أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - قفل قلبي(رواية)7















المزيد.....

قفل قلبي(رواية)7


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 14:05
المحور: الادب والفن
    


الورقة الثامنة

ـ لم أعد أحتمل الفضيحة ..
ـ أنت واهمة يا(أم)،لست أنا المعني إن كانت المصيبة قد حصلت..
ـ لا تهرب يا أبن الناس،وضعنا الحل في بالنا أنا وأبوك مسبقاً،نعلن الفرح وكل شيء ينتهي بسلام..
ـ تميتينني يا(أم)لتصارحك هي بما جرى لها،لم أفعل ما ينافي الواقع..
ـ بنت عمك لا تخفي عني شيئاً،لا يمكن أن تزل..
ـ أرجوك أبعدي عني هذه الاتهامات الباطلة،لست من فعل هذه المصيبة..
بقيت أسير حصار لا فكاك منه،قل لي ما العمل وأنت إزاء هاوية وليس أمامك حلاً غير المثول والقبول بحل صمدت كثيراً كي تتجنبه..؟؟..يقيناً أن في القضية لف ودوران،هذا ما حسم قراري، بقيت أحسب لكل حركة حسابها الخاص،لكم حاولت أن تحقق هذا الحلم المهيأ من قبل أبي وبمساندة سرطانية(الأم)،كنت أتعامل بيقظة كي أميت تلك الرغبة الضارية فيها،لذت بصومعة (هي)،كانت المأوى والنعيم والمنقذة أوان تصدع ذاكرتي،مرت الأيام مملة يا صاحبي،الدقائق حين أكون في البيت طويلة وعندما أكون في الليل قصيرة،حيث(هي)ترضعني من ثدي الحب والنعيم، حليب المقاومة،وتزيل ما يتراكم في قلبي من سأم وقلق ومجهول،لقد كان الرعب ينمو مع هذا التكور المتنامي في بطنها،ابنة(عمي)تكفهر وتذوي وراحت تمزقني بتقيئها،ظلّت(الأم)لا تصدقني طبعاً وكلها شكوك حولي،بدلت من طبيعتها وصارت أكثر ليناً ولم تعد تنظر بنظرات الريبة والتلصص، وذات ليلة جلبت لي الشاي إلى غرفتي،لم تفه بشيء وقبل أن تغادرني قمت ومسكتها من كفها اليمين وأجبرتها الجلوس على سريري..!!
ـ أنا لم أفعل ما تظنين..
وقفت وغرزت في عيني نظرات كلها أسئلة..قالت :
ـ لا يحصل هذا إلاّ بمواقعه،راجع نفسك قبل أن يهبط و..و..و..ويشبهك..!!
ـ لكنني لم أفعل،لم لا تصدقينني..
ـ هذه مسألة لا تقبل التأويل،البنت بدأت تتغير،أعمل شيئاً إن كنت تحبني..
ـ أنا مستعد أن أفعل أي شيء إلاّ ما في بالك،هناك سر غامض،علينا أن نهتدي إليه أولاً..
هزت رأسها وهي تنسحب..قالت :
ـ شايك سيبرد..!!
***
في النهار أجد بعض العزاء في الدكان،في الليل أكون مع(هي)علمتني أن لا أنهزم إذا ما جاء عارض طارئ،وحده الصمت يهزم ـ عندما تكون ضعيفا طبعاًـ أقوى أعداءك،اتخذت سلاح الصمت سنداً وسط عالم يريد أن يفترسني،كنت معها ورغبت أن أطرح أسئلة تناثرت إلى كل محفل،أسئلة كانت تلح علي أن أخمدها بيقين فولاذي..!!
ـ لم اخترت هذا الوقت بالذات..
ـ كلما أسمع الرنين تضطرم أحشائي وأراني ضامئة تلهث خلف سراب..
ـ أنت لا تشبعين..
ـ حياتنا ضئيلة مثل بركة ضحلة لا نعلم في أية لحظة ستجف..
ـ متى ولدت..
ـ منتصف الليل كما كانوا يقولون لي..
ـ يا للتوافق،أنا أيضاً ولدت منتصف الليل..
ـ إذاً سنحتفل في هذا الوقت دائماً،ذكرى تحررنا أو لنقل ذكرى ولادتنا معاً..
