أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كلنا عملاء لأمريكا.. فمن الوطني إذن ؟!















المزيد.....

كلنا عملاء لأمريكا.. فمن الوطني إذن ؟!


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3108 - 2010 / 8 / 28 - 16:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أكثر ما أكرهه, أن يكتب التاريخ بيد مبغضة يتخطى صاحبها الفضائل, أو بيد مغرمة يتخطى صاحبها العيوب, فيأتي التاريخ, أما عيوب في أغلبه أو محاسن في معظمه, لذا وجب الحذر من قلم المحب ومن قلم المبغض, كلاهما يتحدث بقلبه لا بعقله, والقلب دليل في الحب والكراهية لا حين الكتابة عن التاريخ.
لقد تراشقت الحركات السياسية فيما بينها بتهمة العمالة لأمريكا, الكل اتهم الكل, وأصبحت تهمة العمالة لأمريكا صناعة ثورية بامتياز, وحتى حينما كانت أمريكا ما تزال تخوض معاركها مع الهنود الحمر نجد أن هناك من إتهمها بمسؤوليتها عن أحداث كانت وقعت في الباكستان, رغم إن محمد علي جناح لم يكن قد ولد بعد, ورغم أن غاندي لم يكن قد أسس بعد مدرسة الستربتيز الهندية لمحاربة صناعة النسيج البريطانية.
وليس غريبا بعد هذا أن يأتي اليوم الذي ستتهم فيه أمريكا بمسؤوليتها عن ما جرى في يوم السقيفة, أو عن إغراء اليهود من بني قريضة والنضير بالغدر بالرسول الكريم يوم معركة الخندق.
إن الحركات السياسية العربية وكذلك الكتاب ( المستعجلون ) الذين يقررون بمزاجهم السياسي وأهواءهم الذاتية أو الفئوية شكل الحقائق لا يراعون حقيقة إنهم بذلك يؤسسون لثقافة تسطيحية وتعويمية وحتى تحريفية, ولا يقدرون إن هذه الثقافة ستصبح بعد ذلك كسيف بحدين.
وإن من أخطر ما حققته تلك الثقافة هو غلق الطريق أمام تطور الفكر التحليلي بالاتجاه الذي يجعله قادرا على المساهمة بتزويد العقل العربي بكل ما يحتاجه من لوازم المعرفة لكي تجري بلورة مناهج صحيحة لفهم العالم, وخطط كفيلة ببلورة شخصية سياسية قادرة على معرفة أين تضع قدمها وأي طريق تسلك.
هذه المدرسة, التي تضم تلاميذ ومدرسين بهويات سياسية مختلفة ومتناقضة ومتخاصمة ومتقاتلة, تختلف على كل شيء وتتقاتل على أي شيء, لكنها تتفق على شيء واحد فقط هو إن كل ما جرى في منطقتنا العربية كان من صنع المخابرات الأمريكية, وحتى إن العميل الأمريكي الرسمي وبراتب سنوي مثبت في سجلات المخابرات المركزية ينسى نفسه لبعض الوقت فيتهم غيره بالعمالة لأمريكا.
ومن تلك المدرسة فهمنا أن نوري السعيد كان عميلا بخمسة نجوم, ثم أتى بعد نصف قرن مِن الزمن مَن ينبهنا إلى حقيقة إن نوري السعيد كان وطنيا وبنفس العدد من النجوم, وإن وطنيته كانت من النوع العاقل والرشيد الذي لا يستطيع المتطرفون السطحيون الجاهلون التافهون فهمه, وهكذا صار علينا أن ننتقل من النقيض إلى النقيض دون أية استراحة بين النقيضين.
ولم يتركنا هؤلاء لكي نستريح لوهلة في منطقة نقيض النقيض, حتى أتى من يخبرنا بأن عبدالكريم قاسم أيضا كان عميلا أمريكيا, لأن انقلابه إستهدف إحلال الوجود الأمريكي بديلا للوجود البريطاني. ثم وإذا بالبعثيين الذين انقلبوا على قاسم الأمريكي, الذي كان قد انقلب على نوري الإنكليزي, يفضحون أنفسهم من خلال تصريح قائدهم آنذاك علي صالح السعدي بأنهم جاءوا في قطار أمريكي, وإذا بذلك التصريح يصبح وثيقة الوثائق التي سرعان ما أدرجت كموضوعة رئيسية تدرس في المدرسة الحاقدة على كل شيء يمت بصلة للبعث والبعثيين.
والشيوعيون لم يتركوا هذه الوثيقة الثمينة تسقط من أيديهم, إذ سرعان ما جعلوها تدخل كمادة رئيسية للصفوف المخصصة لهم في تلك المدرسة الثورية المشتركة. أما البعثيون فلم تعوزهم الفطنة, وحينما عرفوا إن ماركس كان يهوديا, وإن هناك يهودا في قيادة الحزب الأممية في موسكو فهم لم يترددوا أيضا بإتهام الحزب الشيوعي بأنه حزبا عميلا للصهيونية بامتياز, وهكذا يكون البادئ أظلم.
