|
9/4/2003 يوم ( التحريلال ) !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2968 - 2010 / 4 / 7 - 17:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل " المفاهيم " ثابتة لاتتغير ؟ وهل لها معنى مُحَدد لايتبدل ؟ هل هي قابلة لتحمُل تفسيرات متعددة ؟ هل ان ( التحرير ) من مُستَعمِرٍ مُحتَل هو نفسهُ التحرُر من حاكمٍ مستبدٍ ظالم ؟ بل هل يجوز الإستعانة بجيش دولةٍ اجنبية للإطاحةِ بنظامٍ وحشي ؟ هل بالإمكان التفريط بالإستقلال والسيادة وتحمل تبعات الإحتلال الاجنبي من أجل التخلص من سلطة حكومةٍ مُجرمة ؟ هذه الاسئلة تُراود بإلحاح مخيلة معظم العراقيين ، ولا أعتقد ان الاجابات سهلة او قطعية في مسألة خلافية معقدة ، مثل الذي حدث في 9/4/2003 في العراق ، فإذا نظرتَ الى الموضوع من زاوية ملايين الرازحين تحت حُكم صدام الدموي ومعاناتهم الرهيبة الطويلة ، فانهم يُسمونهُ بلا تردد : تحرير . ولّعلي لا اُبالغ إذا قلت ان الغالبية العظمى من الشعب العراقي في الداخل هّللتْ فرحاً بسقوط الطاغية رغم وجود الدبابات الامريكية في بغداد صبيحة التاسع من نيسان ، ففي فورة الشعور بالإنعتاق والحرية ، لم يلتفتْ أحد تقريباً ، حينها ، الى المخاطر والمساويء المحتملة من جراء تواجد جيشٍ اجنبي بين ظهرانيهم . يُمكن القول ان بضعة آلاف فقط من مجموع العراقيين كانوا في اليوم الاول ضد إسقاط صدام ، وهؤلاء هم من أزلام النظام والبطانة المُقربة من الرؤوس الكبيرة وكلهم من المستفيدين الكِبار والمسيطرين على الاقتصاد والتجارة والمافيات المرتبطة بعائلة صدام . ولكن وبمرور الايام وتراكُم أخطاء المُحتل الامريكي وإزدياد الإستياء والتذمر لدى قطاعات واسعة من الشعب العراقي ، وعدم أهلية الطبقة السياسية الجديدة المتنفذة وتورطها مع الجانب الامريكي في أضخم عملية فساد في العصر الحديث ، كل هذا ادى الى تّحول آراء الكثير من الذين إعتبروا ما جرى في 9/4 تحريراً ، فباتوا يسمونه إحتلالاً . إذا اردنا ان نكون واقعيين ، فان ( المُعارضة ) العراقية السابقة بكل تشكيلاتها المُسلحة والسياسية ، كانت عاجزة فعلاً عن تغيير النظام ، هذه المعارضة التي كانت متواجدة في ايران وسوريا على الاخص إضافةً الى اقليم كردستان الذي كان يتمتع بشبه إستقلال عن بغداد تحت الحماية الدولية . لم يكن للمعارضة نشاطٌ يُذكر داخل العراق خصوصاً وان الاجهزة القمعية للسلطة كانت تسحق اي بؤرٍ تشتَم منها رائحة المعارضة بكل وحشية ، بل انها كانت تقوم دائماً بعمليات إستباقية ليس ضد الذين تثبت عليهم تهمة العمل ضد النظام ، وانما حتى الذين " تشك " في " نياتهم " ! . ان إحتمال قيام إنتفاضة شعبية او ثورة جماهيرية كان شبه معدوم ، لاسيما وان كل جهود السلطة كانت متركزة على تقوية الاجهزة القمعية وتوسيعها وتنويعها بُغية السيطرة على كل مرافق الحياة . أعتقد ان نظام صدام الذي نجح في " إختطاف " الشعب العراقي كأي عصابةٍ محترفة ، وجعله " رهينة " ، يُساوم بها وعليها مع العالم شرقاً وغرباً ، هذا العالم الذي طالما أغمضَ عينيهِ عن الجرائم الكبرى التي إقترفها النظام من أجل " مصالح " اقتصادية وتجارية مشبوهة ، هذا الامر جعلَ قيام حركة شعبية كبيرة ضد النظام شبه مستحيل . ان العراقيين الذين نفذوا بجلدهم في