أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شباط 1963)(4-4)















المزيد.....



في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شباط 1963)(4-4)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3165 - 2010 / 10 / 25 - 08:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عِبَر المرحلة ودروسها:

تضافرت وتفاعلت عديدٌ من العوامل والظروف على خلق مناخ زمني تكاثرت فيه وتكالبت الصراعات السياسية والمحاولات الانقلابية، وأصبح العنف المادي المتبادل سيد الموقف، بعد انحسار النقاش والسجال الفكريين، حتى أمسينا ضحايا بعضنا البعض الآخر، بقدر ما نحن ضحايا أفكارنا وممارساتنا عن الأنا والآخر. ودخلت القوى الاجتماعية الحية (وحتى الواهنة) في خضم الصراع العنفي عبر الأحزاب السياسية، التي سبق ان كانت مؤتلفة في جبهة الاتحاد الوطني، وتلك التي انبثقت للوجود بعد الثورة.***
لقد أنشطرت عمودياً ساحة الصراع السياسية إلى قطبين متقابلين:
الأول: تمحورت فيه وتخندقت القوى المتضررة من ثورة 14 تموز ومسيرتها اللاحقة، وضم مجاميع متباينة من حيث التوجهات الفكرية والتصورات المحتملة للعراق القادم. إذ ضم عديداً من أحزاب التيار القومي على تعددها، ونواته الاستقطابية المركزية كان حزب البعث، كما ضم بعض تيارات القوى الدينية (الشيعية والسنية) وكذلك بقايا الاقطاعية والعهد الملكي والضباط المغامرين وغيرهم.
أما الثاني: فقد تمركزت فيه قوى الثورة، المنظمة وغير المنظمة والتي شملت أغلب القوى التي كانت تنادي بأولوية عراقية العراق، والتي مثلها التيار الوطني المستقل، الأوسع كماً، والديمقراطي واليساري الأكثر تنظيماً، وكان مركز هذا القطب يتمحور حول عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي.
لقد تميز وآل الوضع آنذاك إلى تحالفات سياسية متحركة غير ثابتة من جهة، كما أن بعضها لم تكن منطقية وبعيدة عن الموضوعية في تصوراتها من جهة ثانية. إذ فقدت بوصلتها الحقيقية المتطابقة مع المرحلة وضروراتها، وتناقضت مضامينها مع الرغائب التي كانت تصبو إليها هذه الاحزاب. وجمعت هذه التحالفات، من جهة ثالثة، بين متناقضات كانت بعضها ذات طبيعة تناحرية، وفلسفاتها كانت مختلفة لا يجمعها جامع بتوجاهتها البعيدة، على الأقل. إذ يصعب تصور إلتقاء العلماني (الجمهوري) في التيار القومي مع القوى السلفية؛ بين الحركة القومية العربية المتحررة في جوهرها مع قوى الماضي القريب مع أنصار الملكية؛ بين التيار الليبرالي الحديث النشوء وشيوخ العشائر والقوى التقليدية؛ بين دعاة الاستقلال الوطني والتحرر الاجتماعي والمراكز الرأسمالية الغربية؛ بين قوى اليسار وعدم تمكنها من بعث روح التحالف الواسع مع التيارين الوطني والقومي (بشقيه العربي والكردي)؛ بين قيادة الحزب الوطني الديمقراطي وإنعزاليتها عن الحكم الذي يمثله طبقياً؛ بين قوى اليسار وصراعاته الفعلية مع التيار القومي الكردي(150)؛ بين هذا الأخير وتحالفاته مع أعداء تطلعاته القومية التحررية، داخلياً وخارجياً.
كما لم تستطع البرجوازية الوطنية أن تلعب الدور الوسيط الحيوي للعلاقات المتبادلة بين الطبقات الاجتماعية. في الوقت أن المرحلة وظرفها الموضوعي ألقت على عاتقها مثل هذا الدور.. أنه كان دورها وزمان استنهاض ذاتها وتحقيق التتنمية العامة وفق منظورها. لكنها ضيعت فرصة تاريخية منشودة نتيجةً: لتخلفها الموضوعي في إستيعاب هذه الضرورة وفهم قوانينها ومكونات ممارستها، وذاتياً بسبب قصور الطبقة وتشوه ولادتها وبالنتيجة عدم تبلورها، كذلك الطابع الأنوي/الذاتوي الذي كسى ممارسات قيادتها (وتحديداً الزعيم الوطني كامل الجادرجي) ومكوناتها الفكرية التقليدية إلى حدٍ بعيد. هذا التخلف البنيوي يسري على كافة الطبقات والفئات الاجتماعية وقواها السياسية المناظرة.
بمعنى آخر كان هنالك خلل وظيفي***** كبير لدى الاحزاب السياسية، سواءً في خطابها السياسي ذي العناوين النضالية الكبيرة، أو في بنيتها العقائدية، أو في هيكليتها التنظيمية الخالية من البعد الديمقراطي، والنافية للتنوع في الآراء والمانعة من الجدل الداخلي حول القضايا المصيرية، مما أفقدها القدرة على التكيف مع الواقع المخالف، أو الاتفاق على قواعد عمل لممارسة اللعبة السياسية ضمن الاقرار بالأخر المعارض، مما أوقعها جميعها في النرجسية التي تمثلت في الطاعة المطلقة للقادة الذين يختصرون قواعد الحزب ومثله خاتمة المطاف، في شخص سكرتيره (كشكل متطور من العلاقة الأبوية البطريكية)، المقترنة باليقينية المركزة لعقيدة الحزب وبالتالي نمذجة مثالية للسلوك الاجتماعي للعضو الحزبي.
كما تجلت النرجسية في مفهوم (وحدانية التمثيل) ذات البنية الشمولية [المؤسسة على حقائق متعالية، غير قادرة على استيعاب تنوعات المجتمع، أو احتضان تلوناتها وتبني تطلعاته، فالمجتمع لا يحكمه التجانس ولا توحده عقيدة ولا يجمعه تصور مشترك، وهو بذلك لا تعبر عنه أحزاب ذات هيكلية عقائدية متناسقة أو أحادية التوحيد لفقدان البنية التي تؤهله أن يطل على المجتمع كله.
وضعية هذه الاحزاب، ألغت دورها الجوهري كوسيط بين الرأي العام والسلطة، وكحلقة وصل بين ممارسة الحكم وتطلعات المجتمع... غياب هذا الدور أفقد الاحزاب قدرتهاعلى مواكبة الحدث المجتمعي. وأعجزها عن وضع برامج أو مشاريع تعالج قضايا المجتمع الشاملة...](151) في ظروف معقدة كما كان في العراق آنذاك.
هذه الظروف وما نجم عنها أجبر الزعيم قاسم أن يلعب بشكل متميز دور الوسيط للعلاقات المتبادلة بين الطبقات الاجتماعية وتحجيم صراعات مصالحها. كما حاول في الوقت نفسه إشراك قيادات مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية وقياداتها الحزبية في تحقيق هذه الصيرورة، ورفض ان تترك له وحده. لقد استوعب (هذا العسكري) أهم الحلقات المركزية للمرحلة، في الوقت الذي تخلف فيه القادة السياسيون عن فهم جوهرها ناهيك عن فهم ذاتهم الحزبية وحراكها المستقبلي(152).
