أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - كرامات














المزيد.....

كرامات


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2807 - 2009 / 10 / 22 - 08:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استنكر أحد البرلمانيين (البارزين) سعي أعضاء في مجلس النواب لاستجواب وزير ينتمي لكتلته؛ بمبرر أن هذا الوزير فوق الشبهات فهو صاحب تاريخ نضالي معروف للجميع، وأن الجميع يعرف مقدار المعاناة التي دفعها ثمناً لمبادئه وهو يعاني أنواع التنكيل في سجون النظام البائد. على هذا الأساس اعتبر أن تجاهل طالبي الاستجواب لهذه الحقيقة يكشف عن نواياهم (السياسية الكيدية الخبيثة.
كان الرجل يتحدث عن إيمان عميق، ولذلك عَجَزتُ عن اقناعه بفداحة الخطأ الذي يرتكبه وهو يربط بين قضيتين لا صلة بينهما، بل يستنج حكماً بالاستناد لقضية لا تنهض باثباته. فنضال الوزير (سابقاً)، لا يُثبت عصمته من الفساد (حالياً). وأزاء رفض هذا السياسي الاعتراف بالخطأ الذي وقع فيه لم أجد أمامي غير مواجهته بحقيقة أن أغلب السياسيين الذين يقودون البلد الآن ـ وبضمنهم المطالبين باستجواب الوزير ـ هم كوادر متقدمة في الأحزاب التي كانت تقارع النظام السابق، وبالتالي فما ينطبق على الوزير يجب أن ينطبق عليهم. لكن مع ذلك رفض صاحبي التنازل، مستنكراً هذه المقارنة التي اعتبرها بائسة، وهي تساوي بين نضال وصفه بالحقيقي وآخر وصفه بالمزيف.
أعتقد بأن طريقة السياسي في التفكير هي الطريقة السائدة لدى أغلب أفراد المجتمع، ونخبه السياسية. وهي طريقة معاقة لأنها تنطلق من المسلمات غير المفروغ من صحتها في الحكم على الواقع. فهذا السياسي استخدم مسلمة تقول بأن الوزير نزيه، في الحكم على بطلان الوثائق والأدلة التي تدينه بالفساد، فعل ذلك مع أن المسلمة التي انطلق منها ذاتية غير منطقية، والوثائق التي حكم عليها موضوعية خارجية.
السبب في شيوع هذه الطريقة بالتفكير هو أن منظومتنا الثقافية (الموروثة) عودتنا على أن نكيل بمكيالين ونحن نحاكم الوقائع ونحكم عليها، فنحكم بالصحة على ما يرتبط بمصالحنا، وبالخطأ على ما ليس كذلك. وهذا ما دفع السياسي لأن يحكم على تجارب نضال الآخرين بأنها مزيفة؛ فالرجل يريد للنضال أن يبقى حبيس سلة أرباحه فقط.
لا يكون العقل سليماً إلا عندما يتسلح بقدرة نقدية تعمل على (فلترة) المعلومات الداخلة إليه وحمايته بالنتيجة من المعلومات الخاطئة، والعقل غير المحمي أو غير المفلتر هو عقل مجاني مليئ بالزيف ومعرض للانتهاك. وعقولنا بالتأكيد مسلحة بهذه القدرة النقدية، لكن الموروث ـ والدين أجلى مصاديق هذا الموروث ـ حرَّم على هذه القدرة ممارسة أي نقد للذات، الأمر الذي جعل عقولنا ازدواجية لأبعد الحدود، فهي تبالغ بالتستر على أخطائنا وتبالغ بكشف أخطاء الآخرين، ولهذا السبب نحن جميعاً طائفيون ونلعن الطائفية، وفاسدون ونشتكي من الفساد، وإرهابيون ونتظلم من الإرهاب.
اسرد على الناس أي حكايات تتحدث عن كرامات أولياء طوائفهم، وسيستقبلون هذه الحكايات ـ مهما كانت بعيدة عن المنطق ـ بعقول باردة، ثم دس لهم حكاية واحدة تتحدث عن كرامة منسوبة لولي من أولياء طائفة أخرى، وستجد بأنهم يفزعون مذعورين وهم يطالبونك بالأدلة والبراهين التي تثبت هذه الفرية. وهنا يحق لك أن تعجب كيف أن القدرة النقدية التي كانت قبل قليل نائمة بسبات هنيئ انتفضت مرعوبة من أن وقع الحق والصدق والفضيلة بسلة الآخرين.





#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاخلاق
- حكاية عن لص واعمى
- مسرحية الزعيم
- لماذا يا سيدي الكريم؟
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (14)
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (12-13)
- بمن نؤمن؟*
- يا إلهي.. ما أرخصكم
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (الحلقات 10-11)
- هذيان أسود
- هيئة (مستقلة)
- صرخة الأتحاد المشرفة
- ذيل الناخب
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (الحلقة التاسعة)
- احمد عبد الحسين
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (الحلقة الثامنة)
- مدافع الجنرال
- طقوس وطوائف
- اعترافات آخر متصوفة بغداد (الحلقة السابعة)
- احزان علي الوردي


المزيد.....




- تحديث مباشر.. نتائج ضربات إيران بإسرائيل ورد طهران على تهديد ...
- -مبالغ مهينة-.. الإسرائيليون ساخطون على تعويضات المتضررين من ...
- روسيا تشيد بتضحيات كوريا الشمالية وبكفاءة عسكرييها في تحرير ...
- -لحسن الحظ لم يكونوا هنا-.. هكذا علق لابيد بعد إصابة صاروخ إ ...
- هجوم سيبراني يشلّ بنكًا حكوميًا في إيران... ما علاقة إسرائيل ...
- تسريبات نووية هزّت العالم: من تشيرنوبل إلى فوكوشيما
- بسبب التصعيد الإسرائيلي الإيراني.. دول الخليج تحبس أنفاسها
- إنجاز علمي غير مسبوق.. كشف النقاب عن أول كسوف شمسي -من صنع ا ...
- طريقة طبيعية تقضي على الأرق في غضون 24 ساعة
- بكين لن تتخلى عن طهران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعدون محسن ضمد - كرامات