أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إسلام بدون مسلمين














المزيد.....

إسلام بدون مسلمين


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3103 - 2010 / 8 / 23 - 18:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إسلام بدون مسلمين
جعفر المظفر
ظن مولانا رجل الدين, أنه اصطاد عصفورين بحجر حينما قال بعد زيارة له لإحدى دول الغرب: لقد رأيت إسلاما لكني لم أرى مسلمين, أما نحن فلم نتوقف لنعرف ما يمكن أن تعنيه قولة سيدنا الفاضل. لقد استهوتنا عبارته فرحنا نرددها كلما أردنا الهروب عن تقديم تفسير حقيقي لفضائل تلك المجتمعات.
شيء ما في داخلنا يرفض أن يعترف بفضائل الآخرين, لأن الاعتراف يعني إننا بحاجة ماسة لمراجعة ثقافتنا: غربلتها, تشذيبها, تعديلها, وحتى تبديل التالف من صماماتها ومن شرايينها الأساسية. إن الأمة هي مخلوق حي بدم وشرايين ودورة دموية لذلك فهي معرضة لأن تصاب بالجلطة القلبية والدماغية تماما كما هو المخلوق الحي.
لقد ذم مولانا الشيخ تلك المجتمعات من حيث حاول امتداحها, فعلى صعيد المضمون شككت قولته بقدرة تلك المجتمعات على إنتاج حالات رائعة من العدالة والتقدم.
على مستوى النيات ربما هو لم يقصد ذلك, وبالنسبة للكثيرين من الذين رددوها بعده كانت النيات بيضاء أيضا, لكن ليس بالنوايا الطيبة وحدها يحيا الإنسان, وبدون العقل الطيب ستكون النوايا الطيبة تعبير عن سذاجة صاحبها.
الحكاية إن سيدنا الشيخ لم يكن مهيأ مطلقا أن يستوعب إن بإمكان ثقافة ما, أودين ما, أن يؤسس لتلك المنظومة الرائعة من التشريعات الإنسانية, ما لم يكن ذلك الدين هو الإسلام.
لا سبيل للتناقض مع مولانا الشيخ وهو يحاول التأكيد على إن الإسلام حالة دين عدالة ومساواة, لكن لا سبيل للاتفاق معه حينما يعتقد بأنه لا يمكن للعدالة أن توجد خارج الإسلام. إن جميع الأديان الأخرى حاولت أن تحل إشكاليات العالم الأخلاقية قبل أن تركز على صيغ العبادات, وقبل الإسلام فإن الأديان التي سبقته, وحتى المناهج الفلسفية التي سبقت تلك الأديان كانت قد تجمعت حول الوصايا العشرة التي أعتبرت وما زالت دين الأديان.
مشكلة رجل الدين المسلم, عدم اعترافه بوجود عالم أخلاقي خارج عالمه, لذا فهو يهرع إلى تقديم تفسيره الدفاعي الذاتي حالما يرى أن ذلك موجود فعلا في عالم خارج عالمه, فلو إنه اعترف إن بإمكان أقوام من خارج الإسلام أن تؤسس لتجارب إنسانية رائدة ورائعة لصار عليه أن يتساءل لماذا عجزنا نحن عن الوقوف على خط البداية.
وسيستدعي هذا السؤال أسئلة يظن إنها قد تفتح الباب لمراجعات أساسية ليس هناك قدرة على الإجابة عليها. مراجعات من شأنها أن تؤسس لنظريات قد تنال من المؤسسة الدينية بدء حينما تحتم عليها أن تدع مال الله لله وما لقيصر لقيصر وترضى بالعودة إلى الجامع تاركة إدارة المجتمع لمن يتمكن على تقديم الأجوبة المقنعة.
وحينما يكون محتما عليه أن يقدم تفسيرا ما فهو لن يتردد عن الصراخ على الطريقة الأرخميديسية.. لقد وجدتها !!, أيها الأخوة.. أتعلمون لماذا هم متقدمون, ولماذا نحن متخلفون ؟! الجواب بسيط أيها السادة, لأن لديهم إسلام بدون مسلمين ولدينا مسلمين بدون إسلام.
بهذا يظن سيدنا الشيخ أنه قد أزاح عن نفسه هما كبيرا حينما أغلق أمام المتسائلين كل إمكانية أن تكون هناك إجابات مفزعة مثل: إذن لماذا لا نراجع أمورنا بكل صراحة, لأنه يعتقد أن تلك ستكون البداية فقط, أما نهايات الحوار فلسوف تبقى مفتوحة إلى الأبد.
لقد رأيت إسلاما لكني لم أرى مسلمين !! ترى هل هناك طريقة للهروب عن الإجابات المطلوبة أفضل من هذه الطريقة ؟!, لا أعتقد.. ومع ذلك فإن هذا الاختراع يجب أن يسجل لصاحبه كونه الأفضل بين مجموعة الاختراعات التي تستهدف تحقيق الطريقة المثلى للمراوغة, وإجابة كهذه هدفها التأكيد على أن العيب فيكم وليس فينا.
إن شيخنا الذي كان قد عاد توا من زيارته لدولة غربية كان يعرف الإجابة الصحيحة, لقد رأى بأم عينيه إن تلك التجربة الحضارية لم يكن مقدرا لها أن تبدأ لو أن رجل الدين المسيحي هو الذي يهيمن على إدارة شؤون المجتمع على مستوياتها المختلفة, ولو إنه غادر كنيسته لكي يجلس في البرلمان, ولو إنهم هناك سمحوا لرجالات الفكر الديني أن يقودوا الحياة السياسية.
لم يقل رجال السياسة الغربيون إن الدين ليس ملائما للمجتمع, كلما فعلوه هو أنهم طلبوا من رجال الدين أن يعودوا إلى قواعدهم سالمين بعد رحلة مضنية أرهقوا فيها الدين نفسه.
وهو يدري تماما إن التحضر كان بدأ حينما أستطاع الغربيون فك التداخل بين الخنادق.
فمتى نفكها نحن ؟!



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمريكي المسلم والمسلم الأمريكي
- الأستاذ جاك وجامع قرطبة
- الديمقراطية.. وصواريخ صدام على تل أبيب
- عن الحب والكراهية في السياسة ومقالات الدكتور عبدالخالق حسين
- طائرة إسمها الكويت
- صدام .. كم, مما كان فيك ما زال فينا
- العراق.. النجاح في الفشل
- من إنحرف عن ثورة تموز.. قاسم أم عارف ؟!
- من الذي بدأ القتال بعد الثامن والخمسين.. الشيوعيون أم البعثي ...
- سقوط النظام الملكي وعيوب نظرية الْ.. ( لَوْ ) لقراءة التاريخ ...
- عيوب في قراءة التاريخ....العيب الثاني
- 14 تموز والعهد الملكي.. عيوب في قراءة التاريخ
- المالكي وعلاوي... بين لغة الأرقام ولغة الأحكام
- عبدالكريم قاسم.. ليس بالنزاهة وحدها يحكم القائد ولكن بها يبد ...
- الرابع عشر من تموز ونظرية المؤامرة
- تموز.. حيث الآخر الطيب هو الآخر الميت
- ظاهرة الأسماء المستعارة
- الديمقراطية العراقية.. وهل ممكنا أن تبيض الديكة
- الدلتا العراقية السياسية... على أبواب أن تغرق
- العراق أفضل بدون حكومة


المزيد.....




- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - إسلام بدون مسلمين