أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 2 ) - لا تسأل ولا تعرف .















المزيد.....

لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 2 ) - لا تسأل ولا تعرف .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3010 - 2010 / 5 / 20 - 18:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مازلت أتذكر أسئلتى البدئية التى كانت تخوض فى قصة التكوين والخلق ..وبالرغم من ألحاحى فى طرحها دوما ً إلا أننى لم أكن أجنى إلا تناسلها وتكاثرها وخلو الساحة من مجيب ...والطريف أن الأسئلة البدئية مازالت لها القدرة على الطرح ولا تجد فى كل مرة إجابة لها , ليتشعلق الجميع بالحكمة والمشيئة والمعرفة الإلهية .

أسال لماذا الله وضع شجرة الإختبار فى الجنه ونهى أدم من الأكل منها ..ماذا يستفيد الله من طاعة أدم وإمتثاله بعدم التناول منها ..وماذا يضره ويزعجه عندما يُقدم أدم على التعاطى معها .
إذا كان الله يزعجه عدم الطاعة فإذن هو محتاج لها ويضره التمرد والعصيان ..فهل الله فى فى حاجة ؟!!..
وهل الله والإنسان فى حالة من الندية والكفاءة .؟!
إذا كان الله أسمى وأعظم من إحتياجه لطاعة وإذعان أدم له فبماذا نفسر نهيه عن الأكل من الشجرة المحرمة وإنزعاجه الشديد لدرجة طرد أدم وإمرأته من الجنه وما ترتب عليه من ألم ومعاناة وقصة طويلة فى الأرض .

كنت أسأل أيضا ًإذا كان الله يعلم كل شئ ولا يخفى عنه شيئا ً ..إذن فهو كان يعلم بالضرورة أن أدم سيأكل من الشجرة المحرمة وسيطرده على أثرها من الجنه كما سيصب عليه جام غضبه من اللعنات .
إذا كان يعلم كل هذا السيناريو , فماذا إستفاد من أن يرى هذه المشاهد ثانية ؟!!! ..
أجد أن هذا السؤال يمتدد ليشمل ويعم كل البشر ..فالله يعلم مصير كل إنسان قبل وجوده ..فلماذا كل هذه الجلبة ووجع الدماغ .؟!!!
ماذا إستفدنا ..وماذا إستفاد الله من رؤية الفيلم للمرة ثانية بدون تغيير فى أحداثه ومشاهده ؟!!.

كانت الأسئلة تتفجر لتخوض فى الله ذاته ..فمن هو الله وماهى ماهيته ..هل هو جسد أم روح ..وماذا تعنى الروح .. ومامعنى كرسى العرش إذا كان الله روح وغير محدود ..فكيف يجلس على العرش ؟! ..وتمتد الأسئلة لتخوض فى الشياطين والملائكة والجن والعفاريت ..وهذا العالم السحرى من الجنه والجحيم وماذا يستفيد الله من إستضافتنا هناك .؟!

أسئلة كثيرة تنطلق ولا أجد إجابة سوى أن هناك حكمة ما ..وعليك أن لا تسأل مثل هكذا أسئلة ..فهناك معرفة لا يجب ان تخوض فيها .

مقولة المعرفة التى يُنهى الخوض فى غمارها وجدتها حاضرة بقوة فى نسيج الأسطورة الدينية نفسها وكأنها ترسى حجر الزاوية فى أركان الإيمان وهى أن لاتعرف .!
فلو تأملنا صياغة الأسطورة كما جاءت فى سفر التكوين :
1:3و كانت الحية احيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله فقالت للمراة احقا قال الله لا تاكلا من كل شجر الجنه
3: 2 فقالت المراة للحية من ثمر شجر الجنة ناكل
3: 3 و اما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تاكلا منه و لا تمساه لئلا تموتا
3: 4 فقالت الحية للمراة لن تموتا
3: 5 بل الله عالم انه يوم تاكلان منه تنفتح اعينكما و تكونان كالله عارفين الخير و الشر .

