أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد الحافظ - رِحلَة نحو الموت














المزيد.....

رِحلَة نحو الموت


رعد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2984 - 2010 / 4 / 23 - 18:33
المحور: الادب والفن
    



{ أنا مستعد الآن لمُغادرة حياتي الدنيوية ,وأودّ أن أترك لكِ بضعة كلمات !
في قلب كلّ إنسان توجد بذرة للشرّ, قد تنمو وتكبر مع الزمن .
لاتدعي تلك البذرة تنمو في قلبكِ ,لأنّكِ لن تعيشي سعيدة مطلقاً !
أتمنى لكِ حياةً طويلة وناجحة } .
تلك كانت رسالة ( هيرت ) التي تركها الى إبنةِ أخيه قبل إعدامهِ ( بقطع الرأس بالفأس) عام 1874 في السويد ,حسب القصّة الحقيقية التي إقتبستُ عنها عنوان مقالي هذا .
إنّها واحدة من أشهر الجرائم ,قام بها إثنان من اللصوص , هما : ( هيرت وتيكتور ) .
آخر سرقاتهم التي خططوا لها طويلاً وبدّقة , كانت ستطال أحد البنوك ,
هدفهم كان الحصول على المال الكافي ليوصلهم الى أمريكا .حيث حُلمهم القديم بالغنى والحرية .
البوليس عَلِمَ بخطتهم فأستعّدَ لهم وطاردهم , حتى وصلَ الإثنين الى الإعدام .
خلال تلك المطاردات الطويلة في المُدن السويدية , سقط بعض رجال الشرطة صرعى .
أكثر من مرّة كان اللصيّن , قاب قوسين أو أدنى من الإفلات والوصول الى الباخرة التي ستأخذهم الى أملهم وحلمهم الجميل , لكنّ محاولاتهم كانت تفشل وتُحبّط في اللحظة الأخيرة
......
عندما قُبِضَ على اللصيّن ( هيرت وتيكتور ) , أودعا السجن خلال محاكمتهم الطويلة .
وبعد صدور الحكم عليهم بالإعدام , زارهم رجل دين ( كاهن ) لأجل تقديم النصيحة بالإعتراف لهُ , لتخفيف الألم (على حدّ تعبيره) , الذي سينال منهم أثناء تنفيذ الحكم الفظيع .
حكى لهم طويلاً عن الله وملكوتهِ ومغفرتهِ للإنسان المخطيء والمُسيء, إذا قدّم إعترافهِ قبل موتهِ ونَدِمَ على فعلتهِ الشنعاء .
لسببٍ أو لآخر , إقتنع أحدهم فقط (تيكتور) بكلام الكاهن , وتجاهلهُ الآخر ( هيرت ) كلياً .
قبل تنفيذ الحكم بأيام كان تيكتور يُصلي كثيراً لربّهِ ويبكي ويطلب الرحمة وتخفيف الألم ويُعلن ندمهِ المستمر على سلوكهِ طيلة حياتهِ .
بينما كان هيرت غير مبالي للأمر ويقضي وقته بالتسلّي في كتابة خواطر الى أصدقائهِ ومعارفهِ . مثل تلك الخاطرة في بداية المقال الى قريبتهِ الوحيدة في الحياة .
وكذلك قام بكتابة خطاب الى الملك يطلب منهُ العفو وتخفيف العقوبة .
........
تنفيذ الحُكم
هناك كثير من الإسهاب في الوصف في القصّة , عن المعاناة النفسية لكلا المحكومَين .
كان طبعاً( تيكتور المؤمن ) , أكثر خشوعاً ومسكنة وتضرعاً
وإعتقد جميع الناس الحاضرين والذين تابعوا تفاصيل حياة اللصيّن اليومية منذ القبض عليهم الى هذا اليوم الأخير في حياتهم , بأنّ تيكتور سينال الرحمة المُستحقة ولن يشعر بالمقصلة سوى كخدشِ موسٍ بسيط .
المفاجئة كانت مذهلة للجميع في ذلك اليوم .
ومازالت بعض الجدّات تروي حكايات ذلكَ اليوم الذي سَمعوا وصفاً دقيقاً لهُ من أفواه والديهم الذين حضروا حفلة الإعدام الشهيرة .
...............
الجلاّد الذي سيقطع الرأس ( سكارب ريترين , بالسويدية ) , يتناول عادة بعض الخمر قبل الشروع في مهمتهِ لأجل الإستعداد النفسي لذلك العمل القاسي واللعين .
يبدو أنّه قد أفرط قليلاً في كمية الخمر , فعندما تقدّم لجزّ عُنق المُدأن الأوّل ( تيكتور ) , كان يبدو متردداً وغير واثق من نفسهِ وليس قوياً كفاية لينجز عملهِ بضربةٍ واحدة .
