أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لا شيءَ يشبهُني














المزيد.....

لا شيءَ يشبهُني


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 00:08
المحور: حقوق الانسان
    


الظاهرُ أنني بالفعل بعيدةٌ جدًّا عن الحياة، كما اعتاد أصدقائي أن يقولوا. تشرنقتُ داخل حدود مثلثٍ صلب حادِّ الزوايا غير منفذ للضوء. أضلاعه: بيتي وعملي والكتاب. تقوقعتُ داخل كهفي المثلث فغاب عني أن أتابع التطورات المذهلة المتسارعة التي تجري على أرض مصر وفضائها. لكنني انصعتُ مؤخرًا لنصيحة أصدقائي وبدأت أتابع التليفزيون، بعض الوقت. وأذهلني ما رأيت وما سمعت!
تجد فتاةً وفتى يزعقان بنبرة مَن ملك زمام الأمور قائليْن للجمهور: "أحلامكم كتير وكنوزنا برضو كتير، زي ما عودناكو على الأحلام في عالم الكنوز. 100 جنيه دهب، 100 ألف جنيه 100 لاب توب و100 موبيل... للعثور على الكنز اتصل بينا عشان نحقق أحلامكو وتطلعوا معانا على الشاشة، اتصل هتخسر ايه؟"
ما هذا؟ هل بالفعل عوَّدَنا هؤلاء على الأحلام؟ ثم على تحقيقها باتصالات تليفونية؟ هل صار من اليسير استلاب العقلية المصرية واستنزاف جيوب أبنائها بتلك الخدع الساذجة؟ العقليةُ المصرية التي أنجبت مصطفى مشرّفة، وزكي نجيب محمود، وطه حسين، وأحمد زويل، والبرادعي، وسهير القلماوي، ومجدي يعقوب، وسواهم العديد من عقول أدهشت العالم! لاحظوا أنني أتكلمُ عن أمجاد اليوم والأمس القريب، ولم أعرض لحضارتنا الفرعونية التي زلزلت أركان الأرض، كي أقطعَ الطريقَ على أعداء الكلام عن الماضي وأمجاده المندثرة. هذه الحيل الساذجة قد تُغري بعض إخواننا أولئك الذين دبّتِ الثرواتُ فجأة في جيوبهم بضربة حظ جيولوجية، فأدمنوا الرِّهان على المصادفات. لكن المصريَّ صانعُ حضارة، يزرعُ طعامَ يومه بفأسه، ويخبز خبزَ أولاده بيديه، ليس ابنَ مصادفةٍ أو ضربةِ حظ، فلمَن يتوجه هؤلاء المُعْلِنون؟!
قال محمود درويش عن مصرَ والمصريين: "أنا ابنُ النيل، هذا الاسمُ يكفيني/ ومنذ اللحظة الأولى تسمّي نفسَك "ابنَ النيل" كي تتجنبَ العدمَ الثقيل/ هناك أحياءُ وموتى يقطفون معًا غيومَ القطن من أرض الصعيد/ ويزرعون القمحَ في الدلتا/.../ هل عرفت الآن نفسَك؟ مصرُ تجلسُ خلسة مع نفسها/ لا شيء يشبهُني."
ثم تقف امرأة فاتنةٌ ممشوقة القدّ، مُنتقاةٌ بعناية لحُسنها، لتشدو: "أنا راح أغني كليب/ كله كلام مغلوط/ وانتوا تقولوا أوام/ الاسم المظبوط/ أنا مش شوقية/ أنا حمدية أنا شكرية/ أنا حلوة ومهلبية/ أنا باعرف أعمل ملوخية...، اتصلوا بنا وقولوا اسم الأغنية تكسبوا ألف دولار."! ثم يأتي "خط الفرفشة"! "اتصلْ برقم كذا تسمع أحلى نكتة! خط الفرفشة عملناه مخصوص علشان تضحك وتريّح بالك." !!!
والسؤالُ لا يبرحُني: مَن يخاطِبُ هؤلاء؟ المصريون؟ معقول؟ وكيف سمحت وزارةُ الإعلام بهذا الرِّخَص والتدنّي والاستخفاف بالعقل المصري والاستهانة بوعيه وعقله؟ أرفعُ، عبر مقالي هذا، مطلبًا مباشرًا لوزير الإعلام المصريّ أن يحظر إذاعةَ كلِّ تلك الإعلانات الركيكة، وكلِّ إعلان يستخفُّ بوعي المواطن المصري ويعمل على تفريغ روحه وثقافته. وفي المقابل يجب عليّ أن أشيد بالفقرات التنويرية التي تعمل على إذكاء وعي الناس بحياتهم مثل تلك التي تحثًُّ الشباب على مساعدة كبار السن، أو على الاجتهاد وتحقيق الأحلام بالعمل، أو تحديد النسل المنفلت، الخ.
يقول هتلر في كتابه الداهية "كفاحي": "الدعايةُ على جانب عظيم من الأهمية، فهي أداةٌ لتنوير الأذهان من جهة، ولخداع من يُراد خداعهم من جهة ثانية. وهنا "يجب أن تتوجه الدعايا إلى حواس الشعب لا إلى عقله."
لابد أن من صمّم إعلانات كهذه قد قرأ هذا الكتاب، خاصة مبدأ التكرار الذي يقول: "بثُّ الأفكار التي تُنقشُ في ذاكرة الناس بالتكرار." لكن هتلر العنصريَّ كان قد اعتبر أن كلَّ الجماهير في العالم، عدا الآريين الألمان، من السوقة والرعاع الذين يجب سَوْسُهم والسيطرةُ عليهم، أو حتى إبادتهم إن كانوا يهودًا. ذاك أن البشرَ، وفق هتلر، ثلاثةُ أقسام. صانعو ثقافة، وهم الجنس الآري أي الألمان، مستهلكوا الثقافة؛ مثل اليابانيين، ثم مدمري الثقافة؛ مثل اليهود والزنوج. فيا تُرى أي قسم من تلك الأقسام يرانا منتجو هذه الإعلانات، نحن مشاهديها المصريين؟ - جريدة "المصري اليوم" 9/10/09







#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيورُ الجنة تنقرُ طفولتنا
- المرأةُ، ذلك الكائنُ المدهش
- مصنعُ السعادة
- شباب اليوم يعاتبون:وطني حبيبي الوطن الأكبر
- سور في الرأس، سأسرق منه قطعةً
- التواطؤ على النفس
- حاجات حلوة، وحاجات لأ
- التخلُّص من آدم
- بلال فضل، وزلعةُ المِشّ
- الثالثُ -غير- المرفوع
- كريستينا التي نسيتُ أنْ أقبّلَها
- أعِرْني عينيكَ لأرى العالمَ أجملَ
- أنا عيناك أيها الكهلُ
- التردّد يا عزيزي أيْبَك!
- قطارُ الوجعِ الجميل
- بوابةُ العَدَم
- الشَّحّاذ
- الإناءُ المصدوع
- الملاكُ يهبطُ في برلين
- ناعوت: الإبداع العربي الراهن فرسٌ جموح والحركة النقديّة عربة ...


المزيد.....




- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - لا شيءَ يشبهُني