أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - الحزن الوسيم..(رواية)2















المزيد.....


الحزن الوسيم..(رواية)2


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2565 - 2009 / 2 / 22 - 08:47
المحور: الادب والفن
    


(نوزاد)
ما زال يدين بالكثير لرفيق عمره(شيرزاد آكري)،فهو من أنقذه ذات أصيل فوق قمّة(أزمر)كان يشعر بإحباط تام وعدم قرار،سواد متكاثف وغبار متلاحق يستعمران روحه،كان فتى يأس ولكن لم يكن كسولاً،شعلة نار كان،مثابراً،عيون زملاؤه تنغرز فيه ملؤها غيرة واندهاش،لعبت الصدفة دوراً في قولبة حلمه،جاء ترتيبه الثاني في ختام مرحلة دراسية مرهقة،ذلك ما كان يؤلمه،كافح مذ دخل الحرم الجامعي أن يكن فارس مرحلته،طالما كان يتربع رف الشطّار أثناء مراحله الدراسية السابقة،ذهب الترتيب الأوّل لـ(هـه ولير)الذي كافح من أجلها أكثر مما كافح من أجل النتيجة النهائية لترتيبه النهائي،سهر الليالي كي يمتلك قلبها،كانت فتاة تمتلك من الدلال ما فاق إمكانياته،فهي ابنة ميسور الحال،لا تأتي مشياً أو تنزل من حافلات نقل الطلاّب ولا عبر التاكسيات الخصوصية،كما هو،راجلاً يأتي أكثر أيامه حفاظاً على ما في جيبه من نقود،تقنيناً وربما ضغطاً للنفقات المتفاقمة،خلال سنواته الأربع،كان يجاورها جلوساً وكم التقتا عيناهما،وانفرجتا ثغراهما عن بسمات طموحة،ظلّ هاجس صداقتها أملاً وحلماً،خانته الجرأة في مناسبات عديدة،وقف معها وتحادثا عن هموم الدراسة والسياسة،عن عسر الأسئلة وركاكة الدرجات،عن أمنيات تسبح في متاهات الخيال،عن كل شيء تحاورا وتأهب أن لا يخالفها رأياً،أحتاط أن لا تبدر منه ما يجرح مشاعرها،وجدها رقيقة لا تحتمل الأشياء الغليظة،أو هو لا يريد أن يعكر مزاج فتاة خلقت للراحة والسرور الدائمين،تحادثا عن كل شيء،عن الموضات المستوردة،عن الماكياجات الحديثة،كل ما يخطر في البال إلاّ عن شيء مهم ودافع رئيسي للحياة،شيء تنطقه العيون وتصرّح به القلوب عبر انتفاضات فاضحة،شيء مهدت الظروف أرضيته وفرشت له مساحات نادرة من التسامح،لكن رياح الطموح كانت دائماً تجيء معاكسة..!!
***
في ذلك اليوم،كان عائداً من حفلة التخرج وكلّه قلق،شعر بضيق في صدره،لم تعد عيناه تريان بوضوح، لا شيء يستولي على فكره سوى(هه ولير)،ستذهب بعيداً،بعيداً هو أيضاً سيذهب،هو الآخر لا يعرف إلى أين ستمضي به كوابيس الحياة القادمة،هكذا هي كينونة الحياة،وألعابها غير السارة عند شباب لم ينالوا فرص تربية ممتازة جراء فقدان الآباء،كلٌ في طريقه،كلٌ سيمضي ناسياً صديقته ـ صديقتها ـ صديقها ـ صديقه،مضت ذات الرداء البنفسجي،والعيون الهادئة،والثغر المبتسم على طول المدى،(هه ولير)أمنية سيظل ماثلاً في حضرتها،سيحتفظ بشكلها،لا يريد أن يغمض عينيه كي يحافظ على ملامحها،سيذهب إلى أعظم فنّان حتى لو تطلب الأمر السفر راجلاً إلى خارج(كوردستان)،سيذهب إلى(هندستان) أو(أمريكا الجنوبية)،سيذهب إلى مشاغل(أوربا)إلى مجاهل(أفريقيا)،إلى(الاسكيمو)إن تطلب الأمر، سيبحث عن فنّان لا يخطأ،فنان يقرأ أفكار العاشق من غير اللجوء إلى القواميس،فنّان يحفر ما يريده هو على لوحة صامدة بوجه تقلبات المناخ،كل ما يسكنه من تقاسيم متناغمة لوجه صبوح،سيشرح له ملامح(هه ولير)،سيقول له،شعرها من الشمس، لا..