اسباب بروز Shakespeare و القرآن

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2932 - 2010 / 3 / 2 - 10:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

اولا الاداء اهم من المادة
بروز شكسبير و احتلاله مركز الصدارة بين عباقرة الادب العالمي ليس له علاقة بالمسرحيات او القصائد التي كتبها لانها معظمها مقتبسه افكارها و خطتها من قصص اناس آخرين سبقوه. اضافة الى ذلك فهي قصص بسيطة مملة احيانا ليست فيها شئ جدير بالذكر. و لكن الذي يميز شكسبير هو طريقته اللغوية في تقديم و عرض هذه الافكار واللعب على الكلمات والمعاني punning and word play التي تعتبر ولع و ادمان انجليزي منذ زمن بعيد. لذلك نستطيع ان نقول: لايهم حتى اذا كانت المادة قديمة او مسروقة فان اسلوب عرضها بلغة اخرى شيقة تجعلها ابتكار جديد.

و بنفس الطريقة و لنفس السبب نستطيع ان نقول انه حتى اذا كانت افكار القرآن في الرب و الجنة والنار و الامر و النهي مسروقة من اليهودية و المسيحية فهي تعتبر تجديد من نوع جديد بسبب عرضها باسلوب معين و بلغة ممتعة احيانا (بعض السور المكية) و استعمال السجع الشعري النثري. فاذا قمت بترجمة القرآن اومسرحيات شكسبير فانت تفرغها من موسيقاها وبالتالي تفرغها من محتواها و هذا يعني ان العرض والاداءpresentation skills في معظم الاحيان اهم من الفكرة او المادة نفسها كما نراها ايضا في طريقة اداء المغني/ المغنية لاغنية او تغليف سلعة معينة بلباس جميل و عرضها من قبل فتاة جميلة امام المخزن. احيانا لا تستطيع المحلات ان تبيع سلعة معينة دون الاستعانة بصورة فتاة نصف عارية جذابة.

ثانيا التسلية و المتعة
يجب ان تكون جميع انواع العرض من ضمنها طرق التدريس و التعليم ممتعة تسلي لاجل كبل الزبائن والطلاب و الجمهور و جذب انتباههم. كل شئ يسلي يثير الانتباه و يزيد من التركيز و الاشتراك والتفكير و الاشتياق الى معرفة المزيد anticipation و الوصول الى النتيجة و النهاية. اضافة الى ما سبق كل شئ يسلي يبقى في الذاكرة الطويلة الامد لاينسى بسهولة. مسرحيات شكسبير لم تكن للقراءة و انما للتمثيل على المسرح و تسلية الجمهور. لم يكن القرآن للقراءة و انما للتلاوة و الاصغاء باسلوب موسيقي شعري ممتع يسلي.

ولكن وصول شكسبيرالى هذه الدرجه العالية يرجع الى عامل أخر مهم جدا اضافة الى مواهبه الشخصية و طريقة عرضه. كانت اللغة الانجليزية بسيطة قبل الاحتلال النورماني الفرنسي عام 1066 تماما كما كانت اللغة العربية قبل الاحتكاك مع الاغريق و الساسانيين... لتصل الى اوجها بعد الالاحتلال الاسلامي اضافة الى مواهب محمد في كيفية عرض و استعمال القرآن . كان النورمان في الاصل من اسكندنافيا لذلك اطلق عليهم نورمان nord men اي رجال الشمال. بعد الغزو الفرنسي تطورت اللغة الانجليزية شيئا فشيئا و اصبحت لغة مرنة بعد فقدانها لتصريفاتها القواعدية (ماعدا s الشخص الثالث (he/she/it comes و قوية قادرة على توفير مفردات كثيرة تلبي مختلف الحاجات و المناسبات والاغراض. استطاع شكسبير استغلال هذا التطور لصياغة الافكار في قالب جذاب من الشعرو النثر و خاصة اللعب على الكلمات والمعاني. لم يكن خروج شكسبيربهذه الدرجة من الادب الرفيع ممكنا لو كانت الانجليزية لاتزال على بساطتها دون الامتزاج مع الفرنسية.

Prefix + infix + suffix = affix
لقد استعمل كثيرمن الكتاب غير العرب و خاصة الفرس اللغة العربية لانها و بحكم طريقتها السامية المرنة في صياغة كلمات جديدة عن طريق المزيد في الفعل و الاسم affix (في اول الكلمات prefix و في وسطها infix و نهايتها suffix) اضافة الى الاستعارات الاجنبية وترجمة افكارهم و ثقافاتهم بعد الاسلام تحولت العربية من لغة بدائية بسيطة الى لغة غنية جدا. لاحظ جميع اللغات غير السامية تستطيع صياغة كلمات بواسطة prefix و suffix و لكنها لاتستعمل infix. هذه المرونه (كعجينة الخبز) اعطت العربية قدرة استثنائية في صياغة افكار جديدة لغويا على اوزان موسيقية جميلة مختلفة.

اصبحت اللغةالانجليزية عالمية و اداة ذات قدرة خارقة بحكم استعاراتها و مستعمراتها و اختلاطها مع لغات اخرى. نستطيع ان نقول ايضا بانها لغة اوربية جدا لانها طفلة من ام المانية و اب فرنسي بالتبني ( ام المانية + اب فرنسي بالتبني = طفلة انجليزية). ولكن الطفلة اليوم اقوى من والديها فالانجليزية هي اللغة الطاغية ليس فقط في اوربا و امريكا و انما في العالم كله. للمزيد راجع الرابط الاتي:
http://www.jamshid-ibrahim.net/74.0.html

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل