أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - 14 تموز والعهد الملكي.. عيوب في قراءة التاريخ














المزيد.....

14 تموز والعهد الملكي.. عيوب في قراءة التاريخ


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3061 - 2010 / 7 / 12 - 20:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة التاريخ , بعين الود أو بعين الضد, تسير على قدم وساق, الجميع يحاول أن يأخذ هذا الكهل الملتحي المتوكئ على عصاه إلى حيث يريد, ولأن النصف قرن الماضي الذي ابتدأته ثورة الرابع عشر من تموز كان حافلا بالصراعات ومزدحما بالمواجهات ومكتظا بالأحداث الجسام, فإن الإختلاف عليه يصير واردا وطبيعيا وتصير طاقة التاريخ, ذلك الكهل الملتحي, أضعف من أن تتحمله.
في صفحة واحدة, من صحيفة واحدة, بإمكانك أن تعثر على مقالات تعتبر الحكم الملكي هو الأخصب والأنزه من بين كل العهود, مثلما تعثر على رأي نقيض يتهم ذلك العهد وأغلب رجالاته بأنهم كانوا عملاء للاستعمار وطائفيين عنصريين بمستويات لا تقبل الجدل.
وليس من صعوبة سيجابهها الطرفين وهما يقدمان الأدلة على نزاهة العهدين ووطنيتهما, وهل صعبا على أنصار الحكم الملكي أن يؤكدوا على أن جميع الكوارث التي لحقت بالعراق كانت نتيجة دخول العسكر على الخط في الرابع عشر من تموز: وحيث تمت الإطاحة بالمرتكزات الأساسية للدولة المدنية فإن العراق تهيأ بالكامل لكي يكون حاضنة أساسية للدكتاتوريات ومفرخا لها. لكن أنصار الرابع عشر من تموز سوف لن يجدوا صعوبة في تعداد المكاسب التي أتى بها العهد الجمهوري الجديد على الأصعدة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية, وسيرد عليهم أنصار الحكم الملكي إن أكثر المكاسب التي أنجزها العهد الجمهوري كانت قد أدرجت في خطط مجلس الإعمار التي تأسست في العهد الملكي, وبين النزيهين ماليا قد يكون عبدالكريم قاسم سيد الجميع لكن ذلك لا يعني مطلقا إن نوري السعيد لم يكن كذلك, وحتى على الصعيد الوطني فإن انصار الحكم الملكي يدعون إلى تكريس متوازن لمعنى الوطنية, وإذ يكون هناك تشكيك بتبعية نوري السعيد وعمالته للإنكليز فإن أنصاره يدعون إلى فهم ذلك على أساس ما قدمته سياسته تلك من عوامل قوة لحماية وحدة أراضي العراق بوجه أطماع جيرانه الأتراك والإيرانيين.
ومن قول إلى ند, إلى رد على رد, سوف تتحرك رقابنا كبندول الساعة ولن تتوقف إلا بعد أن تصاب بكسر في فقراتها العنقية, أو يصاب صاحبها بخثرة في الدماغ, أو بحَوَلٍ في العينين فلا يعود قادرا على القراءة الصافية. وكأنما لم يكفنا ما لدينا من صراعات تاريخية لم تحسم بعد ومعارك مفتوحة على مصراعيها, منذ يوم السقيفة إلى هذا العهد الجليل, فأضفنا عليها من صراعات المراحل الحالية كل ما من شأنه أن يكفل لها الحداثة والمعاصرة, وحتى تتحول قضية القول إلى الند والرد على الرد إلى غاية قائمة بحد ذاتها وليس إلى صيغة من شانها أن تحقق لنا الاستفادة من دروس الماضي وصولا إلى وطن يقرأ أهله تاريخه بعيون المستقبل لا بعيون الماضي.
فليس عيبا إذن أن نعود لكي نكتب عن أحداث المراحل السابقة: عن الرابع عشر من تموز, وما سبقه وما تلاه, وإنما العيب أن نكتب عنها لغرض أن نحقق من خلال تلك الكتابة انتصاراتنا الذاتية الفئوية كأشخاص وأحزاب, لا انتصاراتنا الوطنية الجماعية كعراقيين. وبعد أن عجزنا عن حسمها على الأرض أردنا أن نحسمها على الورق غير دارين. أو ربما غير مهتمين, أو ربما مستهدفين أن تنتقل تلك المعارك مرة أخرى, بأشكال أخرى, وبأسماء أخرى, وبعناوين أخرى, من الورق إلى الأرض.
ولا لكي نستنتج منها ما يفيدنا على تضييق رقعة خلافاتنا باتجاه خلق وطن يجتمع على الثقافة لكي يجتمع على الجغرافيا, ويجتمع على التاريخ لكي يجتمع على المستقبل.
وأسأل, هل بالإمكان العثور على بلد واحد من البلدان التي تحترم المستقبل وتعمل من أجله من دون أن تكون له (سقيفته) ومعاركة الماضوية الدامية, وهل بالإمكان العثور على بلد واحد حتى من بين تلك التي قطعت أشواطا عظيمة على طريق التقدم والتحضر بدون أن يكون له (شيعته وسنته وكرده وعربه) وذلك على شكل مسلمين وهندوس أو كاثوليك وبروتستانت ومورمون ويهود.
