أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مسعود محمد - العمالة نشأتها بالتاريخ وتبريراتها















المزيد.....

العمالة نشأتها بالتاريخ وتبريراتها


مسعود محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3087 - 2010 / 8 / 7 - 17:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقوم لبنان، الدولة والكيان، على صيغة تعايش توافق عليها اللبنانيون باختلاف مشاربهم ومذاهبهم، وهي صيغة تعاقدية توافقية بوجه انساني، تفسح في المجال امام كل المواطنين لتحقيق ذاتهم دون عنصرية أو تمييز، في تنوع اصيل وتكامل متجانس بين بعضهم، في اطار دولة واحدة. ولكن الصيغة اللبنانية لم تنج من خطرين أساسيين، الخطر الأول هو عدم التزام اللبنانيين بما تدعو اليه الصيغة اللبنانية من قيم وبما تقوم عليه من أسس. اما الخطر الثاني فانه يتمثل في ردود فعل المناوئين لهذه الصيغة والمتضررين منها. بكلام ابسط يعاني لبنان من شررين، شرر ابنائه المتفقين على أن لا يتفقوا، وشرر محيطه الشرق أوسطي حيث لا التعددية تناسب اسرائيل العنصرية الداعية الى اعطاء الهوية اليهودية لدولتها، ولا الانفتاح والديمقراطية تناسبان جار لبنان الآخر سوريا حيث الحزب، والرأي، والقائد الواحد الى الأبد والصراع السني العلوي، ومما لا مهرب منه تأثير الجانب الخلافي عند بقية حبات السبحة في المحيط اللبناني على لبنان، وتأمين ذلك المحيط فضاء رحبا للجو الخلافي القادر على قتل روح التعايش وزرع الفرقة والفتنة في المنطقة ككل، فالعراق غارق بخلافاته ، السنية الشيعية الكردية، وتركيا غارقة بصراعها التركي الكردي الأرمني، وهي تحلم باحياء مجد امبراطورية أفل نجمها، متكلة على غطاء ديني قومي يدغدغ الكثير من المشاعر لدى الأمتين العربية والاسلامية عنوانه " القدس " يحجز لها مقعدا متقدما في اللعبة الاقليمية، أما ايران فحلم العظمة دفعها لطمس هوية اقلياتها الكردية والأذرية والسنية ومدت أذرعها الأخطبوتية لزرع الفتنة في الدول المحيطة بها وتثبيت أركان امبراطوريتها المترامية الأطراف لبنان (حزب الله)، فلسطين (حماس)، العراق (شيعة العراق)، اليمن (الحوثيين) أفغانستان، مما سبق نستنتج ان في المدى البعيد لا يستطيع العالم العربي البقاء ببنيته الحالية في المناطق المحيطة بنا، من دون تقلبات فعلية، خاصة بوجود تجمعات من الأقليات والطوائف المختلفة التي يناصب بعضها البعض العداء. مما لا شك فيه أن اسرائيل والدول الاقليمية الأخرى، تعمل بقوة على تطوير التباينان والخلافات فيما بين هذه المكونات المتناقضة، وهي تعمل على لبنان بالذات لضرب النموذج الأقرب لصيغة تعايشية مقبولة، لا يستطيع فيها أي طرف، بأن يلغي الطرف الآخر فيها. بجو من التفكك، بعيد عن الثقة نشأت جزر أمنية لحماية أمن المجتمعات القبلية والطائفية، استفاد منها المحيط لزرع الفتنة من خلالها والعمل على تحقيق أجندات تعود فائدتها بالكامل عليهم، ويقع ضررها بالكامل على لبنان، مما يسهل على المحيط عمله بالداخل هو التباين في الهوية الثقافية، والارتباطات الداخلية بالأجندات الخارجية، ظنا منهم بأن ذلك يؤمن لهم و لمجتمعاتهم الضيقة الأمن والحماية. قبل الخوض بذلك، العريف العام للعميل هو ذلك الشخص الذي قبل بالتعاون مع جهة معادية لجهته، أو جهات تبدي مصالحها الذاتية والأمنية والقومية على مصالح بلدك، وتجعلك وبلدك هدفا لابعاد التصويب عنها، ايا كان شكل التعاون والذي ياخذ غالبا طابعا استخباريا وقد يمتد ليشتمل اعمالا اخرى مختلفة كالاغتيالات والمشاركة في المجهود الحربي و بث الاشاعات وغيرها. التكاثر الطفيلي للعملاء والمتعاونين مع العدو الخارجي والاحتلال الأجنبي ظاهرة ليست عربية حصرا، إنها كونية بامتياز وشهدتها ـ على تفاوت ـ بلدان العالم كافة، وخاصة في حقبة الاحتلال ومعارك التحرر الوطني. كانت فرنسا وكوريا وفيتنام أشهر ساحاتها في الماضي القريب، مثلما أصبحت أنجولا ونيكاراجوا وأفغانستان أشهرها في العقود الأخيرة. حول تاريخ العمالة، ليس هناك تحديد دقيق لتاريخ هذه الظاهرة لكن يمكن ان نقول بكل ثقة انه لا يوجد اقدم منها الا مهنة الدعارة، فهي متجذرة في التاريخ حتى وان كانت تمارس بشكل غير منظم او حتى عفوي، لكن ظهور الاجهزة المنظمة للمخابرات ارتبط بنشاة الدول والصراع بين الحضارات الكبرى. حول التفسير العلمي للعمالة ليس هناك تفسير علمي ونفسي موحد لهذه الظاهرة بل يختلف ذلك من شخص الى اخر وعموما فالعميل لديه عوامل داخلية نفسية تجعله قابلا للخيانة فاذا التقت تلك العوامل مع الظروف المواتية يستسلم الشخص لتلك النزعة ويسقط في فخ العمالة والخيانة ولكن القاسم المشترك الاكبر لاغلب العملاء هو ضعف الشخصية اضافة لنقص الوازع الوطني والأخلاقي، مما يلقي باللوم على ظروف تنشآة الفرد. أما كيفية تجنيد العملاء فيتم ذلك باساليب تتراوح فيما بين الاقناع والترغيب والترهيب.
اسلوب الاقناع:
• اقناع الضحية بعدالة القضية التي سيجند لخدمتها ويستخدم لذلك الغرض الكلام والمواد الاعلامية المصورة والمسموعة.
• اقناعه بانه لا يخون أهله ووطنه بل يعمل على تخليصهم من الحكام الفاسدين .
• اقناعه بانه سيكون في مامن وان للمخابرات القدرة على حمايته.
• اقناعه ان اغلب المجتمع هم من العملاء .
• التشكيك في القيادات الوطنية والادعاء انهم يخدمون مصالحهم الشخصية فقط.
أسلوب الترغيب:
• المال.
• المخدرات.
• الجنس.
• الامتيازات والتسهيلات.