تدلل السياسة الاجتصادية التي تبناها الزعيم قاسم، ومكونات خطابه السياسي والمعرفي على ما توصلنا إليه. إذا حسبنا سياسته من منظور الاثار الواقعية المترتبة على خيارات العمل المتاحة في ظرفها الزماني والمكاني، وقيمتها التاريخية.
لقد وضعته الاحداث المتناقضة؛ التناحرية واللا تناحرية؛ المستجدة والقديمة؛ التي معه أوعليه؛ في ماهية جوهر الظاهرة العراقية على تعدد أشكال تحققها وتنوعها. وتجلى أحساسه بها في كونه رفض أن يوزع ذاته (كقائد للعملية التغيّرية) بين أطرافها المتعددة والمتصارعة. لأنه هدف إلى المحافظة على توازن القوى بين هذه الاطراف، وخاصة القريبة من الثورة، وليس اللعب على حبل تناقضاتها، كما يذهب العديد من المؤدلجين ضيقو الافق الفكري والمنهجي وغير المستوعبين لواقع العراق الاجتماعي/السياسي وموقعه، ولقانونيات الثورة الوطنية في البلدان النامية. خاصةً في واحدة من أهم مناطق النزاع الدولي وأكثرها حساسية.
حاول الزعيم قاسم بكل جهده إقناع القوى السياسية المتصارعة بــإعلان الهدنة فيما بينها، وطالبها بالتمييز بين أرأسيات الصراع من ثانوياته؛ والتفكير في متطلبات الواقع والطموح المرغوب؛ والتفريق بين المصلحة الحزبية (بالمفهوم الضيق) والمصلحة الوطنية؛ بين الأهم والمهم؛ ومن أجل العمل سوية لإنهاء متطلبات المرحلة والانطلاق من الوطن كتكوين اجتماعي/سياسي ولتعضيد وحدته وهويته الموحدة.
كان الزعيم قاسم يحاول ردم الهوة بينهم بالاقناع بل وحتى بالتوسل إليهم عندما خاطبهم مرة بالقول:

[أيها الشيوعيون والقوميون والديمقراطيون والآخرون، أنا أتوسل إليكم لتتذكروا أنكم أبناء وطن واحد ومن واجبكم الدفاع عن الجمهورية. أوقفوا خصامكم العقيم ووجهوا جهودكم إلى جعل العراق دولة حديثة وغنية]... [انني أوصيكم في حياتكم العملية بالتعاون والتسامح فيما بينكم... أرجو منكم بعد هذا اليوم أن لا تطغي فئة على أخرى]... [انكم شركاء في هذا البلد كما نص عليه الدستور]... [أرجو منكم أن تتجردوا من أسباب التفرقة والاحقاد، وليكن شعاركم المودة والاخوة بين الجميع، حتى نستطيع رفع مستوى الشعب... إن أسلافنا عاشوا في هذه البلاد قبل أن تدخلها المسيحية والاسلام... كنا دائماً آنذاك أخوة نعيش معاً في السراء والضراء... لا فرق هناك بين الطوائف والقوميات وسنتعامل بتسامح... الحقوق ستكون متساوية لكل الافراد، كي نحقق أهدافنا وهو رفاه هذا الشعب].
تنسجم هذه المفاهيم وتتماثل مع أسس مقومات المجتمع المدني المنطلقة من فهم القيم الاجتماعية الضرورية لديمومته وتطوره. كم نحن العراقيون، بحاجة إلى مثل هذه الافكار التي تنبذ القيم الدنيوية البالية والمعيقة للتطور الاجتماعي؛ وتقنن صراعاته، خاصةً غير المبررة، وتنبذ استلام السلطة بالطرق الانقلابية(153)؛ والتي تنطلق من واقع الشعب العراقي بكل طبقاته وأثنياته وعلى تعدد دياناته وطوائفه، ليس سابقاً فحسب بل الآن وفي المستقبل المنظور.
لم يخل خطاب واحد للزعيم قاسم، دون التذكير بأهمية التسامح والتعاون، بل ترجمها عملياً في سياسته التي خلت من التمييز والتفرقة ومنح الامتيازات للأفراد والجماعات على حساب المصلحة العامة وكسر حلقات الطائفية السياسية. كان هذا الزخم الأخلاقي:
[دائم التكرار في خطب قاسم، وعلى ضوء ما حدث من قبل ومن بعد، فمن الصعب أن ننكر أن هذه الآراء هي الأصلح للعراق مما كان يريده خصومه في فرض آرائهم على من يخالفونهم فيها. وكانت النتيجة خلافَ ما كان يدعون إليه... وفي دعوته للعراقيين أن ينبذوا خصوماتهم واختلافاتهم من أجل خير الوطن، كانت غريزة قاسم أصح من غريزة خصومه... وبالنسبة إلى الشؤون الداخلية أبدى قاسم نظرة أكثر تقدماً من جميع أسلافه وخلفائه... ولا شك أن نظرته هذه تأثرت بظروفه في مستهل حياته. وكانت أعماله تنسجم مع دعوته المتكررة والملحة إلى ضرورة الوحدة الداخلية في العراق](154).
ان مضامين وماهيات هذه الاقوال ترد، بقوة الموضوعية، على ما ذهب إليه الباحث الاكاديمي حنا بطاطو الذي اتهم فيه الزعيم قاسم بأنه لم يكن يريد التوسط بين القوى السياسية المتناحرة آنذاك، عندما أشار إلى أن الزعيم قاسم لم يسمح [لأي من القوتين بأن تصبح شديدة القوة أوالسماح للقوتين بالاتفاق فيما بينهما](155).
إن هذا الاستنتاج بكليته لم يستطع أن يبرر ذاته العلمية، كما أنه لم يغور في عمق تاريخ وتشابك المناخ السياسي الذي شهده عراق ما بعد تموز 1958، ولا جوهر الصراع وماهياته من جهة، وطبيعة ونفسية عبد الكريم قاسم وإدارته للسلطة من جهة ثانية، ولا لطبيعة الحوارات التي أجراها الزعيم قاسم من جهة ثالثة.
لكن كان الاستنتاج صحيحاً إلى درجة عالية فيما يتعلق بالشق الأول. إذ لم يرغب الزعيم قاسم وفي خضم الصراعات الدموية والاحتراب المادي والمعنوي، من بروز قوة تهيمن على الواقع السياسي/الاجتماعي برمته، خوفاً من العواقب التي ستنفجر بين المكونات الاجتماعية الشديدة التناقض والتباين، سواءً الاثنية أو الاجتماعية، الدينية أو الطائفية... الخ لذا ومن واقع مسؤوليته السياسية والاخلاقية إزاء الوطن ومنظومة أفكاره الاصلاحية، لم يسمح لاحدى القوتين أن تكون شديدة البأس وتسيطر على المجتمع برمته، خاصةً بعد كسر شوكة حدة الصراع في هرم السلطة القريب منه ومن القرار السياسي المركزي.
