أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عقيل الناصري - الحركات العلمانية في العراق المعاصر (3-3)















المزيد.....

الحركات العلمانية في العراق المعاصر (3-3)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3119 - 2010 / 9 / 8 - 14:40
المحور: مقابلات و حوارات
    


الحركات العلمانية في العراق المعاصر ( 3-3)

حوار اجراه يوسف محسن
مجلة مدارك العدد الحادي عشر
2010



*
نتيجة لغياب التأسيسات النقدية والفكرية للحركات العلمانية العراقية، أصبحت هذه النخب ذات نزعات نخبوية مغلقة وبالمقابل ظهور نخب شعبوية رثة وبدائية منذ ستينيات القرن الماضي وهيمنتها على المشهد السياسي/ كيف تؤسس الحركات العلمانية ذاتها ووجودها الموضوعي في تاريخ العراق الحديث، هل هذا ممكن عبر تفكيك الدولة الريعية العراقية.؟ أم تنمية وترميم الطبقات الاجتماعية الوسطى أم الاندماج بالحداثة؟ وهل أن المجتمع العراقي الراهن يحمل داخله بذور جماعات علمانية؟

**
في البدء علينا تفكيك السؤال من ناحيتين الأولى: مكونات السؤال المتعدد الجوانب؛ والثانية من فرضيات السؤال التي ربما لا يتفق معها جمهرة من مؤيدي الحركات العلمانية. فمثلا ما الدليل على انغلاق النخب العلمانية؟ وهل هي غائبة أم مغيبة؟ وقبيل ذلك هل تبلورت هذه الحركات وكونت نخبها؟ أليس هذه الفرضية محدودة إذ يناقضها النخبة العلمانية العضوية والمنضوية في فعل التغيير الاجتماعي، بغض النظر عن حجمها؟ أما من الناحية المنهجية ففي السؤال يغيب البعد التاريخي لهذه الظاهرة ويحددها بالستينيات من جهة ومن ثم عدم تحديد دقيق للمفاهيم من جهة ثانية، ثم الفصل بين مسببات التأسيس للحركات العلمانية.
وعند العودة للسؤال من حيث الرؤية النظرية..فأرى مما ذكر أعلاه أن بداية هذه الحركات في شكلها الجنيني، كما اشرنا، قد بدأ بالظهور والتشكل منذ عشرينيات القرن المنصرم.. وكان متأثرا بقوة بالظروف الموضوعية للبلد ولذاتية نشوء وتطور المجتمع المعاصر بكل طبقاته وفئاته.. هذا بصورة عامة.. لكن موضوعة بهذا القدر من التشعب والتعقد والتداخل بين الأبعاد المادية واللا مادية للمجتمع؛ وبتداخل حلقات الزمن الثلاث؛ وارتباط العوامل الداخلية بالخارجية للبلد وتفوقت هذه الأخيرة من حيث التأثير؛ ولذات مكونات الموضوعة، فليس بالإمكان تعليلها وتسبيبها، ومن ثم تفكيكها وشرحها، بعامل واحد أو عوامل بسيطة. إذ يمكننا الاسترشاد بذلك الإرث التاريخي لنشوء هذه الحركات التي لأجل نجاحها يتطلب: مستوى عال من الوعي الاجتماعي وتجلياتها بحيث يعكس ماهية سمة العصر من جانب، ومن جانب آخر ماهية درجة التطور الاجتصادي. وبالتالي يلعب هذا الظرف الموضوعي دورا مهما في تبني ومن ثم ترسيخ هذه المفاهيم في الوعي الاجتماعي.. ففي مجتمع تسوده الأساطير والرؤى الغيبية والمفاهيم اللا علمية ويتمسك بالقيم القديمة إن لم تكن بالية بحيث يفرض عليها فكرة القداسة والأزلية والمطلق متناسياً ظرفها التاريخي.. مجتمع كهذا لا يتقبل بسهولة مفاهيم العلمانية والتحرر والانفتاح على العالم وعلى ذاته في الوقت نفسه.. لذا فالمنطلق في تحقيق هذه الصيرورة الاجتماتاريخية تبتدئ من التركيز على تغيير ماهية الوجود الاجتماعي في افقه التاريخي والتغيير في ماهية الأنماط الاقتصادية المادية.. من خلال العمل العضوي لتوفير ظروف الإنتاج الاجتماعي المتطور وإفساح المجال للطبقات الجديدة وبالأخص، في ظرفنا الراهن، للطبقة الوسطى.
نعم إن برنامجية التحديث لا تتعلق في الحاضنة المادية للدولة المركزية فحسب بل بعوامل أخرى ستكون مفتوحة للاجتهادات العديدة والرؤيا المختلفة. ربما يكون تفكيك الدولة الريعية غير المستندة على الإنتاج الاجتماعي المادي، من المهام الأرأسية في الظرف الحالي.. لكن هذا التفكيك يتطلب قوى اجتماعية جديدة لها برنامجية ورؤيا واضحة الحدود وأفق مستقبلي حضاري.. والصعوبات التي تعرقل تحقيق هذا الهدف عديدة ومتباينة من حيث التأثير والديمومة.. تكمن حسب اعتقادي في: التخلف الاقتصادي العام؛ التبعية الاقتصادية للمراكز الرأسمالية؛ المركزية المفرطة للدولة، إذ أن الدولة العراقية ولحد الآن تعتبر أكبر منتج ومستهلك.. ومن هنا يمكن أن نستنبط جملة من المعرقلات لطبيعة الدولة من جهة، ومن جهة أخرى للطبقات الاجتماعية الجديدة التي تحقق المجتمع الحر القائم على الإرادة والخيار المشتركين لكل التكوينات الاجتماعية، وتحقيق الرؤية الموضوعية لواقع علاقة الوجود الاجتماعي وعلاقة المجتمع بالطبيعة والقضاء على الاستلاب والاغتراب للإنسان. بمعنى آخر أن نرتبط بالعالم الحقيقي ونختبره بحواسنا وما تشتق منه قدراتنا على التفسير ومن ثم التغيير من خلال أدوات البحث العلمي المضطردة التطور. هذا المنظور سيحطم الرؤية المقدسة للظواهر وسيكون في حالة تغيير مستمر طالما إن القيم والمعايير هي متغيرة دوماً.. ألم يقل ابن أبي طالب {لا تعلموا أبناءكم عاداتكم.. فهم مخلوقين لزمان غير زمانكم}.

