أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فاطمة ناعوت - كتابٌ مخيف من ترجمة طلعت الشايب















المزيد.....

كتابٌ مخيف من ترجمة طلعت الشايب


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3014 - 2010 / 5 / 25 - 10:51
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لعبة أمريكا والشرق الأوسط منذ 1945
كتابٌ "مخيفٌ" آخر يضيفه المترجمُ والمثقف المصريّ الكبير طلعت الشايب للمكتبة العربية. بعد كتابين مخيفين آخرين قدمهما قبل سنوات ضمن العديد من مؤلفات الشايب وترجماته الفكرية والأدبية الأخرى. كتابان كان لهما أن هزَّا ثوابتَ كانت قارّةً في قلوبنا، وأربكا يقينًا كان يحمي معارف ومعلوماتٍ تنام ملء جفونها داخل أرواحنا، وخلخّلا، في أذهاننا، مكانةَ كُتّاب وأدباء وفنانين كبار، كنا نعتبرهم أيقوناتٍ أدبيةً وطواطمَ قِيَميةً عابرةً الزمانَ والمكان. الأول كتاب "المثقفون"، تأليف بول جونسون، والثاني كتاب البريطانية الشابة (مواليد 1966) فرانسيس ستونر سوندرز، الذي صدر عام 1999 تحت عنوان "مَن الذي دفع للزمّار"، ثم في طبعته الأمريكية "الحرب الباردة الثقافية"، عام 2000، ثم ليصدرَ بمصرَ في ثوبه العربيّ بترجمة الشايب القيمة عام 2003، وينفد في طبعاته الأربع، عن المركز القومي للترجمة. عرّفنا الكتابُ على مشروع "مارشال"، الذي تبنّته أمريكا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، في محاولة منها لتشدين صفوف مناصرة لمشروعها نحو الهيمنة على العالم، في مقابل مناهضة الفكر الشيوعيّ الذي ظلّ يسيطرّ، روحيًّا، على كثير من دول العالم آنذاك. لعبت المخابراتُ الأميريكية CIA، دورًا غير نبيل في صراعها مع الاتحاد السوفيتيّ لصياغة الحياة الثقافية والفنية في الغرب، ليس فقط عن طريق تقديم مساعدات اقتصادية للدول الأوروبية لئلا تسقط في شَرَك الأحزاب الشيوعية، بل بتوسّلها الأساليب الثقافية والقوى الناعمة؛ السينما، الكتب، الغناء، الخ، والأسوأ، عن طريق تجنيد نُخَب أدبية وفكرية وفنية ذات ثِقل عالميّ لضخّ الفكر المناوئ الفكر السوفيتي في عقول العامة. تهاوت أمام عيوننا قاماتٌ فكرية سامقة، حتى وإن علمنا أن بعض أولئك الأدباء كان يؤدي دوره التعبويّ دون أن يدري أنه مُجَّند في حرب باردة تعمل على كسب العقول لمحو ما بها، تمهيدًا لخطّ مدونات جديدة تصبُّ في صالح النموذج الأمريكيّ الذي رسمته الولايات المتحدة لنفسها بالهيمنة الثقافية على منابر الكتب والفن والموسيقى والسينما، وحتى كتب الأطفال لم تنجُ من تلك التعبئة الخفية.
الكتابُ "المخيف" الجديد هو الطبعة الثالثة (المنقّحة) من كتاب "الاستشراق الأمريكي"، تأليف الأمريكي دوجلاس ليتل، وصدر بالعربية مؤخرًا عن المركز القومي للترجمة في ترجمة طلعت الشايب في أكثر من 700 صفحة من القطع الكبير. افتتح الشايب الكتاب بعبارة مخيفة قالها هيرمان ميلفيل. وهذا "صنمٌ" آخر يتهاوى في روحي. فلم أكن لأصدق أن صاحب "موبي ديك"، الرواية التي أربكتني بجمالها وشجوها، يقول: "نحن الأمريكيين متفرّدون وشعبٌ مُختار، إننا إسرائيلُ زمانِنا، نحملُ سفينةَ حرياتِ العالم، لكَمْ تشككنا في نظرتنا إلى أنفسنا ولطالما ساوَرَنا سؤالٌ عمّا إذا كان المسيحُ السياسيُّ قد جاء، ولكنني الآن أقول إنه قد جاء متمثّلاً فينا نحن، ولا يبقى سوى أن نعلنَ خبرَ مجيئه."!!