ان هذا التخوف من السيطرة الاحادية لم ينطلق من ذاتويته، كما يدعي كثيرون، قدر إحساسه العميق بتاريخ العراق الحديث ومشاكله المتعددة الأبعاد وخطورة سيطرة فئة واحدة تمهد السبيل إلى طريق الاستبداد، كما أن الظروف الموضوعية للبلد وامتداداتها الخارجية لم تكن تسمح بذلك. وهذا ما تنبهت إليه قوى اليسار العراقي ووعته في وقتٍ متأخر، منذ الثمانينيات وخاصةً بعد فشل تجرية التحالف مع حزب البعث العراقي. وأدركت أنه ليس بمكنة أي حزب أو فئة إدارة السلطة انفرادياً، وبالتالي تخلوا عن فكرة ((التحالف بقيادة الطبقة العاملة)) الذي تم رفعه منذ ثورة 14 تموز 1958.
لقد وعى الزعيم قاسم خطورة الصراع بين القوى السياسية على مسيرة الثورة وخاصةً بين اليسار الشيوعي والتيار القومي، لذا أراد كبحه بالسبل السياسية، وهذا أيضاً ما تنبه إليه بطاطو نفسه بصورة متأخرة، عندما قال:
[فقد كان يمثل النزاع الأكثر خطورة بكثير والأكثر واقعية... ولقد كان هذا النزاع حقيقة مركزية في التاريخ العربي المعاصر، كما كان مأساوياً حقاً، وحاسماً إلى حد كبير. وخلف هذا النزاع وراءه عراقاً يحمل ندباً لا تمحى وعراقاً منقسماً بحدة وبعمق على نفسه كما لم يحصل أبدا ًفي الذاكرة الأخيرة... وأكثر من هذا، فإن هذا النزاع عمل بوضوح إلى جانب المصالح التي عارضها الطرفان، إذ إنه سهٌَل كثيراً مهمة الدبلوماسية الامبريالية البريطانية التي خشيت انعكاس مضامين أمة عربية موحدة على المصالح النفطية...](156).
لقد واجه الزعيم قاسم جبالاً هائلة ومتحركة (زمانياً ومكانياً) من المعضلات الحياتية المعاشة التي تهم قطاعات واسعة من الناس، والتي من الواجب إيجاد حلول لها، ضمن ظرف الصراع الاجتماعي/السياسي، والشامل في الوقت نفسه لأغلب المكونات الاجتماعية والتي زادها عمقاً غياب المنهج والبرنامج الواضح لديه حينها والذي أتسم بالتجريبية في حينها، شأنه شان أغلب قادة ثورات العالم الثالث، مما أبعده نسبياً عن نبضية الواقع وتلمس المستقبل. ان حرارة التغيير الذي قاده وعمق الاجراءات التي أجراها، المتناغمة مع مطاليب الكم الواسع من الفئات الفقيرة والكادحة والفئات الوسطى، والتسابق مع الزمن للخروج من الاشكاليات المطروحة ضمن رؤيته (الشعبوية)، كانت عوامل دفعت بالأكاديمي حنا طاطو للاستنتاج أعلاه، والذي أقر، في الوقت ذاته، بأن الزعيم قاسم [لم يكن بــاستطاعته أن يفعل غير ذلك].
أما بصدد الشق الثاني من استنتاج بطاطو والمتعلق بعدم سماح الزعيم قاسم للقوتين بالاتفاق، فهو لا يصمد أمام الوقائع التاريخية. في الوقت ذاته إن امراً كهذا مرهون بالاساس بالاطراف السياسية نفسها ومدى وعيها وقدرتها على فهم حراك الواقع في الاتفاق على أسس مشتركة مقبولة ضمن قواعد لعبة متفق عليها، أكثر من ارتباطه بشخصية الزعيم قاسم، رغم أهمية ذلك.
لم تستطع عملياً قوى جبهة الاتحاد الوطني استئناف نشاطها الجبهوي بعد الثورة ولم تتفق على توحيد نشاطها وخطابها السياسيين، المتوائمان مع الظروف الجديدة. فكيف نطلب من قاسم القيام بذلك الدور الوسيط، في الوقت الذي انشقت فيه القيادة العسكرية للضباط الاحرار، وكذلك القوى السياسية منذ الايام الأولى للثورة، وأُعيد تشكل الاصطفافات منذ أن طرح مستقبل العراق بين خيارين لا ثالث لهما، أولوية عراقية العراق (الاتحاد الفيدرالي)، أم أولوية عروبة العراق (الوحدة الفورية). وهو الأمر الذي انعكس بصورة عمودية في الشارع السياسي وأثار عديداً من الإشكاليات الكامنة في رحم المجتمع والوعي الاجتماعي، والذي نجم عنه كثرة المحاولات الانقلابية وسيادة ثقافة العنف.
[فكيف يتوقع أحد من قاسم النجاح في هذه المهمة والعراق في شبه حالة من الحرب الأهلية في ظل الصراعات الداخلية التي فجرتها الاحزاب والضباط...] والقوى الخارجية، وخاصة الرأسمالية منها، إذ [... كان الزعيم يحاول الفصل بين الاطراف المتحاربة، كما كان فوق الصراعات الحزبية وحاول جاهداً منع أي طرف من أن يفرض عقيدته على بقية الاطراف العراقية. وها نحن اليوم نرى عواقب فرض عقيدة حزب البعث على كل الشعب العراقي. لكن الزعيم أصبح (دكتاتوراً ودموياً ومجرماً) في عين كل من لم يلتزم جانبه الحزبي الضيق](157).
في الوقت نفسه تشير الدلائل التاريخية إلى أن الزعيم قاسم حاول القيام بالمصالحة مع كافة القوى السياسية، وحسب استطلاعاتنا، تمت بأكثر من مناسبة، أورد خصومه اثنان منها وهما:
ـ الطلب من حزب البعث التقدم في طلب الاجازة الرسمية لممارسة نشاطه العلني بعد صدور قانون الاحزاب والجمعيات الجديد عام 1960. لكن البعث رفض ذلك لأنه كان يرفع علنياً شعار اسقاط السلطة من جهة، ومن جهة ثانية لأن حظه في العمل العلني سيكون انتقاصاً من تجربته مع الوحدة السورية ـ المصرية التي منعته من ممارسة نشاطه العلني، مما يفقده مصداقيته المفقودة جماهيرياً. إذ كيف يُمنع من العمل في دولة الوحدة في حين يمارسه في العراق (الدولة الاقليمية) المراد اسقاط نظامها؟ ولا يغيب عنا كيف ساند حزب البعث في سورية انقلاب عبد الكريم النحلاوي الذي أطاح بدولة الوحدة، وكان صلاح الدين البيطار أول من أصدر بيان تأييد الانقلاب!(158)، لكنه في الوقت ذاته كان يرفع شعار الوحدة الفورية في صراعه مع عبد الكريم قاسم؟
ـ يقول طالب شبيب: [جاءني الاستاذ صديق شنشل وسيطاً وقال: اقترحوا لنا ثلاثة وزراء بعثيين وسيعينهم عبد الكريم قاسم فوراً، ورجاني أن أخبر قيادة الحزب، أن الاقتراح صادر عن قاسم مباشرةً. فأجبناه: يا أستاذ صديق ان هذا الاقتراح لم يحصل إلا تحت ضغط إضراب الطلبة المحرج، ثم إن بياناتنا وصحافتنا الحزبية السرية تدعو بشكل متواصل إلى إسقاط حكومة قاسم، فكيف تطلب أن ندخل الوزارة ونحن على أبواب ثورة... فقد حكمنا على نظام قاسم بالانتهاء](159).