يبين تاريخ العراق، البعيد والقريب، وجود هامات حضارية فيها سمات إبداعية متميزة وهذا ما وسم هذا التاريخ، حتى انعكس في الذات العراقية. كما أن التاريخ يدلل على وجود فلسفات تشكيكية سواءً في العهود الغابرة أو الوسيطة أو الحديثة، وأخرى عقلية وثالثة نقلية...الخ. بمعنى أن التعددية الفكرية بمختلف أشكالها، ضمن ظرفها التاريخي، قد تواجدت في العراق منذ القدم، مما يجيز لنا الاستنتاج بتوافرها في العراق المعاصر متمثلتاً بالعديد من الحركات العلمانية تلك ذات الرؤى اللا دينية من جانب. ومن جانب آخر لو استطعنا تحليل البنية الفكرية السائدة في عراق اليوم فاني أرى وجود تنوع كبير فيها، متباينة في التوجه ومختلف في المضمون الفلسفي والطبقي. وهذا أمرُ موضوعي.. خاصة نحن قد عرفنا إن الحركات الاجتماسياسية ذات الأفكار التنويرية قد بدأت بالظهور في العراق المعاصر منذ تأسيس الدولة الحديثة حتى أن الحزب اللا ديني كان من أوائل الأحزاب التي تأسست في العراق المعاصر. إن فوضى الصراع الفكري المحتدم في العراق الحالي، والمتخذ أشكالاً متعددة، قد يخلط صورة التواجد للحركات العلمانية، خاصةً إذا علمنا أن من المهام الأرأسية للنظام السابق، كانت متمحورة في القضاء على الفكر العلمي والحركات العلمانية.. وهذا له جذور في فكر ميشيل عفلق، وذلك عندما أشار في أربعينيات القرن المنصرم إلى أن أهم دافع لنشوء حزب البعث كان يتمثل في التصدي للفكر الاشتراكي العلمي.. وهذا ما أشار إليه عضو القيادتين القومية والقطرية (السورية) الدكتور محمد الزعبي في أطروحة الدكتوراه عن تأثير الفكر الاشتراكي على أحزاب البرجوازية الصغيرة في المشرق العربي. ولقد حاول النظام السابق إجتثاث هذا الفكر وكل الحركات التنويرية مما مهد بقوة لبروز الأفكار السلفية وإنعاش المؤسسات التقليدية.
وانطلاقا من ذلك يمكننا القول إن التربة العراقية غنية بما تتضمنه من تطلعات تصب في توجهها العام في تأييد الحركات العلمانية، وخاصة عند انتعاش الظرف السياسي والأمني. إن مجرد توفير جزء بسيط من الظروف سوف يعاد تكون هذه الحركات بقوة كبيرة، وعلى رأس ذلك توفير مستلزمات النهوض للطبقة الوسطى بكل فئاتها باستثناء الطفيلية منها، إذ إن التوسع في رفع مستوياتها المادية و المعنوية ومنحها الفرص الكافية يُعد، حسب رأي، ضرورة موضوعية لآجل التعجيل في النشاطات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية، وهذا الدور المهم يتطلب في الوقت نفسه التوسع الكمي والنوعي لهذه الطبقة بفئاتها المتعددة لما لها من دور في عملية الإنتاج الاجتماعي المادي، وكذلك من خلال الانفتاح على المنجز العلمي حتى نستطيع الولوج في دروب المستقبل.
لذا فإن عملية إعادة إنتاج الحركات العلمانية وإعادة دورها الفكري والفلسفي، بالرغم من تعقده وتشابكه، يعتبر مهمة ملحة، ولا يمكن تحديدها بهذا العامل أو ذاك.. بل بجملة متكاملة من الإجراءات تشمل:
- تطوير الوجود الاجتماعي وماهياته والعتلات الحاضنة لنموه بما يخدم الإنسان؛
- تغيير أولويات الأنماط الاقتصادية وتنشيط تلك المنسجمة مع فكرة التطور؛
- العمل على تغيير الظروف المادية لترسيخ الطبقات الجديدة حاملة مشروع التغيير والتنوير وبالأخص، في الظرف الراهن، الطبقة الوسطى؛
- توسيع وتوحيد السوق الوطنية ونشر العلاقات السلعية النقدية؛
- الانفتاح الحقيقي على مختلف الآراء والأفكار والفلسفات وتوجهات الحداثة؛
- تحديث التراث الفلسفي/السيسيولوجي/ الثقافي لما لهم من دور في البناء الديمقراطي؛
- تحديد أفق تاريخي لمستقبل العراق يضمن التفاعل الجدلي للمكونات الاجتماعية برمتها؛

