رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 17:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التلوّن والنفاق وتغيير المواقف والإنقلاب ب 180 درجة أحياناً , سمة شائعة عند كثير من السياسيين في الشرق عموماً , وفي الدول العربية خصوصاً .
وتتضح تلك الظاهرة بأجلى صورها بمجيء طاغية للحكم !
تماماً مثلما حدث بتسلط صدام حسين على مصير العراق والعراقيين جميعاً .
وعلى عادة وعّاظ السلاطين منذ الأزل , نرى أسماء أؤلئك المنافقين يتسابقون في تقديم الطاعة والولاء للطاغية أولاً , ثم إعلان التوّلي والبراء من معارضيه ثانياً .
ثم المبالغة في تمجيد الطاغية , فيضعوا له من الأسماء الحسنى أكثر من عددها ل الله بقليل
ويصبوّا لعناتهم على أعداء الطاغية حتى لو كانوا من دينهم وطائفتهم وعشيرتهم الأقربين
والدافع المحّرك في كل ذلك , هو المال والجاه والسلطة ...كثواب
والنأيّ بالنفس عن النار والسوط والعذاب ...كعقاب .
لكنّ المفاجئات تحدث دوماً , ويضطر المنافقون وعّاظ السلاطين حينها , وكتّابهم وخصيّهم وحتى خدمهم الى الهرب بجلدهم , أو بما سرقوه أيام حظوتهم عند الطاغية ,
ويقرروا أن يبدأوا من جديد .
ولو أنّهم أعلنوا إعتزالهم وإختفوا نهائياً من الساحة لكان خيراً لهم وللآخرين .
حدث ذلك كثيراً في التأريخ , ولنا وقفة مع أحدهم في العراق اليوم .
إنّه السيد حسن العلوي ..البعثي الصدّامي ..المنقلب .. الهارب ..المعارض ..النادم ..العائد
كلّ صفة ممّا سبق سأثبتها ببعض السطور من كلامه هو شخصياً ومن تأريخهِ خلال وبعد سيده صدام . ومن مقالات كتبت عنهُ وعن مواقفه تلك .
هدفي من هذهِ المقالة هي جلب إنتباه القرّاء الى طريقة المنافقين في التلوّن دائماً , غير آبهين بمصالح الشعب والبلد , رافعين شعارات برّاقة ممتطين رقاب الجميع .
والقائمة العراقية اليوم تمثّل عموماً , هذا النوع من السياسيين !
..................................................
بدءاً ... أنا لا أدعو الى عزل كلّ البعثيين عن الشعب العراقي على طريقةِ العنزةِ الجرباء .
و رغبتي في ذلك تتلخص بتقديم القتلة واللصوص منهم، الى المحاكمات العادلة , ليحضوا بجزائهم العادل الذي حرموا خصومهم منهُ طيلة 35 عاماً ... سوداء .
في أزمة شركة تيوتا الحالية , حول بعض الأعطال في مكابح سياراتها الجديدة ,
عمد اليوم , رئيس هذهِ الشركة العملاقة الى تقديم الإعتذار شخصياً , الى مجموعة من المستهلكين في طوكيو .
أحضروا الى قاعة كبيرة , وذهب اليهم فرداً فرداً ليقدّم إعتذاره بالطريقة اليابانية المعروفة
وما يتخللها من إنحناءات متبادلة وإبتسامات وملاطفات ,وربمّا تقديم الهدايا أيضاً .
لم أسمع ببعثي واحد يقدّم إعتذارهِ للشعب العراقي أو حتى يُلمّح بذلك !
أخذتهم جميعاً العزّةُ بالإثم , إعترضوا على تداعيات الوضعِ الجديد وسلبياتهِ .
ضربوا الأمثال...... ونسوا أنفسهم .
كنتُ أصغي مرّة للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في لقاء تلفازي عن مسيرته وحياتهِ .
أشفقتُ عليه وقتها عندما حاول تنصيع صفحة صدام السوداء , ووصفه بالشجاعة والحنكة
فقط ليثبت للمشاهد أنّه كان على صواب عندما إتكأ على موائدهِ ليسلم ويغنم ,
بدل معارضتهِ والدخول في المحظور والتعرض للمخاطر والمهالك .
ما علينا من الشاعر الكبير , لكنّه مثال على نفاق حتى غير البعثيين لصدّام .
والسؤال يبقى دائماً : لماذا لا يعتذرون ؟
صالح المطلك وظافر العاني وغيرهم يقولون بأنّهم ليسوا بعثيين ولا صداميين .
