أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - فاطمة ناعوت - أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية














المزيد.....

أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 15:29
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


هذه طفلة. لنَقُلْ اسمُها "فرح". تتكسّر كراتُ دمها الحمراء. لن تعيشَ لو لم تجد كيسَ دمٍ يُضَخُّ إلى جسدها الشاحب. وهذه أمها. ليكن اسمُها "زهرة". شابةٌ من عمرنا. لا يزورُها النومُ إلا غفواتٍ خاطفةً حين يهدُّ الجسمَ التعبُ، تختلسها أثناء النهار، بينما "فرحُ" تركض أمامها وتلهو. أما في الليل، فالنومُ يتأدبُ ويهجرُ مضجعَ الأمِّ، كي تؤدي المهمةَ التي كتبتها السماءُ عليها سنواتٍ طوالا، كأنها إحدى بطلات الإغريق نذرتهن الآلهةُ لعذاب أبديّ. لابد أن تذهب "زهرة" إلى فراش "فرح" عشر مرات في الليل لتتأكدَ أن الصغيرةَ مازالت على قيد الحياة. خلال النهار، تظلُّ "زهرة" تفكر في أولئك النبلاء الخمسة اللذين يتبرعون لفرح بدمهم كلَّ ثلاثة أسابيع. أتراهم جاهزون اليوم؟ أتراهم يستمرون على نبلهم، فيمدون خيطَ الحياة لصغيرتها الجميلة؟ ترى هل سيقاومُ جسدُ فرح النحيلُ تلك الأنيميا ويصمد حتى تصل العشرين من عمرها، فتعبر، نسبيًّا، جسرَ الخطر؟ ألفُ "تُرى" تصطخبُ في رأس "زهرة"، إلى أن تصطحب "فرحَ" إلى أحد فروع "رسالة"، فتجد كيسَ الدم في انتظارها. يُضخُّ في الوريد الضامر فينتعشُ على الفور الجسدُ الواهنُ، وتهدأ وساوسُ الأمّ. لن يعاودها القلق قبل أسابيع ثلاثة، من الراحة والاطمئنان الجزئي.
لا أعرف طفلةً اسمُها "فرح"، ولا أمًّا اسمُها "زهرة". لكنني عرفتُ بالأمس عشرات الـ"فرح" تتعلّق قلوبُ أمهاتهن بخيط رهيف من الأمل، تجدلُه وتقوّيه جمعيةٌ خيريةٌ مصريةٌ محترمة اسمها "رسالة."
احتفاءً بأطفال مصر المرضى، في اليوم العالميّ لأنيميا البحر المتوسط (8 مايو من كل عام)، وقفتُ على منصّة قاعة "الحكمة" بساقية الصاوي، فشعرتُ بأنني محاطةٌ بثلاثة أعمدة من الجَمال. "رسالة"؛ عمودُ الجمال الإنسانيّ والروحيّ على أرض مصرَ الطيبة. صنعه مصريون متطوعون آمنوا أن بوسعهم حفر جداولَ وقنواتٍ من الحب والنبالة في الأرض الجدباء، دون انتظار معونة من حكومة أخفقت في حبّ شعبها ولم تعمل يومًا على تخفيف أوجاعه، بل تزيدها إن استطاعت! ثم عمودُ الجمال التنويريّ الثقافيّ، تمثّله "ساقية الصاوي". ذلك الصرح الضخم الذي نجح في أن يكون وزارةَ ثقافة أهلية راقية ونشطة. الأنشطةُ التي تقدمها الساقيةُ في أسبوع تفوق ما تقدمه في شهور أنشطُ وزارة ثقافة في كبريات الدول. قصيدةٌ شعريةٌ رفيعةٌ أن تتحوّلَ أرضٌ خربةٌ، أسفل كوبري مايو، يلقي فيها المارةُ نفاياتهم، إلى بؤرة إشعاع ثقافيّ مدهشة تبثُّ نورها في كلّ صوب. أما عمود الجمال الثالث فهو "الأطفال"، وهل أنقَى جمالاً من وجوههم، وأصفى ضوءًا من بسمات عيونهم!

تحدّث الأطباءُ المتطوعون عن حتمية إنقاذ أولئك الأطفال المأزومين الذين يحتاجون إلى دم مصريّ لا تقدر أن تصنعه أعقدُ معامل الكيمياء. متوفر، وحسب، في شرايين أهل الخير. يُفيد التبرعُ به المتبرِّعَ ويجدد خلاياه، وينقدُ المتبرَّعَ له من الموت. وتحدثتُ عن جمال المصريين الذي لا ينضب. ورقص الأطفالُ مطمئنين أن أرواحَهم البريئةَ معلّقةٌ في أيدي مصريين شرفاء، لن يخذلوا حقَّ أطفالهم في الحياة. المصري اليوم



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أن تصطادَ عصفورًا من النيل، فأنتَ إذن إبراهيم أصلان
- عاطف أحمد، فنانٌ من بلادنا
- الفنُّ تكسيرًا للصورة النمطية للعرب
- قرطبة مدينة الشعراء والتاريخ المزدوج
- كهاتين في الجنّة
- الشِّعرُ في طرقات قرطبة
- فاطمة ناعوت والسعي وراء تأنيث العالم
- لهو الأبالسة، وفنُّ القراءة
- هكذا الحُسْنُ قد أمَر!
- ساعةُ الحائط
- سهير المصادفة
- ولكنْ، كلُّنا في الهَمِّ مِصرُ! (2)
- الجنوب كمان وكمان (3)
- أطفالٌ من بلادي
- رسالةٌ من الجنوب (1)
- معرض الجنايني بالأقصر، يمزجُ الشعرَ بالتشكيل
- اطلبوا العِلمَ، ولو في التسعين!
- عِمتَ صباحًا يا -شجيّ-!
- مَحو الأميّة المصرية
- الشاعرة فاطمة ناعوت: أنا اندهش إذًا أنا إنسان


المزيد.....




- القوات الإسرائيلية تواصل عملياتها بمخيم جباليا للاجئين شمال ...
- غوتيريش يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وإخلاء سبيل جم ...
- مخيم جباليا: ماذا نعرف عنه وعن بقية مخيمات اللاجئين في غزة؟ ...
- تونس ـ اعتقال صحفيين اثنين ومحامية بارزة منتقدة للرئيس
- في حديثه عن المهاجرين.. ترامب يقرأ كلمات أغنية -الثعبان-
- تقارير تفيد باستخدام -أسلحة ثقيلة- في القتال الدائر بمدينة ا ...
- شاهد.. سيناريو اعتقال الفلسطينيين في الضفة المحتلة
- تونس ـ اعتقال صحفيين اثنين ومحامية منتقدة للرئيس
- عائلات الأسرى الإسرائيليين: حكومتنا تخلت عن أبنائنا وتركتهم ...
- ترامب يلجأ إلى أغنية -الثعبان- لوصف المهاجرين وخطرهم


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - فاطمة ناعوت - أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية