أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - الشِّعرُ في طرقات قرطبة














المزيد.....

الشِّعرُ في طرقات قرطبة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2992 - 2010 / 5 / 1 - 09:32
المحور: سيرة ذاتية
    


الشِّعرُ لا يحبُّ المَنصّات العالية، ويفرُّ وَجِلاً من القاعات الأنيقة، ويسخرُ ملءَ قلبه من ربطات العنق المُنشّاة، التي ينتعشُ فيها المَوات. الشِّعرُ يحبُّ الحياةَ ويحبُّ الناسَ. تجده في عين طفل يركضُ بفرح وراء فراشة، ثم تتحولُ الفرحةُ في عينيه حَيرةً وقد انتبه إلى غياب أمّه، ثم تتبدّلُ الحيرةُ خوفًا، ثم يتحوّرُ الخوفُ دمعةً تغلّفُ العينَ الوَجْلى، قبل أن تسقط على الوجه الصغير، ثم تعودُ الدمعةُ فرحًا غامرًا وقد لمحَ وجهَ الماما بين عشرات الوجوه البعيدة. يبحث الشِّعرُ عن ذلك الطفل، ويلازمُ تلك العينَ في تحوّلاتها، وما أن يُسلّمه لأمه، حتى يطيرَ بعيدًا لينامَ في غَيمةٍ نائية، أو جناح طائر مكسور، أو ورقة شجر صفراء مَنْسيةٍ، ألقاها الخريفُ بعيدًا عن غصن الشجرة الأم.
لكلِّ ذلك رحبتُ فورًا بالمشاركة في مهرجان كوزموبوتيكا بمدينة قُرطبة الأسبانية. ليس فقط لأنني عزمتُ على السيْر في كلِّ رواقٍ سار فيه ابن رشد، الفيلسوف المشاكس، الذي ضمّه مايكل أنجلو مع مُشاكسي العالم في "لوحة الجحيم" على سقف الفاتيكان، وأسكنه دانتي آليجيري مرتبةَ الجحيم الرابع "الكوميديا الإلهية"، ولا لأنني، كمعمارية، أتوقُ لزيارة مدينة دوّختِ التاريخَ، إذْ كادت أن تكونَ مسلمةً بعدما فتحها طارق بن زياد في ق8، حتى أعادها فرناندو الثالث في ق13 للغرب المسيحيّ، فجمعت بذلك، في تناغم فاتن، بين العمارة العربية والغربية، بل رحّبتُ بالمشاركة أيضًا لأسباب تخصُّ مفهومي عن الشعر.
نجح مهرجانَ Cosmopoética، منذ ميلاده عام 2004، في جعل قراءة الشعر عادةً أصيلةً لدى الناس؛ من شريحة الأطفال إلى المسنّين، مرورًا بكافة خيوط نسيج المجتمع؛ من العمال إلى ربّات البيوت إلى المعوّقين إلى المساجين حتى. وهنا تلحُّ عليّ مقولة أفلاطون: "علّموا أولادَكم الفنَّ، ثم أغلقوا السجون." فالفنُّ ضدٌّ للقبح والجريمة. كان الهدفُ تحريرَ الشعر من صندوقه الضيق الذي تتجمد فيه النخبُ المثقفة، وإطلاق سراحه نحو الأروقة الأكثر حياةً، حيث الشوارع والأزقة والميادين والمدارس والمساجد والكنائس التي تملأ جنبات قرطبة، مدينة التراث العالميّ، كما وصفتها اليونسكو، المدينة التي تمّ اختيارُها لتكون عاصمةً للثقافة الأوروبية عام 2016. لا خيوطَ فاصلةً بين طرائق التعبير لدى هذا المهرجان. لذلك عمل على تذويب الحوائط بين الشعر، والمسرح والسينما والتشكيل والموسيقى والنحت. مثلما أصر على تذويب الجدران بين الألسن، لذلك يدعو كل عام شعراءَ من كافة أرجاء الأرض، إضافةً إلى الشعراء الأسبان. وهذا العام، يشارك شاعران عربيان في دورته السابعة: عباس بيضون من لبنان، وكتابةُ السطور من مصر. وتأتي فرحتي الشخصية في أن إحدى أمسياتي الثلاث في قرطبة كانت في مدرسة ثانوية، إضافة إلى أمسية في معرض الكتاب بقرطبة، وأخرى في قرية اسمها "البئرُ البيضاء". ولكي تجعلَ السماءُ فرحتي غامرةً فقد كان اسم المدرسة Averroes /ابن رشد! فهل أجملُ من أن تقرأ قصائدك على صِبية وصبايا في طور التشكّل، لتعرفَ أين تقفُ قدماك في تِيهٍ عظيم، ومخيف، اسمه: " تيه الشعر".



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاطمة ناعوت والسعي وراء تأنيث العالم
- لهو الأبالسة، وفنُّ القراءة
- هكذا الحُسْنُ قد أمَر!
- ساعةُ الحائط
- سهير المصادفة
- ولكنْ، كلُّنا في الهَمِّ مِصرُ! (2)
- الجنوب كمان وكمان (3)
- أطفالٌ من بلادي
- رسالةٌ من الجنوب (1)
- معرض الجنايني بالأقصر، يمزجُ الشعرَ بالتشكيل
- اطلبوا العِلمَ، ولو في التسعين!
- عِمتَ صباحًا يا -شجيّ-!
- مَحو الأميّة المصرية
- الشاعرة فاطمة ناعوت: أنا اندهش إذًا أنا إنسان
- أكبرُ طفلٍ في التاريخ
- الكرةُ... وعَلَمُ مصر!
- كتابٌ يبحثُ عن مؤلف
- كلّ سنة وأنت طيّب يا عالِم!
- شمعةٌ مصريةٌ ضد القبح
- شابّان من بلادي


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - الشِّعرُ في طرقات قرطبة