حسناً , ألا يمكن أن نسمع منهم إنتقاداً واحداً لتلك المرحلة المشؤومة من تأريخ العراق ؟
ألا يمكنهم أن يقولوا رأيهم علانية بالطاغية ؟ الذي روّع شعبهم لأربعة عقود ؟
ومن إنضم الى قائمتهم (الغنية بمواردها ) بقيادة أياد علاوي ؟
.......................................
السيد حسن العلوي على نقيض أخيهِ الأكبر السيد هادي العلوي , الذي كان مبدئياً في مواقفهِ وزاهداً في دنياه عموماً .
وفي الواقع لم يكن يحترم أخاه حسن لمواقفهِ المتذبذبة الإنتهازية النفعية غالباً .
عندما صدر قانون إجتثات البعث عام 2003 عقب تحرير العراق من الطاغية البعثي وزبانيتهِ وحزبهِ اللعين , إستبشر غالبية العراقيين خيراً , وشعروا فعلاً بأنتهاء عهد مظلم غابر.. بائد ... وبداية عصر آخر .
وأنّ شمس الحرية لابدّ وأن تشرق من جديد على هذا البلد المنكوب بسياسيه والناكب لعموم أبنائهِ .فالعراق تقريباً يتصدر بلدان العالم بقوته الطاردة لإبناءهِ الخيّرين .
ومن يريد قلب هذهِ المقولة الى العكس بالقول : أنّ أبناءهِ هم الأسرع في التخلي عن بلدهم والهروب بجلدهم وعوائلهم سعياً للحياة الكريمة , فلن يكون مُخطئاً كثيراً .
لكن تبرير ذلك , هي الطبيعة الإنسانية عموماً , فالإنسان يسعى للتغيير والتخلص من الظلم وعندما يعجز وتُوصد الأبواب في وجههِ فهو يفضل الهرب ...على الموت صبراً .
ربّما يقول معترض أنّ العراقيين زودوها حبّتين , وأنّهم بالغوا في الهرب فكانت النتيجة بضعة ملايين منهم في الخارج .
والجواب أنّ هذا مردّه ,حبّهم وتعلقّهم في الحياة وتلك ليست خطيئة كبرى , بل هي طبيعة بشرية عامة .
........................................
كنّا خلال الأعوام السبعة الماضية نسمع أنواع اللعنات تُصّب على رأس الحاكم المدني الأمريكي في العراق , السيد بول بريمر , حتى من أصدقائهِ العراقيين , وقد حمّلوا الرجل كل مشاكل وتداعيات الوضع الجديد بعد التحرير .
وصنعوا من أنفسهم أبطالاً وقديسين وحكماء . ومن هؤلاء رئيس لجنة إجتثاث البعث ,
وهي نفسها التي تحوّلت بصفقة توافقية على عادة الساسة العراقيين اليوم , الى لجنة المساءلة والعدالة .
إنّه السيد أحمد الجلبي , الذي نسمعهُ اليوم يحذّر من تدخّل الأميركان وتأثيرهم على القرار العراقي , في واحدة من محاولاتهِ البائسة .
الغريب في الموضوع أنّ قرار إجتثاث البعث الذي وقعّهُ بريمر يوم 16 مايو 2003 , لو صادفَ نجاحاً فسوف يتصدر الجلبي الصفوف ويفخر بالإنجاز وينسبه لنفسهِ .
ولو أنّهُ صادف فشلاً في تطبيقهِ , فسوف يُلقي باللائمة كعادتهِ على بريمر ( الغائب ) .
ودفع سلوكهِ هذا , السفير الأمريكي في بغداد كريستوفر هيل ,الى التصريح بالأخطاء المرتكبة في بداية تحرير العراق ومنها , إسناد عملية الإجتثاث للسيد أحمد الجلبي .
..........................................
سأعود الى موضوع مقالي حتى لاتخلط الأوراق وتتشتت أكثر مما هي كذلك أصلاً في الساحة السياسية في بلدي البائس ..العراق
أوّل مرّة أقرأ أو أسمع بأسم حسن العلوي كان , كرئيس تحرير مجلة ألف باء في السبعينات من القرن الماضي .
كانت إفتتاحية ألف باء بقلمه , مليئة بالتقديس والتمجيد للسيد النائب آنذاك صدام حسين .
عام 1979 أعدم صدّام مجموعة البعثيين الكبار ال 55 في ما أسماه المؤامرة على الحزب والثورة بتخطيط القيادة السورية .
