أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد الحافظ - في الطريق الى مالمو















المزيد.....

في الطريق الى مالمو


رعد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 08:54
المحور: الادب والفن
    


كان ربيعاً طويلاً هذا العام , ليس كباقي السنين , حتى الأمطار , كانت معتدلة في مدينتنا
بينما كنّا نُعاني من كثرتها عادةً , بحيث نحتاج صلاة ((أنتي- إستسقاء )) , لأجل تقليلها وبالتالي التمتع بالتجول والسفرات في ربوع الطبيعة الساحرة في هذا البلد الآمن .
نزلتُ من الباص بعد رحلة ساعة , مرّت كدقائق معدودة خلال هذهِ اللوحة الفنيّة للطبيعة .
وجدتُ صديقتي العزيزة (( خلود )) , تنتظرني بسيارتها وقد وصلت تواً , فهي تعرف مقدماً موعد الباص , فمواعيدهِ بالدقيقة .
وتلك من الأشياء التي مازالت لم تتأثر سلباً كغيرها , بفعل تكاثر أعداد المهاجرين وشيوع عاداتهم وطرقهم غير المنضبطة بقانون , مثل إيقاف السيارات في الممرات الفرعية أمام بنايات السكن , وإستخدام عربات التسوق في المحلات ورميها بعيداً وتكسيرها غالباً ,
وقيام الكثير بعملية ( الكريلا ) أو الشواء في بالكونات شققهم ( وهذا ممنوع طبعاً ) , حيث يسبب إنتشار دخان الشواء الى الشقق القريبة عادةً .
أمّا أغرب أذية شاهدتها , فهي عدم قفل باب الشقّة ليلاً , وهذا يجعل مصابيح العمارة تبقى مُضيئة طيلة الوقت , لأنّها تعمل أوتوماتيكياً عند فتح قفل باب الشقة مباشرةً وتطفيء بعد قفلهِ بدقيقتين , كوقت كافي محسوب لخروج الشخص من البناية .
هناك عادات سيئة كثيرة للمهاجرين , لا أتقصّد مراقبتها , لكنّها تحدث أمامي فعلاً , وأنا عادةً أتطرق للحديث عنها مع الأصدقاء , خصوصاً إذا تشعبنا وكان لدينا الوقت الكافي , مثل الأمس في سفرتنا الى مالمو , لحضور الحفل الغنائي الذي يحييه الفنان كاظم ناصر وفرقتهِ .وكانت خلود , قد تحسبت لساعتين إضافية لتغير الملابس وكذلك لجهاز ال جي بي إس , الذي أخذ منّا ساعة ليدّلنا على مكان الحفلة .(طبعاً القصور منّا وليس منهُ ) .
قاطعتني خلود لتروي لي أحدث قصة , لعائلة صربية رُفِضَ طلب لجوئهم .
قامت العائلة بإخفاء إبنتهم ذي ال15 عام وإبلاغ الشرطة عن إختفائها للبحث عنها .
قدّرت تكاليف بحث البوليس بحوالي , مليون كرونة خلال ثلاث أيام , وجدوها بعدها تتسوق (( عادي )) من محل(( فيلييز)) , في مدينتنا وعندما سألوها عن كيفية إختفائها , قالت لا أدري أقلني شخص بسيارتهِ الى هنا وتركني ورحل .
وأين نمتِ وأين بقيتِ ؟ الجواب : لا أدري
الشرطة كانت قد إستخدمت طائرة هليكوبتر في الساعات الأولى من الإبلاغ , خشيةً على حياة الفتاة , مع ذلك أحسّوا في النهاية طبعاً بالمكيدة المدبّرة من العائلة للحصول على مُحامي مجاناً والمطالبة بالتعويضات اللازمة والضغط على الحكومة للحصول على حقّ اللجوء , حتى مع عدم توفر الشروط اللازمة .
لايوجد دليل مادي للشرطة , وليس من عادتهم وقوانيننهم الضغط على الفاعل للإعتراف , حتى كلمة بسيطة سوف تعتبر ضغط نفسي وربّما عُنف .
قلتُ لخلود , وكيف تظنين مستقبل الوضع في هذا البلد ؟ مع مثل هذا التسامح من جهة السكان الأصليين والتجاوزات المستمرة من كثير من المهاجرين ؟
أجابتني : سترى مارويناه تواً سهلاً , مقابل ما ستسمعه بعد قليل في مالمو , قلتُ لها أعرف بعضاً , ثم رويتُ لها قصة الحرائق المفتعلة هناك في حي روزنبيرغ قبل فترة .
توقفنا عن الحديث الكئيب وبدأنا نراقب جمال الطريق , ونصغي لصوت السيدة , إسأل روحك , والعزف المنفرد على العود الذي يقدّمه الملحن نفسه / محمد الموجي, في المقدمة الخرافية
قالت لي , مادمتَ تحب العزف المنفرد , مثلي , سأطلب من الفنان كاظم ناصر , عزفاً منفرداً في ختام الحفلة .
وقد كان ذلك , حيث أمتعنا , كاظم وهو عازف عود رائع ,إضافةً لكونهِ مُطرب يشدو بأغانيه وأغاني خيرة الكبار العرب بدءاً بأم كلثوم ومروراً بأغاني فيروز والمصرية و الخليجية وطبعاً العراقية . فأمتعنا بأغاني المطرب العراقي الكبير حسين نعمة , ياحريمة ووغريبة الروح وبوية نعيمة ومالي شغل بالسوق وغيرها كثير