ـ كما أن هناك محاولة ثالثة أوردها إسماعيل العارف حول سعي الزعيم قاسم لـ: [تأليف وزارة ائتلافية من الاحزاب التي كانت الجبهة الوطنية (المقصود جبهة الاتحاد الوطني ـ الناصري) تتألف منها، لكي تقوم باجراء الانتخابات وتشرف على تشريع الدستور الدائم. فوافق على ذلك وتقرر أن يفاتح الحزب الوطني الديمقراطي وحزب البعث العربي الاشتراكي وحزب الاستقلال والحزب الشيوعي. فبدأ بمواجهة رئيس الحزب الوطني الديمقراطي السيد كامل الجادرجي لاستطلاع رأيه. وفي خريف سنة 1961 استدعاه إلى وزارة الدفاع وجرت بينهما مناقشة مطولة... وكانت حصيلتها تردد رئيس الحزب الوطني الديمقراطي في قبول المشاركة في حكومة ائتلافية. وقد وصفها لي عبد الكريم قاسم في اليوم التالي قائلاً: ((كانت المقابلة فاشلة إذ تلكأ رئيس الحزب الوطني الديمقراطي عن المشاركة في حكومة ائتلافية قائلاً: ان تصفيق الناس لي وإلتفافهم حولي لا يتماشى مع النظام الديمقراطي وان الخلافات بين الاحزاب التي نجمت عن الاحداث السابقة دقت اسفيناً بينها من الصعب تجاوزه وكان من رأيه أن يستمر الحكم العسكري إلى أن تنتهي فترة الانتقال. وعلق عبدالكريم قاسم على ذلك قائلاً لي أن رأي الأحزاب الأخرى سوف لن يختلف عن رأي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي)) فأقلع عن التداول مع الأحزاب الاخرى...](160).
ويشير إسماعيل العارف أيضاً إلى واقعة ذات دلالة حول الموضوع ذاته فيقول: [وعلى أثر توقيف المقدم الركن صالح مهدي عماش اتصل بي الزعيم عبد الكريم قاسم صباح يوم 4 شباط (فبراير) بوزارة المعارف، وقال بحالة عصبية، ((قلت لك عدة مرات أن صالح مهدي عماش، الذي تدافع عنه دائماً سوف يقتلك ويقتلني، لقد ألقيت القبض عليه لأنه يتآمر للقيام بانقلاب ضدنا))..
كان صالح مهدي عماش يزورني في بيتي في فترات متقطعة، فزارني خلال الاسبوع الأخير من كانون الأول (ديسمبر) 1962، وخلال تناولنا المرطبات كنت أناقشه في بعض الأمور السياسية العامة فقلت له: صالح إنكم تتهيأون للقيام بحركة ضد الحكومة، وانني أعرض عليك أمراً أرجو أن تبلغه إلى جماعتك. ان القيام بأي حركة سوف يؤدي إلى خسائر فادحة بالارواح، الوضع استقر وعبد الكريم قاسم مستعد أن يتعاون مع جميع القوى المعارضة، لإقامة حكم دستوري، وأنني أضمن حريتكم في العمل السياسي ويمكن إجراء بعض التغيرات بدون اللجوء إلى مجازفة تهدد كيان البلد. فسكت صالح ولم يجب. وقد أخبرني بعد ذلك أنه عرض ما قلته له على جماعته فلم يوافقوا](161).
ـ ويشير العضو المرشح آنذاك للمكتب السياسي في الحزب الشيوعي العراقي، باقر إبراهيم الموسوي، في رسالةٍ منه إليّ، حول هذ الموضوع وموقف الزعيم قاسم من الصراعات الحزبية، بالقول:
[ إيمان عبد الكريم قاسم بضرورة الحد من تطرف الاحزاب والمنظمات العقائدية وتعصبهاضد بعضها، ولجوئه إلى نوع من الموازنة بينها ومحاولة شمل الجميع برعايته. وبخلاف ذلك، لو سمح بـإطلاق العنان للتطرف والعصبيات الحزبية، لشهد العراق مجازر مبكرة أوسع نطاقاً وأشد أذى مما حدث بما لا يقاس. ولو رأت تلك الاحزاب والمنظمات، نزعته المعتدلة، تجاه الصراعات الحزبية، وأفادت منها، لأمكن تجنب الكثير من المآسي أو تحجيمها، خاصةً لو استطاعت الاحزاب الوطنية، التغلب على تعصبها، ولو استطاعت العودة إلى الطريق المضمون، باحياء جبهة الاتحاد الوطني مجدداً](162).
في الوقت ذاته بدأ الزعيم قاسم بإجراء اتصالات مع العسكريين التقدميين والمحالين على التقاعد وهذا ما تطرق إليه حامد مقصود عندما ذكر في صلب تحليله لنجاح انقلاب شباط 1963، بالقول : " وكانت أهم الأمور التي يستحيل عليهم في تنفيذ مخططهم التآمري وهي الاتصالات الواسعة التي أملا الزعيم عبد الكريم قاسم بتنفيذها حيث بدأت مع خزعل السعدي وفاضل البياتي وآخرين لأخذ مواقعهم السابقة في قوات الدروع . ونجحوا في الانقلاب بسبب تباطؤ الاجراءات مما اعطاهموقت للمجازفة في عملهم...*****"
ـ اعتاد الزعيم قاسم أن يلتقي بكثير ممن شاركوا في المحاولات الانقلابية السابقة، حينما يعفو عنهم ويطلق سراحهم. وفي إحداها خاطب كل من: عبد الكريم فرحان وصبحي عبد الحميد وصالح مهدي عماش بالقول: [نحن أخوان وخدمنا في الجيش وتعاونا على تحطيم الملكية في سبيل خدمة هذا البلد، لكن قسماً من الاخوان أخذوا يتآمرون وسببوا شق الصفوف والفرقة بين الاخوان... دعونا نتعاون ونشتغل لخدمة بلدنا... على كل حال نريد أن نصفي القلوب ونفتح صفحة جديدة...](163).