كان من بين أهم المعدومين غدراً وبيد صدّام شخصياً هو د. عدنان حسين الحمداني ,
مُدلل صدّام وإبن خالة حسن العلوي نفسهُ وأخ زوجته الأولى.
أعتقل بعدها السيد حسن وسجنَ , لكنّه بعث برسائل الترحم لصدام وألف كتاب ضدّ الشيعة من داخل السجن , فأعفي عنه وتمّ إرسالهِ مع مبلغ كبير لفتح صحيفة في أوربا تمجّد صدام ونظامهِ والدعاية له ُ .كان د. فاضل البراك مدير الأمن العامة حاضراً في تلك الصفقة .
وهنا حدثَ إنقلابهِ الأوّل حسب سردهِ شخصياً ,في برنامج قدّمه بحلقات , يتقمّص فيه شخصية محمد حسنين هيكل , وعلاقتهِ بجمال عبد الناصر .
روى السيد حسن تحوّله للمعارضة بعد أن كان قريباً جداً من صدّام وصنع القرار , وقد بالغ في محاولتهِ إقناع المشاهد بأقوالهِ التي لا يصدقها أي طفل ولن يقتنع بها أيّ ساذج أو مبتديء او مراقب لصدام وزبانيتهِ .
بقي السيد حسن العلوي يكتب الكتب والمقالات في معارضة صدام , طمعاً في التقرب للمعارضة في ذلك الوقت . ورد ذلك في كلامه هو شخصياً
حيث وقف أمام جمع كبير من علماء الدين و قادة المعارضة في بيت الحاج رضا الأسدي
وقال ما يلي :
أنا السيد حسن بن السيد عليوي العلوي .. أنا كنت من سرسرية صدام حسين .. فهل لي عندكم من توبة؟
فرد عليه الشيخ محمد باقر الناصري قائلاً: إذا كانت توبتك مخلصة فقد قبلناها.
الرابط الأوّل : http://www.iraker.dk/index.php?option=com_content&task=view&id=2501&Item
إستمر حسن العلوي بعدها يكتب الكتب والمقالات ضدّ صدام حسين ودولة المنظمة السرية . وحاول الإستفادة من موقفه هذا بعد سقوط الطاغية .
فطالب بالثمن والمكافأة ! ولو الحصول , على منصب سفير العراق في سوريا .
لكنّه لحسن الحظّ فشل في مسعاه , لمعرفة الكثير من القادة الجدد بتصرفاتهِ وسلوكياتهِ وتقلباتهِ التي لا تستقر على قرار .
فرّد بأنقلاب جديد على مبادئهِ المعلنة , وراح يدافع عن البعث وعن صدّام بالذات ,
حتى بلغ بهِ الأمر الى التغزل بهِ وببطولاتهِ وتصدّيه حسب قوله للفرس المجوس , تلك الطريقة السهلة لمغازلة الوهابيين والحصول على مكافآتهم السخيّة .
فألف كتابهِ ((عُمر والتشيّع )) , ليثبتَ فيهِ ولائهِ للوهابية .
.................................
هذا بعضٌ من سلوك وتأريخ أحد البعثين السابقين وغالبيتهم في القائمة العراقية حالياً .
إنّهُ مثال ليس إلاّ , على التقلب وإزدراء المباديء لحساب المصلحة الشخصية .
أيّ بلد وايّ شعب وأيّ مباديء يدّعون ؟ وكم من الملايين سرقوا ؟
لو سألوني عن صوتي اليوم لمن تعطيه ؟
فلن يكون جوابي لقائمة معينة , فليس هناك واحدة تجمع الأصوات النزيهه معاً
أسماء مثل القاضي وائل عبد اللطيف ود.مثال الألوسي وإبراهيم الصميدعي ومعهم بالتأكيد أبا إسراء / نوري المالكي ,ود. فؤاد معصوم ود. برهم صالح والبعض الآخر ,
هؤلاء يشكلون (( الدريم لاك )) , أو الفريق الحلم اليوم و معهم من مثقفي الخارج ,
د.عبد الخالق حسين ود. غسان العطيّة ود. إبراهيم أحمد وآخرين .
(علماً أنّ هؤلاء السادة لم يُرشحوا أنفسهم أصلاً في الإنتخابات ,لزهدهم فيها وعنها )
لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركهُ , خصوصاً في بلدنا البائس...العراق.
تحيّاتي لكم
رعد الحافظ
16 / 02 / 2010
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