وفى نهاية القصة نجد قول الله :
3: 22و قال الرب الاله هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفا الخير و الشر و الان لعله يمد يده و ياخذ من شجرة الحياة ايضا و ياكل و يحيا الى الابد

عندما أراجع قراءة هذه الأسطورة فى فترة لاحقة أكتشف المغزى الحقيقى لها .. فالشجرة تمنح معرفة الخير والشر , وكأن هذا الشئ مزعج للإله فهل هى كذلك أم أن المعرفة فى حد ذاتها شئ منفر لمسطر الأسطورة والتى أراد أن يمررها .
فقد تم ترميز الشجرة المحرمة بأنها شجرة معرفة الخير والشر ..ولم يتم إسقاطها على شجرة محددة الثمار كالتفاح أو المشمش ليكون هناك خصومة إلهية مع نوعية معينة من الثمار .
تمر علينا هذه الجزئية من الأسطورة والتى قد يراها البعض شديدة السذاجة بينما المغزى الذى وراءها شديد العمق والثراء وتحمل فى ثناياها رؤية واضحة المعانى .!!
هى رسالة لها دلالاتها لما يريد مسطر الأسطورة أن يرسخه ويؤسسه ... وهو أن لا تعرف ولا تخوض فى معرفة غير مطلوب أن تتعاطى معها .!
مسطر الأسطورة رسم بدقة مفهوم عميق أراد تأصيله ليؤسس عليه قواعد المنظومة الدينية ..أراد أن يؤطر لفكرة اساسية يقوم على أساسها كافة أركان البناء الدينى وليستطيع أن يمرر من خلالها كل الخرافات والغيبيات , إنها ألف باء إيمان هى : أن لا تعرف .!

مسطر الأسطورة يرى أن الحرية فى المعرفة هى أعتى أعداء الفكر الدينى وهى المقوضة للمنظومة الدينية لذلك كان التحذير الشديد اللهجة وحجم الكارثة التى رسمها فى الأسطورة بخروج الإنسان من النعيم جراء أنه مارس فعل المعرفة .
هنا المغزى الحقيقى للأسطورة بأن المعرفة غير مطلوبة ومرفوضة بحكم أنها ستقود إلى الدخول فى دروب ستقود بلا شك إلى إلقاء كل الخرافات جانبا ً والإنصراف عن كل ما هو هش وفارغ يُراد أن يُشحن الدماغ به .

من هنا تأتى هلع الأسطورة من قصة المعرفة والحرية ..لأن مسطرها يدرك جيدا أن فتح المجال أمام المعرفة سيجعل المنظومة الدينية تنهار من على عروشها .
لذلك نجد فى كل إطلالات الأسطورة هى تنبيه دائم عن الخوض والبحث عن المعرفة لأنها ستقود فى النهاية إلى أمور يزعم أنها ستنال من الإله ...بينما هى فى الواقع تزلزل المنظومة الإلهية .
لم يكن مسطر الأسطورة ساذجا بالمرة بل عبقريا .!!

التراث الإسلامى كان أكثر وضوحا ً وإشراقا ً , فلم يلجأ للترميز بل جاء شديد الوضوح والتحديد والحسم ..ففى سورة المائدة يقول :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ [المائدة:101-102]

هنا تعطى الأية وضوح فى النهى عن السؤال والخوض فى غمار المقدس ..
هنا تحصين النص والمقدس وتلك القائمة الطويلة من الغيبيات بالنهى عن السؤال والخوض فى غمارها ..
هكذا تجد المنظومات الدينية طريقها للإعتقاد ..أن تصنع فوبيا من السؤال ..أن تخلق أسوار عالية وحصون تجعل الإقتراب منها ومحاولة عبورها شئ محفوف بالمخاطر والإستياء والسوء .

لن تقوم للفكر الدينى قائمة إذا تم أطلاق كل الأسئلة من قيودها وأنطلقت المعرفة لتخوض فى المناطق المحظورة ... فعندما يتم قتل السؤال وتحجيم المعرفة ستتمكن المنظومة الدينية من تمرير كل حمولتها من الخرافة والغيبيات بسهولة ويسر .