يقدم الكتابُ، حسب المؤلف الأمريكي اليساريّ، "فرصةً لاستكشاف الخطأ في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في الفترة من سبتمبر 2001 إلى سبتمبر 2007". ويروي تاريخَ وتفاصيل العلاقة الملتبسة بين الولايات الأمريكية والشرق الأوسط منذ عام 1945، بعدما حطّت الحربُ العالمية الأخيرة أوزارها. عن الصورة النمطية لمفهوم مصطلح "الاستشراق". وكيف أن المفهومَ الاستشراقي في القرنين الثامن والتاسع عشر رسم لليهود والمسلمين صورةَ المتخلّف المتعصّب المُخادع غير الموثوق به، وإنهم/ وإننا هكذا بالفطرة والجينات التي لا مجال لتغييرها. وظل هذا المفهوم المُعادي للسامية والإسلام، في آن، سائدًا وقارًّا حتى العام 1900. ثم جاءت محرقةُ الهولوكوست النازية ومشاريعُ "الحل الأخير" لإبادة اليهود لتُخفِتَ الروحَ المعادية للسامية وتعيد رسم صورة جديدة لليهود لدى العقل لجمعي للعالم، بوصفهم شعبًا مأزومًا مضطهدًا مغلوبًا على أمره، فانتقل بذلك من خانة "المتخلف الهمجيّ" إلى خانة "الضحية الضعيفة"، بجرّة قلم، ليبقى المسلمون والعربُ وحدهم في ذلك المربع الملعون. وبالتالي تمَّت "غربنة" اليهود، و"شيطنة" المسلمين.
يتكون الكتاب من تسعة فصول، تناول الأولُ المفهومَ الاصطلاحي لكلمة "الاستشراق" على النمط الأمريكي، وصورة الشرق الأوسط في عقل أمريكا، ومحاولاتها أمركة الشرق الأوسط، والصراع العربي الإسرائيلي (48-67)، ثم الصورة القبيحة التي تكونت في ذهن الأمريكان عن العرب بوصفهم وحوشًا إرهابيين منذ جريمة منظمة "أيلول الأسود" في ميونخ عام 72، وحتى عاصفة الصحراء أوائل التسعينيات. ويتناول الفصل الثاني قيمة النفط بوصفه ضرورةً حيوية في السِّلم وسلاحًا جبارًا في الحرب. وعن مطامع أمريكا في نفط الشرق الأوسط وبنائها سياساتها انطلاقًا من مصالح البترول والهيمنة على منابعه. أما الفصل الثالث فيتناول العلاقة بين أمريكا وإسرائيل التي بدأت بحال نفور وكراهة، لتتطور مع السنوات إلى علاقة حميمة تتوجّها عروة وثقى تربط بين مصيريهما، وهل منشأ تلك العلاقة دينيٌّ أم استراتيجيّ. ويحكي الفصل الرابع قصة المبادئ الأربعة التي رسمت تاريخَ العالم الحديث: مبدأ ترومان، مبدأ إيزنهاور، مبدأ نيكسون، ثم مبدأ كارتر. ويسلط الفصل الخامس وعنوانه "تعاطفٌ مع الشيطان"، الضوءَ على الحقبة الناصرية في مصر والمنطقة العربية ومحاولات النهوض بالقومية العربية. فيما يناقش الفصل السادس فكرة تحديث حكومات الشرق الأوسط من المنظور الأمريكي، في العراق وليبيا وإيران، والثورات الدموية والبيضاء التي اجتاحت المنطقة. ويتناول الفصل السابع محاولات أمريكا التخلص من أعراض حرب فيتنام، والحروب المحدودة التي انتهت بجورج بوش وحرب الخليج. ويطرح الفصل الثامن محاولات أمريكا لإرساء عمليات سلام بين العرب وإسرائيل، التي انتهت بمعاهدة كامب ديفيد وما أعقبها من تداعيات. أما الفصل الأخير فيطرح تصارع العقائد وفكرة الإسلام الراديكالي والطريق نحو مأساة الحادي عشر من سبتمبر التي سنظل ندفع ثمنها إلى أن تقوم الساعة، ومقايضات النفط والأرض والسلام، لينتهي الكتابُ بالمفهوم الجديد للاستشراق في نهاية القرن العشرين.
