امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2996 - 2010 / 5 / 5 - 23:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قال أحد الفلاسفة : ( الحقيقة ) هي إناءٌ فُخاري ضخم سقطَ من السماء فتناثرَ الى ملايين القطع ، التي تبعثرتْ في أرجاء الكون !
الذي يحصل ان هنالك من يجد او يكتشف " قطعة " فيعتقد انه حازَ على الحقيقة كلها ، ويصُر ان آراءهُ هي الوحيدة الصحيحة وكُل الآخرين على خطأ مُبين . أو ان أحدهم يلقى قطعة من الفخار او الخزف المُزيَف ، فيظن انه امتلك الحقيقة بعينها . وكما يبدو فان كُلَ مَنْ يّدعي انه " صاحب " الحقيقة او " يعرف " ها ، فانه واهم ، إذ ان إيجاد الجزء الصغير لا يعني الوصول الى " الكُل ".
المُشكلة ان الطُغاة والمُستبدين يعتقدون ان " الحقيقة " هي ببساطة تعني " القوة " ، وكُلما اُستُخدِمتْ بضراوةْ أشد ، كُلما بانَ جوهرها ، ومن الطبيعي عندهم ان مَنْ يمتلكونها هم الأقوياء وأصحاب الشكيمةِ والبأس . في حين ان الزُهاد والمُتصوفة يظنون ان الحقيقة هي " العدالة " والتقشف والبساطة . بينما يؤكد المتزمتون والمتعصبون ان الحقيقة هي فقط ما يؤمنون به "هُم" من فكرٍ منغلق ، وكُل مَنْ لا يُوافقهم يُعتبر كافراً ومُرتداً يجب مُحاربته . أما أباطرة المال والأغنياء فلا يتوانون عن إثبات ان الحقيقة هي " الثروة " فبمقدار ما عندكَ مِنْ مال تستطيع ان تمتلك وتتلاعب ب " الحقيقة " كما تشاء .
لكل من هذهِ المجاميع مؤيدون ومُريدون ومُدافعون ، ولكن لا أحد منهم يستطيع إقناع الآخرين بانه " يحتكر " الحقيقة . فقط " المُتصوف " الذي يصل الى درجة الاندماج والتوحد مع المُطلق ، بإمكانه ان " يتصور " الإناء الفخاري قبل ان يتحطم ويتناثر الى أجزاء . ولكن هل يوجد متصوفة في زمننا الراهن هذا ؟
أتعجبُ من الذين عندما يتحدثون يكررون : أنا واثق .. اُجزم .. أكيد .. مطلقاً ...الخ ، هل حقاً نستطيع ان نكون " متأكدين " الى هذهِ الدرجة ؟ لا أعتقد ذلك !
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