أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - تثقيفُ البسطاء في ثقافة الجيزة














المزيد.....

تثقيفُ البسطاء في ثقافة الجيزة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3061 - 2010 / 7 / 12 - 09:39
المحور: المجتمع المدني
    


يجد المرءُ حرجًا في الإشادة بمسئول جيد، مادام في منصبه. البعضُ يتجنّب ذلك تقيةً من المتربصين على الأبواب ممن سيقولون: ثمة مصلحةٌ للمُشيد لدى المُشاد به، والبعضُ الآخر يتجنبونه امتثالاً لمبدأ "أوكتافيو باث" الذي يطالب المثقفَ بانتقاد الإدارة حتى وإن كانت جيدة؛ طمعًا في مزيد من الجمال. لكنني، على ذلك، أرى أن الإشادة بالجمال حقٌّ وواجب، تمامًا مثل انتقاد القبح، لأن كلا الفعلين يصبُّ في حقل الانتصار للجمال.
واليومَ، وقد ترك الشاعرُ الصديق سمير درويش منصبَه كمدير عام لفرع ثقافة الجيزة، بعد عامٍ من الإنجازات الجادّة الطيبة، يحقُّ لنا أن نقدّم له الشكر والتحية لما قدّمه خلال عهده القصير؛ من توعية وتثقيف الفئة التي هي أحقُّ بالدعم الفكريّ والمعنويّ من بقية فئات المجتمع. فئة البسطاء والمهمشين والأطفال، الذين هم هدفٌ سهل للفكر الظلاميّ، بل والتخريبي أحيانًا، ومن ثَم وجب أن تكون تلك الفئة محطَّ النظر الدائم لكل المؤسسة الثقافية، جماعاتٍ وأفرادًا.
شهدتُ احتفالاً بيوم اليتيم. مائة طفل ربما، على قسماتهم تطفرُ مظاهرُ الحرمان من دفء الأسرة، جاءوا في ثياب المدرسة، حقائبُهم على ظهورهم، يصطفّون، ليحتمي بعضهم ببعضٍ. على إنهم سرعان ما تفاعلوا مع فقرات البرنامج الفنيّ المعدِّ لهم. يحدث هذا ونبتهج لحدوثه. ثم تغمرنا البهجةُ إذْ نعرف أن العاملين بالفرع، وهم موظفون حكوميون مطحونون، جمعوا من مرتباتهم النحيلة ليشتروا هدايا للأطفال علّ الفرحَ يدخل قلوبَهم المسكونةَ بالصقيع. كما وجهوا الدعوة لعدد من الفنانين تطوّعوا ليزرعوا في أرواح الصغار قيمًا ثقافية وفنية، ستنمو بالتأكيد معهم. الشيء نفسه تمَّ مع أطفال معوقين، حظوا بورش فنون تشكيلية يومية، وعروض مسرحية هُم أبطالُها. وفي عيد الأم، احتفلوا بمائة سيدة مسنَّة، ممن بذلن أعمارهن لأبنائهن، طفرت عيونهن بالدمع فيما يتسلمن دروع التقدير التي صنعها درويش وموظفوه بالجهود الذاتية. سألتُه: أليس من دعم ماديّ لأنشطتكم؟ أجاب: لو انتظرنا الدعم لن نخرج من بيوتنا!
أما دُرّة العقد فكانت تلك الاحتفاليات الراقية التي أعدّوها لعمال النظافة، ثم السائقين والكمسارية، في عيد العمال، الذي لم يجعلوه في أول مايو وحسب، بل بسطوه ليشمل جميع أيام السنة. في تلك الاحتفاليات، ظلّ العمّالُ المحتفَى بهم لوهلة متوجسين غير مصدقين أن أحدًا قد اِلتفتَ أخيرًا إليهم، في زمن لا يسلّطُ الضوءَ إلا على ذوي النفوذ! ولا أنسى نظرات الرضا في تلك العيون المجهدة، لحظةَ تسلّمهم هداياهم وشهادات تقديرهم، فيما ينصتون إلى كلماتٍ تثمِّن جهدهم. إن لم تكن رسالةُ الثقافة الأولى الالتفاتَ إلى الهامش الاجتماعيّ، فلا كانت الثقافةُ، ولا كان المثقفون. وبالتوازي مع هذا الخط التثقيفي للبسطاء، اهتم درويش بالتثقيف النوعيّ؛ فأنشأ صالون الجيزة الثقافي وبنى أكشاكًا للموسيقى في الشوارع. وإن كان الشعرُ قد استعاد الشاعرَ من الإدارة، إلا أن الهيئةَ العامة لقصور الثقافة خسرت مثقفًا واعيًا ومديرًا فاعلاً، نرجو أن تعوضنا بمثله في القريب؛ لكي يستمرَ النهجُ الرفيعُ الذي رسّخه، مثلما نرجو أن يمتدَ عطاءُ درويش في منابرَ تنويريةٍ أخرى.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقي المبدع، بهيج إسماعيل
- عبدةُ الزهور الجميلة
- الثالثُ المرفوع، وغير المرفوع
- لأن معي أتعاب المحامي
- أزمة الإنسان واحدةٌ فوق المكان والزمان
- درسُ سلماوي الصعب!
- يوميات قبطي، واحد م البلد دي
- مندور، ابنُ الزمن الجميل
- كتابٌ مخيف من ترجمة طلعت الشايب
- فاروق الباز، أيها المصريّ
- أن ترسمَ كطفل
- سعد رومان ميخائيل يرصّع اللوحات العالمية على جداريات دار الأ ...
- هزْلُهم... فنٌّ
- أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية
- أن تصطادَ عصفورًا من النيل، فأنتَ إذن إبراهيم أصلان
- عاطف أحمد، فنانٌ من بلادنا
- الفنُّ تكسيرًا للصورة النمطية للعرب
- قرطبة مدينة الشعراء والتاريخ المزدوج
- كهاتين في الجنّة
- الشِّعرُ في طرقات قرطبة


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - تثقيفُ البسطاء في ثقافة الجيزة