|
- المقارنة - مَصدر كل المشاكل !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 10:29
المحور:
كتابات ساخرة
أصعب المواقف هي عندما يحتاج إبنك الى حاجةٍ ضرورية ، ولا تستطيع توفيرها له ، أو تضطر الى الشرح وإيجاد الأعذار لأنه لا يُمكنك دفع تكاليف طبيب الاسنان لإبنتك . حقاً أصبحتُ أستاءُ من هذه العادة السخيفة : [ المُقارنة ] ، فلولا وجودها لما فّكَرَ إبني ان يقتني بدلةً جديدة للعيد ، أو ان تُطالب إبنتي بهاتفٍ نقال إسوةً بزميلاتها في الكلية ، أو ان تُفّكر اُمهم بتبديل الطباخ القديم بواحدٍ مثل الذي عند جارتنا زليخة . " المُقارنة " شيءٌ خطر للغاية ، معظم المشاكل تأتي من جراء المقارنة ، ويبدو ان هذا " المرض " قديمٌ قدم الخليقة ، وهو السبب المُباشر لجميع مآسينا ، فلو ان رئيس الملائكة إبليس لم [ يُقارن ] بين نفسهِ وبين آدم لِما ركبَ رأسهُ ورفضَ السجود للخالق عزّ وجَل بحجة انه من نار وآدم من طين ، وتعرفون بقية القصة ! . أنا بإعتباري اُمثل " السلطة الأبوية " في مملكتي الصغيرة أي عائلتي ، أكره " المقارنة " وفي الحقيقة انا حاقدٌ على نوعٍ مُعّين من المُقارنة وهي المُقارنة الإيجابية ، اي التي تُقارن بين حالتنا الذاتية داخل العائلة بكل نواقصها ، مع حالة " الآخر " الأغنى ، الأقوى ، الأجمل ، الأشجع ، الأذكى ، الأبرع ...الخ . وفي الواقع أنا وسُلطة الحكومة متشابهان في هذا الأمر كثيراً ، فالحكومة أيضاً لا تُحّبذ مُطلقاً هذا النمط من المُقارنات الخطرة والهدامة ، فكل الإستياء والمُعارضة متأتية من المُقارنة ، فهذا يقول ان الحريات العامة في الهند أفضل من التي عندنا ، وذاك يصيح ان الأمن مستتب في الأردن بعكس الوضع في العراق ، وهذه الحركة تُريد إمتيازات مثل التي لدى الحزبَين الحاكمَين في اقليم كردستان وتُقارن نفسها بهما ، والمرحوم " سردشت " أرادَ ان يُقارن وضعهُ مع حلمٍ مستحيل فكان ما كان ، الفقراء والمُعدمين يقارنون انفسهم ببقية خلق الله المُتخَمين فتولد بذور الحقد الطبقي ، الموظف البطران يُقارن راتبه براتب عضو البرلمان او الوزير ، والصحفي الطفران يُقارن رئيسنا برئيسة جمهورية فنلندا ، وحتى المريض يقارن حالته مع بطل كمال الاجسام . قبل أكثر من ثلاثين سنة كنا في مجلسٍ نشاهد التلفزيون الذي كان يعرض " شادية " في أبهى حلّة وهي تغني وترقص وتتدلع ، فإنفجر قريبي " عبد الباقي " بالضحك فجأةً ، إستغربنا جميعاً وسألناهُ : ما بك ؟ قال من بين ضحكهِ المتواصل : بشرفكم هل من المعقول ان هذه "مشيراً الى شادية " إمرأة و اُمي إمرأة ايضاً ؟! ، حتى عبد الباقي قارنَ المرحومة اُمهُ بالمرحومةِ شادية !. السُلطات كلها تُرّوج لفكرةٍ مُحددة : قارنوا أنفسكم بالذين هم دون مستواكم ، قارنوا وضعكم بأوضاعٍ أسوأ مما عندكم ! ، كلُ السلطات تدعو لذلك ، الحكومة – الدين والعشيرة – الاب . آمِنوا بالقولِ البديع : " القناعة كنزٌ لا يفنى " . انتَ الذي تتذمر من شظف العيش انظر الى اخوانك في بنغلاديش او مجاهل غينيا ، وستعرف انك محظوظ ! ، او انتَ الذي تشكو دائماً من التضييق على حرياتك ، اذهب الى السعودية بضعة ايام وستكتشف كم انتَ حرٌ هنا . وذاك الذي ينقنق على طول الخط ويتحدث عن الفساد وسوء الادارة ولا عدالة التوزيع وينتقد بلا هوادة كل شيء ، أليسَ الأجدى ان تشكر ربك على نعمة الحياة وانك تملك نظراً وقلباً يخفق وعقلاً يشتغل ؟ لو خُلقتَ نملةً لكنتَ تُداسُ يومياً وتتقاذفك الرياح ، او كنتَ حماراً تُحّمَل وتُضرَب وتُهان ؟! . كُفوا عن المُقارنات مع مَن هم فوقكم ، لا تطلبوا أشياء واشياء ، إقنعوا بما عندكم ... إذا كنتم كذلك فلن تكون هنالك أية مشاكل ، لا في البيت ولا في المجتمع ولا في الدولة ، ألمْ أقل لكم ان مصدر البلاء هو " المُقارنة " ؟!
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ساعة في الفضائيات العراقية : بارقة أمل
-
محافظة دهوك : ضُعف الحِراك السياسي
-
إستقالة الساعدي ، هل بدأتْ الإنشقاقات ؟
-
حسن العَلوي يأكلُ من كَتفَين
-
ألحقيقة
-
انقذ العراق يا عمرو موسى !
-
حُكامُ الكويت يلعبونَ بالنار !
-
إنهم لايشترونَ الشعبَ بِعُقبِ سيجارة !
-
المُطلك يحلمُ بصوتٍ عالي !
-
الكونفرنس الوطني للمرأة الكردية
-
المُداهمات وترويع الاطفال والنساء
-
الحَكَم الامريكي لمباراة تشكيل الحكومة العراقية
-
حل مشاكل العراق على الطريقة البولندية !
-
إبن خالتي رسبَ !
-
زعماء آخر زمان !
-
الرياض بوابة العراق للمحيط العربي
-
اضحك مع رؤساء العراق !
-
9/4/2003 يوم ( التحريلال ) !
-
- هروب - إرهابيين من الغزلاني !
-
طارق الهاشمي وخُفَي حنين
المزيد.....
-
فرنسا تحيي التراث عبر أولمبياد يجمع بين الرياضة والفنون
-
في أول ظهور إعلامي له.. ضحية صفعة الهضبة يكشف لماذا لم يرد ب
...
-
محمد سعيد المرتجي: هذه أسباب وفرة البحوث الفرنسية عن الفن ال
...
-
كتاب -جرائم وعلوم جنائية- للخبير العلواني وخبرة 30 عاما بمسر
...
-
حفلات تايلور سويفت تتسبب في -هزات أرضية- في إدنبرة
-
حفل موسيقي لعازف الجاز التونسي ظافر يوسف في حديقة الأرميتاج
...
-
-مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي
...
-
أوسكار فخري ينتظر منتجي سلسلة أفلام جيمس بوند
-
-مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي
...
-
الرحالة المسلم الذي تفوق على -ماركو بولو- وروى الأعاجيب عن ا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|