ـ لم قبلت به وهو أكبر من أبوك..
ـ سأمت الجوع ولم أعد أحتمل نيراني..
ـ أنت تشبهينني في كل شيء..
ـ لذلك دخلت مهجتي ليلة كسر الرقبة..!!
هذه حوارات أتذكرها،جزء حيوياً من نقاشاتنا الليلية،ظلّت عالقة في ذاكرتي لا تغادرني،نلتقي ولا نبالي بما يجري في العالم من حروب،ربما يحدوك الرغبة لمعرفة أين كنّا نختلي،هذا السؤال في بالي،من السابق لأوانه أن نعرج صوبه،أنا الآن بصدد معضلة بالطبع حلّها في الجيب ولا أريدك أن تستعجل الأمور،فأنا لي غايتي مثلما لك غايتك،معضلة فتاة لم يمسسها بشري،كيف صارت حاضنة لجنين جهاز(السونار)أشار أنه ولد،هاجس ظلّ يؤرقني،ماذا لو جاء يشبهني..؟؟حيرة بدأت تأكل مخي وتطحن أحشائي،لأنني سمعت أن الحامل دائماً تركز على وجه المحبوب سرعان ما يأخذ الجنين ذلك الشكل اغتصاباً،لست بطبيعة الحال أشك بابنة(عمي)لا تغادر البيت وكانت متفرغة لي،بل واثقة أيضاً أنني زوجها في قوادم السنين،لا أعتقد أنها سقطت في فخ الضعف،فهي كما أشرت عنيدة كانت،ذكية رغم صغرها وتعلمت من(الأم)دروس النضج وكل ألاعيب النساء الكاملات،توالد لدي الأرق والخوف من مستقبل قريب قادم على صهوة حصان الظنون،راحت المسكينة تنزوي وتتأجج غضباً وتسهر في الليل وكنت أتجنبها وغيّرت هي أيضاً من إستراتيجيتها وبدأت كأنها غريبة،كنت أحاول أحياناً أن أتصل بها،ربما أصل إلى سر ما يجري من وراء ظهري،دائماً أجد الحلول عسيرة وأجد أسئلتي لا تقودني إلى ما أرمي إليه..!!
***
في تلك الأيام،كانت(الحفّافة) تتردد كثيراً..قلت لها:
ـ من هي الضحية هذه المرة..؟؟
ـ ستكون في القريب العاجل ضحية دسمة يا ولد..
ـ واليوم..
ـ ستعرف عن قريب..
هكذا غموض بطبيعة الحال،لا يمكن الصمت حياله،استرقت السمع من النافذة وكانت تحاور(الأم) بصريح العبارة :
ـ ما زلت محط أنظار الرجال..
ـ ويحك يا مجنونة..
ـ توكلي على الله يا امرأة،الحياة بلا رجل جحيم..
ـ دعك من هذا الكلام..
ـ يا أختي هناك من يريدك..
ـ لا..لن أشارك غير المرحوم فراشي..
ـ فكّري،جدّدي حياتك وحافظي على جمالك..
ساد الصمت وانسحبت إلى غرفتي،تمددت وتظاهرت بالنوم،كان الوقت ما بعد الظهيرة،غشاني نعاس شديد ولم أعد أعرف كيف أخذني النوم،الـ..نـ..وووووم..!!..(سأتوقف هنا)..
***
خلت نفسي في كابوس،حبال تمتد وتلتف حولي،رجال غلاظ يدلقون مياه ساخنة على رأسي،كانت(هي)تحاول أن تنقذني،(الأم)تشارك حشود بشرية ترجمني،وابنة(العم)ممددة فوق لوح خشبي تحتضر،وضعوني جنبها وحط سيف متوهج بالنار وعزل رأسي،كنت متعرقاً وجفاف يفتت حلقي،أحاول أن أتخلص من براثن لا مرئية تشدني،فجأة أندفع الباب،كانت(الأم)في لحظة هلاك..
ـ أنهض..
ـ ماذا وراءك..
ـ قتلت نفسها..!!
ـ من..
ـ أسرع أنها تحترق..
كانت تختفي وسط بركان نار،لم أكن امتلك حيلة،كي أعالج الأمر،اندفعت إلى الحمام وبدأت أسكب فوقها من فرط غبائي ماء ساخن بجنون..!!
