أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - ابو الطيب خطيبا بجامع القرية















المزيد.....

ابو الطيب خطيبا بجامع القرية


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 3043 - 2010 / 6 / 24 - 12:00
المحور: كتابات ساخرة
    


معظم سكان بلدتنا يعرفون "ابو الطيب" فهو من اولئك البشر الذين لايحتفظ بضغينة لاحدولايكتم سرا حتى ولوكان على نفسه، ولهذا فالجميع هنا يعرفون معدن "ابو الطيب" والفافون الذي صنع منه.
ومنذ زمن طويل ابتدع اهل الحي طريقة مبتكرة لاتاحة الفرصة لكل راغب في ان يصعد منبر المسجد يوم الجمعة ليقول مايريد.. ورغم ان اهالي البلدان المجاورة احتجوا على هذا الاجراء وقالوا ان الذي يصعد المنبر الكريم له مواصفات وشروط ولايمكن من هب ودب ان يعتليه ، ردوا عليهم كبار السن من اهالي بلدتنا بالقول: نحن نعرف مصلحتنا اكثر منكم فنحن لا نريد ان نسمع من الخطيب كلمات رنانة قيلت ومازالت تقال منذ اكثر من 1300 سنة، وقالوا لهم كذلك لقد حفظنا هذه الكلمات عن ظهر قلب ولاداعي لتكرارها على مسامعنا مادام المصلي يردد وراء الخطيب مايقوله كلمة كلمة.. اصبحنا وكأننا طلاب الابتدائية حين يقرأون النشيد الصباحي في الساحة المدرسية.
ولم يدم السجال طويلا بعد ان عرف اهالي البلدات المجاورة خير مافكروا به هؤلاء القوم – اقصد قومنا - بل ان البعض منهم حذوا حذوهم ووجدوا في ذلك كل الخير والعرفان.
ولم يكتف هؤلاء اهالي بلدتنا بخطيب واحد في ايام الجمع بل فتحوا الباب امام من يريد ليقول كلمته دون الحاجة الى ذرب اللسان وبلاغة الكلمة الفارغة والصراخ بوجوه القوم وكأنهم في يوم الحشر.. وهكذا كان ففي كل يوم جمعة يتطوع احد الرجال بالصعود الى المنبر ليقول مايريد دون اعتبار لبقية العبيد.
وشاع الامر بين القرى والبلدات المجاورة حيث وجد من حضر منهم الى جامع هذه البلدة، للصلاة والزيارة ، ان الخطيب لايذكر قصص السلف الصالح الا فيما ندر ولا يصرخ في وجوه القوم بل ولايحمد بأسم الله الاوقت الحاجة ولا يدعوا بانزال القارعة وما ادراك ماألقارعة على روؤس اليهود والنصارى والمسيحيين والمجوس.
سمعوا الخطيب يهيب بالحاكم ان يستقيم في هذا الامر او ذاك ويذكره بعدد الشكاوى التي وصلت اليه من الفقراء الذين يستنجدون به كونه خليفة المسلمين وتعدى الامر بالخطباء الى مناقشة امور حياتهم بعد اداء الصلاة وما ينووون فعله في هذه المشكلة او تلك. ووجد زوار هذه المدينة ان الكهرباء لاتغيب عن شوارعها ليل نهار وسوق الخضروات فيه مالذ وطاب وماء السبيل يجري انهارا بين البيوت والدكاكين والناس حلقوا لحاهم وتعطروا بخير ماوجدوه، والاطفال يلعبون تحت اشجار النخيل الباسقة ومنهم من ارتكن الى بستان يقطف منه التفاح والرمان.. وجدوا النساء وقد بانت وجوههن وعلت الابتسامة ملامحهن ولبسن اللؤلؤ والياقوت ويتمايلن في الاسواق تمايل الطاووس بين كروم النبيذ.
وعرف اولئك القوم اشياء كثيرة لامجال لذكرها الان فهي تحبر اطنانا من الورق وتجهد القاريء بعينيه وتلابيب مخه. ولكنهم سمعوا ايضا ان رجلا يدعى "ابو الطيب" سيكون خطيبا للقوم في هذه الجمعة، وسمعوا ايضا ان هذا الرجل قبل هذه "المكرمة" بعد جهد جهيد وطول اقناع ورجاء.. وسمعوا كذلك ان هذا الرجل لايقبل بالحق لومة لائم ولايهمه رضى الناس عنه اذا اراد ان يشير الى الخطأ حتى ولوكان على نفسه.
في ظهيرة تلك الجمعة المباركة جاء ناس كثيرون وفتحت السرادق لاستقبال ناس البلدات المجاورة.
وفجأة ساد صمت اطبق على القوم وتصلبت عيونهم على رجل اهيب يلبس بدلة سوداء انيقة يحليها بقميص ابيض شفاف مع ربطة عنق حمراء، كان حليق الشارب واللحى يمشي خافضا الرأس قليلا وكأنه يخجل من نظرات هذا الحشد الذي جاء ليستمع اليه.
