجحت البورجوازية الوضيعة السوفياتية في تحطيم المشروع اللينيني الاشتراكي حماية لوسائل الإنتاج التي تتعيّش بوساطتها. ونجحت البورجوازية الوضيعة في الغرب الأوروبي والأميركي في احتلال سدة الحكم بعد أن استطاع المشروع اللينيني وما استدعاه من ثورة تحرر وطني عالمية من تفكيك النظام الرأسمالي في العالم. الأزمة تتمثل بجلاء تام في فقدان العالم، بمختلف أقطاره، لنظام إنتاج ثابت ومستقر. الطبقة الوسطى لا تمتلك نظام إنتاج على الإطلاق حيث ينحصر دورها في خدمة نظام الإنتاج وليس في النظام نفسه طالما أنها لا تنتج إلا الخدمات التي لا تصنع ثروة. عامة الذين لم يدركوا بعد بنية الأزمة التي تمسك بعالم اليوم، والسياسيون الفقراء في علم السياسة، والاقتصادينو الفقراء في علم الإقتصاد، جميع هؤلاء يعتقدون أن العالم بأسره قد تعولم في النظام الرأسمالي. النظام الرأسمالي هو أصلاً نظام قومي ولا يستطيع أن يفقد خصوصيته القومية ليتعولم بلا قومية. النظام الرأسمالي لا يمكن أن يكون أممياً كما يعتقد القائلون بالعولمة الرأسمالية. البورجوازية بعمومها قامت بسلسلة طويلة من الثورات في نهاية القرن الثامن عشر وفي القرن التاسع عشر لتقيم نظاماً لم تكن تعلم مقدماً طبيعته وتبين لها فيما بعد أنه نظام رأسمالي إمبريالي متوحش استثنى عامتها من أية امتيازات حققها وحكم عليها أن تكون طبقة رثة وضيعة. لن تعيد التجربة مرة أخرى، وهي لن تستطيع إعادتها حتى لو أرادت، فظروف القرن التاسع عشر غير ظروف القرن الحادي والعشرين. البورجوازية الوضيعة لن تعود إلى النظام الرأسمالي ولن تتقدم إلى النظام الإشتراكي. ستبقى حيث هي ما شاءت لها الأقدار. والذين يزعمون أن روسيا عادت إلى النظام الرأسمالي فهم لا يعرفون حجراً من حجارة أساس النظام الرأسالي فالنظام الرأسمالي هو من صناعة التاريخ وليس من صناعة الأفراد؛ كما أن روسيا لم تكن أصلاً رأسمالية لتعود لأصولها.

يعيش على سطح المعمورة اليوم أكثر من ستة مليارات نسمة يستهلكون كل عام ما قيمته 30 تريليوناً من الدولارات الأميركية للاستمرار بحياتهم وفق شروطها الحالية. البورجوازية الوضيعة ويصل تعدادها إلى أكثر من أربع مليارات نسمة تستهلك سنوياً ما يزيد كثيراً على 20 تريليونا وهي لا تنتج دولاراً واحداً باستثناء شريحة الفلاحين التي يصل انتاجها إلى ما لا يزيد عن تريليون واحدٍ فقط. وهكذا يترتب على البروليتاريا العالمية أن تقدم سنوياً ما قيمته 19 تريليوناً من الدولارات هبة لبذاخة البورجوازية الوضيعة دون مقابل. بروليتاريا العالم استكانت وقبلت تقديم دمائها أطباقاً شهية للبورجوازية الوضيعة لعشرين أو ثلاثين عاماً خلت، لكن شروط الحياة الأولية لا تقبل ذلك. لئن قبلت الحياة الانحطاط الفكري والقيمي الماثل اليوم بكل جلاء فهي لن تقبل الجوع الحقيقي الذي يفتك اليوم ليس بالعمال والكادحين الفقراء فقط، بل وبأطراف متزايدة الإتساع من البورجوازية الوضيعة نفسها أيضاً.

نعود لنؤكد أن مشروعية السؤال " ما العمل؟ " يبررها فقط تحديد اتجاه العمل موضوع السؤال. ورب ليبرالي يحدد الإتجاه وهو حل الأزمة الممسكة بعالم اليوم، لكن حل الأزمة ليس ميسوراً إلا بعد الفحص الإكلينكي لها. الفقراء في علوم الاقتصاد والسياسة وفي علم الماركسية ما زالوا يصرون على أن الأزمة هي أزمة النظام الرأسمالي. لئن كان الأمر كذلك فعبثاً نبحث عما يتوجب عمله ويغدو السؤال عندئذٍ غير مشروع. لكن فحوصاتنا الإكلينكية المتكررة تؤكد أن البورجوازية الوضيعة السوفياتية استطاعت بقوة استثنائية فريدة أن تدفع بعربة التاريخ خارج سكتها المرسومة، ومن يمسك بعجلة قيادة العربة خلال انحرافها هو حصراً الطبقة الوسطى، طبقة البورجوازية الوضيعة التي تمانع بكل شراسة في إعادة العربة إلى سكتها. العربة خارج سكتها لا هي رأسمالية ولا هي اشتراكية إنها عربة اللانظام. الحادث المصيري الطارئ (incident) الذي تواجهه البشرية اليوم هو إعادة العربة إلى مسارها الطبيعي والتاريخي.

وعليه فإن الجواب الصريح والمباشر للسؤال المعمم من قبل جماعات سياسية مختلفة، ماركسية وغير ماركسية، سؤال " ما العمل؟ " هو العمل على إعادة عربة التاريخ إلى مسارها اما كيف يتم هذا فذلك لا يجوز بحثه إلا بعد الإتفاق على مبدأ العمل أولاً ثم الإتفاق على طبيعة وجوهر التناقض الرئيسي الفاعل اليوم على المسرح الدولي من بعد. لا يجوز طرح السؤال مرة أخرى " ما العمل؟ " إلا بعد تحقيق هذين الشرطين مسبقاً.
www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركسية صدر القرن الحادي والعشرين
- البولشفية وضرورة إحيائها
- الماركسيون ليسوا يساريين
- سفر الخروج / 3
- ما بين الرأسمالية والإستهلاكية
- أزمة اليونان مرة أخرى
- ما تفسير الأزمة في اليونان؟
- سفر الخروج 2
- سفر الخروج
- حول أطروحة المحطة المنحطة مسدودة المنافذ
- حميد كشكولي ضد الإشتراكية
- محطة الإنحطاط التي تحط فيها البشرية اليوم
- تاريخ الإنسان كتبته العبودية وليس الحرية
- تطوير العمل الفكري والثقافي للحزب الشيوعي العراقي
- هل الرأسمالية متقدمة على الإشتراكية !؟
- من يفتح ملف الإشتراكية !؟
- ليس شيوعياً من يغطي على الأعداء الفعليين للشيوعية
- القانون العام للحركة في الطبيعة (الديالكتيك)
- الوحدة العضوية للثورة في عصر الإمبريالية
- البورجوازية الوضيعة وليس الصغيرة ..


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - مشروعية السؤال .. ما العمل؟