أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - اطلبوا العِلمَ، ولو في التسعين!














المزيد.....

اطلبوا العِلمَ، ولو في التسعين!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2936 - 2010 / 3 / 6 - 10:28
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يقولُ المثلُ الإنجليزيّ: Never too late to learn، أي: لم يَفُتِ الوقتُ أبدًا للتعلُّم. ذاك أن لا وقتَ محددًا أو عُمرًا بعينه مخصصٌ ليتعلّم الإنسانُ معارفَ جديدةً أو خبراتٍ لم يخبرها. إنِ الوقتُ المناسب للتعلّم هو كاملُ المدة التي يقضيها الإنسان فوق الأرض، يعني كامل عمره.
وكنتُ أتعامل دائمًا مع هذه القاعدة باعتبارها قاعدةً أجنبية تخصُّ العالم المتقدم، وفقط. أعني دول أوروبا، ودول الشرق الأقصى، ممن نطلق عليها "النمور الصغيرة" لأنهم انطلقوا في عالم التصنيع والتقدم بخطوات نمور وفهود رشيقة واثبة، فاحتلَّوا مكانهم في مصافّ الدول الأولى. لم أعتمد تلك الحكمة البليغة عربيًّا، لأن لدينا، نحن العرب، ميراثًا ضخمًا مضادًّا، يقصر التعلّمَ على المراحل العمرية الأولى للإنسان، في بدايات تكوينه، ويُثني عن طلب العلم في الكِبَر! كأنما المعرفةُ كمٌّ محدود من المعلومات موضوعٌ في حقيبة يفتحها الصغيرُ في سنواته الأولى ليرى ما بها، ثم يغلقها ويرمي بها في النهر! نقول مثلا: "التعلُّم في الصِغَر كالنقش على الحجر، والتعلُّم في الكِبَر كالحرث في الماء!" يعني الأول حفرٌ عميق باقٍ، والثاني زائلٌ يُنسى لا يستقر، مثلما نكتب على سطح الماء بعصا فيزيل توترُ الماء السطحيُّ ما تركناه من علامات على صفحته! ومثل ذلك المَثَل المصري (المحبط) الذي يقول: بعد ما شاب، وَدّوه الكُتّاب!"يعني: أبعدما وَخَطَ الشَّيبُ رأسَه، يودُّ الناسُ أن يذهبوا به إلى الكُتّاب؟! والكُتّابُ مكانٌ يدرس فيه الصغار أصولَ اللغة والقرآن في القرى المصرية، قبل سنّ المدرسة الإلزاميّ.
وكلّ يوم نطالعُ في صحف الغرب أخبارًا وطرائفَ عن عجائزَ غربيين ذهبوا ليتعلَّموا فنونًا ومعارف جديدة. مثل هذه التي جلست على مقاعد الدرس لتتعلم التطريز أو فنَّ تنسيق الزهور وهي في الثمانين، أو ذلك الذي راح، في السبعين، يتدرَّب على رياضة تسلّق الجبال، أو تلك التي ذهبت إلى معهد الموسيقى لتتعلّم العزْفَ على البيانو وعمرها تجاوز التسعين، أو ذلكما الزوجين المُسنّين اللذين قررا أن يجوبا العالم على دراجتيهما، وسواهم الكثير! تلك أخبارٌ نقرؤها وما من دهشة تتملكنا من تكرارها.
لذا كانت دهشتي معادلاً لبهجتي حينما قرأتُ عن الأردنية "فضّة خليل البشتاوي" المولودة العام 1921 في بيسان بفلسطين، حين قرّرت أن تمحو أميّتَها الآن، ولا يفصلها عن التسعين عامًا سوى عام! لتغدو، ليست وحسب أكبرَ طالبة على مقاعد الدرس في الأردن، ولا في العالم العربي، بل في العالم بأسره!
على صفحاتها الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفةُ "الدستور" الأردنية أن السيدة فضة قد التحقت قبل عامين بأحد مراكز محو الأمية في بلدة وقّاص بلواء الأغوار الشمالية بالأردن. وعلى الرغم من سنها المتقدمة، وانحناء ظهرها تحت وطأة السنوات الطوال، إلا أن شيئًا لم يمنعها من طلب العلم الذي حُرمت منه صغيرةً في بداية القرن الماضي.
تقول الجدّة فضة إن حُلمَ القراءة والكتابة لم يبرحها مدى عمرها الطويل، إلا أن ظروفها المعيشية العسرة حالت دون حلمها. ثم صحتْ ذات نهار وقد قررت أن تتعلّم، بعدما زارها حُلم ليل رأت نفسها خلاله تقرأ القرآن. ومع شعاع الشمس التالي ذهبت إلى مركز محو الأمية في البلدة وسجّلت اسمها. في الصباح، تذهب للدرس، ثم تعود البيت عصرًا، فتراجع دروسها مع أحفادها الصغار، وتحضّر في المساء دروس الغد. والآن، وقد أتقنت القراءةَ والكتابة بشكل سليم، تنوي الاستمرار في التعلّم مادام في العمر بقية، ومادامت قادرة على ذلك، ذاك إن نور العلم قد دخلها وتذوقت بهاءه، ولم يعد ممكنًا أن يحجبه عنها شيء. ثم إنها تقوم بدور تنويريّ في مجتمعها الصغير؛ عن طريق تشجيع جاراتها المسنّات على التعلم.
تحية احترام لتلك المرأة العربية التي خَطَتْ بحذائها فوق بعض الأمثال العربية الداحضة للعزم، الراكنة إلى التكاسل مادام العمرُ يركض نحو محطّته الأخيرة، وأعلَتْ، بدلَ ذلك، المثلَ الغربيَّ الذي يحضُّ على العمل والنشاط والمثابرة وطلب المعرفة، مادام في العمر لحظة. Never too old to learn. الرؤية، عُمان