لا..ليس كل شمس،أيها الفنان المبجّل،(سيصرخ بوجهه)يا من توفر للعشاق مهدئات وفرص أخرى لإطالة الحياة،الشمس في بلادي أحلى وأنقى،شمسنا تشرق بلا غبار،صافية كالماء الزلال،شعرها خصلة مسروقة من شمس(كوردستان)،عيناها،آآآآآآآآآآآآآآآآآه..أرجوك لا تجرح فؤادي،لا تطلب مزيداً من الشروحات،مزيداً من العذاب،عيناها،واسعتان،حريصتان،رقيقتان، بلوريتان،لا تعرفان الكذب،لم تتذوقا الحزن والبكاء،عينان ناطقتان،لكنهما تجهلان الحب،عينان قمران في سماء جميلة، لا..لا..ليس كأقماركم أيها الراسم لي ملامح(هه وليري)،القمر في(كوردستان)آيات للعشّاق،أقمارنا لا تعرف البكاء،أقمارنا تنثر الذهب الخالص من الشوائب والترسبات الجوية في الليالي،لا..لا..القمر في(كوردستان)يرفض أن يخسف،دائماً ينير دروبنا نحو الحرية،آه..أنت تطلب طولها،يا طولها..يا طولها..أيها الفنّان ارحمني،أنا كائن متعب،قلبي يضرب بعنف،ضرباته لا تشبه ضربات قلوبكم،قلوبنا عنيدة،ألا تسمع هذا العصف المزلزل في،جبت العالم بحثاً عنك،عبرت الجبال والوديان سيراً،خضت متاهات البحار والمحيطات عوماً،خرقت مجاهيل الغابات بلا دليل،إلاّ دليل الحب،حب(هه ولير)أرجوك..لا تحمّلني أوزاراً أخرى،أنا عاشق مرهق،أتعبه هوى فتاة من مدينتي،فتاة كلها وداعة وجمال،طولها يا سيدي،مثل غصن ألبان،مثل أغصان(المشمش)في أوج شبوبه،لا..لا..ليس كل(مشمش) طبعاً،حسناً عملت معروفا لي بسؤالك،(المشمش)في(كوردستان)مذاقه رحمة،شكله راحة بال،(مشمشنا) مزجج يعكس ملامح العابرين من تحته،ماذا تريد بعد،لك أن تتخيل ما أريد،(هه ولير)حين تمشي الأرض من تحت قدميها تنادي:هبط ملاك اليوم علي..!!،كلامها همس،عطرها منعش مسكر،حين تغادر يستحيل النهار إلى ظلام خانق،أرجوك يا فنّان دعني أستريح أنا متعب،عبرت العالم من غير جواز سفر،أنا(كوردي)لو ألقي القبض علي،ستنشغل العالم بي،لا أريد الفضائيات أن تسلط أضواءها وتتهمني بالجنون،ستقول في زمن التناحرات والاقتتال الأخوي،في زمن الفوضى والتهجير القسري،في زمن التكفير العلني،في زمن التمزق البشري،في زمن النفاق السياسي،في زمن موت البراءة والفطرة،عاشق من (كوردستان)يصرعه بعد فتاة،أرجوك أكمل لوحتي لأعود إلى بلادي،هناك سأموت وأدفن اللوحة معي، كفاني حياة،كفاني فقر،كفاني عشق،كفاني عذاب،يكفيني سنوات أربع،هي كل ما عشت،وداعاً ..ودااااااااااااااااعاً..كان يمشي ويحاور نفسه،لسانه أسير ظنون وهواجس،قلبه يدفع بالونات الوسوسات، تتصارعه رغبة أن يشغل العالم بأسره،أن يفعل الأعاجيب كي ينتقم من كوابيسه الأزلية،هو الفتى الخجول،المحروم المعدم،أبن كادح ساقته مركبة عسكرية ذات حملة حربية،أخذوه ولم يعد،ظلّ ينتظر،كبر ولم يعد،واعدوه أن يجدوا أسمه بين قوائم المؤنفلين،واعدوه أن يأتوه برفاته من بين مئات القبور السياسية كي يكون مثل الآخرين يمتلك أباً وله قبر،يزوره كلما يرغب،كان في حجر أمه في مكان بعيد،تحديداً في مدينة(جلبلاء) يوم زحفت أرتال النظام الراحل،زمر الظلام،وساقت من ساقت إلى غياهب السجون،كبر وناضل أن يكون مهذباً شاطراً،خلوقاً،كبر ودخل الكلية،كما كانت ترغب أمه،مهندساً يبني الحياة بعد خرابها:(سيفرح أبوك في منفاه ـ كانت تقول له أمه ـ سيراك من الفضاء وأنت تعيد ما خرّبه الأشرار في ربوع الشمال..!!)