أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تقي الوزان - الاحزاب ليست جمعيات استهلاكية














المزيد.....

الاحزاب ليست جمعيات استهلاكية


تقي الوزان

الحوار المتمدن-العدد: 2983 - 2010 / 4 / 22 - 23:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكثير من الشيوعيين يقرون بعقولهم إن الحزب هو وسيلة لتحقيق أهداف محددة , ولكن في مشاعرهم يغلب عليهم تقديسه , واعتباره هو الغاية من العمل , وهذا احد الأسباب التي زادت في مرارة خسارة الانتخابات . التربية القديمة التي رافقت الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي , وما فرضته من تآمر وتنكيل وتصفيات جسدية بين أتباع الطرفين , جعلت من سرية التنظيمات الشيوعية احد أوجه الصراع , والمحافظة على صيانة وسلامة الحزب أهم من الأهداف التي ينشدها في اغلب الأحيان .

الحملة الدموية التي شنها النظام الصدامي عام 1978 على الشيوعيين وعوائلهم وأصدقائهم بعد ان احكم قبضته على كل الفعاليات السياسية والاجتماعية لعموم الشعب العراقي , كان يهدف منها إنهاء ما تبقى من روابط شكلية للجبهة الوطنية التي كانت تربط الطرفين منذ عام 1973 , وضعت الحزب في حالة إرباك, وتمزقت التنظيمات بين من سقط شهيدا تحت التعذيب , او تمكن من الهرب إلى الخارج , أو من حافظ على حياته بعد ان فرض عليه التوقيع على الإعدام إذ مارس أي نشاط خارج صفوف البعث , واستمر بدفع هذا الاستلاب حتى سقوط النظام , ولم تسلم إلا القلة . وكرد فعل على شراسة الهجمة, استطاع قسم من الشيوعيين الصعود إلى الجبال , وتشكيل قواعد أنصارية تحافظ على من يستطيع الوصول إلى كردستان , وفي نفس الوقت تنظم المقاومة المسلحة ضد النظام .

عمق الضربة , والدمار الكبير الذي تركته , وعدم تحسب القيادة لهذه الحالة بعد ان تم كشف اغلب التنظيمات الحزبية في محافظات العراق , نشّطت المطالبة بإشراك مختلف المستويات التنظيمية في صنع القرارات الحزبية , أي إشباع الديمقراطية . بعد أن استقر وضع الحزب وأعاد بناء شبكاته التنظيمية مع المقطوعين في الداخل ومن وصل الى الخارج , وثبت الكفاح المسلح كرأس حربة لنضاله الوطني , وانتشرت مفارز أنصاره في اغلب مناطق كردستان العراق . والذي زاد من هذه المطالبة العيش المشترك بين القيادات الحزبية وبين القاعدة , حيث كسرت الكثير من المحرمات والتصورات غير الواقعية التي كانت تتحكم بطبيعة التنظيم (السرّية) السابقة . وكانت حاجة الحزب للتجديد قد نضجت, ولكنها تصطدم بعدم نضوج الظروف الأممية , حيث اشتد الصراع أكثر بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي , ودخلت حرب النجوم مرحلة جديدة , والخروج عن القواعد الحزبية المتوارثة للأحزاب الشيوعية ضرب من الانشقاق , وسقوط في الجانب الآخر .

الترسبات العميقة لنظم العمل القديمة , أعاقت وبدرجات متفاوتة تطبيق شعار " الديمقراطية والتجديد " الذي تبناه الحزب في مؤتمره الوطني الخامس عام 1995 . والغريب ان البعض من الذين كانوا يعانون من هذه الترسبات ويطالبون بالتجديد , يتشبثون بها الآن . وبدل من ان يجري النشاط باتجاه إنضاج الأفكار لتكون البؤرة التي يتجمع عليها مجموعة من الرفاق , يكون الشخص هو ( البؤرة ) ويستخدم أساليب عدة لهذا الغرض , وهو ما يطلق عليه بالكولسة , وهذا اخذ الكثير من اهتمام الحزب لمعالجته , وفي بعض الأحيان شكل دوّامة لبعض المنظمات .

الشيوعيون العراقيون يفتخرون بأشياء كثيرة , تاريخ عريق في مقاومة الظلم , وبطولات فذة , ووطنية لا غبار عليها, وثقافة تضرب في عمق الحركة الوطنية , وينعشهم ان اغلب الأحزاب والحركات السياسية العراقية أخذت تتبنى مفاهيم ثقافتهم السياسية ومرتكزات برامج عملهم , مثل الفيدرالية والتعددية والتداول السلمي للسلطة ..الخ . واليوم نادرا ما تجد فروق جوهرية بين برامج هذه الأحزاب التي دخلت الانتخابات وبين برنامج الحزب الشيوعي , وهذا احد الأسباب الرئيسية التي دفعت البعض من الحريصين لمطالبة الحزب بتغيير خطابه السياسي , وجعله مميزا عن الآخرين , واعتبار هذا التشابه احد أسباب الضعف الذي يعاني منه الحزب . والجميع يدرك ان تبني الخطاب التقدمي من قبل الأطراف الأخرى لا يعني إيمانهم به وتخليهم عن مصالحهم الطائفية والقومية , بقدر ماهو ادعاء لابد منه لمتطلبات لايمكن التنكر لها .

