أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - الحزن الوسيم(رواية)6















المزيد.....

الحزن الوسيم(رواية)6


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2571 - 2009 / 2 / 28 - 09:06
المحور: الادب والفن
    


(غيبوبة شيرزاد)
لقد مر شهر قاسي على ذلك الأصيل،شهر لا يتحرك،أيّامه تتململ كسلحفات هرمة،كانت الأم تحاول أن تقنع أبنها،تتوسل وتصمت،رغم بلاغة حزنه لم تتورع من الإفاضة وتكثيف جهودها كي تدمجه مع ضرورة لابد منها،ضرورة الخروج من شرنقة التمرد ومخاصمة العالم من حوله،عليه أن يصالح الحياة كما هي،عليه أن يخرج من عزلته،أن ينسلخ من رداءه القديم،فالحياة لا تتوقف،ولا تريد من البشر التوقف، ،من يتوقف يكتشف نفسه جسراً تدوسه أقدام الصاعدين والعابرين مصدات الحياة،حاولت أن تقنعه، شرحت له حزن النساء فاقدات فلذات أكبادهن في المناسبات المظلمة،رغم مصابهن يترجلن من برج الكآبة والبكاء ليندمجن في فرن الزمن الذي يصهر الحديد،تلك هي الشجاعة النادرة والمقاومة الصريحة لمخالب الموت،كيف يصبحن صامدات بوجه المتغيرات الحياتية،كجزء فطري يوحد الإنسان بتاريخه ويربط مصيره بمصير الآخرين من حوله،حاولت أن تخرجه من سباته وتجعله يفكر بواحدة تناسبه،وكلما دغدغت خياله بتوسلاتها(الأمومية)،كانت(الفنّانة)تطل لتهيمن على مسرح رغبتها،ظلّ الولد لا يبارح المنزل إلاّ لماماً،عندما ترسله أمّه ليتسوّق أو الخروج لجلب حاجة ملحة،يعود ويجلس في غرفته،شيء واحد تبدل فيه،بدا الآن يستغرق أكثر في نوم عميق،ولا يحصل ذلك إلاّ بعد تحديق متواصل في الفراغ الساكن في غرفته،حاولت الأم أن تتصل بـ(شيرزاد)وجدت هاتفه مقفلاً أو خارج(نطاق الخدمة)كما يجيء الصوت النسائي الجميل..قالت له:
ـ ترى أين هو صاحبك الشقي.
ـ لا علم لي.
ـ لم لا تذهب وتسأل عنه.
ـ طرأت الفكرة في بالي ولكن..(قاطعته).
ـ أذهب وأسأل عليه،ألم يسندك هو في محنتك.
هز رأسه،كانت الساعة تشير إلى الرابعة والنصف عصراً،قام(نوزاد)وذهب إلى الغرفة الأخرى،عاد بعد ربع ساعة وهو يرتدي ملابسه..قال:
ـ أرجو أن لم يحشر نفسه في مشكلة كبيرة.
ـ أذهب وتحرّى عنّه.
خرج الولد،وخرجت الأم إلى الزقاق،وجدت جارتها أم(سه ركه وت)جالسة،تقدمت منها وجلست قبالتها..قالت لها:
ـ أين يذهب في هذا الوقت.
ـ يزور صديقه.
ـ آه..تذكرت أين هو صاحب السيّارة الحمراء.
ـ منذ شهر وهو غائب عنّا.
ـ لكم يعجبني مرحه وشجاعته.
ـ ولد وسيم وشهم.
ـ أين يسكن.
ـ في شارع الأوقاف،ولكن لم تسألين عنه.
ـ مجرد سؤال.
دخلت الزقاق سيّارة بيضاء،توقفت أمام المرأتين،هبط شاب مهندم وسأل عن(نوزاد):
قامت الأم وأجابته:
ـ من أنت يا بني.
ـ أنا زميله في الكليّة.
ـ لم أرك من قبل.
ـ لو ألقيت نظرة إلى صورة التخرج،سترينني واقفاً عن شماله،كنت أهمس في أذنه لحظة التقاط الصورة.
ـ وماذا تريد منه.
ـ أريد أن أبشِّره.
ـ أنا أمّه،ولم لا تبشرني أنا.
ـ لا يضرني ذلك،قولي له أسماءنا ظهرت ضمن ملاحق التعيينات،علينا أن نراجع(نقّابة المهندسين)بعد غد ،قولي له أيضاً أن يجلب معه(شهادة)التخرج،وست صوّر حديثة والمستمسكات الروتينية.