،وكان يندفع،من صف لصف،سنة بعد أخرى،صار في كلية(الهندسة)كما رغبت أمه،هناك وجد الجمال(الكوردي)ساحراً،وجد(هه ولير سليماني)ملاك بهيئة بشر،مذ رآها صارت نبضات قلبه تختلف عن نبضات الآخرين،قلب يعصف،أحياناً يشعر أنّه يتكلم،صارت تلك الزميلة حلمه النهائي،انقضت السنوات كما تنقضي الأحلام الجميلة،ها..هي أمنيته تمضي ـ مثل بقعة سراب ـ في وضح النهار،وهو يمضي لا يعرف إلى أين،يمشي فاقداً رشده،يريد أن يصرخ ويملئ العالم صراخاً،يرغب أن يطلب العون،كلٌ يمضي في سبيله لا يبالي به أحد،لا يسمع نبض فؤاده أحد،الناس تذهب إلى مساكنها،الناس تمضي إلى أعمالها،وحده لا يعرف أين يمضي،تجاهل دعوات زملاؤه ومناداتهم له،كانوا فرحين بنتائجهم،كانوا يهرولون إلى منازلهم،ذهبوا ليحتفلوا،وحده غير قانع بنتيجته،لا تهمه الآن النتيجة،كان منشغلاً بـ(هه ولير)،كان الأوّل على زملائه عبر كل مراحل دراسته،آه..لو لم تكن(هه ولير)الأولى ـ هكذا دار بخلده ـ لانتحر وتخلّص من حياته التالية،ظلّ يمشي يائساً كمجذوب ظلّ دربه،عاد عبر الطرق التي طالت عليه،يريد أن يخمد هذا الدرداب العاصف ببدنه،يريد أن يرى الأشياء من حوله بوضوح،أين سينتهي،تذكر قمّة(أزمر)،من هناك سيصرخ وداعاً للعالم،من هناك سينادي(هه ولير..هه و..لـ..يـ..يـ.. يـ..يـ..ر)ويقذف بنفسه،سيطير كثيراً قبل أن يسقط،سيسكب أحزانه على كل شبر أرض من المدينة،ربما يتمكن أن ينقل جسده لمسافة كافية،مسافة ليست كبيرة طبعاً،فهو يريد أن يقطع علاقته بالدنيا من غير تأخير،يريد أن يطير مسافة كافية كي يسقط على سطح منزل(هه ولير)،ستسمع هي صوت ارتطام،هي الآن تحتفل،أهلها فرحون من حولها،زميلاتها فرحات،ربما هي ترقص على أنغام أغنية، لا..لا..ربما بيدها كوب عصير،سيسقط كوب العصير من يديها،ستصغي لصوت الارتطام،أهلها فرحون من حولها،صديقاتها،وحدي بلا أهل،حزين في دنيا لا ترحم أصحاب الحزن العالي،أخذوا أبي لا أعرف إلى أين،أه..لو أعرف مكان دفنه،سأذهب إليه حتى لو كان في صحاري الجنوب القاتلة،وحدي أمشي،لا أحد يريد أن يفرح بي،يتيم لا يليق به الفرح،لا أحد يريد يتيماً،مهما كان درجة أخلاقه ووسامته ودرجة منفعته أيضاً،الغني مرغوب حتى لو كان خبيثاُ شريراً،فالمال صار كل شيء في يومنا هذا،ما قيمة الشهادة في بلاد يرعاها(..........)،حتى الأوائل ليس بوسعهم التعين،وحدهم الأغنياء ينالون كل شيء،التعينات والمناصب،آه..ستصعد(هه ولير)إلى سطح المنزل،ربما هي لا تصعد،حلمي الأخير أن تصعد هي،أنا أريدها هي أن تصعد،أريدها أن تراني،ستندهش،ستقول لم فعلت هذا،آه..ربما من أجلي،يا لغبائي،لا..لا..لا أريد أن تتهم نفسها بالغباء،هي ذكية ونالت الترتيب الأوّل،حتماً ستتذكر(جولييت)التي كانت تتشبه بها،وكانت تحكي دائماً قصتها لزميلاتها،تشبهها في كل شيء،خفّتها،مرحها،رقّتها،تسريحتها،شيء واحد يفصلها عن(جوليت)محبوبة(روميو)،(هه ولير)لم تعرف الحب،(جوليت)كانت تستحق أن تكون آلهة الحب والجمال في العصور الحديثة،ضحت وناضلت من أجل(روميو)،ربما(هه ولير)ستندهش وتفكر بي،ربما ستعرف أن نظراتي الخجولة عبر أربع سنوات لها كانت ذات مغزى،ستقول،كان يحبني،كان يريدني،يا ترى ماذا تعمل،هل تنتحر كما انتحرت(جوليت)،يا له من مشهد حداثي،ستتفاخر الأمّة(الكوردية) بـ(نوزاد وهه ولير)،كما تتفاخر الأمّة الإنكليزية بـ(روميو وجوليت)،آه..