ترى هل حقاً أن عقلية كهذه لم تكن ترغب في رأب الصدع بين القوى المتحاربة؟ أم أنها كانت مكتسية بالطوباوية الثورية التي لم تستطع رؤية الواقع المادي بكل تناقضاته الطبيعية والمصطنعة؟!. لكنه مع ذلك حاول أكثر من مرة مع أغلب القوى السياسية والاجتماعية ضمن أهداف تشمل مساحة الوطن، لكن النظرات الضيقة غير المستوعبة للوحدة المتنوعة لواقع العراق حالت دون بلوغ المستهدف. وهكذا تفرض الحقائق التاريخية نفسها، لأنها تدخل الوعي التاريخي بقوة حضورها الفعلي، الواسع والشامل والذي لا يمكن بعثرته والتمويه عليه. وهذا ما كان مع الزعيم قاسم. الذي يوصف وضعه السياسي العالم السيسيولوجي علي الوردي بالقول:

[ يجدر بيّ... أن أُشير إلى موقف الزعيم عبد الكريم قاسم في هذه المرحلة الاجتماعية المهمة من تاريخنا، فلقد أعلن الرجل غير مرة أنه فوق الميول والاتجاهات، واعتقد أنه صادق فيما قال. ولكن مع ذلك لا أستطيع أن أعد موقفه هذا خالياَ من الدقة والحراجة. انه ليس قائد حزب، إنما هو قائد بلد تتصارع فيه الاحزاب، وهو إذن معرض للحيرة أكثر من تعرض أي قائد حزبي لها. وكلما تأملت في حراجة موقفه هذا، شعرت بالثقل الهائل الموضوع على عاتقه، ساعده الله. إنه لا يستطيع تجاهل أهمية الحماس الشعبي في تأييد الثورة التي تكاثر عليها الاعداء، وهو لا يستطيع أن يجاري هذا الحماس إلى الدرجة التي اندفع بها المتعصبون المتحمسون، بين يديه من جهة بلد يحتاج إلى استقرار، وبين يديه من الجهة الأخرى ثورة تحتاج إلى تأييد. ولابد للرجل من أن ينظر إلى هذه الجهة تارة وفي تلك الجهة تارة أخرى. اني أشعر بالعجز في وصف سياسيي صف واحد من الطلاب حيث يشتد الجدل بينهم، فكيف بالرجل وهو يقود ثورة كبرى كثورة 14 تموز وفي مجتمع كالمجتمع العراقي. ومهما كان الحال فاننا يجب أن نحني رؤوسنا اعترافاً بما وهب الرجل من مهارة في قيادة سفينة البلد بين هاتيك الامواج المتلاطمة[(164).
إن نظرة موضوعية علمية إلى تلك المرحلة وعقدها السياسية الصعبة والمتشابكة، تجبرنا على ضرورة دراستها واستنباط الدروس والعبر للاستفادة منها في المرحلتين الحالية والمستقبلية. ومن أهم هذه الدروس:
1 ـ ضرورة نبذ العنف بين القوى السياسية كوسيلة بلوغ للحكم. لأن الاحتراب السياسي السابق، والذي عبرت عن مكنوناته المحاولات الانقلابية، كممارسة وفكر، قد آلت إلى فقدان واحدة من أهم وأصدق التجارب في العالم الثالث عامة ومنطقتنا العربية بخاصةً. كما أدت إلى تهديم مقومات الهوية الوطنية وأوصلتنا إلى ما نحن فيه من تشرذم. إن هذه الخطوة يجب أن يرافقها شيوع فكرة التسامح والعفو والرحمة وسيادة القانون والابتعاد عن الثأرية. لكن ورغم تلمس أكثر القوى السياسية الفعالة لمدى التدمير الذي ألحقه العنف وثقافته وممارسته، فإن حجم العبر المستنبطة لا تزال ضئيلة وغير مؤثرة في هذه القوى، ناهيك عن تلمس آثارها السلبية في المستقبل المنظور؛ في الوقت ذاته يجب على هذه الأحزاب نبذ فكرة العنف السياسي والاستيلاء على السلطة بالانقلابية العسكرية، وأول خطوات ذلك وهو الأهم حل مكاتبها العسكرية وتنظيماتها المسلحة، خاصةً بعد سقوط النظام الحالي، وتوقيع ميثاق شرف بين كتل المعارضة الوطنية والتيارات الحزبية على عدم أستخدام العنف المسلح بين أطرافها ونبذ التكفير مع الآراء المخالفة.. انها خطوتنا الأساسية نحو المجتمع المدني المنشود، وهو في الوقت نفسه أعادة الماهية المغيبة عن ثورة 14 تموز.
2 ـ أوضحت التجربة التاريخية المنصرمة عدم قدرة طرف سياسي واحد على الانفراد بالسلطة، مهما كان وأيا يكون، وبغض النظر عن مبرراته الفكرية ووحدانية تمثيله لهذه الطبقة أو تلك الاثنية أو ذاك الاتجاه السياسي أو/و الديني. إن حكم الحزب الواحد سيعبد الطريق لا محال نحو الاستبداد وما يستنبط منه كوسائل للحكم وعلاقات متبادلة، في مجتمع معقد في تركيبته وغني بتكويناته الاثنية والدينية والاجتماعية.
كما تفرض المرحلة الحالية وظروفها شيوع الفكرة الوطنية والانتماء إليها أكثر من المواقف الطبقية، اللامتبلورة، والمصالح الضيقة التي لا تستوعب الأشمل والأوسع. ان تحقيق نظام حكم يستند إلى شرعية دستورية ويرسي سلطة القانون والفصل بين السلطات ويعضد مرتكزات المجتمع المدني ويستهدف القضاء على التخلف بكل أشكاله وأبعاده بدون تمييز، هي مهمة كل القوى الاجتماعية الحية وليس بمقدور حزب واحد أو طبقة معينة تحقيقها بمفرده؛
3 ـ إن ظروف البلد السياسية ذات الصوت الواحد، وما مرت عليه من ويلات وحروب، كسبب وماهية، وتعدد أنماطه الاقتصادية وبالتناظر طبقاته الاجتماعية غير المتبلورة، وعدم نضج الوعي الاجتماعي العام وتجلياته، كلها عوامل موضوعية تفرض صياغة برامج وطنية عامة، تتواءم وطبيعة الظروف وروح العصر وتحترم الخيارات القومية والجمعية والفردية وحقوقها الطبيعية والمكتسبة، بغية بلوغ المجتمع المدني المتحضر، الذي أرست أسسه المادية ثورة 14 تموز، حيث امتلاك ناصية المستقبل الواجب ولوجها.