ـ لم لا تنتظره.
ـ لدي عمل.
ـ سوف يأتي.
ـ لا وقت لدي يا عمّة.
ـ لم لا تهاتفه.
ـ لا املك رقم هاتفه.
ـ حسناً من أقول له.
ـ محمود،قولي له(محمود خليل)،أو قولي له(محمود بستاني)كما كان يحلو له مناداتي.
صعد الولد إلى مركبته وأنطلق،ظلّت المرأة واقفة،شيء كبير بدا ينمو فيها،انتبهت لكلام المرأة الجالسة:
ـ ألم أقل لك،الفرص كثيرة والشغل كثير.
جلست ثانية،زفرت بحرقة:
ـ العمل وحده يخرجه من كآبته.
ـ سيعمل ويجد زوجة مناسبة وتفرحين به.
ـ ليت ذلك جد قريب،ليت ذلك غداً.
بعد ساعتين وعشرة دقائق،برز الولد من بداية الزقاق،قامت أمّه لتستقبله،قالت المرأة الجالسة:
ـ باغتيه بالفرح كي ينسلخ من جلد الكآبة.
ـ سأفعل ذلك.
تقدم الولد وسلّم على المرأتين،بدا وجهه مكفهراً،قالت الأم:
ـ جاء(محمود بستاني)..(محمود خليل).
لم تحرك فيه ساكناً،واصل سيره نحو المنزل.قالت المرأة الجالسة:
ـ غريب أمر أبنك.
ـ حيّرني يا أختي.
سارت وراءه دون أن تودع المرأة الجالسة،دخلت،وجدته منطرحاً على السرير بملابسه،جلست قربه، وضعت كفها اليمين على جبينه،قالت:
ـ ما الذي جرى،ماذا بك.
ـ شيرو.
ـ شيرو.
ـ نعم شيرو.
ـ ماذا جرى له.
ـ راقد في المستشفى منذ شهر.
ـ أحقاً أنك لا تمزح.
ـ نعم يا أمّي،عمل حادثاً وهو فاقد الوعي.
ـ ألم أقل لك تحرّى عن سبب غيّابه.
ـ ليس ذلك مهماً،حتى لو ذهبنا إليه،كان هو خارج الزمن.
ـ كلا..يجب أن نذهب إليه،من قال ذلك.
ـ أمّه وأخته.
ـ غداً سنذهب إليه،غداً،هيّا قم وأستحم حان وقت الغروب،كدت أن أنسى لقد جاء(محمود بستاني).
قفز من فراشه كملسوع..صاح:
ـ أحقاً ما تقولين.
ـ نعم وقال أسماءكم ظهرت في قوائم التعينات.
قبّل يدي أمه وهتف:
ـ أقسم أنّ أوّل راتب حكومي لك يا أمي..!!
***
(شيرزاد..يسترجع وعيه)
لحظة حان موعد الزيارة،طلب الطبيب الرفق والهدوء وعدم إحراجه أو إرهاقه بالكلام،ظلّ(نوزاد)وأمّه واجمين للحظات عند عتبة باب الغرفة،عالج(نوزاد)أكرة الباب برفق وتردد ومدّ رأسه،وجده ممدداً،خالدٍ إلى هدوء وتمعن،يتسربل في بياض تام،يدب صفرة في ملامحه،فتح الباب وتقدم نحوه،بينما كانت الأم تحاول أن تخنق الدموع المنبجسة في موقيها،وصل(نوزاد)إلى سريره،قرّب الوردة الحمراء والتي قطعها من نبتة حديقة المنزل،فتح(شيرزاد)عينيه،التقت الوجوه،أراد أن ينهض،مسكه(نوزاد)وابقاه طريح الفراش.. تمتمت الأم:
ـ لم لم تبعث خبراً إلينا.
ـ لم أرغب أن اشغلكما..(أجاب بهدوء).
قال(نوزاد):
ـ كان يجب ان تخبرنا.
ـ البارحة..البارحة ليلاً عدت من غيبوبتي..(تمتم شيرزاد)
ـ كيف حالك يا(شيرو)..(قالت الأم).
ـ على ما يرام،اليوم أشعر بتحسن طبيعي،لذلك سمحوا لكم بالزيارة.
قال(نوزاد):
ـ متى تخرج كي ننحر لك ديكاً.
ـ ديك..ديك..يا باش مهندس..دييييييييييييك..(أجابه بصعوبة).