سنحمل معاً،سندفن معاً،يتيم وميسورة،في مقبرة ستغدو محطة لراحة الناس وسعادتهم،ستقول الناس،عاشق مغمور من مدينتنا شدّ جناحين من ريش الطيور وطار كالنسور من أجل فتاة تدعى(هه ولير)بنت رجل ميسور،ليس كما فعل(أبن فرناس)من أجل حريته وحرية أبنه،عاشق قذف بنفسه من قمّة(أزمر)طار كثيراً قبل أن تذوّب الشمس جناحيه فوق منطقة ظلّ يحوم فوقها،من أجل فتاة لم تعرف أن زميلها كان متيماً بهواها،لا..لا..لا أريد أن تموت(هه ولير) ـ دار بخلده ـ وحدي الفائض عن الدنيا،دعها تعيش، أنا..أنا..أنا..يا عالم من يريد أن يموت،وحدي من يستحق الموت،الفقراء يجب أن يغادروا الحياة كي تهدأ أرواح الأغنياء،الفقراء أرض الله ليست واسعة من أجلهم،من أين يأتوا بالمال كي يسافروا،لا بلد يريد فقيراً ،يستقطبون أصحاب المال الكثير،والشهادات الراقية،ظلّ يمشي يائساً والأصيل يدنو،نسى أنه جائع،نسى أنه عطشان،نسى أنه يلهث،نسى أنه ظلّ دربه،نسى العالم،نسى نفسه،ظلّ يمشي ويمشي،قبل أن تمسكه يدان وتسحبانه بحركة مباغتة،لقد كان يهوي من القمّة الشاهقة..!!
***
(دلسوز)
ما من امرأة رأتها ولم تحط عينيها عليها،كل امرأة تملك أبناً حان وقت سحب مهرة لتسهر على راحته، تلك هي رغبة كل أم(كوردية)،(دلسوز)فتاة ذات جمال وهدوء طباع،سليمة من غير عاهات،نظيفة لا غبار كلام يحوم حولها،(دلسوز)فتاة عاشت من غير أب،صغيرة،ناعمة،ليست خجولة،ما ذاقت طعم الحب،الحب الأبوي،الحب الأخوي،حب الأولاد الجريئين،حب واحد ترعرع فيها،حب الجمال والحياة والسعادة،حب النظر إلى الألوان والحركات،عاشت مع أمها،مثل كثير من الأمهات،أمهات(كوردستان) المفجوعات برحيل ليس في أوانه لرجالهن،ظلّت أمها تراقب وتنتظر،ألقت كل أوراق تقاويم الأمل،وصار الزوج من ماضي لن يعود،كانت(دلسوز)مع أمها تواصل رحلة شاقة في متاهات حياة لا ترحم،مثل كل الفتيات شبّت عن الطوق وصارت هدفاً مغرياً لكل صيّاد أو صيّادة تريد قنيصة حسب المزاج لفلذة كبدها،ولعها بالدراسة جعلها خارج طموح النساء،محبوبة عند معلماتها،تحب العمل المدرسي،تثابر،لا تعرف لم كل هذا الركض من أجل المدرسة،وجدت نفسها تحب الرسم،معلّمة الرسم جلبت لها علب ألوان زيتية،وكراريس للرسم،حين رأت موهبتها،اندفعت تواصل تحت ضوء متراقص للفانوس طيلة الليالي الشتائية،تضع بصماتها البريئة،وكل ما يجول في خيالها على أديم الورق،تهرع في اليوم اللاحق إلى معلمتها،تستقبلها بترحاب وبشاشة،تتناول اللوحة،تضخ تعازيم تشجيعية في ربوع طفولتها،ترسم لها دروب الإبداع والمستقبل الحافل بالنور،تعود الطفلة مندفعة،كأنها تحمل شهادة حياة،من جديد تمرر ريشة خيالها على مساحات واسعة من بياض مستقبلها،لم تبال بكلام نسوة كنّ يمقتن ذلك،نسوة كن يهمسن في أذن أمّها:
ـ لا تدعيها تمارس عمل الرجال،ستغدو كسولة وتتعب زوجها..!!