الثمانينيات والتسعينيات وهربوا الى الخارج وخصوصاً الذين استقروا في الدول الغربية المتقدمة ، ورغم تعاطفهم العميق والحقيقي مع شعبهم العراقي ولكن الكثير منهم وتأثراً بأجواء الديمقراطية التي يعيشون بها ، لم يستطيعوا تقدير حجم المعاناة التي يرزح تحتها العراقيون في الداخل كل يوم ، او تناسوا المدى الذي يمكن ان تصل اليه أجهزة القمع البعثية في تجويع وإذلال وتركيع الشعب العراقي ، في سبيل البقاء على سدة الحكم . ثم هل كانت هنالك خَيارات مُتاحة للشعب العراقي لإسقاط النظام من غير الإستعانة بالتدخل العسكري الامريكي ؟ أقولها بكل مرارة ، انه لم تكن هنالك اية خيارات !. نحن العراقيين كنا نُفضِل ألف مرة ان يزول نظام صدام بدون الامريكان ، نعم كنا ضد النظام وضد التدخل الامريكي ، ولكن الاحلام شيء والواقع شيء آخر !. واهمٌ مَنْ يعتقد ان "الشعور الوطني" كان قوياً عند العراقيين ، فأي شعورٍ بالمواطنة يبقى لديك إذا كنتَ وعائلتك وأهلك ، جائعاً خائفاً مُعرضاً كل وقت للإهانة على مدى سنواتٍ طويلة ؟ انهُ ذلك النوع من الحقد المتراكم لدى غالبية العراقيين ضد البعث وصدام والنظام المجرم ، بحيث انهم كانوا " متقبلين " لتدخل ( الشيطان ) مجازاً وليس مجرد أمريكا من اجل إنقاذهم من الجحيم الذي هم فيهِ ! . إذن هل هو "تحرير " أم "إحتلال" ؟ ايها السادة بعد سبع سنواتٍ قاسية مضطربة أليمة ، أعترف بأنني " وربما العديد من العراقيين ايضا " ، عاجزٌ عن الجزم في هذا الأمر ، ربما لقصورٍ في المعرفة ، ربما لتشويشٍ في تفسير المصطلحات والمفاهيم ، فاسمحوا لي بان اُسميه : تحريلال !
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- هروب - إرهابيين من الغزلاني !
-
طارق الهاشمي وخُفَي حنين
-
مستقبل الفيدرالية في العراق
-
أخيراً - غينيس - في بغداد !
-
تحليل نتائج الانتخابات .. دهوك نموذجاً
-
نتائج إنتخابات بغداد .. عجيبة غريبة !
-
نوروزٌ دامي في سوريا
-
أيهما أهَم : المُتنزَه أو الحُسينية ؟!
-
الكرد وبغداد في المرحلة القادمة
-
سائق التكسي والإنتخابات
-
المعارضة الكردستانية والموقف من بغداد
-
حذاري من الغرور
-
النجيفي وحركة التغيير
-
المطبخ السياسي العراقي
-
قفشات إنتخابية
-
لو .. إعتذرَ نوشيروان وطلبَ الصفح
-
الشوفينيون الجُدد في الموصل والحافات الخطِرة
-
الحكومة القادمة برئاسة - رائد فهمي - !
-
الإنتخابات العراقية : محافظة البصرة
-
الإنتخابات العراقية : محافظة دهوك
المزيد.....
-
بعد مرور نحو 24 عامًا على هجمات 11 سبتمبر.. حمض نووي يحدد 3
...
-
اليويفا في مرمى الانتقادات بعد نعي محمد صلاح -بيليه فلسطين-
...
-
حظر السوائل والحقائب.. المسافرون في الاتحاد الاوروبي يتوقون
...
-
ناشطون: حتى المساعدات المتساقطة على غزة أصبحت قنابل قاتلة
-
بن غفير يطالب بإسقاط السلطة الفلسطينية ويصفها بـ-الإرهابية-
...
-
إعلام إسرائيلي: زامير صارم جدا بمعارضته لاحتلال غزة وتبادل م
...
-
4 دول تنضم لبيان غربي يدين خطة إسرائيل لاحتلال غزة
-
كاتس يوجه ببقاء القوات الإسرائيلية داخل مخيمات الضفة
-
بكين وإسلام آباد.. شراكة إستراتيجية تتجاوز السلاح
-
قيس سعيد وحشده الشعبوي يعلنان الحرب على الاتحاد
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|