ـ فقير لا أملك شروى نقير..(صاح نوزاد).
قالت الأم:
ـ هيّا أخرج لنحتفل بعرسك.
ـ عرسي أم عرس الباش مهندس..(قال شيرزاد).
ـ لا فرق عرسه عرسك..(ردته الأم).
ـ قل لي يا ابو المشاكل،كيف حصل لك ماحصل..(قال نوزاد).
ـ ذلك الملعون كان السبب..(أجابه شيرزاد).
قالت الأم:
ـ أي ملعون يا ولد.
ـ الصبي الذي أغضبني على قمّة(أزمر)،لحظة رأيته فقدت صوابي،وغامت الدنيا في عيني..(تمتم شيرزاد).
ـ وما دخل الصبي بمصيبتك..(قالت الأم).
ـ هو من تسبب في الحادثة..(أجابها شيرزاد).
قال(نوزاد):
ـ ألم اقل لك سيطاردك حتى في منامك،أم انك نسيت ما قلت لك.
ـ دعونا مما حصل،خبروني عن(الفنّانة)،ما هي آخر أخبارك معها..(قال شيرزاد غامزاً).
قالت الأم:
ـ أرغب الذهاب إليها.
ـ وما المانع يا عمّة..(تمتم شيرزاد).
ـ هو..هو..من يرجيء الموضوع..(قالت الأم).
ـ (نوز)الكئيب،لا يعرف أين مصلحته..(قال شيرزاد).
قالت الأم:
ـ وحدك من يقنعه،أخرج كي تقنعه.
ـ بعد غد ساخرج،هذا ما قاله الطبيب لوالدتي..(أجابها شيرزاد).
تخللت الزيارة فترات صمت،كانت الأم تعد بعض ما جلبت من معجنات وعلب العصير،تناول قليلاً مما قدمت له،قبل أن تدخل ممرضة وسيمة..قالت:
ـ أنتهت الزيارة يا جماعة.
أجابها(شيرزاد):
ـ (كولبهار)هذا الباش المهندس الذي حكيت لك عنه.
التقت النظرات،وساد صمت بليغ..فاهت:
ـ أنت تمزح يا ولد.
ـ لم أمزح،أسأليه إن كنت في شك مما أقول..(أجابها شيرزاد).
نقلت نظراتها إلى المرأة الجالسة،بحثاً عن باب نجاة،هزت الأم رأسها..قالت:
ـ لا أعرف ما الذي قاله لك.
ـ قال أن الباش مهندس ربط جناحين من ريش على نفسه واراد ان يحلق فوق(السليمانية).
أجاب(نوزاد):
ـ حتى لو كسر رقبتك لا تترك المشاكل.
ضحكت الممرضة..قالت:
ـ (شيرزاد)أسعدنا مذ عاد من غيبوبته.
أجاب(نوزاد):
ـ ليته كان غائباً،على أقل تقدير يرتحن بنات الجيران منه.
قالت الممرضة:
ـ وكيف ترضى الفتاة إذا لم تتعرض لحفنة حرشات كل يوم.
أجابت الأم:
ـ يبدو أنه أزعجكن طيلة هذا الشهر.
ـ ليت ما تقولين جرى،كان في غيبوبة طويلة يا عمّة..(قالت الممرضة).
نظرت الممرضة إلى الساعة الجدارية،حرّكت رأسها،عرفوا إنّ الموعد قد أنتهى،خرجوا تاركينه في سريره، كان يبتسم لحظة خرجوا،كانت الممرضة الجميلة واقفة عند رأسه،لم ترافقهم،ظلّت تنظر إليهم بود وأسئلة تكاد أن تندلق من عينيها المستغربتين قبل شفتيها المنفرجتين..!!
***
همست الأم:
ـ هل لاحظت شيئاً..؟؟
ـ شيئاً..
ـ ألم تنتبه لحالة كانت ظاهرة في الغرفة.
ـ لا أعرف ما تعنين يا(أم).
ـ (شيرو)..وتلك الممرضة الجميلة.
ـ لم أشاهد ما شاهدتيه.
ـ كانا منسجمين أكثر مما يجب.
ـ ربما هي المهنة التي تفرض الأهتمام الزائد،والعناية الخاصة بالمرضى.
ـ ولكن..(قاطعها).
ـ بلا(لكن)يا مام،(شيرو)جذّاب يمتلك سحراً مؤثراً على الفتيات.
ـ قلبي يقول أنّ شيئاً غير عادي بين الأثنين.