أمّها الجريحة لا ترغب أن تجرحها،كانت تقول لهن:
ـ جرحتني الحياة في وقت باكر،لا..لا..لن أجرح(دلسوز)،اتركوها تلهو كما ترغب،هي كل ما تبقى لي في هذه الدنيا الغريبة..!!
لم تبال بما يجري من حولها،ولا تعير أذناً صاغية للهمسات والغمزات،كانت تلعب على الورق،رافضة اللعب في الحارة،فوق الورق كانت ترى أشياء حلوّة تتشكل،تناديها،تلهث وراءها،كبرت البنت وصارت الكلمات تتبدل،كل واحدة تسحب الأم وتصدع رأسها بالعسل الحياتي،بأشياء أصبحت خارج الذاكرة، خارج القلب،زادت الطلبات وظلّت الأم تستقبل الطعم من غير رد أو إعطاء مهل ووعود،كانت تقول:
ـ دعوها تكمل مدرستها وتختار حياتها..!!
صارت(دلسوز)بنت تملئ العيون مرحاً،شعرها سارح،عيناها واسعتان،فيهما كلام كثير مؤجل،(يا ترى من هو صاحب الحظ السعيد ليغرد فوق هذا الجسد الغريد)،كلام يردده الشباب والرجال كلما تمر من أمامهم،تمشي ويخرج النمل معافى غير غاضباَ أو رافعاً شكوى إلى الخالق ضد صاحبة الأقدام التي داستها،تمشي والعيون تبكي فرحاً أو كمداً،كثيرون قالوا:
ـ نقبل بتطليق زوجاتنا من أجلها..!!
سمعت كلامهم وظلّت تنحت ذاكرتها في فارس سيأتي مع شروق الشمس أو قبل مغيبها،فارس سيختاره الزمن والقسمة اللعينة،لم تعرف لم هي بلا أب،مرة واحدة سألت أمها،بكت أمّها كثيراً،من يومها قررت أن لا تهيّج كوامنها،قررت أن تحافظ على(الحزن الوسيم)كما يقول شاعر الأمّة الكردية(شيركو بي كه س)في تقاسيم وجه أمّها،لكن الأسرار في زماننا مباح ووسيلة للّعب بمشاعر الناس،مضى زمان الألسنة الحديدية،هذا زمان ليس بوسع الإنسان الحفاظ على(أصغريه)لسانه وقلبه،عرفت أن أباها ذهب ولم يعد،لا أحد يعرف عن القضية أكثر من ذلك،خرج ذات صباح أو بالأحرى ذات فجر وغابت أخباره،كل شيء بات معتاداً في بلاد(الكورد)،من يخرج..من يأخذوه من منامه،كل امرئ هدف متوقع لزمر عسكرية تأتي كل لحظة وتأخذ من غير سؤال أو سابق تلميح،الصغير والكبير،كل بشري يمشي على أرض(كوردستان)نبات غير حسن يجب قلعه،هكذا تقول ألسنة العسكر،ليس بوسع أحد أن يسأل،عرفت من عجوز أن أباها أخذته الحكومة،كان يرعى أغنامه،فوق الجبل،وكانوا يسمعون صوت(الشمشال)وهو يوزع اللحن الجميل إلى الجبال،كن الفتيات يصغين للصوت وهو يرفعهن إلى سماوات السعادة،حتى غدون كسولات،يتركن أعمالهن ويجلسن ليثملهن أبوك بصوت(شمشاله)،فجأة سكت(الشمشال)،راحت العيون تخترق الضباب الكثيف وقيامة الأصوات التي تعالت،من بعيد لمحوا ومضات سود تخترق الفضاء،عرفوا أنها طائرات الحكومة جاءت تحوم في المكان الذي كان أبوك يوزع فيه فرحه الدائم إلينا،ومن لحظتها لم يعد،وكل غائب في(كوردستان)وراء غيّابه