أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - محمود سلطان، الإعلاميُّ الجميل














المزيد.....

محمود سلطان، الإعلاميُّ الجميل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3062 - 2010 / 7 / 13 - 00:30
المحور: سيرة ذاتية
    


هل يمكن أن يُخطئ المرءُ صوتًا فريدَ النبرة كصوت الإعلامي محمود سلطان؟ وابتسامته الهادئة، تلك التي تطمئنكَ أن مصرَ بخيرٍ مهما حدث، وأن غدَها بالتأكيد أجملُ وأرقى، مادام أبناؤها يسعون إلى ذلك. في طفولتي، قبل أن يستقيم وعيي لأدرك ما يحدث في العالم من أحداث، أحببتُ نشرة الأخبار، فقط عبر صوت محمود سلطان وزينب الحكيم وأحمد سمير وزينب سويدان. غُرِمتُ بالعربية وإيقاعها الموسيقيّ، عبر لسانهم المثقف البريء من اللَّحْن والعَوَج. تمامًا مثلما الآن أنفرُ من ألسن إعلاميين يجهدون جهدًا دءوبًا في تشويه اللغة وتسميم آذاننا بركيك اللفظ، كأنما لم يتلقّوا أوليّات التعليم في طفولتهم! تعلّمتُ من أولئك الكبار أنْ يكفي نطقُك جملةً سليمةً؛ نحويًّا وصرفيًّا، لتطفرَ الموسيقى من ثنايا الحروف، دون الحاجة إلى تفاعيل الخليل وأوزان العَروض. كنتُ، مثل أبناء جيلي، ننتظرُ بشغف تلك المقدمة الموسيقية الشهيرة لبرنامج "عالم الحيوان"، التي تمزجُ نغمات البيانو ورنين إيقاع النُّحاس مع هتاف الوعول وزئير الضواري وصداح الطير. نترك ما بين أيدينا من دُمًى وليدو وشطرنج وصلصال وقصٍّ ولصق، وما تحت عيوننا من ميكي وتان تان والمكتبة الخضراء وألغاز المغامرين الخمسة، نبرح غرفَنا راكضين لنجلس أمام التليفزيون صامتين، لنكتشف مع محمود سلطان، ذلك العالم الأسطوريَّ المدهش في مملكة الحيوان. نؤمن أن ذاك البرنامج لنا نحن الأطفال، رغم عمق المحتوى العلميّ، عبر صوته الذي يكاد يقول: بوسع الكبار أن يُدخلوكم عالمَهم، وأن يدخلوا عالمَكم الصغير ويعيشوا أحلامكم وأفكاركم.
أوحشتني تلك الابتسامة العذبة، وذلك الصوت الذكي. أوحشني الحضور الرصين، والثقافة الموسوعية. أوحشتني الواجهةُ الإعلاميةُ المحترمة التي تقول: مصرُ راقيةً لم تزل. أين محمود سلطان؟ كيف سمحنا ألا "نجبره" على السطوع على شاشاتنا، ولو من باب البرجماتية، لكي نقول للعالم: لدينا إعلاميون محترمون يدركون شرف المهنة ويتقنون فنونها، ويشرّفون الشاشةَ بحضورهم، ومصرُ بعدُ لم تسقط تمامًا في الإسفاف والركاكة. أليس محمود سلطان، وحدَه، بحجم قناة هائلة، رغم خلافنا معها، اسمها قناة الجزيرة؟
والحقُّ أن سلطان ابنُ جيل آمن أن إتقان العمل واجبٌ وعبادة. أولئك أناسٌ اشتغلوا على أنفسهم لكي يصلوا لتلك "المكانة". المكانةُ لا المكان. ليسوا يشبهون مَن يصلون، الآن، إلى "المكان" بالوساطة وهم فقراءُ الوعي والثقافة واللسان. والاشتغالُ على النفس مهمّة عسيرة لا يعرف حلاوتها إلا من اجتهد على نفسه ليصنع منها كيانًا جميلا. شيءٌ يشبه نسيجَ الكانافاه. تطرزّه المرأةُ غرزةً غرزةً لتصنعَ قطعةً من الفن. الاشتغالُ على بناء الدماغ. تدريبُ اللسانِ على سلامة القول، والنفسِ على احترام الآخر، والأُذنِ على الإصغاء، وغيرها من فنون الحضور، التي لم نعد نراها على شاشاتنا.
ما الذي ذكّرني به، وجعلني أبحثُ في دليل هاتفي عن رقمه لأسمعَ صوتَه؟ الحقُّ أنني أتذكّره كلما صدمتني ركاكةٌ على شاشةٍ! ثم انتبهتُ أن هاتفي فقدَ الذاكرةَ إثرَ حادث تكنولوجيّ أليم، وقع قبل شهر! فقلتُ: ليس أقلَّ من تحيةٍ على الملأ. محمود سلطان، وحشتنا! .



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تثقيفُ البسطاء في ثقافة الجيزة
- صديقي المبدع، بهيج إسماعيل
- عبدةُ الزهور الجميلة
- الثالثُ المرفوع، وغير المرفوع
- لأن معي أتعاب المحامي
- أزمة الإنسان واحدةٌ فوق المكان والزمان
- درسُ سلماوي الصعب!
- يوميات قبطي، واحد م البلد دي
- مندور، ابنُ الزمن الجميل
- كتابٌ مخيف من ترجمة طلعت الشايب
- فاروق الباز، أيها المصريّ
- أن ترسمَ كطفل
- سعد رومان ميخائيل يرصّع اللوحات العالمية على جداريات دار الأ ...
- هزْلُهم... فنٌّ
- أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية
- أن تصطادَ عصفورًا من النيل، فأنتَ إذن إبراهيم أصلان
- عاطف أحمد، فنانٌ من بلادنا
- الفنُّ تكسيرًا للصورة النمطية للعرب
- قرطبة مدينة الشعراء والتاريخ المزدوج
- كهاتين في الجنّة


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - محمود سلطان، الإعلاميُّ الجميل