أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد كشكولي - ضرورة نقد الدين و الإيديولوجيات المستحيلة إلى أديان















المزيد.....

ضرورة نقد الدين و الإيديولوجيات المستحيلة إلى أديان


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 2964 - 2010 / 4 / 3 - 20:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يمكنني اعتبار الدين العامل الحاسم في تغيير المجتمعات و تطورها أو تأخرها، إذ أن من يبتغي دراسة أسباب تخلف المجتمعات المسلمة وانحطاطها، عليه النبش عن جذورهما الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية. وثمة وقائع كثيرة تثبت الادعاء أعلاه. يهود الفلاشة في إثيوبيا و بلدان أفريقية أخرى لم تشفع لهم يهوديتهم ، ولم تجعل منهم علماء و لوبيات في مراكز صنع القرار في الدول العظمى . كما أن عشائر كردية عديدة مثل الهركيين ، و الزيباريين والبارزانيين والتي كانت تدين بالمسيحية قبل التحول إلى الإسلام قبل أقل من قرن و نصف قرن من الزمان لا يبدو أن حياتهم الراهنة و ظروفهم المعيشية ,أساليب الإنتاج عندهم كانت سوف تتطور إلى مستويات شعوب مسيحية أوروبية لو ظلوا على دينهم السابق. *

لكن الدين كان دوما سلاحا بيد الطبقات الحاكمة طوال التاريخ في قمع الطبقات المحرومة و استغلالها في كل المراحل التي مرت بها البشرية من عبودية وإقطاعية و رأسمالية. إذ أن كولومبس وصل إلى العالم الجديد يحمل هو و فرقته الكتاب المقدس ، يبشرون أبناء القبائل الأصلية بالدين المسيحي بينما كانت في أوروبا تجري حرب لا هوادة فيها ضد الكنيسة لتجريدها من سلطاتها ، و في سبيل فصل الدين عن الدولة والتربية التعليم و منظومة القضاء . وفي هذا السبيل قدمت أوروبا تضحيات كبيرة.
كانت الكنيسة تحكم لقرون عديدة في الغرب ، بعدما بدأ عصر التنوير في القرن الثامن عشر ، وأخذ الوعي ينمو و العلوم والمعارف تنتشر بين الناس بالتدريج ، وبعد اشتداد الصراع الطبقي في مرحلة الرأسمالية ، أخذ نقد الدين يتصاعد ، واشتد النضال التقدمي ضد سلطات الكنيسة . وقد كانت المؤسسات الدينية ورجالها حلفاء دوما للمستبدين و الأنظمة الجائرة ، ووعاظ سلاطين مبررين للظلم و التفرقة . و إن حدثت خلافات ما بينهم وبين الحكام، لم تكن في سبيل إنهاء الظلم و الاستغلال، بل كانت لأجل إعادة توزيع الثروات والنفوذ وتغيير الوجوه.

فقد كان هدف فصل الدين عن الدولة ومنظومة القضاء و التربية والتعليم من أهم الأهداف التي ناضل في سبيل تحقيقه المفكرون و المثقفون التحرريون التقدميون والإنسانيون، منذ عصر أبيقور حتى العصر الراهن. غاليله غاليلي يضطر تحت الضغط والتهديد أن يقول " إن الأرض مسطحة" لكنه حين يخرج من المحكمة يضرب بقدميه على الأرض قائلا: " أيتها الأرض ! أنت لست مسطحة، بل أنك كروية ، وتدورين حول الشمس" . لكن لم كل المتنورين محظوظين مثل غاليله ، إذ أن كثيرا منهم أبيدوا و اضطهدوا من قبل الجهلة و المستبدين.
وكانت الثورة الفرنسية عام 1789 فتحت فصلا جديدا من التاريخ البشري، وأثبتت أن البشر بالثورة يمكنهم إزاحة أكثر الأنظمة الاستبدادية عن طريق التقدم و التطور و بناء مجتمع يليق بالبشر.
قال جومو كيانتا مؤسس الوطنية الكينية : " حين أتانا المبشرون المسيحيون كانوا يحملون بيدهم الكتاب المقدس ، وكنا نحمل أراضينا ، ولكنهم بعد خمسين عاما أصبحوا يملكون أراضينا و أصبحنا نحن نحمل الأناجيل في أيدينا". **