الحكومة،ذلك كل ما عرفته وأبقت أسئلتها دائمة التحفز لكل خبر يزيد من لهفتها لأبيها،كانت تقرأ أشياء كثيرة في عيني(أم)قررت أن لا تتزوج،أن تستنزف حياتها الباقية من أجل ثمرة بعلها،كبرت البنت وصارت فنّانة،لا تعرف لم اختارت الجمال والحياة والبهجة والمرح وكل إشكاليات المتع منهجاً في خيالها،رغم تواجد(الحزن الوسيم)والدمع المترقرق والعذاب الواضح،في عيني أمها،رغم الأمل البارق في عيون النساء،والخوف المترعرع على مساحات الخدود،رغم الكآبة الضاربة أغصان النباتات والأشجار،رغم بؤس الأطفال،رغم الذعر المتضاعف في عيون الطيور،كانت تبحر عكس الواقع،تقود مركبة نفسها باتجاه (قوس قزح)يرتسم في أفق خيالها،نبذت العنف واللون الأحمر،رفضت أن تلوّث ريشتها بالوسائل الحربيّة كما كانت تبرزها الكثير من اللوحات التعبوية في معارض فنّاني المرحلة،ردّت في لقاء صحفي عابر:
ـ لا أريد أن أكرّس الحزن منهجاً،وداعاً للحزن،علينا أن ننير حياتنا القادمة بكل ما هو مضيء،نحن امّة لا تموت رغم قوّة وتعدد أعدائنا،سيضربوننا بالمدافع والصواريخ والطائرات ويرشونا بالمبيدات لكننا سنرشقهم بالنور والحب والابتسامات حتى يفيقوا من غيّهم..!!
بكت عيون الصحفية القادمة من(فرنسا)،عانقتها طويلاً وقالت بلغتها التي ترجمها شاب(لبناني)مرافق:
ـ قسماً بالمسيح الذي صلب من أجل سلام البشرية،سأمشي في شوارع(باريس)وأصرخ من أجلكم،أنكم أعظم شعوب الأرض،أنّكم أمّة كاملة مكمّلة ولكن بلا هويّة،أمّة سلام،أمّة لا تنتقم من معذبيها..!!
صارت البنت مطمح كل شاب رآها،وظلّت تواصل من أجل أمّتها بث سلام خيالها عبر المعارض الفنيّة،كل مساء تأخذ أمها إلى ربوع الجبال،هناك في القمم الشاهقة،يحلو الجلوس،يحلو الكلام،يحلو الرسم،ذات يوم قالت أمها:
ـ ها..(دلّة)كما كانت تدللها،أين اليوم تأخذينني،بي ضيق كبير،أريد أن أشم هواء الحرية،أريد أن أطرد هواء الزمن الفاسد من قلبي،العالم كلّه خرج ليفرح،خرج ليرقص،هذا هو اليوم الذي طال شوقنا إليه..!!
أطرقت البنت رأسها،شيء ومض في خيالها،شيء مثل البرق فرض نفسه،حقاً هذا يوم الفرح،يوم زوال الغبار والظلام من على رقعة الأرض المباركة،أرض(كوردستان)الحبيبة،رفعت رأسها،كانت دامعة العينين ..قالت هامسة:
ـ بي رغبة أن أصطحبك إلى هناك ـ أشارت بإصبعها نحو قمّة شاحبة بالكاد تبرز ملامحهاـ إلى هناك يزحف شعبنا،ليرسلوا مراسيل البهجة وأناشيد النصر الذي طال عليهم،إلى هناك،حيث بدأت نيران الفرح تعلو،من على قمّة(أزمر)..!!
***
(ملامح لا تنسى)
ـ لا أعرف..أ..أشكرك..أم ألعنك يا صديقي.
ـ قل ما شئت،كلّي آذان صاغية.
ـ آه..حقاً اليأس لا يليق بهذا الشعب.
ـ كدت تهلك.