4 ـ لعب تفشي الولاءات الحزبية في المؤسسة العسكرية دوراً كبيراً في تهيئة المناخ للانقلابات العسكرية وعرقلة صيرورة بناء الحياة الدستورية وابتعادهاعن مهمتها الأرأسية. وعليه تقتضي الضرورة الملحة إبعاد هذه المؤسسة عن التناحرات والصراعات الحزبية والولاءات الدنيا وعدم تدخلها، وخاصةً قياداتها العليا، في نشاطات مؤسسات المجتمع المدني. كما يجب وقوف المؤسسة العسكرية في الوقت نفسه فوق الاعتبارات الحزبية ومصالحها الضيقة. ان فكرة الزعيم قاسم الداعية إلى إبقاء الجيش (فوق الميول والاتجاهات)، قد زكتها الحياة والتجربة التاريخية لعراق القرن العشرين ويجب تبنيها وتطبيقها عمليا من قبل كل القوى السياسية التي اعترف كثير منها بصحتها العملية، لكونها تمثل أحد أسس ترسيخ المجتمع المدني المرغوب بلوغه؛
لكن ونظراً للإرث التاريخي لدورالضباط العسكريين في تأسيس الدولة العراقية ومساهمتهم في إدارتها، سواءً في العهد الملكي أو الجمهوري، واستحالة ترجمة الفكرة عملياً في المدى القريب، لذا يمكن إجراء نوع من المساومة تسمح للعسكريين بممارسة نوع من التأثير في مسألتين هما: قضايا الدفاع الوطني وما يرتبط بها من المسائل الخارجية، مقابل امتناعهم عن الاستيلاء على السلطة بقوة سلاحهم؛ وحصر مهمتهم في الدفاع عن سيادة الدولة من الاعتداءات الخارجية فحسب.
5 ـ لعب العامل الخارجي دوراً كبيراً في وأد ثورة 14 تموز وكبح صيرورتها ومن ثم القضاء عليها بشكل دموي. وهذا ما بينته تاريخية الممارسة السياسية في عراق تموز/ قاسم. لقد تصاعد دور هذا العامل في الوقت الحاضر نتيجة العوامل الموضوعية والذاتية للحكم الحالي ومغامراته الحربية الداخلية والخارجية، وكما تستنبط بالأساس من دور العامل الخارجي في إعادة صياغة الجغرافية السياسية للعراق الحالي بعد الحرب العالمية الأولى. ولأجل ضمان عدم تفتيت الصيرورة السياسية لعراق المستقبل، لابد من أخذ هذا العامل بنظر الاعتبار دون المساس بالثوابت الوطنية للعراق المستقل، في حق اختيار الطريق القادم وصيغ الحكم وارتباطاته الداخلية (الفدرالية) وعلاقاته الخارجية القائمة على المصالح المتبادلة؛
6 ـ هذه الدروس وغيرها مما يمكن استنباطها، ينبغي تعميمها. والخطوة الأولى تبدأ بضرورة قيام كل التيارات السياسية الفاعلة آنذاك بمراجعة نقدية لتاريخية ممارساتها السابقة وتحالفاتها السياسية وبرامجها اللاعملية وإلى مدى مساهماتها في وأد التجربة الثورية وإيقاف مسيرتها، التي مهدت السبيل للقوى المتخلفة والمتريفة للاستيلاء على السلطة وإعادة العراق إلى ماقبل الحضارة الحديثة. هذا النقد يجب أن يكون شجاعاً وموضوعياً وضمن، ليس الرؤية الحزبوية الذاتوية الضيقة، بل في نطاق الوطنية العامة والواقع الجيو ـ سياسي للعراق وامتدادها القومي ومكوناته الاجتماعية. كما ينبغي أن تتحلى هذه التيارات بالعلمية والمنطقية في عملية النقد. بغية تحديد الخطل من المواقف والممارسات لأجل تجاوزها وبالنتيجة المساهمة الواعية لبناء العراق القادم.
وفي الختام يجب التأكيد على ما هو إضافة نوعية لاحدى الفصائل من التيار القومي والتي أقرت أن:
[حقائق سياسية أساسية لن يمل المرء من تكرارها، ملخصها أن هناك خطيئة كبرى قد ارتكبت على أرض العراق في فترة معينة، من قوى سياسية يفترض فيها أنها تملك الوعي الوطني والقومي والإخلاص وحسن التقدير، مع القدرة على قراءة الواقع وتحليله واستشراف المستقبل. وبالتالي، علينا أن ندرك ـ ولو كنا متأخرين كثيراً ـ أننا مشينا جميعاً إلى الفخ الذي أعده لنا أعداؤنا بعد أن أغرقنا أنفسنا في الدم الوطني والقومي منذ أواخر الخمسينيات في القرن العشرين وحتى اليوم. ولقد كان الجذر هو ذلك الهوس السياسي والعاطفة الطائشة والعداء المجنون الذي تبادلته القوى السياسية المختلفة، وخاصةً المعسكرين القومي والشيوعي، فكانت محصلة ذلك كله أن تحطمت قوانا كلنا وأوصلنا أنفسنا إلى الهزائم المتبادلة لينتصر أعداؤنا فتحقق لهم الكثير مما أرادوا](165).

الهوامش:

***- يقول د. عبد الخالق حسين: " لذلك لا نغالي إذا قلنا إن ما حصل بعد ثورة 14 تموز من صراعات دموية بين الشيوعيين والقوميين ، واحدة من تلك "الحروب" التي كانت تقع بين القبائل العربية ، مثل حرب " داحس والغبراء" بين بني عبس وبني ذيبان وحرب البسوس بين بني تغلب وبني بكر واستمرت أربعين عاماً بسبب ناقة.
فالمبادئ والآيديولوجيات السياسية في وقتنا ، التي استوردها العراقيون من الخارج لأحزابهم حولوها إلى " عصبة آيديولوجية وحزبية" محل " العصبية القبلية" . فالقشرة الخارجية حضارية ( شيوعية-قومية) ولكن يختبئ تحت تلك القشرة الخارجية الخفيفة ذلك الإنسان البدوي بكل قيمه واعرافه البدوية، متهيئاً للقتال والثأر والانتقام وما شاكل باسم الوطنية والقومية والآيديولوجية. لقد اعتنق هؤلاء الحزبيون هذه الآيديولوجيات الحديثة إلا أنهم في قرارة نفوسهم كانوا بدواً ومارسوها كممارستهم للقيم على طريقة القبلية الجاهيلة الاولى. إن أعمال العنف بعد ثورة تموز كانت أشبه بتلك الحروب التي دارت رحاها بين القبائل البدوية ولكنها كانت تحدث بقوالب الحداثة ، فقتع في المدن بدلا من الصحراء ، وتحت شعارات آيديولوجية حديثة وحضارية وأسباب سياسية بدلا من قتل ناقة! ومقالات تحريضية نارية في الصحف بدلا من المعلقات . فكما يقول نزار قباني : " لبسنا ثوب الحضارة والروح الجاهلية...". ثورة 14 تموز، ص. 144-145، مصدر سابق.
(150) حمّل الاكاديمي (الكردي السوفيتي) آشيريان، الزعيم قاسم وزر عدم إتفاق الطرفين، عندما قال: لقد عمل النظام الدكتاتوري كل ما في وسعه من أجل عرقلة تعاون ولقاء القوتين السياسيتين الكرديتين في البلد وهما الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الكردستاني اللذان كان يشدان وراءهما جماهير غفيرة] الحركة الوطنية الديقراطية في كردستان العراق 1961 ـ 1968 تعريب لاتو ـ رابطة كاوا للمثقفين اليساريين الاكراد، بيروت 1978، ص 70. إلا أن المؤلف تناسى طبيعة العلاقات القلقة التي كانت قائمة بين الحزبين فيما يخص طبيعة حكم الزعيم قاسم، حيث أنطلق الأول من موقف (كفاح ـ تضامن ـ كفاح) في حين وقف الثاني، بعد عام 1961 موقفاً غير موضوعي بحيث تحالف حتى (مع الشيطان) حسب تعبير البارزاني الأب، مع أعدائه الداخليين والخارجيين، منها ما كان مع انقلابيي شباط، بغية إسقاط الحكم الوطني. وبهذا الصدد يشير البروفسور كمال مجيد إلى أن شاه إيران أدرك: [أن الهجوم على العراق عبر شط العرب، سيؤدي إلى خرق الحدود الدولية المعترف بها من قبل الطرفين، بل إلى حدوث نقمة شعبية بين عمال النفط الايرانيين قرب الحدود. كما كان بــإمكان عبد الكريم قصف مصافي عبادان، مثلما فعل صدام فيما بعد. فلهذا قرر الشاه التركيز على أكراد العراق في الشمال واستخدامهم لإسقاط عبد الكريم مع الاستمرار في المطالبة بنصف شط العرب. بدا الاكراد عصيانهم ضد مخفر الشرطة على الحدود لكسب أفرادها إلى جانبهم وللاستيلاء على ما يمكن من الاسلحة. لكن المورد الرئيسي للمال والسلاح كان من قيادة السافاك الايراني التي أشرفت أيضاً على إيواء المشتركين في العصيان وتدريبهم داخل الاراضي الايرانية] النفط والاكراد، مصدر سابق، ص 45. ويشير المؤلف في ص 37 إلى أنه[قد ورد في التقريرالرسمي الذي قدمه السناتور أوتيس بايك، رئيس لجنة الاستخبارات الامريكية في مجلس الشيوخ (تم نشر خلاصة التقرير في جريدة الغارديان البريطانية يوم 20/10/1990) قال بايك: ان الحكومة الامريكية انفقت 16 مليون دولار على تسليح ومكافئة مصطفى البارزاني في حملته التي كلفت الشعب الكردي 35 ألف قتيل]. ص37.
وقد نشرت الحكومة الأمريكية نص البرقية التي بعثت بها السفارة الأمريكية في بغداد إلى وزارة الخارجية في واشنطن بتاريخ 20آيلول 1962 التي نصت على:
" زار السفارة موظف من الحزب الديمقراطي الكردستاني ، معروف أنه مسؤول بغداد، في 18 أيلول 1962 وبتوجيه من الملا مصطفى وناشد الولايات المتحدة بقوة أن تساند الحركة الثورية للأكراد. وقال أنها تحتاج إلى المال الآن وربما سنحتاج إلى السلاح لاحقاً وادّعى أن أغلب الشيوعيين في الحزب الديمقراطي الكردستاني قد صٌفوا ومن بقى منهم سيزاح قريباً.
وبالمقابل يعد الملا مصطفى ب: 1- تطهير الحركة من كل مشبوه، 2-التعاون مع العناصر العربية المحافظة والعودة بالعراق إلى حلف بغداد إذا ما رغب الأمريكان. 3- تزويدنا في الحال بمعلومات كاملة عن التطورات السياسية الداخلية أو العسكرية في كردستان أو المنطقة العربية في العراق. وإن هذا العرض يشمل الأكراد في سوريا وإيران إلى جانب العراق.
وإن الأكراد ، كما قال، يقيمون صلات وثيقة وودية مع الإيرانيين في بغداد وطهران. وإن الإيرانيين وافقوا على عدم التدخل بشأن عبور الحدود أو لإيقاف المساعدات المقدمة للثورة من اكراد إيران. وهذا ما سرَ الملا مصطفى لكنه يرغب في الدعم المادي من إيران أيضاً... وقد طلب الأكراد المساعدة من الكويتيين ، لكن هؤلاء رفضوا ( وقد أكدت السفارة البريطانية هذه المعلومة)... وقد أيدت إسرائيل استعدادها لدعم الأكراد في أوربا ، لكن هؤلاء رفضوا ليس لأن الأكراد ضد إسرائيل وإنما هم يخشون أن إسرائيل قد تعمد إلى فضح المعلومات وسيلحق هذا ضررا ً بالحركة الكردية في البلاد العربية... أن الملا مصطفى يعرف أنه بعد سقوط قاسم( والذي يعتقد أنه وشيك) إن السوفيت سيرغبون بتزويدهم بالمال والسلاح ، لكن الملا مصطفى يرغب في التعاون مع الغرب بدلا من التعاون مع الاتحاد السوفيتي( الذي لا يثق بهم)...". عزيز سباهي ، عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ، ج. 2 ، هامش ص. 514، منشورات الثقافة الجديدة ، دمشق 2003.

***** يتناول المبدع فاضل العزاوي في (الروح الحية) ص.38، هذا اخلل بالقول: " ومن بنية القبيلة للمجتمع انتقلت روح العصبية إلى الأحزاب السياسية ومن بينها الأحزاب الثورية التي يفترض إنها ضد كل قبيلة. فقد استبدل الناس قبائلهم القديمة بقبائل الأحزاب السياسية الجديدة التي تمتلك هي الأخرى شيوخها ومجالسها الخاصة بها تماماً مثل كل القبائل الأخرى. ومثلما لا يجد ابن القبيلة نفسه إلا في قبيلته ، أصبح المرء لا يجد نفسه إلا في الحزب الذي ينتمي إليه. أما بقية الأحزاب فهي قبائل أخرى قد تدخل في حرب ضدها أو تتحالف معها طبقاً لما يقرره شيخ الحزب ومجلسه الخاص به...".
(151) راجع قانصو وجيه، الخلل الوظيفي في الأحزاب العربية المعاصرة، جريدة السفير بتاريخ 01/08 /2000
(152) كتب باقر إبراهيم، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي آنذاك، حول ذات فكرتنا، بالقول: [كان من الصحيح ومن المهم، أن يطمح الحزب الشيوعي وكذلك الاحزاب القومية والدينية واللبرالية إلى تطور الوضع وفقاً لبرامجها، وبعد أن يبحثوا بما هو مشترك بينها. ولكن لنا أن نتساءل اليوم، هل أن اللجاجة والسعي الملح، من قبل الجميع لأن يكون ذلك التطوير عن طريق استلام السلطة، بل وحتى الانفراد بالسلطة، هل كانت هي الحل؟ وهل قدم ذلك ((الحل)) خدمة للعراق أم تسبب في تأخيره؟... ان عبد الكريم قاسم بعقليته الوطنية واخلاصه لمثله الوطنية والاجتماعية أسهم في تحقيق تلك المنجزات، كقائد للثورة ولعملية التطور... أليس في نزعة قاسم التي أتينا عليها اعلاه ما يماثلها أمس واليوم، لدى الغالبية الساحقة من القادة الثوريين والقوميين والشيوعيين والاسلاميين؟ ألم تكن العقلانية في المطالب التي تعرض كأهداف للنضال آنذاك لازمة ومطلوبة؟] جريدة القدس العربي الدولي، في 31/07/ 1995 لندن.