وربما سيزعل علي الأستاذ سيار الجميل وربما ستغضب علي الدكتورة ميسون البياتي لو إذا أعطيت لنفسي حق الفتوى في التاريخ وأنا لست مختصا به, لكنني سأزعم إنني أخوض فيه من خلال بوابة السياسة ولا اخوض في السياسة من خلال بوابة التاريخ, متمنيا أيضا أن لا يثير طريقي هذا, المختصين في دراسة العلوم السياسية الذين قد يجدون ذلك تعديا على اختصاصهم, فأحار بالتالي أي من الطريقين أسلك: طريق التأريخ لقراءة السياسة أم طريق السياسة لقراءة التاريخ.
وأرى من ضمن ما أراه, على ذلك الطريق الشائك: إن إحدى أخطائنا القرائية الكبرى, هو إننا ننحاز بالمطلق, لأننا نكره بالمطلق ونحب بالمطلق, وعلى هذا الاتجاه فإننا نبدأ بفريقين متخاصمين بالمطلق, ولذلك يكون الحوار بيننا حوار على الماضي من خلال التاريخ وليس حوار على المستقبل من خلال نفس التاريخ. حتى يكاد المرء يتصور إن الغرض من الحوار هو الانتصار في الماضي وللماضي وليس لاستخلاص الدروس والعثور على العبر.
ولن أكون مخطئا إذا قلت إن الذي يفعل ذلك هو أحد اثنين, جاهل بامتياز أو مغرض بامتياز. كما لن أخطأ إذا قلت إن القراءة المحايدة للتاريخ هي التي تضع وراءها كلا العاطفتين, وإن تلك التي تبدأ بالحب أو بالكراهية ستكون عمياء عن أخطاء من تحب وعمياء عن حسنات من تكره.
فإن تناولنا عهد نوري السعيد, فسيكون, لمن ضد ذلك العهد, كل ما في ذلك العهد سيئا, وسيكون لمن مع ذلك العهد, كل ما فيه جميلا, وسوف لن يكلف أحد الطرفين نفسه , من معه ومن ضده, ليحكم أولا بنزاهة المحايد وثانيا بوطنية الباحث, لكي يعطي لكل حق حقه ولكي يخرج بنتيجة هدفها أن نقرا التاريخ بعيون المستقبل لا بعيون الماضي. ومن يقرأ التاريخ بعيون المستقبل لا يلغي الاختلاف فيه أو عليه, وإنما يبحث فيه بما يضيق من فرص تكرار أخطاءه وكوارثه.
في حين إن من يقرا التاريخ بعيون الماضي يفعل عكس ذلك تماما.
إن في العهد الملكي مزايا وعيوب وكذلك في العهد الذي تلاه وليس عيبا أن نقرا التاريخ لكي نؤشر تلك العيوب وإنما العيب هو في أن نقراه قراءة مسطحة فنعوم كل ما فيه لصالح من نحب
أو نجير كل ما فيه ضد من نكره.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي وعلاوي... بين لغة الأرقام ولغة الأحكام
- عبدالكريم قاسم.. ليس بالنزاهة وحدها يحكم القائد ولكن بها يبد ...
- الرابع عشر من تموز ونظرية المؤامرة
- تموز.. حيث الآخر الطيب هو الآخر الميت
- ظاهرة الأسماء المستعارة
- الديمقراطية العراقية.. وهل ممكنا أن تبيض الديكة
- الدلتا العراقية السياسية... على أبواب أن تغرق
- العراق أفضل بدون حكومة
- الشيوعيون والبعثيون.. وقضية الرحم الواحد
- مقالة بين مقالتين.. عن الشيوعيين والبعثيين وهل هم أبناء رحم ...
- الشيوعيون والبعثيون.. هل هم أبناء رحم أيديولوجي واحد
- محاولة نظرية لفهم تاريخية القتال البعثي الشيوعي وذلك الذي قد ...
- الحزب الأيديولوجي... نزول إلى الأعلى
- أمريكا.. هل هناك فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين
- بإمكان الوطنية العراقية أن تنتظر قليلا
- العلمانية.. إنقاذ الدين من رجالاته السياسيين
- من الذي يتدخل في شؤون الآخر... العراق أم جيرانه ؟!
- ثقافة اليشماغ... حول رسالة معد فياض إلى مام جلال..
- الديمقراطية وأخطار المثقفين
- الإسلام السياسي أقصر الطرق لتقسيم العراق


المزيد.....




- وزير خارجية إسرائيل: مصر هي من عليها إعادة فتح معبر رفح
- إحباط هجوم أوكراني جديد على بيلغورود
- ترامب ينتقد الرسوم الجمركية على واردات صينية ويصفها -بغير ال ...
- السعودية.. كمين أمني للقبض على مقيمين مصريين والكشف عن السبب ...
- فتاة أوبر: واقعة اعتداء جديدة في مصر ومطالبات لشركة أوبر بضم ...
- الجزائر: غرق 5 أطفال في متنزه الصابلات أثناء رحلة مدرسية وال ...
- تشات جي بي تي- 4 أو: برنامج الدردشة الآلي الجديد -ثرثار- ويح ...
- جدل حول أسباب وفاة -جوجو- العابرة جنسيا في سجن للرجال في الع ...
- قناة مغربية تدعي استخدام التلفزيون الجزائري الذكاء الاصطناعي ...
- الفاشر تحت الحصار -يمكنك أن تأكل الليلة، ولكن ليس غداً-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - 14 تموز والعهد الملكي.. عيوب في قراءة التاريخ