ـ من بعثك لي.
ـ ربما هي..(هه ولير)تك يا صاح.
وقف(نوزاد)ووقف صاحبه،تنفس بعمق وزفر،رفع كفه اليمين وأشار،نقل صاحبه نظره،رأى نقاط سوداء،رأى غبار أو ضباب:
ـ هناك كان يجب أن أسقط،هناك على تلك النقطة الوامضة.
ـ هي كلّها نقاط وامضة راحت تضج في عيني.
بدأ السير وبدأ صاحبه يتبعه،كان الشارع مثل أفعى يطوي الجبال،وكانت مركبات تمرق باحتراس، صاعدة ونازلة،رجال ونساء وأطفال يلهثون،وصلوا مكاناً فسيحاً،يطل على مساحة أوسع،تقدم(نوزاد)من الحافة،جلس وأشار لصاحبه أن يجلس..قال:
ـ ماذا تراني،هل بوسعي أن أصبر على ذلك.
ـ لقد صبرنا على الظلم نصف قرن،أرى أنك ستنساها.
ـ هي(هه ولير..هه وليييييييييييييييييييييييييييير).
ـ كل فتيات(السليمانية) يا صاحبي(هه وليرااااااااااااااااااااااااااااااات).
ـ لكنها الملكة،ليس في(السليمانية)سواها،البقية كلهن وصيفات.
ـ أنك ترهقني،تريدني أن أغدو إنساناً بلا رغبة،بلا حلم،بلا ذوق.
ـ تلك هي سفينة الأمنيات،لا تجري برياح الرغبة،أنها سفينة تمشي على هواها.
ـ ولكن..(قاطعه)..
ـ بلا..(ولكن)،عليك أن تنقاد للزمن،أن تكون حكيماً في سيرك،أن تترك قلبك لواحدة لابد وأن ستأتي وتغيّر كل ما فيك،لحظتها،أنا واثق أنك ستلعن ماضيك،أو تضحك عليه قليلاً وعلى نفسك طويلاً.
ـ آه..ذلك صعب يا أخي،قلبي لم يألف غير ومضاتها،عيني ما رأت غير(هه ولير).
ـ قم يا صاحبي،لنترك الهذر ونستمتع بهذا الفرح،ربما ستجد علاجاً لعلتك.
ـ لو كنت مكاني لما قلت هذا الكلام،لقضيت لياليك سهراً واحتراقاً حتى ترمد.
قام صاحبه وسحبه،مشيا باتجاه قمة(أزمر)،بدأ(نوزاد)ينحني ليلتقط حصا ويقذفها،وكان صاحبه ينظر إليه هازاً رأسه،وصلا منبسط آخر،وقف(نوزاد)ووقف صاحبه،كانت هناك فتاة ببنطلون،تضع على رأسها قبعة،تقف أمام لوحة خشبية،وكانت هناك امرأة تجلس على بساط،وقفا معاً،كانت الفتاة ترسم..قال صاحبه:
ـ يا لها من فنّانة.
ظلّ(نوزاد)صامتاً،مأخوذاً،مد صاحبه كفه اليسار ووضعه على كتفه اليمين،أفاق(نوزاد) من غيبوبة عميقة..أردف صاحبه:
ـ ما الذي سلبك وعيك.
همس:
ـ أنها تشبهها..أنها تشبه(هه و..لير).
ـ أكانت رسّامة.
ـ كلا..كانت تحب المعارض الفنية وكانت تقتني اللوحات الثمينة.
ـ ربما هي،لم لا نذهب إليها،قل لي أكانت تضع قبّعة على رأسها.
ـ قبّعات..كانت تستبدلها كل يوم.
ـ قد تكون هي..لنقترب منها.
ـ لا..لا..لا أعتقد أن تكون هي.
ـ لم تخاف..ربما هي..
ـ لا..لا..لا أريد أن أقترب دعني أنظر من هنا.
سحبه صاحبه،اقتربا أكثر،كانت المسافة الفاصلة مائة متر أو يزيد عدة أمتار،صارا قريبين،توقفا.. قال(نوزاد):
ـ كاد قلبي أن ينخلع،لو كانت هي لسقطت من فرط الهلع.
ـ ألم تقل أنها شبيهتها.
ـ لها نفس الشعر ونفس الطول،وربما نفس الرغبات والحركات.
ـ ألم أقل لك أن كل فتياتنا(هه وليرات).