وأكد ماركس على أن "المسيحية لا يمكن مصالحتها مع العقل [كما تجسَّد في علوم عصر التنوير] لأن العقلين ’العلماني’ و’الروحي’ يناقضان بعضهما بعضاً. وكان ماركس ناقداً حاداً للغائيّة وفكرة التصميم، إذ رأى أنهما محاولتان مغتربتان لتقديم أساس عقلاني في الطبيعة لسلطة الله على الأرض، وبالتالي لتبرير السلطات الأرضية كلها.

وكان نقد الدين عند ماركس نقطة بداية حاسمة لنقد أعمّ لـ"عالم مقلوب" كان الدينُ فيه "نظريةً عامة" و"وجيزاً موسوعياً." فكما قال سنة 1844 في كتابه "مقدمة لنقد فلسفة الحق عند هيغل": " يتحول نقد السماء إلى نقد الأرض، ونقد الدين إلى نقد القانون، ونقد اللاهوت إلى نقد السياسة." وكان نقد الدين (ومعه نقد الاقتصاد السياسي) ما جعل الفلسفة والعلم ممكنين، ووسم أيضاً تطور فكر ماركس الخاص.


وقد أعلن ماركس في كتابه "نقد فلسفة الحق عند هيغل" الذي نشر سنة 1844 في باريس في الحوليات الفرنسية الألمانية:
"يصنع الإنسانُ الدينَ، ولا يصنع الدينُ الإنسانَ. والدين، فعلاً، تعبير عن وعي الإنسان بذاته وثقته بنفسه، ذلك الإنسان الذي إما لم يكسب نفسه بعد أو إنه خسرها فعلاً مرة أخرى. ولكن الإنسان ليس كائناً مُجرَّداً يربض خارج العالم. الإنسان هو عالم الإنسان، الدولة، المجتمع. فهذه الدولة وهذا المجتمع ينتجان الدين الذي هو وعي مقلوب بالعالم... [الدين] هو التحقيق الوهمي للجوهر الإنساني، لأن الجوهر الإنساني لم يحقق أي وجود حقيقي. ولذا فإن الصراع ضد الدين هو بشكل غير مباشر صراع ضد ذاك العالم الذي يكون فيه الدين عبيره الروحي. والمعاناة الدينية هي، في الآن نفسه، تعبير عن معاناة حقيقية واحتجاج على معاناة حقيقية. إن الدين تنهيدة المخلوق المضطهد، قلب عالم لا قلب له وروح الأوضاع التي لا روح لها. إنه أفيون الشعب."

ونرى هنا أن ّ ماركس يبدي تعاطفاً حقيقياً مع المؤمنين بالدين باعتباره "تعبيراً عن معاناة حقيقية" وسلواناً ضرورياً للمُضْطَهَدين. وهؤلاء ليس لديهم طريقة للوصول إلى وسائل سلوان أخرى، مثل الأفيون، المتوفرة للأثرياء، ولم يتعلموا بعد أن يثوروا ضد العالم المقلوب الذي يُعتبر الدين مظهراً وهمياً له.

