أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - الكرةُ... وعَلَمُ مصر!














المزيد.....

الكرةُ... وعَلَمُ مصر!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 00:01
المحور: سيرة ذاتية
    


في كلِّ بلد أوروبيّ تزوره، لابد تجدُ عَلَمَ تلك البلد في كلِّ مكان. مطبوعًا على التي-شيرتات، على ماج الشاي، أو محفورًا على دبابيس تُشبَكُ على صدر الجاكيت، أو في دلاّيات تعلّقها البناتُ على نحورهن، أو مرسومًا على رايات قماشية تنتصبُّ على عصا صغيرة ترفرفُ على مقدمات السيارات، الخ. ومن كلِّ بلد زرتُه اقتنيتُ تذكارا يحملُ رمزَ البلد، عَلَمه. إلا مصر، وطني! بحثتُ طويلا عن علم مصر لأعلّقه في سيارتي، أو أنصّبه فوق مكتبي، ولم أجد. أحنُّ إلى أيام طفولتي الأولى، حين كان علمُ مصرَ يتوسّط وسامًا صغيرًا، في قلبه صورة "بابا جمال"، تشبكه المعلمةُ على صدر ماريول التلميذ المتفوق الذي حصد أعلى الدرجات في الامتحان. لكن جمال عبد الناصر رحلَ، وأنا في عامي الدراسيّ الأول، ورحل معه، لسبب مجهول، اعتزازُنا بعلم مصر! علم أمريكا متوفر في كل مكان، ولستُ أدرى لماذا! كذلك علم فلسطين، التي يعتبرها كل عربيٌّ وطنًا وقطعةً من القلب نازفة. في رأس مقعد سيارتي، أربط كوفيةً باللونين الأبيض والأسود، تنتهي بعلم فلسطين مُطرّزةٌ عليها عبارة: القدسُ لنا". ربما كمعادل موضوعيّ لعلم إسرائيل الذي يرفرفُ بصلفٍ فوق عمارة سكنيةٍ شاهقة أمام حديقة الحيوان، وجامعة القاهرة بحي الجيزة! أودُّ أن أذكّر نفسي دائمًا، لكيلا أنسى، أن ذلك ليس إلا خطأً تاريخيًّا سرعان ما يتبدّل. لكنني لم أجد بعدُ علم مصر!
وشاء الظرفُ السعيد أن كنتُ في طريق عودتي إلى البيت يوم مباراة كرة قدم بين مصر وغانا. وفازت مصرُ بكأس أفريقيا، فوجدتُ آلاف الأعلام في أيدي بائعين من الشباب يجوبون الطرقات بين السيارات في إشارات المرور. فرحتُ واقتنيتُ علما مُشرعًا الآن أمامي فوق مكتبي. لله الحمد!
لكن السؤال يظلُّ مطروحًا. لماذا لا تتأجج حميتُنا الوطنيةُ ويشتعلُ شعورُنا الطاغي بمصر، بالوطن عامةً، وتبرزُ مكانةُ عَلَمه، إلا في مباريات الكرة؟
يقول الخبثاء إن المصريين لا مجال يجدونه للتحقق إلا في مباريات الكرة. لا شيء حقيقيًّا بات يُبهجنا أو يحزننا، يرتفعُ بمعنوياتِنا للسماء، أو يهبط بها للحضيض، إلا الفوزُ أو الهزيمة في ماتش كرة! الناسُ في بلادي مأزومون وتعساء، فقراءُ ومرضى، جهلاءُ مُجَهَّلون، مقموعون ومرغمون على ضرائب لا يدرون من أين يأتون بها، ولا إلى أين تذهب، ثم تأتي كُرة القدم، الساحرةُ المستديرةُ، لتمسحَ كلَّ هذا العناء وتقشّر طبقات ذلك الشظف، فيصيحُ الناسُ من قلوبهم ويهتفون مع ركلة قدم كل لاعب! تضجُّ الشوارعُ بالفرح، ويصخبُ الهواءُ بصوت نفير السيارات هنا وهناك، وتخفقُ أعلامُ مصرَ من نوافذ السيارات والمنازل، ويرتسمُ بألوانه الأحمر والأسود والبيض على وجوه الصبايا، فنعرفُ، نحن من غير المهووسين بالكرة، أن فريقنا فاز في مباراة.
كذلك الحال في الصحف، ليس أكثر مُعدّلا في القراءة من صفحة الرياضة. وأبتسمُ حينما يخبرني شابٌّ بأنه لم يقرأ حوارًا مع محمد حسنين هيكل، أو تحليلا سياسيًّا وفلسفيًّا عميقًا له أو لسواه من الكتّاب الكبار، لأنه، ببساطة، لا يقرأ سوى صفحة الرياضة بالجريدة. أسأله: هل تحبُّ الرياضة؟ فيجيب من فوره: طبعًا، جدًّا! فأسألُ: أيُّ الرياضات تمارس؟ فيضيّق عينيه ويقطّب جبينه ويقول: لا أمارسُ الرياضة، إنما أقصد أنني أحب مشاهدة مباريات الكرة! فأقول له: لكنك هنا تشاهد رجلا يمارس الرياضة، بينما أنت جالس على مقعدك تلتهم رقائق الشيبس والشطائر والمكسّرات فيكتنز جسمك بالشحوم، وتتراخى عضلاتك وتترهّل، فيما تتابع أولئك الممشوقين النشطاء يقطعون الملعبَ كالرماح! المفترض أن تمارس "أنت" الرياضةَ، التي "تحبّها" كما تزعم!
هذا أحد ألوان دائنا العربي الموجع. أكثر المتحدثين عن الفضيلة، لا يعرفونها، أكثر المدافعين عن الحب، لا يتقنونه، أكثر المتحدثين عن الرياضة لم يمارسوها يومًا. الأعلى صوتًا هو الأقلُّ عملا، دائمًا.
ولكنْ، يبقى أن أشكر "الكرةَ" الطيبة، التي حققت لي، أخيرًا، حُلْمَ أن أقتني علمَ وطني! الرؤية العُمانية.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابٌ يبحثُ عن مؤلف
- كلّ سنة وأنت طيّب يا عالِم!
- شمعةٌ مصريةٌ ضد القبح
- شابّان من بلادي
- آثارُ مصرَ في مزاد الأثرياء
- ما لن تتعلّموه في المدارس
- وردةُ أنطلياس، عصفورةُ الشمس
- المهذّبون يموتون غرقًا
- اقرأوا تصحّوا!
- انظرْ خلفك -دون- غضب
- كلَّ عام ونحن أجمل!
- حوارٌ متمدِّنٌ في ثماني سنوات
- رجلُ الفصول الأربعة
- اسمُه: عبد الغفار مكاوي
- أولى كيمياء/ هندسة القاهرة
- المحطةُ الأخيرة
- هُنا الأقصر
- وتركنا العقلَ لأهله!
- لا شيءَ يشبهُني
- طيورُ الجنة تنقرُ طفولتنا


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - الكرةُ... وعَلَمُ مصر!