أجمل ما في هذا الكتاب الضخم، والأكثر ثراءً، هو تلك الملاحق التي أضافها المترجمُ لكتابه، حتى لتُعتبر تلك الملاحقُ موسوعةً متكاملة ومرجعًا مهمّا لكل راغب في الإبحار عميقًا في أزمة العرب والغرب الأبدية. فبالإضافة إلى الهوامش والببلوجرافيا التي وضع فيها الشايب مسردًا شاملا بالإنجليزية لكافة أسماء الأعلام والأماكن والمصطلحات والاختصارات، كذلك أسماء رؤساء أمريكا منذ عام 45، لكي يسهّل على الباحثين مهمتهم، أورد المترجمُ الفقرات الكاملة التي اقتبس منها المؤلفُ من كتاب "فلسفة الثورة"، كذلك النص الكامل لقرار تأميمي قناة السويس، وتعليق عبد الناصر على تهديد أمريكا بوقف المعونة، وخطاب السادات التاريخيّ في الكنيست الإسرائيلي، وكذلك خطاب أوباما في جامعة القاهرة 2009. كذلك يقدّم الشايب تصحيحًا لترجمة الفقرات التي اقتبسها المؤلف من قصيدة أدونيس "قبر من أجل نيويورك" التي اعتمد فيها المؤلف على ترجمة مغلوطة للقصيدة تحت عنوان "جنازة نيويورك" نُشرت في "نيويورك تايمز" يونيو 2002. هذا بالإضافة إلى المقدمة القيمة التي كتبها المترجم ويطرح فيها رؤية موضوعية حول طبيعة الأزمة العربية الأمريكية. هذا كتابٌ من الضخامة والثراء والشمولية المعرفية بحيث لا يجوز معه عرضٌ أو تقديم أو نقدٌ أو دراسةٌ، وليس من بدٍّ من قراءته. المصري اليوم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاروق الباز، أيها المصريّ
- أن ترسمَ كطفل
- سعد رومان ميخائيل يرصّع اللوحات العالمية على جداريات دار الأ ...
- هزْلُهم... فنٌّ
- أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية
- أن تصطادَ عصفورًا من النيل، فأنتَ إذن إبراهيم أصلان
- عاطف أحمد، فنانٌ من بلادنا
- الفنُّ تكسيرًا للصورة النمطية للعرب
- قرطبة مدينة الشعراء والتاريخ المزدوج
- كهاتين في الجنّة
- الشِّعرُ في طرقات قرطبة
- فاطمة ناعوت والسعي وراء تأنيث العالم
- لهو الأبالسة، وفنُّ القراءة
- هكذا الحُسْنُ قد أمَر!
- ساعةُ الحائط
- سهير المصادفة
- ولكنْ، كلُّنا في الهَمِّ مِصرُ! (2)
- الجنوب كمان وكمان (3)
- أطفالٌ من بلادي
- رسالةٌ من الجنوب (1)


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فاطمة ناعوت - كتابٌ مخيف من ترجمة طلعت الشايب