امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3055 - 2010 / 7 / 6 - 18:02
المحور:
كتابات ساخرة
العَم " رشيد " كان يمتلك زوجاً من الثيران الجيدة ، يقوم بأعمال الحراثة في أرضهِ ويُساعد احياناً الآخرينَ أيضاً . وحين بدأت حكومة المملكة العراقية في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي ، بِشق الطريق الذي يربط الموصل بالعمادية ، كان لابد لهذا الطريق ان يَمُر من " سواره توكا " قرية العم رشيد ، فكان من الطبيعي ان يُشارك معظم الفلاحين من اهل المنطقة في الاعمال التي تقوم بها الحكومة من تسوية وتعديل وفَرش المواد ونقل وتكسير الحجر ...الخ ، لاسيما وان الآليات والمكائن ووسائط النقل لم تكن متوفرة آنذاك . وتحت إلحاح أصدقاءهِ وأهلهِ توّجهَ العم رشيد في صباح احد الايام مع أقرانهِ الى العمل في شق الطريق ، وكان عملهم ينحصر في نقل الاحجار الى الموقع ، وذلك بوضعها في وعاءٍ من الخيش يشبه الزنبيل ونقلها على الظهر او الاكتاف مسافة تتراوح بين 60-70 متراً . عادةً كان العامل ينقل ثلاثة الى اربعة احجار في كل مّرة ، أما العم رشيد القوي البُنية وفي أول يومٍ لعملهِ ، فكان يُحّمل ستة او سبعة احجار ويصل قبل العمال الآخرين ، ولا يُضيع الوقت في تدخين سيجارة او الصلاة ركعتين زائدتين اثناء الشغل ! . في العصر ناداهُ مُراقب العمل ودفع له اُجرته لذلك اليوم وأخبره بأن لايأتي الى العمل وانه مطرود ! . إستغرب رشيد وسأله عن السبب ، فأجاب المُراقب : انت تعمل ضعف عمل الآخرين ، وهذا لايناسبنا ، لأن المسؤول عن المشروع إذا شاهدكَ وانت تعمل بكل هذه الجدية وهذا الانتاج ، سوف يطلب من كل الآخرين نفس الانتاجية ، وبهذا سوف يكمل المشروع بسرعة وقبل الوقت المُفترض ، وهذا ما لا نُريده ، ومن الغد لانحتاجك هنا ! . هذه القصة واقعية .
الكثير من " المشاريع " اليوم سواءً في بغداد او اقليم كردستان ، تُدار بنفس عقلية " المُراقب " أعلاه . فبدلاً من تكريم الأكثر إنتاجاً ، وتشجيع المُخلِص والأمين على عملهِ ، وحث الآخرين على الإقتداء به ، نرى في الكثير من المواقع ان النزيه والشريف والمُنتِج ، غير مُرّحَب بهِ ، بل انه مُحارَب ويُدفع دفعاً الى ترك العمل او التعرض لمضايقات وضغوطات مستمرة ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