كانت المركبة تشق أحشاء الشوارع الغاصة بالمركبات،وكانا يجلسان معاً في الحوض الخلفي..
ـ يا مام..لنأخذ عشاءنا معنا.
ـ فكرة جيدة،ليس لدي رغبة في عمل العشاء في هذا الوقت المتأخر.
قال(نوزاد)للسائق:
ـ من فضلك أرجو أن تقف عند أقرب مطعم.
أجاب السائق:
ـ المطاعم هنا غالية.
ـ لا يهم ذلك.
وقفت المركبة عند الرصيف أمام مطعم كبير ضاج بالزبائن،ترجل(نوزاد)وأتجه صوب المطعم،نزل السائق وراح يفحص إطارات مركبته،بينما ظلّت الأم جالسة،لم ترغب في الترجل،كانت تنظر إلى أبنها من خلال الزجاج،رأته يقف عند رجل يجلس وراء طاولة وهو يعد النقود،في تلك اللحظة توقفت مركبة بيضاء،هبطت فتاة ترتدي بنطلون أبيض،على رأسها قبّعة،لم تستوضح ملامحها رغم وجود أنوار المصابيح المتداخلة،كانت شاردة الفكر تنظر من غير تركيز،فقط ترتسم الهياكل البشرية أمامها،تلك الفتاة مشت باتجاه المطعم،وقفت قرب(نوزاد)،شعرت بريح مباغتة تقتحم أغوارها،تحررت مصحوبة بآهة،تمنت في تلك اللحظة،أن يكون المشهد حقيقة،ابنها وعروسته،انتبهت لمشهد حوار بين الأثنين،دمعت عيناها، مسحت دموعها بكم عباءتها،كانا يظهران ويختفيان داخل هالات الدخان المتدفق من منقلة الشواء أمام المطعم،وجدتهما حقاً يتحاوران،ورد إلى ذهنها فكرة بدت معقولة بالنسبة لها،ربما زميلة من زميلات الدراسة،ملابسها تشير على أنها فتاة دارسة غير عادية،أنفض الاشتباك بين الاثنين،سارا معاً ومع كل خطوة بدأ قلبها ينتفض،بحثت عن زر فتح الباب،رغبت أن تترجل وتتعرف على الملاك الماشي مع(نوزاد)،مدّت كلتا يديها من وراء النافذة،صاحت السائق الواقف عند الرصيف:
ـ تعال وأفتح لي الباب.
لم يسمع السائق ما فاهت به الأم،كانت الأضواء المارقة والمتشابكة للمركبات المتسارعة تمنع رؤية الأشياء بوضوح،حاجبة الأصوات الواهنة،دنا(نوزاد)من المركبة،بينما الفتاة ذهبت لمركبتها،دلف وجلس قربها،وجدته على غير عادته،شيء من الفرح يرتسم على قسماته،تكاد تسمع ضربات غير عادية لقلبه، تبدل واضح للهجته،بدأ السائق يقود المركبة من جديد..همست:
ـ ماذا رأيت.
ـ خير يا مام.
ـ هل كانت زميلة دراسة.
ـ لا..لا يا مام.
ـ كنتما تتحاوران كأنكما تعرفان البعض.
ـ كانت هي يا مام.
ـ من هي يا ولد.
ـ التي في بالك.
ـ من في بالي يا ترى.
ـ الفنّانة.
ـ الـ..فـ..نـّ..ا..ا..ا..ا..ا..نـ..ـة.
كانت المركبة قد توقفت أمام الباب،كانت الساعة الثامنة وخمس دقائق من مساء يوم الأثنين الأوّل،من الشهر أيلول،لحظة هبطا ودلفا إلى المنزل..!!
***
ـ لم لم تناديني.
ـ خشيت أن تتفوهي بما في بالك يا مام.
ـ وما الذي تظنّه في بالي يا ولد.
ـ أنت تخططين لشيء مستحيل.
ـ وما المستحيل يا ولد.
ـ هي في العلالي يا مام.
ـ وأنت.
ـ في الحفر،في مستنقع الحياة.
كانت جالسة أمامه،وهما يتناولان العشاء،طاولة مستديرة،طاولة بلاستك،حولها أربعة كراسٍ من البلاستك أيضاً،كانت رائحة الكباب يثير شهيتيهما،توقفت أسنانها عن المضغ..قالت:
ـ لا تقل مثل هذا الكلام،ألست باش مهندس،ينتظرك مستقبل كبير.