(153) في اعتقادنا أن هناك خلل وظيفي كبير في العقلية الحزبية عندما تعني برامجها بتغيير حكومات بلدانها بالقوة والانقلاب، طالما ان الاحزاب هي تنظيمات مدنية، لذا يتوجب عليها ان تعمل على تربية أعضائها على النضال السياسي المدني واشاعة الديمقراطية في آلية عملها الداخلي ومن ثم التأثير في الحكم وتغيير طبيعته.
(154) الاكاديميان بينروز، مصدر سابق، ص 454.
(155) بطاطو، ج. 3، ص 156، 158، مصدر سابق.

(156) بطاطو، الجزء الثالث، ص 177، مصدر سابق. ويؤكد ذات المؤلف وكذلك د. خلدون حسن النقيب، على أن هذا الصراع: [المتفجر لقوى اليسار العربي بين القوميين الجدد (العقائدين) والشيوعيين في العام 1959، هذا الانشقاق الذي يلعب، منذ هذا التاريخ، دوراً كبيراً في القضاء على التيار اليساري الجذري في السياسة العربية] الدولة التسلطية، ص 132، مصدر سابق. وبالتالي كانت دعوة الزعيم قاسم لوقف هذا الاحتراب الذي جرى في الساحة العراقية في محلها. لكن عدم الانصياع للعقل وضرورات المستقبل من قبل الاحزاب السياسية ساهم في إضاعة الثورة وضياع الاحزاب السياسية ذات المنحى الجذري المقارب في اهدافه العامة مع ثورة 14 تموز، مما فسح المجال لأعداء ومناهضي التيارين في استغلال الظرف للقضاء عليهما ولفترة نعيشها الآن ولاحقاً.

(157) د. علاء الدين الظاهر، التاريخ كما لقنه القصخون، مصدر سابق، ص 11.
(158) يحجب الدكتورعزيز الحاج الحقيقة عندما يذكر أن الزعيم قاسم قد عمل على [حرمان حزب البعث والكتل القومية الأخرى] من العمل الحزبي العلني وفقاً لقانون الاحزاب. ثم يتدارك الموضوع تبريرياً عندما يقول بأنها[لم تتقدم بطلبات إجازة، لأنها كانت مطاردة، كما أنها اعتبرت العملية كلها مناورة تضليل من السلطة] راجع: مع الاعوام ـ صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق بين1958 ـ 1967 الطبعة الثانية ص 6 بيروت 1994 المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ان هذه النظرة غير الموضوعية، كما يستدل من أقوال قادة حزب البعث وبياناته، مستوحاة من ظرف د. الحاج للفترة 1969 ـ 1990 وتحمل وزر علاقاته الوظيفية وما ينجم عنها مع سلطة حزب البعث العراقي. علما بأن الطبعة 2 لذات الكتاب فيها شيء من الموضوعية مقارنةً بالطبعة 1.
(159) د. علي كريم سعيد، مراجعات، مصدر سابق، ص 48. لقد تجنب طالب شبيب الحقيقة هنا، عندما ربط بصورة تعسفية بين مطلب عبد الكريم قاسم لتأليف حكومة ائتلافية وبين ضغط إضراب الطلبة. بدأ الزعيم قاسم في محاوراته مع القوى السياسية وكان أولها مع كامل الجادرجي، منذ تشرين ثاني 1961، حيث مهد لذلك بــإطلاق سراح السجناء والمعتقلين/ السياسيين من كل القوى، في حين أن اضراب الطلبة بدأ في17 كانون أول 1962 في المدرسة الشرقية ليعمم على بقية المعاهد في 20/12/ 1962. راجع تقرير كامل الجادرجي المنشورة بعض اجزائه في الموسوعة، مصدر سابق، الجزء الخامس ص 460. كذلك يؤيد ما ذهبنا إليه ما أشار إليه الحزب الشيوعي العراقي ضمن بعض نشراته الحزبية، حول بدء إطلاق سراح المعتقلين والانفراج النسبي في الوضع السياسي الذي تنبأ عن احتمال تطورات إيجابية على صعيد السياسة الداخلية. راجع نص التقرير لدى د. عزيز الحاج في ط. الثانية من كتابه، مع الأعوام، في الملحق. المصدر السابق.
(160) إسماعيل العارف، أسرار ثورة 14 تموز، مصدر سابق، ص 327. علما بأن الجادرجي، قد كتب ملخص لهذه المقابلة ووزعه بصورة محدودة على قادة الاحزاب وبعض الشخصيات المستقلة، أورد فيه وجهة نظره الذاتية حول شخصية الزعيم قاسم، والتي كانت تتسم بعدم الود، إن لم نقل العداء، رغم أن الزعيم سبق وأن اقترح على الجادرجي عندما كان في السجن في مطلع عام 1958، المشاركة بالسلطة القادمة؟ للمزيد راجع للمؤلف، الجادرجي وتموز/ جريدة الوفاق، العددان 120، 121، مصدر سابق.
(161) المصدر السابق، ص 412. ومن النص أعلاه يتضح أن العارف كان على علم بحركة 8 شباط . وللمزيد راجع كذلك : من أوراق حازم جواد، حوار نشرت في جريدة القدس العربي الدولي للفترة 8-28 شباط 2006، لندن.
(162) رسالة بتاريخ 2000/10/7 إلى المؤلف.
(163) مقتبس من (الموسوعة)، الجزء 2، ص 94
(164) عالم الاجتماع د. علي الوردي. الأحلام بين العلم والعقيدة، ص 331، ط. الثانية، دار كوفان، لندن 1994
(165) راجع حركة القوميين العرب: نشأتها وتطورها عبر وثائقها 1951 ـ 1968، الكتاب الأول 1951 ـ 1961، تحرير هاني الهندي وعبد الاله النصراوي، ص 245 مؤسسة الابحاث العربية، بيروت 2001.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهنئة الى الحوار المتمدّن
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شب ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- في الظروف العامة لتأسيس الدولة العراقية واختيار فيصل الأول ( ...
- الحركات العلمانية في العراق المعاصر (3-3)
- الحركات العلمانية في العراق المعاصر ( 2-3)
- حوار عن العلمانية في العراق المعاصر (1-3)
- في رحاب التغيير الجذري وأفقه المستقبلي-حوار
- حوار هادئ مع الباحث عقيل الناصري 2-2
- حوار هادئ مع الباحث عقيل الناصري 1-2
- الفلكلور والنهوض به
- ذكرى رحيل الروح المتصوفة
- عن البناء الديمقراطي في العراق
- سياحة فكرية مع الباحث في القاسمية


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - في جذور الظاهرة الانقلابية في الجمهورية الأولى (تموز1958- شباط 1963)(4-4)