***
قال الطبيب :
ـ حالتها خطرة..
ـ دكتور أرجوك طمأن قلبي..
ـ سنحاول أن نخلصها رغم صعوبة الوضع..
في الليلة التالية كانت ابنة(العم)بين الحياة والموت..قالت( الأم ) :
ـ لو نفذت وعد أبيك لما حصل كل هذا..!!
ـ أي وعد،أنت تحاولين إلقاء اللوم علي،ألستما من قاما بإقحامها في هذه المحرقة..
ـ لنترك الموضوع جانباً،قلت للطبيب كانت داخل الحمام وتسرب الغاز من الاسطوانة وحصل الحريق وتم معالجة القضية دون اللجوء إلى مراكز الشرطة،والمهم أننا تخلصنا من الجنين..!!
بقيت وحدي أجابه إعصارين،إعصار(هي)الليلية وإعصار(الأم)النهارية،خصوصاً حين أكون في البيت، أمّا الدكان كان مكان راحة وتفكير بما سيأتي،خصوصاً بعد أن أتاني المستخدم ليستعلمني بفصلي من المدرسة بسبب انقطاعي المستمر من الدوام وطالبني حسب أوامر المدير بإرجاع الكتب واللوازم المدرسية التي كانت بذمتي..!!
***
الورقة التاسعة

ـ هل ثمة سبب..؟؟
ـ ليس بوسعي أن أقول ما لا أعرفه..
ـ أنت تعرف ولا تريدني أن أعرف..
ـ صدّقيني أنا مثلك،حاولت أن أعرف شيئاً،لكن دون جدوى..
ـ ولكن المرأة لا تلتجئ لهذا الحل ما لم تكن هناك أزمة،أزمة حقيقية..
ـ ليتني اعرف..
ـ هل كنت تحبها..
ـ ابنة عمي..
ـ تعاهدنا على الصراحة..
ـ أرجوك،لنكف عن هذه المصيبة،دعينا نبحر إلى مصيبتنا نحن..
سكتت وألهمتني بألحاظها الوسنانة،كل شيء في وجهها يصرخ وينادي،تأوهت قبل أن تندفع وتطوّق رقبتي بذراعين من أغصان الصفصاف،نعومة وحرارة،من بين شفتيها الناريتين تندلق أسمح لي أن أقول نسمات عذبة تنعسني وتغمرني برغبة وجرأة،آه..يا صاحبي..أيّ منتجع لا يمسح دمعة واحدة من عين إنسان حزين،وحدها(هي)زالت أحزان الكون من بالي،أنستني موت أبي وأنستني لهفة الدراسة وأنستني مصيبة البنت الآتية لإسعادي..!!
ـ أنك اليوم مختلف..
ـ وضّحي كلامك يا روحي..
ـ لم ألتمس فيك هذا السعير من قبل..
ـ أنا تنور وأنتِ الخبّازة،قلّلي من الحطب كي لا ينضج الرغيف باكراً..
ـ يا لك من شيطان،تدعي جهلك بهذه الأمور..
ـ كنت بدائياً..
ـ أريدك أن تبقى كما أنت كي تبقى رهن يدي ولا تنسى أجمل ما فيك وحشيتك..
ـ بدأت تخشين..
ـ بصراحة كنت أخاف منها..!!
لا أعرف بالضبط كيف تجرأت وسحبتها من أذنيها قبل أن ترتمي فوق صدري،كنّا ذائبين وبنا رغبة أن نحلّق إلى مناخ الليل لننجو قليلاً من كوابيس نهاراتنا،رأيتها تغفو ـ هكذا كانت كلما أعتصرها بذراعي ـ ووجدت لساني يتحرر بتلقائية متطرفة:
ـ روحي..
ـ روحك بين يديك..
ـ سأمت هذا العالم..
ـ وهل هناك عوالم أُخر..
ـ عالم أرغب أن أكتشفه في هذه اللحظة بالذات..
ـ أيّ عالم بقى مجهولاً،وضح كلامك..
ـ عالمك الرهيب،أشعر أنه يناديني،أكاد أسمع وجيبه..
ـ لا أفهمك..
ـ أريد أن أحرره من العزلة والجمود وأدخله إلى الخدمة الإلزامية..!!