وربما يكون عبدالسلام عارف هو الوحيد الذي لم تتهمه تلك الأطراف بالعمالة لأمريكا لأنه عمل اللازم بدون أن يكون عميلا, أما أخيه عبدالرحمن فقد كان نائما, دون أن يدري, في أحضان المخابرات الدافئة التي أحاطته ب (عملاء ) من الوزن الثقيل من أمثال عبدالرزاق النايف وسعدون غيدان وإبراهيم الداوود, ثم جاء ( العملاء ) الجدد بقيادة البكر – صدام لكي يطيحوا بحلفائهم من ( عملاء ) الحضن الدافئ, ولا أدري لماذا استبدلت أمريكا ( عميلا - النايف ) ب ( عميل آخر - صدام ) في فترة ثلاثة عشر يوما هي ذات المدة التي فصلت بين انقلابي السابع عشر والثلاثين من تموز, ثم بعد ذلك أمرت ( عميلها ) صدام أن يزيح ( عميلها ) البكر ثم أمرت (عميلها ) الجلبي, أو هو أمرها, لكي تزيح (عميلها صدام ), وقد كان (عميلها صدام ) قد حارب (عميلها ) الخميني, ثم جاءت بكل جيوشها البرية والبحرية والجوية لكي تلقي القبض على (عميلها ) صدام وترسله إلى المشنقة بحضور ( عميلها ) موفق الربيعي.
وما فاتت العراقيون والإيرانيون فرصة التراشق بالحجارة المخابراتية. إيرانيا أصبح صدام (عميلا) بالولادة, أما الخميني (العميل) فقد انقلب على الشاه (العميل), الذي كان بدأ ينقلب على أسياده الأمريكان, الذين انقلبوا عليه لأنه انقلب عليهم. وبالنسبة للإيرانيين وللكثير من السياسيين الذين يكرهون البعثيين, وفي المقدمة منهم الكثير من الشيوعيون فإن صدام كان قد حارب الثورة الإسلامية بأمر من امريكا, مع إنهم يؤكدون في مقطع آخر من المحاضرة إن أمريكا لم تتأخر عن دعم إيران عدوتها, وقد تأكد ذلك من خلال فضيحة إيران - كونترا, و(الهدف الإسرائيلي كان استنزاف القدرات العراقية التي كانت إسرائيل تعتبرها خطرا عليها ).
وهكذا وبلمسة سحرية يتحول الخميني أيضا إلى (عميل) إسرائيلي لأنه ينفذ مهمة القضاء على الجيش العراقي ( الخطر على إسرائيل ), لكن الأستاذ الكاتب الذي قال بذلك لم يسأل لماذا سمحت إسرائيل ل (عميلها) صدام أن يسلح الجيش من (أصلو) إذا كان هذا الجيش سيشكل تهديدا لإسرائيل ويوجب بالتالي أن تقوم معركة طويلة عريضة للتخلص منه, إنه لم يقل ذلك لأنه كان مشغولا تماما بتوزيع تهمة ( العمالة ) ذات اليمين وذات الشمال.
يا إخوان.. أنا لا أنكر أن هناك (عملاء) لأمريكا, لكني أشدد على الحاجة إلى مدرسة تحليلية سياسية هدفها التعامل مع الحقائق, توصيفها وتشريحها ثم تأسيس نظريات عليها, مدرسة لا تسرع إلى إتهام الخصوم بتهمة العمالة لأمريكا بطريقة عرض بائسة تماما, مدرسة تطرد من صفوفها جميع أولئك الذين يظنون أنفسهم قادة أو كتاب مقتدرين ثم يبسطون الحقائق ويسطحونها ويعومونها بالاتجاه الذي يخدم أغراضهم الشخصية والفئوية دون أن يدركوا إن هذا المنهج هو سيف بحدين.
والسيف بحدين لا يميز بين حامله وعدو حامله.
_______________________
ملاحظة: نسيت أن أدرج اسم السادات (العميل) الذي خلف عبدالناصر (العميل) الذي ثار على فاروق (العميل) فليعذرني الأخوة المصريون عن هذا النسيان غير المتعمد.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من نسأل
- إسلام بدون مسلمين
- الأمريكي المسلم والمسلم الأمريكي
- الأستاذ جاك وجامع قرطبة
- الديمقراطية.. وصواريخ صدام على تل أبيب
- عن الحب والكراهية في السياسة ومقالات الدكتور عبدالخالق حسين
- طائرة إسمها الكويت
- صدام .. كم, مما كان فيك ما زال فينا
- العراق.. النجاح في الفشل
- من إنحرف عن ثورة تموز.. قاسم أم عارف ؟!
- من الذي بدأ القتال بعد الثامن والخمسين.. الشيوعيون أم البعثي ...
- سقوط النظام الملكي وعيوب نظرية الْ.. ( لَوْ ) لقراءة التاريخ ...
- عيوب في قراءة التاريخ....العيب الثاني
- 14 تموز والعهد الملكي.. عيوب في قراءة التاريخ
- المالكي وعلاوي... بين لغة الأرقام ولغة الأحكام
- عبدالكريم قاسم.. ليس بالنزاهة وحدها يحكم القائد ولكن بها يبد ...
- الرابع عشر من تموز ونظرية المؤامرة
- تموز.. حيث الآخر الطيب هو الآخر الميت
- ظاهرة الأسماء المستعارة
- الديمقراطية العراقية.. وهل ممكنا أن تبيض الديكة


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - كلنا عملاء لأمريكا.. فمن الوطني إذن ؟!