هوى بفأسهِ المتردد , فَلَم يُصِبْ الهدف بدقّة !
( يُفتَرَض على الرقبة في منطقة إلتقاء الرأس بالجسد ) ,
لكنّها أصابت كتف المحكوم تيكتور , فصرخ طبعاً حتى وصلَ صوته أعنان السماء . وصلّى له جميع الحاضرين طلباً للرحمة وتخفيف العذاب .
الجلاّد إهتاج وتخوّف وترددَ قبل أن يُكرر الضربة ثانيةً , التي جاءت هذهِ المرّة على مقدمة رأس تيكتور , فتعالى صراخهِ وصراخ جميع الحاضرين وضجّوا وطلبوا الرحمة والشفقة
ولم يكن من الجلاّد بعد تلك الأخطاء الفظيعة التي سببت هذا العذاب الرهيب للمذنب ,
سوى تكرار المحاولة ثالثة ورابعة قاصداً إنهاء حياتهِ ليستريح من عذابهِ الرهيب .
إنتهت حياة تيكتور أخيراً بعد تلك المحاولات , لكن المنظر كان مُريعاً بكل معنى الكلمة .
ساد الصمت لثواني , ثم تلاه بكاء وعويل على المأساة التي شاهدوها تواً .
جاء دور هيرت بعد دقائق وجلاّد جديد وفأس جديد !
عندما وضعوا رأس هيرت على المنضدة المُعّدة لهذا الغرض ,كان وجهه في مقابل وجه الجلاّد , نظر الى فأسهِ ثم حدّق ببرود في عيون مَنْ سيُنهي حياتهِ بعد ثواني .
كانت ضربة واحدة سريعة وخاطفة وقوية وقاصمة في آن .
تدحرج معها رأس هيرت بعيداً عن جسدهِ .
لم يطلب الرحمة ولم يُصلي ولم يغمض عينيه مطلقاً . بل حدّق في عيني قاتله فأستفزهُ على الشدّة ربّما لتنتهي المسرحية المؤلمة بسرعة كبيرة .
لماذا تعذّب تيكتور المؤمن كثيراً وفظيعاً قبل موتهِ ؟
بينما لم يحدث ذلك مع هيرت اللامُبالي ؟
هل كان لتأثير توبة تيكتور وتعاطف الناس معهُ وطلب الرحمة , تأثيراً على الجلاّد المختص بحيث شَرِبَ أكثر من اللازم ليتخلص من تأنيب الضمير , ثم حدثَ ماحدث من أخطاء .. أدّت الى طول العذاب ؟
هل إستغل هيرت وقته الأخير فترك لنا رسائل عن الخير والشرّ والمحبّة والكراهية ولم يُبالي بطريقة الموت فهو واحدٌ ؟
لم أجب نفسي على هذهِ الأسئلة وغيرها , فالقصة بالنسبة لي كانت لغرض تلخيصها
وروايتها شفهياً لنيل درجة الإختبار في اللغة .
تذكرتها اليوم وأنا أقرأ بعض ملاحظات قديمة عن موضوع مَنْ يتحكم في عالمنا الخاص؟
النظام والقانون , أم الدين والضمير , أم القوة والثروة والمال , أم المصالح والحاجات والغرائز , أم الأحلام والطموحات , أم قابليات الإنسان نفسها , أم ظروف الأرض والجو وجمال الطبيعة ؟
أم كل تلك الأشياء مجتمعةً ؟ وحسب أعمارنا وإختلافاتنا

تحياتي لكم

رعد الحافظ
23 إبريل 2010



#رعد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرماد البركاني وفرح المؤمنين
- مستقبل لغتنا العربية
- الطاقة المعتمة ومرادفاتها
- صانعوا الجمال في الحياة
- إحالة الأديان إلى المتاحف
- نجومي من النساء
- مَنْ ينتصر , رغباتنا أم ظروفنا ؟
- الحوار المتمدن / تعليقات صريحة وعقلانية
- يا لصفاقة البعثيين
- الفراعنة على العرش الأفريقي
- عمليات التجميل , هل دائماً ضرورية ؟
- كارثة هايتي وزلزالنا النفسي
- الثورة القادمة ...للنساء
- مَنْ نَسأل في أمورنا الجنسيّة ؟
- مع مصر ضدّ طغيان حماس والإخوان
- من آردي الى العظام الخشبية..هل تطوّر الإنسان ؟
- الموت ...في سيول جدّة
- عاشوراء ... والثورة القادمة في إيران
- الباسيلوساوروس .. في وادي الحيتان
- مشاهدات عن حبيبتي ..مصر


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد الحافظ - رِحلَة نحو الموت