ظلّت غافية تتأوه وهي تلحس بلسانها الملتهب كل مسامة من مسامات جسدي،لا أعرف أيضاً كيف صارت يدي الشمال هناك حيث سيبدأ الخراب،خرابي طبعاً،نعم أيها السائل والباحث عن علّتي،من هنا كانت القشة التي ستقصم ظهري وتوصلك إلى قلب محنتي،كنت أشعر أنها ترتجف وتحاول أن تتلوى بسعادة مغايرة،فتحت عينيها ووجدت في الأعماق زورقاً بلا قائد،عرفت أنها أعطت الضوء الأخضر وكنت هناك أبحر بشوق مدمر ولهاث استنزفني عمري فيما بعد..!!
ـ لمَ لم تطلب هذا من قبل..
ـ لا أعرف ربما الخوف..
ـ حرمتني من هذه النشوة،أرجوك عوّضني خساراتي الماضيات..!!
***
ـ الحب وراء فعلتها..
ـ لم لا نترك هذا الموضوع..
ـ هناك شيء يقلقني..
ـ لم تبقين في بالك ما ينمّي أوهامك،الحب كله صار لك يا روحي..
ـ ليس الأمر بيدي،العاشقة قلبها زورق في بحر لجي..!!
ظلّت تباغتني دائماً وتريد أن تعرف كل شيء عن فتاة أحرقت نفسها في لحظة سأم،لا نعرف بالطبع لم اختارت هذا الطريق المخل وسط مجتمع يفسر الأمور كما يرغب،نعرف أن تكوّر بطنها،جزء من اللعبة ولكن لم بالذات رفضت أن توّضح الأمور أو تملي شروطاً قد تكون من بينها حلاً ملائماً، تمضي الأيام ويمضي الحب وتمضي الحرب،ونحن كائنات طائفة لا مستقر لها سوى المثول لما يستجد من روتينيات رثة ومعادة،مملة وبغيضة..!!
***
ذات ظهيرة أنهضتني(الأم)وقفت وهي تراقبني بريبة وشك..
ـ ستترك المحل أيضاً..
ـ ليتني مت وتخلصت من هذا العالم غير المتعلم..
ـ لا تخفِ عني شيئاً،دعني أساعدك،أرجوك..
ـ لا أعرف كيف تفسرين الأمور،كل شيء يمشي على ما يرام..
ـ أنت تنام النهار وتغيب الليل وتأتي بمال كثير..
ـ رزقي يزداد،وهل فيه شيء..!!
كانت(الأم)تتحول من مسالمة إلى عدوانية شيئاً فشيئا،تراقبني وتحاول أن تجد ما يريحها من مبرز جرّمي،كانت تتخذ من الهزال الذي راح يشرب نظّارة وجهي،حجة لتأخذني إلى الطبيب،تتهامس معه دون أن أعرف مراميها،للحق أقول كنت أحاول أن أحترس وأمنع عليها الطريق للوصول إلى ما تبغي،هذه الأمور كنت أناقش بها(هي)كلما تأتيني إلى المحل،نجلس لوقت طويل ونتبادل ما فينا من لوعة وحرائق،ونمهد السبيل إلى ليلنا السلسبيل..!!
***
ذات مرة قلت لها على ما أتذكر:
ـ باتت تلاحقني..
ـ ماذا تريد منك،أرجو أن لا تريد أن تكسر رقبتك بالزواج..
ـ لم توضح أكثر عن هذا الموضوع الجدلي..
ـ ربما سمعت شيئاً عنّا..
ـ أنها تسأل عن سبب جلبي نقوداً كثيرة رغم أنني لا أذهب إلى المحل باكراً..
ـ لا تعطيها كل ما أعطيك..
ـ كان خطأي..
ـ وماذا تنوي أن تعمل، إيّاك أن تفكر بمقاطعتي..
ـ تريدينني أن أموت سأماً..!!