على ان تستعمل الاساليب المذكورة وفق منهجية علمية مدروسة ومنسقة تندرج ضمن مجهود متكامل لاختراق الضحية واسقاطه.
ان سقوط الفرد في العمالة هو في حد ذاته امر مدمر، دون احتساب الاضرار الناجمة عن تعامله مع العدو، فبمجرد موافقته على التعامل مع العدو فانه بذلك قد ابتعد عن الصف الوطني، كما ان انكشاف امره سيضع المزيد من الاضرار التي لا يمكن تفاديها فالعميل لديه عائلة واصدقاء وانكشافه سيجعل المجتمع ينظر الى عائلته واصدقائه بعين الشك والحذر، كأن يهاجم الناس اولاد العميل، وتعييرهم بعمالة والدهم، هذا الأمر في منتهى الخطورة، حيث ان ابن العميل الذي يشعر بالاحتقار من عامة المجتمع يمثل هدفا مثاليا لاجهزة المخابرات، التي قد تستغل شعوره بالحقد على هذا المجتمع لتحويله الى واحد من اخطر انواع العملاء، وهو العميل العقائدي ولذا يجب انتهاج سياسة ذكية بخصوص هذا الملف، من هنا أهمية التعامل مع ملف العملاء في لبنان بذكاء وعلى المدى البعيد، وعلينا الأخذ بعين الاعتبار أن هناك نوعيات عديدة من العملاء، فالعمالة ليست لاسرائيل فقط، بل هي كما أسلفت، التعاون مع جهة معادية لجهته، أو جهات تقدم مصالحها الذاتية والأمنية والقومية على مصالح بلدك، وتستغلك وبلدك هدفا لابعاد التصويب عنها وتحقيق أهدافها.
مكافحة العمالة:
عند الكلام عن مكافحة العمالة فنحن هنا نتطرق الى الوقاية بصورة خاصة.
• التنشاة الصحيحة للفرد والتي تضمن خلوه من المشاكل النفسية التي قد تمهد لوقوعه.
• تقوية التربية المدنية والروح الوطنية بكل الوسائل المتاحة.
• العمل على ايجاد توازن وعدالة اجتماعية حتى لا يشعر احدهم بالتهميش او الحرمان.
• عمل الاجهزة الامنية في الدولة على كشف الاشخاص الذين يسهل اختراقهم والعمل على حمايتهم.
• نشر اعترافات العملاء وقصصهم عن استغلال العدو لهم .
• نشر العقوبات الرادعة التي نالها العملاء المقبوض عليهم لتكون عبرة لكل من تسول له نفسه الخيانة .
• التركيز على اهمية التعليم لانه كلما زاد المستوى العلمي للشخص كلما صعبت عملية ايقاعه .
ازالة آثار العمالة عن المجتمع:
ازالة تلك الآثار تكون بمجموعة من التدابير الوقائية التي تؤسس لحماية المجتمع من الانحدار نحو العمالة، الذين (في قلوبهم مرض) كثر في المجتمعات البشرية، لكنهم ليسوا جميعا عملاء، ولا تذهب بهم أحقادهم والضغائن إلى موالاة العدو والإساءة إلى حرمة الوطن والأهل. هل (الأسوياء) نفسيا وطنيون حكما، أو على الأقل: أليس في جملتهم من يمكن أن يكون عميلا أو لديه القابلية ـ الواعية والإرادية ـ لكي يكون كذلك؟ بحالة خاصة مثل لبنان، هل العمالة هي فقط لاسرائيل؟ هل التعامل مع أجندات خارجية أخرى، وطنية صرفة؟ القضاء على العملاء لا يكون من خلال القيام بتصفيتهم جسديا، بل بابطال مفعولهم وفائدتهم من وجهة نظر العدو لهم، لذلك علينا الحرص الشديد على :
• اجراء تحقيق عادل ومحاكمة عادلة للعميل مع ابلاغ ذويه بمجرياتها في الوقت المناسب (أي أن التحقيق يبقى سريا ولا نعيش الناس على واقع تسريبات وتحليلات يوميه، أقصى ما يمكن أن تقدمه هو فائدة اضافية للعدو لحماية، بقية عناصره) .
• توفير الرعاية المادية والنفسية لذوي العميل مع توفير الحماية لهم (اقتصار تهمة العمالة على العميل وعدم معاملة أهله على انهم عملاء).
• توعية المجتمع بضرورة التحلي بروح المسؤولية وبعد النظر.
• اعادة دمج العملاء التائبين في المجتمع واعادتهم للصف الوطني .
• تغليب المصلحة الوطنية على الروح الانتقامية .
توقيف هذا العدد الكبير من العملاء في غضون عامين فقط في لبنان، يدلنا على أن مكمن الخطر يتلخص في غياب أي اجراءات من شأنها تحصين الساحة اللبنانية في وجه الاختراقات المحتملة للعدو والجيران للساحة اللبنانية، ان ظاهرة العمالة والعملاء هي في نطاق الظواهر الاجتماعية التي تفسر أخلاقيا ـ وسياسيا مع وعي الفارق بين الذاتي والموضوعي فيه، الا أن هذا التفسير يقتضينا الأخذ به، تصحيح نظرتنا إلى الأخلاق الاجتماعية والقيم وإلى دونيتها في سلم مراتب العوامل الاجتماعية على نحو ما هو سائد في الوعي، والتشديد على مركزيتها في تكوين الأفراد والجماعات والعلاقات والمعايير والأذواق في المجتمعات الإنسانية. إن الردع الأمني والقانوني للعملاء ضروري، لكنه غير كافي، تحتاج المجتمعات المصابة بهذا الداء الفتاك إلى مشروع سياسي وثقافي يقوم على التماسك الوطني الذي في بيئته وحدها تنتشر القيم الوطنية ويتشبع بها الناس . مما لا شك فيه ان خريطة توزيع المسؤوليات تلقي بثقلها على السلطة السياسية التي تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عن هذا الواقع المرير في ظل التلهي الدائم بالقشور وصرف جل الجهود على ملاحقة بعض مرتكبي المخالفات والجنح الصغيرة - على اهميتها- فيما يتم التغاضي كليا عن الاختراقات المذهلة للساحة اللبنانية ولا يتم تحريك ملفاتها الا في مناسبات وظروف سياسية محددة.