إن التنوع والتعدد في الرؤى الفكرية سمة أساسية لكل المجتمعات الإنسانية، وتبرز هذه بحدة في ظروف التغيير الثوري (ذات الطابع الانتقالي) لبنية المجتمع الحامل بالمجتمع الجديد.. كما أن اختلاف الرأي هو الآخر من سمة المجتمعات البشرية، ومنه يشتق الانشقاق، إن جاز التعبير، ويظهر الجديد وهذا هو جزء أساسي من أوالية (ميكانيزم) الحياة الاجتماعية وتطورها، إذ تتضح من التاريخ الإنساني أنه عند تأسيس كل مؤسسة، فكرية أم اجتماعية، كان ثمة تيار رافض لهذه العملية أو لمضامينها، ومع كل حركة فكرية أو دينية أو فلسفية ينشأ النقيض المعارض لها. وهذه إحدى سنن المجتمعات البشرية، ومن الواجب الأخذ به والتعايش والتأقلم معه. وما الصراع القائم في الوقت الحاضر المناهض للعلمانية ما هو إلا شيء طبيعي من قبل القوى الرافضة لها، كما أرى.. لكن على هذه القوى جميعها أن تتحاور وتتساجل فيما بينها ولا تجتث بعضها البعض الآخر.. طالما غابة المعرفة تستوعب الكل: الصالح والطالح. ومن هذه الرؤية يمكن أن ننشط النظرة النقدية لكل الظواهر الاجتماعية ونخضعها للنقد الموضوعي ونبين درجة تطابق واختلاف ماهياتها مع الواقع الموضوعي.. الذي علينا أن ننطلق منه بغية تقويم آراؤنا لتتحول إلى طاقة عضوية في عملية البناء والتغيير. كما أن ظهور نخب شعبوية ورثة، فهو الأخر نتاج طبيعي لماهيات الوجود الاجتماعي ودرجة التبلور الطبقي، إن تعددية الأنماط الاقتصادية والتشابك المعقد بينها وما تفرزه من بناء فوقي يمثل جوهر الإشكالية. كما كانت هنالك عوامل، اغلبها سياسي كما اعتقد، ساعدت على انتشار مثل هذه الأفكار، وذلك عندما استخدم قهر الدولة الاقتصادي وغير الاقتصادي ضد الحركات التنويرية والعلمانية.




#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركات العلمانية في العراق المعاصر ( 2-3)
- حوار عن العلمانية في العراق المعاصر (1-3)
- في رحاب التغيير الجذري وأفقه المستقبلي-حوار
- حوار هادئ مع الباحث عقيل الناصري 2-2
- حوار هادئ مع الباحث عقيل الناصري 1-2
- الفلكلور والنهوض به
- ذكرى رحيل الروح المتصوفة
- عن البناء الديمقراطي في العراق
- سياحة فكرية مع الباحث في القاسمية
- دردشة على ضفاف تموز
- حوار عن تموز وقاسم
- حقائق واسرار الصراع السياسي العراقي في حقبة الخمسينيات
- ما يزال العراق يدفع ثمن إغتيال ثورة 14 تموز
- الانتفاضات الشعبية.. إرهاصات مهدت للثورة الثرية:
- مرثية الرحيل القسري- كامل شياع
- من تاريخية مناهضة الأحلاف العسكرية:حلف بغداد- في ذكرى إنهيار ...
- شخصية عبد الكريم قاسم تمثل شموخ الثقافة الشعبية
- القاعدة الاجتماعية لثورة 14 تموز
- - البيئة والمنطلقات الفكرية لعبد الكريم قاسم: (4-4)
- البيئة والمنطلقات الفكرية لعبد الكريم قاسم: (3-4)


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عقيل الناصري - الحركات العلمانية في العراق المعاصر (3-3)