لكن النزعات القومية و الخرافات أعيد إنتاجها رغم التطور و التقدم الحاصلين في أوروبا، و أحرقت الشعوب في أتون حربين عالميتين و حروب إقليمية في فلسطين و بين نظامي البعث في العراق و الجمهورية الإسلامية الإيرانية وغيرها من المناطق في سبيل إعادة توزيع الثروات والنفوذ في العالم.
يقسم الدين كما القومية البشر إلى " نحن" و " هم" و الأصلي و الدخيل و الوطني و الأجنبي ، لهذا لا يمكن أن يصبح رمزا لأي دولة عصرية ، ولا يحق لأية حكومة الانحياز إلى دين معين وجعله مقدسا ودينا رسميا ، وبناء مدارس دينية ، إذ أن هذا لن يؤدي إلا إلى التفرقة والتمييز و اضطهاد الجماعات الصغيرة والأضعف من يشعرون أنهم الجماعات الأقوى و الأحق بالسلطة والحكم .
لم نشهد لأية حكومة قامت على أساس ديني إن كانت متسامحة مع كل أتباع الديانات الأخرى. الأقلية البهائية، مثلا، تتعرض إلى اضطهاد في إيران، كما أن السنة يتعرضون علنا إلى تمييز. فلا يمكن تجزئة الحرية إذ أن اضطهاد مجموعة ما سوف يؤدي إلى اضطهاد المتعاطفين معهم ، وبالتالي إلى خلق مجتمع غير متسامح و متمزق بمرور الزمن .

ليس المبتغى هو حذف الدين من المجتمع، بل أن المسألة الأساس هو نقد شامل للدين.ولا أدعو هنا إلى الإلحاد بل المطلوب هو تغيير المفاهيم عن الله و الحرية و الإنسان. أنها دعوة إلى الإقرار بأن المرأة لها حق المساواة الكاملة مع الرجل في حقوقها وواجباتها. و أنه من الظلم أن يفرض الحجاب على القاصرات، و من الفظيع أن يلقن الطفل تعاليم عنصرية، وأن يتنجس من زملائه وزميلاته لكونهم من دين آخر وقومية أخرى. وإن الدعوة هنا هي للتنوير الذي سوف يؤدي إلى تحرر الإنسان من الخرافات ، فبدون التنوير ، يبقى المسعى لفصل الدين عن السلطات في المجتمع أمرا مثبطا و بدون أي جدوى.
الدين يجب أن يبقى أمرا شخصيا ، و أن تتوفر حتى في الأسرة الواحدة الحرية التامة للاختلاف الديني والعقيدي . و أن يكون النقد بدون أي هاجس خوف أخلاقي أو قانوني.


2010-04-03
* للإطلاع على المزيد في هذه المسألة يمكن مراجعة كتاب الباحث السويدي انجمار كارلسون بالسويدي

Korset och halvmånen

**جومو كيانتا بعكس ادعاءات بتبني الاشتراكية والعدالة في كينيا ألا انه أصبح من أكبر الملاكين في كينيا بعد خروج الاستعمار منها.



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة الشاعر الإيراني أحمد شاملو -خطبة في مراسيم دفن-
- حديث في الجنس
- الاتجار بالنساء عالميا عار العصر
- الأسطورة ضرورية للإنسان
- من الشعر الكردي : تفاحات بيروت لجمال غمبار
- مذابح أهالي شمالي اليمن، لمصلحة من ؟
- الحوار المتمدن ولد ليختلف، و يواجه فلول الظلام
- ما سعر كيلو من الشعور الطازج؟
- الحرب.. قصيدة للشاعر الكردي قوباد جليزاده
- جدار برلين كان مسخا للشيوعية و مبادئها الإنسانية
- قصائد للشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون
- نوبل للسلام ، أم لخدمة الرأسمالية؟
- قوباد جليزاده : نسفّد القُبَل و نشوي النهود
- المرأة مجرمة وفق الأعراف القبلية
- قصيدة - الحب ّ الكلّي- للشاعر الإيراني الكبير أحمد شاملو
- في قطران الليل للشاعر الإيراني سهراب سبهري
- تجربة اليسار الايراني مع الاكليروس ، دروس لا غنى عنها لليسار ...
- الشاعر الإيراني اسماعيل خوئي
- جماهير إيران تسير في طريق الثورة على استبداد ولاية الفقيه
- ترنيمة زهرة الخلود


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد كشكولي - ضرورة نقد الدين و الإيديولوجيات المستحيلة إلى أديان