ـ يا مام،أنت تدرين بوضعي،تريدينني أن أغطس في حياة عسيرة،أنت تعرفين جيداً أنني بحاجة إلى راحة،بحاجة إلى عزلة،فالذي يستوطنني أكبر مما تظنين.
ـ ولم العزلة يا أبني،بإمكان امرأة أن تخرجك من عالمك القاتم،جرّب وسوف تشكرني على ما اقول.
ـ دعيني يا مام،لنرى هذه الفقاعة الجديدة،فقاعة التعينات.
ـ (محمود)أكد على ضرورة حضورك،خذ معك صور وشهادة تخرجك وما يحتاجونه من وثائق.
ـ مثل كل المرّات السابقة،فقاعة..فقاعة يا مام.
ـ وهل يعقل انهم يكذبون عليكم.
ـ الكذب هوية الحاضر يا مام،الإنسان الكاذب هو من ينال العلى والمناصب في يومنا هذا.
توقف الكلام للحظة،مدت الأم يدها إلى عبوة(السفن آب)وصبّت في كأسين،قدّمت واحدة له،تناول من يدها وراح يرتشف بهدوء..قالت:
ـ غداً عليك أن تذهب إلى(نقّابة المهندسين).
ـ سأذهب كما كنت أذهب في المرات السابقة إلى(نقّابة اليائسين).
ـ أنا على يقين أنهم لا يكذبون هذه المرة.
ـ آه..نسيت،يا مام رفضت البنت أن أدفع قيمة عشاءنا.
ـ ولم وافقت على ذلك.
ـ قالت أنها باعت العديد من لوحاتها لجهة خارجية،أنها فرحة،تريدنا أن نشاركها الفرح ولو من داخل منزلنا.
ـ يا لها من فتاة ملأت كياني.
ـ حاولت أن أدفع أنا،رفضت،قلت لها:أنا تعيّنت ـ رغم أنني شعرت بذنب الكذبة ـ عشائكم علي،رفضت بعناد أنثوي..قالت لي:
ـ عندما تستلم أوّل راتب عندها سأسمح لك بدفع عشائي لو ألتقينا مرة أخرى.
ـ بي رغبة ان أزورها في البيت..(قالت الأم بانفعال).
ـ لا تفعلي ذلك يا مام.
ـ ولم.
ـ أنها(فنّانة)ولها مشاغل كثيرة وأعمال.
ـ دائماً تجعل في دربي عراقيل.
في تلك اللحظة رنّ الجوّال،رفعه،كان(شيرزاد)،قام من المائدة،وجلس على أريكة أسفل الساعة الجدارية..صاح:
ـ وصلنا بسلام.
ـ ...........
ـ كلا..ليس لدي عمل.
ـ ..........
ـ سلام.
دنا من أمّه،كانت تنظر إليه..قالت:
ـ ماذا وراءه.
ـ يريدنا أن نكون في بيتهم،عصر يوم خروجه،أمّه ستذبح خروفاً.
انتهيا من العشاء،غسل يديه وفمه،توجه إلى غرفته،بدأت الأم تنهمك بتنظيف المائدة،عملت الشاي،بعد مرور سبع عشرة دقيقة،حملت كوبين من الشاي الساخن،وحين دخلت غرفته،توقفت للحظة،قبل أن تعود إلى المطبخ،وجدته غارقاً في نوم عميق..!!
**




#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزن الوسيم(رواية)5
- الحزن الوسيم(رواية)4
- الحزن الوسيم..(رواية)3
- الحزن الوسيم..(رواية)2
- الحزن الوسيم..(رواية)1
- مزرعة الرؤوس(قصة قصيرة)
- خمس حكايات
- لعبة الموت..البرلماني الغيور(حكايتان)
- الشرفة الواشية..قبلة أزلية(حكايتان)
- لقاءان..الكرة الزجاجية رقم 301(حكايتان)
- معاقل الذباب..مزرعة الضفادع(حكايتان)
- حجة الغائب..المهرج الأمبراطور)قصتان
- في بلاد الأمبراطور..الموسوعة الأمبراطورية(قصتان)
- خطبة حذاء..ية
- في تلك القرية القصيّة..منظم الوقت(قصتان)
- الكرسي..حكاية نادرة(قصتان)
- الحذاء المنتظر
- يقظة السيد علوان..(قصة)
- لم يحسن التصرف..مأدبة الليل..(قصتان)
- قصتان قصيرتان..


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - الحزن الوسيم(رواية)6