أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - امين يونس - الإعرابي والمُدير !















المزيد.....

الإعرابي والمُدير !


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3065 - 2010 / 7 / 16 - 12:38
المحور: كتابات ساخرة
    


قصةٌ من التراث جرتْ أحداثها قبل مئات السنين ، حيث وصلَ إعرابي براحلتهِ عند الغروب ، الى نزلٍ على الطريق بين بغداد وسامراء . فأراد ان يقضي الليل ويستريح من وعثاء السفر . كانت في النزل إمرأة جميلة شابة ، فأكرمتْهُ وقدمتْ له الطعام والشراب ، وشربتْ معه الخمر المُعّتق ، ثم لعبا القمار فغلبتْه وربحتْ دراهماً كانت معهُ . وبعدها ناما معاً في فراشٍ واحد . عند الفجر ، نهض الإعرابي وسرق كل المال والمصوغات التي وجدها وأسرعَ بالرحيل قبل ان تستيقظ المرأة . في الطريق فّكر الاعرابي بليلتهِ المنصرمة وكيف انه إقترفَ كل الكبائر والذنوب العظيمة في سويعاتٍ قليلة فقط ، فلقد شرب الخمر حتى الثمالة ، ولعب المَيسر ، وزنى وسرقَ وخانَ ...الخ !.
في معظم دوائرنا الحكومية ، تُمارَسُ جميع انواع الفساد : الفساد السياسي ، المالي ، الإداري .. وكأنها تحولتْ الى مُجمعات للفساد ، ومثل صاحبنا الإعرابي الذي لايحتاج الى كبير جهد او كثير وقت ليقترف كل الذنوب والموبقات ، فلقد فعلها في مكانٍ واحد وفي وقتٍ قصير ! ، كذلك لستَ بحاجة الى البحث والتقصي عن انواع الفساد والأماكن التي تُمارَس فيه والأشخاص الذين يقومون بهِ والكيفية والآلية ، فكل ذلك متوفرٌ وموجود والحمد للهِ في غالبية الدوائر والمنشآت والمؤسسات هنا عندنا ! ، وبما ان الانواع الثلاثة من الفساد مُرتبطة مع بعضها البعض لتُشكل خليطاً كريهاً ، فلا بأس ان نُشير الى نموذج منها ولتضعوا كمامات على انوفكم لتقيكم من الروائح العفنة ! :
بما انه لاتوجد حدود واضحة " ولا حتى غير واضحة " بين الحزب والدولة ، وبما ان المدير او المسؤول الأول "يجب" ان يكون حزبياً مُلتزماً ، فلا ضيرَ إذا إنتفعَ من المال العام او إستفاد من الفُرص التي يتيحها منصبه . ثم الكُل مستفيدون ، فلماذا لايستفيد هو ؟ فهذا فلان الفلاني لم يمضي عليهِ سوى ثلاث سنين عندما استلم الادارة في دائرةٍ أصغر من دائرتهِ وأقل أهميةً ، وقد اشترى مزرعةً كبيرة في اطراف المدينة وبنى فيها قصراً ومسبحاً ! . نعم انها فرصة ذهبية ، لكنه أذكى من هؤلاء الذين يشترون العقارات هنا او يسجلونها بأسماء أقرباءهم ، فهو لم يضع الاموال التي حصل عليها من خلال المشروع الاخير ، لا في البنك ولا في البورصة ، لكنه بهدوء وبلا ضجيج اخذها معه في سفرتهِ الاخيرة الى تركيا واشترى منزلاً جميلاً في ميرسين وسجّلهُ باسم زوجته الجديدة التي لايعلم بها أحد ! ، ومن الطبيعي ان العقود مع الشركات التركية وما تتطلبه من تواصل مستمر ، خير ذريعةٍ للسفر مرتين او ثلاث في الشهر ... كان صاحبنا في طريقهِ الى ميرسين عندما استذكر مثل صاحبنا الآخر الاعرابي ، كيف انه وبسرعةٍ وبراعة إستطاع ان يجمع مبالغ طائلة في السنوات الخمس الاخيرة من الرشاوي والاختلاسات والاستيلاء على المال العام ، وكل ذلك من دون ان " ينطي لَزمة " أي من غير ان يستطيع احد ان يُثبت عليه شيئاً . صحيح انه يرمي الفتات لمساعديه ، لكنه يعلم علم اليقين ان رؤساءه يستولون على اموال اكثر منه ، ويعرف انهم لن يغدروا به كما هو نفسه يدافع بشراسة عن سمعتهم الطيبة ونزاهتهم ... لقد اصبحوا طبقةً قوية لن يستطيع احد كسر شوكتها . ثم مَنْ يتجاسر ويحاسبهم ؟ دائرة الرقابة ؟ كلهم رفاق حزبيون ومصالحهم متشابكة مع مصالحه . هيئة النزاهة ؟ هي الاخرى تابعة لهم . الصحافة والاعلام ؟ فليُجرؤوا ويجربوا حتى ينالوا ما يستحقونه ، إذ ليس عندهم دليلٌ واحد . المهم انه يحضر جميع مجالس التعزية وحتى أحيانا يُصلي في الجامع عندما يكون مزدحماً ، وذلك لكي يوازن بين متطلبات المجتمع ومتطلباتهِ هو ! . فموظفهُ المخضرم أثبتَ انه " سمسارٌ " ممتاز عندما جلبَ الى شقتهِ السرية فتاةً مثيرة لكي تقوم بالخدمة ، فهي تُحّضِر مزاتٍ شهية ورقصها جيدٌ ايضاً !. على كل حال هذا جانبٌ واحد من شخصية صاحبنا المدير المسؤول ، فهو لايُقّصر تجاه عائلتهِ ولا يدعهم يتذمرون من أي شيء ، فسيارتان مع سائقيهما متفرغتان لتمشية امور المنزل والمَدام والاولاد ، وطبعاً العائلة تسافر في السنة مرتين للسياحة والاستجمام الى لبنان او تركيا " بعيداً عن ميرسين !" او ماليزيا ، والعديد من اقرباء زوجتهِ حصلوا على وظائف جيدة او مقاولات مُجزية بواسطتهِ ، الاولاد متفوقون في الدراسة على الرغم من عدم إلتزامهم بالدوام ، انهم أذكياء بالوراثة ، فدرجاتهم فوق التسعين في كل المواد وهم يداومون يومين فقط في الاسبوع ، فكيف إذا واظبوا مثل الطلاب العاديين ؟ صاحبنا المدير الكبير كان غارقاً في افكاره وراضياً عن نفسهِ ، فلقد أثبتَ انه محل ثقة رؤساءه في الحزب والادارة ولقد تعّلمَ الدرس وحفظهُ بل أصبح استاذاً فيهِ : إمدح رؤساءك ومسؤوليك في اية مناسبةٍ سانحة ، بوجودهم او عدمهِ " فحتى في غيابهم هنالك بالتأكيد مَنْ يوصل اليهم كافة المعلومات " ، فكل الكبار مهما كبروا ، فهم يحبون الإطراء والمديح ! . إغمض عينيك وسد اذنيك عن كل ما يفعله مَن هم أكبر منك . كن شديداً على مَنْ هم دونك وكرر عبارات الامانة والشرف والنزاهة عليهم ، وشّخِص الذين تستطيع الثقة بهم وافسح لهم المجال ليستفيدوا " بشرط ان تكون لك حصة الاسد " .
دائرتهُ مُغلقة للحزب في اية انتخابات سابقة او لاحقة ، ولن يذهب أي موظف الى إيفادِ في الخارج إذا لم يكن هو راضياً عنه ، ولن يتقدم ويتدرج في الوظيفة ولن يكون عضواً في اللجان الدسمة مثل لجنة المشتريات إذا لم يكن موالياً له او للحزب او للحكومة او الدولة ، فكُلها شيءٌ واحد في الواقع ! .
ضحكَ في سّرهِ ، انه هو الشخص القميء الذي لم يكن شيئاً يُذكَر قبل عشر سنين ، هو الان ماهو عليهِ من عزٍ ونفوذ وهيبة .. انه الاستاذ ، اينما ذهب يقولون عنه استاذ ! .
الاعرابي المسكين بعقليتهِ المحدودة إقترف الذنوب في ليلة واحدة وسرق المرأة التي آوتهُ ، ثم هرب . اما الاستاذ المدير المسؤول فانه يقترف كل الذنوب والكبائر والموبقات والنفاق في وضح النهار والليل ولسنين طويلة وما زال مستمراً ... وليس فقط انه لم يهرب ، بل ان غالبية المجتمع تنحني له احتراماً وتقديراً !! إذن هنالك خللٌ خطير ينبغي تداركه وعلاجه .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤالٌ وجواب !
- أنتَ مُخلص ...أنتَ مطرود !
- بافرو !
- الكرد في المشهد السياسي العراقي
- مظاهرات البصرة ..بداية الإنتفاضة
- - ألا يُسبب ضرراً للغنم ؟!-
- دُمىً مطاطية لقادة العراق ، لتخفيف الغضب !
- كرة القدم في العراق !
- العدوان التركي الايراني على إقليم كردستان
- الادباء الليبيون يرفضون الجلوس مع العراقيين !
- الرئيس الألماني قال - الحقيقة - !
- لا بُدّ من التفاهم بين الكُرد و -العراقية-
- .. حتى يأكل الرز باللبن !
- - المقارنة - مَصدر كل المشاكل !
- ساعة في الفضائيات العراقية : بارقة أمل
- محافظة دهوك : ضُعف الحِراك السياسي
- إستقالة الساعدي ، هل بدأتْ الإنشقاقات ؟
- حسن العَلوي يأكلُ من كَتفَين
- ألحقيقة
- انقذ العراق يا عمرو موسى !


المزيد.....




- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - امين يونس - الإعرابي والمُدير !