***
الحسنة الوحيدة لـ(الأم)أنها كانت قوية الشكيمة،لا تستعجل في اتخاذ قراراتها،غالباً ما تلغي ما تعتزم القيام به،رغم نظراتها وذلك التوجس الغامض في عينيها،كانت تمتلك عواطف ومشاعر دافئة تغمرني وتنسيني ما يتراكم في من خوف واحتراس،ثمة أشياء يجب إيضاحها لك،لم تكن(الأم)واضحة بالنسبة لي،فأنا لم أر يوماً أنها تطلب الذهاب إلى عائلتها مثلاً،أو تقول غداً سيأتي من طرف أهلي أحد،شيء قد لا يعنيني لحظتها،كنت أتمتع بحقوق ممتازة من قبل أبي وكانت(الأم)لا تعدم فرصة كي تسعدني،لقد مر زمن على كل شيء،زمن ليس بالقليل،وأنا أحاول أن أستحضره لك،أنت تجد هناك مفارقات وربما خلط ـ وهذا غير متعمد بطبيعة الحال ـ في سرد وقائع حياتي قبل أن أكون بعيداً عن هذا العالم..أتذكر يا صاحبي،أن ابنة(عمي)حين جلبناها من المشفى كانت مشوهة تماماً،رفضت أن تتكلم،رأيت في عينيها المنطفئتين بريق راحة،خلتها جراء تخلصها من حملها الغامض،بعد أسبوع أو يزيد على ما أظن،كنّا في الغرفة،ليست غرفتي بالطبع..تمتمت :
ـ أريد العودة..
ـ لن أتركك وأنت هكذا..
ـ لا أطيق رؤية نفسي هكذا يا عمة..
ـ سأجلب لك أحسن دكتور في البلد..
تدخلت فوراً :
ـ إن كنت السبب أرجو أن تسمحا لي بمغادرة البيت..
قالت:
ـ لا تفعل ذلك أنا سأغادر غداً..
قالت(الأم):
ـ ليس هذا وقت مجادلة،ستبقين هنا،سأبيع ذهبي وأعالجك..
ـ أشعر أنني خاطئة،كابوس يجثم ويكتم أنفاسي..
ـ لا تقولي هذا،أنت مازلت طاهرة في عيني..
في تلك اللحظة كانت عيناها منحوتتان في،عرفت ما الذي غزا بالها،وجدتها فرصة لأنسحب وعدت إلى غرفتي أو غربتي،استلقيت على الفراش ومضيت أبحث عن سر هذا اللغز،لغز فتاة حامل،ليست حكاية توردها كتب من أزمنة الأساطير أو ميثولوجيا الأقوام السحيقة،يالها من حيرة أن تخوض في متاهات تجهل مسالكها،وجدت نفسي تنجرف صوب حقيقة بدأت تغزو وتأخذ ليس بالقليل من وقتي،هذه المسكينة كظمت غيظها ليلة ركلتها وانطلقت منجذباً مجذوباً إلى الرنين، حافظت على هذا السر،رغم وعيدها لي أنني سأخسر معركتي معها في النهاية،لكن الأيام كشفت عن حقيقة مخالفة،كانت أكثر هدوءاً وتودداً رغم أنني كنت أعزو ذلك لأوامر(الأم)الصارمة والمحسوبة بدقة ودراية،وتلقينها المتواصل لإلانة عريكتي كما يقولون،أتذكر أن أباها يوم وصل،لم ألتقيه،(الأم)أسرّت ذلك،كاد أن يجن لولا(الأم)تدخلت في الوقت المناسب وجعلته يعود أدراجه بشيء من الهدوء الاستثنائي..!!
ـ حادث بسيط يا رجل..
ـ كل هذا الحرق وتقولين بسيط..
ـ لن تأخذها قبل أن تتعافى..
ذهب مثلما أتى،لكن الحقيقة بدأت تنبت حين قالت في اليوم اللاحق:
ـ فعلت هذا من أجل تسوية القضية بينكما..
ـ ما كان يجب أن تفعلي هذه المصيبة،كان الأحرى بك أن تصارحينني وأقوم بدوري بحل الموضوع،ليس الخطأ خطأك،أنا أعرف ما يدور في هذا المنزل..
ـ يا عمة أريد العودة ولا أريد أن أكون حجر عثرة أمامه..
ـ أنت واهمة يا بنت،أنه يحبك ولا يريد أن يكون غفلاً أمامك،هو قال لي ذلك،ستتحسن ملامحك وتعودين كما كنت جميلة..!!