غنّى لرياض أحمد وياس خضر( مرينا بيكم حَمَد ) , وطبعاً لكاظم الساهر, وعدد آخر من المطربين .
كان عازف الكمان / الأستاذ سعدون الشامي , محترفاً بحقّ ,فقد كنتُ ألاحظ عن كثب توجيهاتهِ لباقي أعضاء الفرقة .
مازاد متعة الحفلة وروعتها , تلك الوجوه العراقية الحبيبة برجالهم ونسائهم ,شباباً وكبار .
لا أدري لماذا تذكرتُ إحدى السهرات في نقابة المهندسين في بغداد قبل عقدين من الزمان .
كنّا نُخفي مشروبنا في قناني الدواء وقتها لأنّه ممنوع بالعلن , لكن بالسرّ مسموح طبعاً , على إعتبار/ وإن شربتم فأستتروا .
تذكرتُ صديقي الذي سألتقيهِ ذات مساء , هاتفني قائلاً : إجلب معكَ قنينتين توسيرام فقد تطول السهرة اليوم , طبعاً يقصد المشروب وكان آنذاك / الجن لأنه لالون ولا رائحة قوية له بعد خلطهِ بالليمون . ...كانت أيام .
وجهتُ تساؤلي هذا الى المسرحي الرائع/ علي ريسان الذي شاركنا السهرة في جزئها الثاني , قلتُ لهُ هل تشعر مثلي بأننّا نجلب معنا كل عاداتنا ونشيعها هنا ؟
لماذا نشرب الآن بالسرّ ؟ هل للأمر علاقة بصدام ؟ وطبعاً توسع حوارنا .
قال لي , لو لم نفعل هكذا , فنحنُ لسنا أنفسنا ,نحنُ نخشى الحُريّة , وضحك بحزنٍ خفي ماجعلني أسألهُ عن أعمالهِ المسرحية الجديدة , وكنت سابقاً قد حضرتُ له عرضاً مسرحي وحيد عن المقابر الجماعية , كان ذلك قبل بضعة أعوام في يوتوبيري وقد أدهشنا جميعاً حينها , بقدرتهِ الفائقة .
قال أنّه ينوي الرحيل الى بلد عربي , فعمود المسرحي الفقري , هو الجمهور وزملاء متمكنين , فكيف سيعمل هنا ؟
المهم إنطلق الشباب في رقصة الجوبي ثم الرقصات الخليجية والمصرية وأكتفيتُ أنا طبعاً بالتشجيع والتصفيق , لعدم إجادتي الرقص بأيٍّ من أشكالهِ ( عقدة الحركات التوافقية ) .
لكن أغرب ما في الحفلة كراسي الجلوس التي تناسب المطعم أكثر, وكذلك السماح بتدخين الأركيلة , ومنع السكائر , ههههههههههههه , غريبة قلتُ لصديقي الجديد , سعد حبيب , من أين طلعتم علينا بهذا القانون ؟ ضحك وقال , هذا قانون عراقي فنحنُ الآن لانخضع لقوانين السويد , التي تُحرّم طبعاً كل ذلك داخل أي بناية مغلقة حتى لو كانت ملعباً كبيراً .
حاولتُ أن أبرر لنفسي مسحة الحزن التي أقرئها في وجوه الكثير من الحاضرين رغم إنطلاقهم أخيراً بتأثير المشروب ورغم رقصهم وحركاتهم , لكن يظهر لي , أنّ عقود الظلم والطغاة في بلادنا قد حفرت آثارها في وجدان جيلنا , لنخشى حتى الفرحة واللحظة السعيدة
أعرف أنّ كثير منّا يعيش على الماضي أو ربّما يحلم طيلة الوقت في المستقبل , فينسى الحاضر .. اليوم
غريبة الروح
لا طيفك يُمر بيها
ولا ديرة تلفّيها
وغدت وي ليل هجرانك تِرِد وتروح
وعذّبها الجفى وتاهت .. حمامة دوح
غريبة الروح / رائعة حسين نعمة التي غناها بصوتهِ الدافيء الحنين .. كاظم ناصر
كانت سفرة وحفلة جميلة , سعدنا جميعاً . لكن عُذراً للبعض إذ أحسّ بمسحة حزينة في سردي . فالواقع , أنّ الكتابة تكون غالباً إنفتاح لجرحٍ ما / حسب كافكا .


تحياتي لكم
رعد الحافظ
7 يونيو 2010



#رعد_الحافظ (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن / وجوه الحقيقة المتعددة
- أسوء كارثة بيئية تواجه العالم
- أنا ضدّ الإعدام .. ولكن !
- هل هو خلقٌ جديد ؟
- فيفا برشلونة
- الدنيا كلّها تبكيك ..سرواً : رثاء البطل سردشت عثمان
- مشهدين.. للنقاش
- رِحلَة نحو الموت
- الرماد البركاني وفرح المؤمنين
- مستقبل لغتنا العربية
- الطاقة المعتمة ومرادفاتها
- صانعوا الجمال في الحياة
- إحالة الأديان إلى المتاحف
- نجومي من النساء
- مَنْ ينتصر , رغباتنا أم ظروفنا ؟
- الحوار المتمدن / تعليقات صريحة وعقلانية
- يا لصفاقة البعثيين
- الفراعنة على العرش الأفريقي
- عمليات التجميل , هل دائماً ضرورية ؟
- كارثة هايتي وزلزالنا النفسي


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد الحافظ - في الطريق الى مالمو