الإعتقاد هو ترويضنا على عدم السؤال إلا فيما يريدوننا أن نسأل فيه ..أن لا نطلب المعرفة إلا فى إطار المعرفة التى يرضعوننا إياها .

لا أحب أن يكون هذا المقال فى إطار كشف مناورات الفكر الدينى لترويض الإنسان وجعله قادرا ً على تحمل الخرافة والدخول للحظيرة الإيمانية ..بل أأمل أن ألقى الضوء على أثر هذا المنهج الفكرى القائم على قتل السؤال والمعرفة فى مجمل حياة الإنسان .
المعرفة الإنسانية هى الدرب الوحيد الذى سلكه الإنسان لكى يتطور ..فبها يتم تراكم للمعلومات وفرزها وإحلال مفاهيم وأفكار بدلا من أخرى ..وبالمعرفة أيضا تلفظ الأفكار الهشة أنفاسها الأخيرة لتحل مكانها أفكار أكثر قوة ومنطقية وتماسكا ً .
عندما نمارس دور تحجيمى للمعرفة فلن نتقدم خطوة واحدة للأمام .. سنظل أسرى معرفة قديمة بالية مقولبة تم تسويقها ..لذلك نجد أن الشعوب التى تتماهى فى تراثها الدينى تكون أسيرة التخلف ولا تقدم شيئا ً للحضارة سوى إستهلاكها منها .
هى لا تقدم لأنها تعودت على فوبيا المعرفة وأصبح كل علمها مقصور على معرفة تراثية يتم تسويقها بلا إضافة أو تعديل .

والسؤال هو أيضا ً عبارة عن حرية الإنسان فى التفكير و طريقه نحو التطور ..فمعنى السؤال هو التوقف أمام فكرة أو مشهد يراد فك ألغازه ..ومن خلال السؤال يتم إقتحام الفكرة والبحث لها عن حل ...السؤال هو إقتحام جهل وتجاهل ..هو قدرتنا على ممارسة حريتنا فى الفكر والنقد .
أن نتربى فى مناخ رافض السؤال الجرئ والمعرفة المقتحمة ويجعلنا نتعامل معهما كفوبيا تتسلل فى أوصالنا وأنسجتنا فنعزف عن التعامل الجرئ معهما أثرين السلامة .. فلا نسأل فى العلم ولا الحضارة ولا السياسة , حينها لا تسأل لماذا نحن متخلفون ؟.

لن نخرج من حالة الغيبوبة الحضارية مالم نخترق بأسئلتنا كل الحدود والحصون ..مالم نجعل معرفتنا لا يحدها سقف ولا تابو مقدس .

دمتم بخير .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 8 ) _ أشياء مطلوب الإعتذار عنه ...
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 3 ) - الجنه تحت أقدام المقاتل ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 5 ) .
- تديين السياسة أم تسييس الدين (2) - الناسخ والمنسوخ تردد إلهى ...
- إلى هذا الحد وصلنا لحالة من الشلل والتسطيح والتهميش .
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 1 )- اليهودية نموذجا ً .
- ثقافة المراجعة والإعتذار المفقودة .
- نحن نخلق ألهتنا ( 6 ) - الله رازقا ً .
- تأملات فى الإنسان والحيوان والبرغوث .
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 4 )
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 3 )
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 2 ) .
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 1 ) .
- الأديان كتعبير عن مجتمعات عبودية الهوى والهوية .
- الجنه ليست حلم إنسان صحراوى بائس فحسب .. بل حلم مخرب ومدمر . ...
- سأحكى لكم قصة - شادى - .
- بوس إيد أبونا .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 7) _ فليدفعوا صاغرون .
- ضيقوا عليهم الطرق .
- فلنناضل أن يظل حسن ومرقص فى المشهد دائماً .


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 2 ) - لا تسأل ولا تعرف .