هدأت وظلّت ساهمة تحدق في سقف الغرفة،كنت أتلصص من النافذة في محاولة أن أعرف كل ما يدور بين الكائنين الجريحين،عدت إلى غرفتي ومن جديد كنت أبحث عن منفذٍ لهذا السر المقلق..!!
***
كفّت(هي)عن إلحاحاتها وربما رصدت تذمري كلما أذهب إليها وهي تباغتني بالسؤال،تلتمس في الفتور والقلق،صارت تلتجئ إلى عواطفها وتنشغل بإطفاء نيرانها وتهيأ لي من حلو الغزل وهمسات الغرام كل ما هو مريح للكائن المشاغب..!!
ـ إلى متى تستمر هذه الحرب الليلية..
ـ إلى نهاية العالم أو لنقل الألم..
ـ ولكن العالم والألم وهمان لا ينتهيان..
ـ ربما نكتشف حقيقتيهما..
ـ وأن حصل ذلك..
ـ سنغير الكثير من تراث الحياة البالية..
ـ لنفترض أننا قضينا على العالم ودحرنا الألم..
ـ سننفرد لوحدنا..
ـ وربما نعود للتنازع..
ـ ماذا تعني..
ـ أعني نخوض حرب باردة..
ـ كل حرب باردة تؤول إلى الفشل..
ـ إلاّ حروب النساء..
ـ ليت الأمر بيدي،لجعلتك سيد هذا العالم المنطفئ..!!
***
مرة قالت :
ـ ليته يموت..
ـ ماذا تريدين منه،أعطاكِ ما تحسدين عليه..
ـ أريد أن أتفرغ لك..
ـ وهل يضايقكِ في شيء..
ـ يذهب في سفراته ويعود،لا يرغب سوى اللهو واللعب حتى الصباح،مسكين أعطي كنوز الأرض وحرم من أجمل وأغنى كنز جسدي..!!
كنّا في خوف لحظتها،كانت قلقة وهي ما بين لحظة ولحظة تندفع إلى النافذة وتطل على العالم النائم، كنت أحياناً أقف خلفها وأراها تتراجع لتلتصق بي،عالم صامت،كلاب تعوي،نتعانق قبل أن نعود إلى السرير الزيييك..زااااااكي..!!
ـ لست على ما يرام يا عزيزتي..
ـ أشعر بشيء من الخوف..
ـ العاشقة لا تخاف..
ـ أخشى أن يعود هذه الليلة..
ـ ولكنه بعيد جداً..
ـ أشعر أنه قريب،قريب جداً،اقرب من هذا الكائن اللاهث بين فخذي..!!
لم نكن قد أمضينا من الليل سوى ثلثه حتى تناهى إلى أسماعنا صرير إطارات السيارة وكان يجب أن نتهيأ لما هو أمر،سادني الارتباك،وجدتها على عكس ما كانت عليه،بدت أكثر رباطة جأش،حدجتني بنظرة تأمينية قبل أن تدنو مني وتطبع قبلة هادئة على ثغري الراجف..قالت :
ـ لا ترتبك أنت معي..
ـ ولكن..
ـ عليك السكوت،سأتدبر كل شيء بهدوء..
كانت السيارة تدخل المنزل،في تلك اللحظة كانت(هي)تطل عليه من الشرفة،وسمعتها تناديه :
ـ قتلني السأم،تأخرت كثيراً يا رجل..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قفل قلبي(رواية)5
- قفل قلبي(رواية)4
- قفل قلبي (رواية)3
- (قفل قلبي)رواية 2
- (قفل قلبي)رواية1
- الحزن الوسيم(رواية)9 القسم الأخير
- الحزن الوسيم(رواية)8
- الحزن الوسيم(رواية)7
- الحزن الوسيم(رواية)6
- الحزن الوسيم(رواية)5
- الحزن الوسيم(رواية)4
- الحزن الوسيم..(رواية)3
- الحزن الوسيم..(رواية)2
- الحزن الوسيم..(رواية)1
- مزرعة الرؤوس(قصة قصيرة)
- خمس حكايات
- لعبة الموت..البرلماني الغيور(حكايتان)
- الشرفة الواشية..قبلة أزلية(حكايتان)
- لقاءان..الكرة الزجاجية رقم 301(حكايتان)
- معاقل الذباب..مزرعة الضفادع(حكايتان)


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - قفل قلبي(رواية)7