يشدد البعض على ما يطرحه الحزب للجماهير فقط . ويتحاشى , او يتناسى , ما يجب ان تكون عليه العلاقة داخل الحزب , أي البناء التنظيمي , الذي لو تم له النضوج واستكمال بنائه الديمقراطي الجديد , سيوجد المجالات والطرق الأوسع والأكثر حيوية بين الجماهير . وقبل عدة أيام حدثت مشادة بين اثنين من الشيوعيين , الأول يوبخ الثاني : كيف التحدث بأسرار الحزب في المقهى ؟! الثاني كان يناقش احد أصدقائه حول المبدأ التنظيمي " المركزية الديمقراطية " أجاب باستغراب : ما هو السر الذي كشفته ؟! وهو مبدأ لينيني أساس في بناء الأحزاب الشيوعية صاغه لينين قبل مئة عام , وسارت عليه جميع الأحزاب الشيوعية في العالم . الأول : ولكنك تقول ان الشيوعيين ليسوا ملائكة , وبعضهم يطبقه حسب رغبته وفائدته . الثاني : وازيدك , بأن المركزية كانت هي الأساس في عمل جميع الأحزاب الشيوعية , وهي احد الأسباب الرئيسية في انهيار التجربة الاشتراكية , والديمقراطية كانت ديكور ملحق بها. والحزب الشيوعي اقر في مؤتمره الخامس ان يشبع الديمقراطية , ولكن ترسبات نظم العمل القديمة تعيق ذلك . الأول : وهل من الصحيح كشف هذا أمام الآخرين ؟! الثاني : أنا لم اكشف شبكة تنظيمية , أو خطط عمل , أو اشهّر بأحد وانشر غسيلا وسخا . بالعكس , من الأفضل أن يعرف الناس وسائل تنظيم عملنا , وطريقة اتخاذ القرار , فهم لا يعرفون مهام الأحزاب , إلا سلطة البعث , والتبعية لقيادات الأحزاب الدينية والقومية , ويفهمون عمل الأحزاب في أحسن الأحوال كجمعية استهلاكية , تمنح منتسبيها التوظيف , وإنجاز المعاملات , وتوزيع الأراضي , ورواتب تقاعدية للشهداء .



#تقي_الوزان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين بشتاشان ودموية النظام
- الحزب الشيوعي والهموم النقدية
- الحزب الشيوعي ليس قبيلة ماركسية
- لكي لانبرر الخسارة, او الانسياق وراء جلد الذات
- بين زمنين
- الشيوعيون وفرح اعلان قائمتهم
- من الذي يؤمن بالدستور والعراق الفيدرالي ؟
- الضياع في كسب السلطة
- علي خليفة والاستعارة من التاريخ
- بين الواقع والكلام
- حسين عبد المهدي والتوحد مع الضمير
- استعدادات مبكرة للأنتخابات
- القوى الديمقراطية العراقية والحراك المشتت
- من يضمن استقلال المالكي ؟
- واخيرا سينتهي الفساد
- 9 نيسان وبوصلة اللحظة التاريخية
- أحد بوابات سدة الكوت
- تداعيات ما بعد الانتخابات
- احداث من الزمن المنكوب
- شهادات تأبى النسيان


المزيد.....




- صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في ...
- سيارة همر -مسروقة- في دمشق تظهر ضمن سيارات الأمن السوري... ك ...
- -فضيحة الصندل-.. برادا تعترف باستلهام تصميمها من الصندل الهن ...
- مقتل 18 فتاة في -حادث المنوفية- يهز مصر وسط مطالب بإقالة وزي ...
- مئات الملايين والمليارات: حفلات زفاف باهظة الثمن في القرن ال ...
- ترامب: أنا -لا أعرض شيئا على إيران ولا أتحدث معهم-
- مشروع مغربي طموح يربط دول الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي
- توتر الوضع الأمني في الشرق الأوسط : كيف يؤثر على خطة لبنان ل ...
- بعد شهر من الغياب.. العثور على جثة الطفلة مروة يشعل الغضب في ...
- حل مئات الأحزاب الأفريقية.. خطوة نحو التنظيم أم عودة لحقبة ا ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تقي الوزان - الاحزاب ليست جمعيات استهلاكية