#مسعود_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفاع عن الاستقلال الوطني
- بين الدولة واللا دولة منطقين
- منطق الدولة ومنطق الميليشيا
- رجل الحوار وتثبيت هوية المرجعية
- مناهضة التعذيب تبدأ بتغيير تربيتنا
- مصير مسيحيي الشرق
- هل هي الفيدرالية لتركيا؟
- أدميت قلوبنا يا حزيران
- ما العمل
- بالأمس علوش واليوم فتفت من يكون غدا
- تركيا والدور الضرورة
- سمير قصير من باريس الى القدس
- يسألونك عن العراق
- خطاب مفتوح الى الرئاسات اللبنانية الثلاثة
- الأول من أيار في ظل الأزمة الاقتصادية
- ما بين جنبلاط و جعجع
- 13 نيسان فيما بين باكستان و لبنان
- بقاء الفيدرالية رهن بوحدة الأكراد
- فيدرالية الطوائف و نظرة اليسار اليها
- شرق المتوسط مرة أخرى


المزيد.....




- في ظل الحرب.. النفايات مصدر طاقة لطهي الطعام بغزة
- احتجاجات طلابية بجامعة أسترالية ضد حرب غزة وحماس تتهم واشنطن ...
- -تعدد المهام-.. مهارة ضرورية أم مجرد خدعة ضارة؟
- لماذا يسعى اللوبي الإسرائيلي لإسقاط رئيس الشرطة البريطانية؟ ...
- بايدن بعد توقيع مساعدات أوكرانيا وإسرائيل: القرار يحفظ أمن أ ...
- حراك طلابي أميركي دعما لغزة.. ما تداعياته؟ ولماذا يثير قلق ن ...
- المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عملية هجومية بالمسيرا ...
- برسالة لنتنياهو.. حماس تنشر مقطعا مصورا لرهينة في غزة
- عملية رفح.. -كتائب حماس- رهان إسرائيل في المعركة
- بطريقة سرية.. أميركا منحت أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مسعود محمد - العمالة نشأتها بالتاريخ وتبريراتها