ـ ولكن..(قاطعه).
ـ عدنا لـ(لكن)،قد تجدها دواء لعلتك.
ـ هيهات..هيهات..
ـ لم هيهات.
ـ من ترضى بفقير..
ـ ولكنك مهندس.
ـ مهندس من غير وظيفة.
ـ كل شيء سيهون طالما تخلصنا من سياسة الظلم،وتحررت أمّتنا من نير العبودية.
ـ هذا الدافع الوحيد الذي دعاني ترويض نفسي وأن لا أكرر ما عزمت عليه ثانية.
ـ وقد تكون هذه الفنّانة الدافع الثاني لبداية تغير فيزيولوجي في شخصيتك.
كانت المرأة تنظر إليهما،عيناها امتلأت فرحاً،شابان أنيقان،وسيمان،يقفان بإعجاب،ينحتان عينيهما في إبنتها،لم يشعرا بها،كانا يتحاوران بهمس..قال(نوزاد):
ـ أشعر بعطش.
ـ سأطلب من هذه المرأة الماء.
مسكه(نوزاد)من معصمه،ونحت عينين ملؤهما التوسل..همس:
ـ لا تفعل ذلك أرجوك..أخشى..(قاطعه):
ـ بلا خشية،هذا زمان الفرح،أهل الفن يمتلكون قلوب واسعة.
تقدم بعدما سحب يده،تقدم من المرأة الجالسة،انتبهت الفتاة لما يجري،سادها اندهاش وصمت،قال صاحبه للمرأة:
ـ لدي عاشق قتله الضمأ.
ضحكت الفنّانة،سمع(نوزاد)رنّات كركراتها،(يا للهول ـ ردد مع نفسه ـ أنها تضحك مثل ـ هه ولير ـ ) سحبت المرأة من حقيبة نسيجية عبوتي بلاستك مياه معدنية،تناول صاحبه العبوتين،وكان(نوزاد)به رعشات وجفاف،قال صاحبه وهو يشير لـ(نوزاد):
ـ لم تخجل يا باش مهندس.
قالت المرأة :
ـ مهندس..
قال صاحبه:
ـ الثاني على كليته،مهندس قتله العطش.
كانت الفتاة تنحت عينيها في شاب وسيم،شاب خجول،شاب مهندس،في ملامحه ومضات حزن وسيم، رفعت قبعتها،وحرّكت شعرها،شعر(نوزاد)برجفة كادت أن تلقيه أرضاً،ردد ثانية مع نفسه(يا ألهي هكذا كانت تفعل ـ هه وليرـ)،لم ينتبه لصاحبه وهو يقف أمامه لولا العبوة التي مدّها إلى فمه،هز رأسه،تناول عبوة الماء،كانت الفتاة قد أعادت قبعتها إلى رأسها،شربا وألقيا العبوتين إلى الفراغ الداخن الممتد صوب المدينة،ابتسمت المرأة لهما..قالت:
ـ ما هكذا ترمى المهملات يا شباب ـ أشارت بسبابتها إلى شمالها ـ هناك مكان للنفايات.
هزّا رأسيهما نادمين،وعادا من حيث قدما..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزن الوسيم..(رواية)1
- مزرعة الرؤوس(قصة قصيرة)
- خمس حكايات
- لعبة الموت..البرلماني الغيور(حكايتان)
- الشرفة الواشية..قبلة أزلية(حكايتان)
- لقاءان..الكرة الزجاجية رقم 301(حكايتان)
- معاقل الذباب..مزرعة الضفادع(حكايتان)
- حجة الغائب..المهرج الأمبراطور)قصتان
- في بلاد الأمبراطور..الموسوعة الأمبراطورية(قصتان)
- خطبة حذاء..ية
- في تلك القرية القصيّة..منظم الوقت(قصتان)
- الكرسي..حكاية نادرة(قصتان)
- الحذاء المنتظر
- يقظة السيد علوان..(قصة)
- لم يحسن التصرف..مأدبة الليل..(قصتان)
- قصتان قصيرتان..
- عين الشمس..تشابه الأسماء كان السبب(قصتان)
- لكن الطائرات لم تجيء..(قصة)
- لا أحد يريد ترك الدراما..(قصة قصيرة)
- بعل الغجريّة..(أيها المروجيّون أستميحكم عذراً..


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - الحزن الوسيم..(رواية)2