قال "ابو الطيب" فيما قاله بعد السلام على المؤمنين الحاضرين:
لقد اخترتموني في هذه الجمعة لاقول كلمتي امامكم وانا اعرف اني اقل منكم علما ومعرفة، فكلكم تتسابقون على قراءة الجاحظ والمتنبي وشعر ابو نؤاس ونزار قباني كما تتسابقون في طلب العلم وتهزأون من كل عمامة تجوب الشوارع وترجوا الانصات اليها، واذا كانت لكم حسنة فقد نبذتم ماقاله السلف ورميتم ماقاله لكم من اشهر في وجهكم سيف الحساب والعقاب وتعلمتم ان حب الله لايحتاج الى موظفين في هيئة الطرق والجسور ولا وزارة الكهرباء او وزارة النفط العتيدة ليذكروا لكم ماعليكم فعله.
ولكني وجدت بعضكم وقد بلغ به العته شوطا بعيدا.. رايت بعضكم يستنجد برجل دون خالقه ويمسك العروة الوثقى داعيا باكيا ومادرى ان هذه العروة من صنع انسان تعلم فن التصميم منذ ان تخرج من احدى الجامعات.. وجدت بعضكم يصرخون ياحسين ياعلي بدلا من يالله ياعالم الاسرار.. وجدت بعضكم كما كان اباءهم في الجاهلية يجعلون من اللات وهبل وسيطا لهم عند ربهم ومادروا ان الله سميع بصير.. رأيتم بعضكم يتلذذ بالظلم ويصفق للحاكم ولكنه يكتفي بالبكاء حين تمر ايام عاشوراء.. وجدت بعضكم لايقرأ من تاريخ السلف الصالح الا مايريده له لهم الحاكم بأمره حيث غسل مخهم وبانت عورتهم لكل من هب ودب.. رأيت بعضكم يصدق كل مايقرأ حتى ولوكان كلاما مسروقا من فقهاء الناس الاقدمين.. لقد جعلوا منكم العوبة وطينا يعجنونه كما يريدون دون ان تعلموا ان هذا هو الكفر بعينه.
اسمعوا ماقاله الجاحظ في رسائله عن الامام علي وبعدها لكم الامر والبصيرة
(وإن سألناهم عن الفقهاء والعلماء رأيناهم يعدون علياً كان أفقههم وعمر وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب‏.‏
على أن علياً كان أفقههم لأن كان يسأل ولا يسأل ويفتي ولا يستفتي ويحتاج إليه ولا يحتاج إليهم‏.‏
ولكن لا أقل من أن نجعله في طبقتهم وكأحدهم‏.‏
وإن سألناهم عن أهل الزهادة وأصحاب التقشف والمعروفين برفض الدنيا وخلعها والزهد فيها قالوا‏:‏ علي وأبو الدرداء ومعاذ بن جبل وأبو ذر وعمار وبلال وعثمان بن مظعون‏.‏
على أن علياً أزهدهم لأنه شاركهم في خشونة الملبس وخشونة المأكل والرضا باليسير والتبلغ بالحقير وظلف النفس ومخالفة الشهوات‏.‏
وفارقهم بأن ملك بيوت الأموال ورقاب العرب والعجم فكان ينضح بيت المال في كل جمعة ويصلي فيه ركعتين‏.‏
ورقع سراويله بالقد وقطع ما فضل من ردنه عن أطراف أصابعه بالشفرة‏.‏
و أن زهده أفضل من زهدهم لأنه أعلم منهم).
‏فأين حكومتكم الان من خشونة الملبس والرضا باليسير وظلف النفس ومخالفة الشهوات..واين وزرائكم وعلى رأسهم الرئيس المنتهي صلاحيته من بيت المال الذي كان ينضح في كل جمعة ويصلي فيه ركعتين.
اقول قولي هذا واطلب حسن العاقبة من رب العالمين دون وسيط بيني وبينه.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممنوع مسك الاماكن الحساسة
- أشد على يدك ياكريم يا وحيد
- فاحت الريحة يا ناس
- انكم والله لاتستحقون حتى الشتيمة
- المذنبون والمذنبات في نكاح القاصرات
- قرقوش يزور بغداد صفقوا له رجاء
- ياخسارة،-اثاري- الزواج من اجل النكاح وانا ما أدري
- مبروك على تعييني امير الجبايش
- اجاثا كريستي والعراق والمالكي
- ولكم انكشف المستور
- اخزاكم الله يوم امس ايها السادة
- يااصحاب اللحى.. انكم سارقون في وضح النهار
- حلاوة – صلح – بين القمتين مبارك وبوتفليقة
- من خمس جدي يفتحون الفضائيات
- ظاهرة شديدة اللهجة ضد وزير الكهرباء العراقي
- من هالمال حمل جمال
- الى مرضى السرطان، اشربوا بولكم حالا
- وصلتنا نماذج بشرية ضمن المواصفات العالمية
- عبيرة الخبيرة وقاضي الغرام
- فتح الآذان في حوار الطرشان


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - ابو الطيب خطيبا بجامع القرية