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عِمتَ صباحًا يا -شجيّ-!
- مَحو الأميّة المصرية
- الشاعرة فاطمة ناعوت: أنا اندهش إذًا أنا إنسان
- أكبرُ طفلٍ في التاريخ
- الكرةُ... وعَلَمُ مصر!
- كتابٌ يبحثُ عن مؤلف
- كلّ سنة وأنت طيّب يا عالِم!
- شمعةٌ مصريةٌ ضد القبح
- شابّان من بلادي
- آثارُ مصرَ في مزاد الأثرياء
- ما لن تتعلّموه في المدارس
- وردةُ أنطلياس، عصفورةُ الشمس
- المهذّبون يموتون غرقًا
- اقرأوا تصحّوا!
- انظرْ خلفك -دون- غضب
- كلَّ عام ونحن أجمل!
- حوارٌ متمدِّنٌ في ثماني سنوات
- رجلُ الفصول الأربعة
- اسمُه: عبد الغفار مكاوي
- أولى كيمياء/ هندسة القاهرة


المزيد.....




- اتحاد كرة القدم يحظر مشاركة المتحولات جنسياً في الدوري الانج ...
- دراسة تكشف العوامل الحاسمة في خفض احتمالات العقم عند النساء ...
- الأسيرة الإسرائيلية السابقة ميا شيم تؤكد واقعة تعرضها للاغتص ...
- آلة الحرب الروسية: وراء صنع الطائرات بدون طيار... استغلال لل ...
- الاتحاد الإنجليزي يمنع المتحولات جنسيا من المشاركة في منافسا ...
- استطلاع: تزايد مشاعر عدم الأمان لدى النساء المسلمات في بريط ...
- الضفة الغربية: انطلاق فعالية القدس عاصمة المرأة العربية
- اللبنانية حنين الصايغ: رواية -ميثاق النساء- رسالة محبة للمجت ...
- امرأة تتقدم بشكوى ضد رجل مزق حجابها في فرنسا
- المرأة المغربية ومسألة المناصفة


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - اطلبوا العِلمَ، ولو في التسعين!