الولايات المتحدة: البطالة تقفز إلى 15 مليون عاطل

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2793 - 2009 / 10 / 8 - 15:40
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

..أزمة البطالة تكشف عن فشل الرأسمالية..
الأرقام المذهلة التي نُشرت يوم الجمعة بشأن سوق العمل في الولايات المتحدة، تُبين أن ما نشأ منذ انهيار وول ستريت قبل عام واحد ليس انكماشاً ظرفياً أو ركوداً طارئاً، بل هجوم تاريخي عنيف ضد مستويات معيشة الطبقة العاملة.
بلغ المعدل الرسمي للبطالة في أيلول/ سبتمبر 9.5% مقارنة بـ 7.5 في آب/ أغسطس، مع استمرار التوقعات بأن البطالة ستتجاوز 10%، وتبقى في خانة العشرات، على الأقل، لغاية العام المقبل.
أصدرت سكرتارية/ وزارة العمل الأمريكية تقريراً يتضمن إلغاء 236 ألف وظيفة/ عمل، أكثر مما كان متوقعاً من قبل الحكومة، الاقتصاديين، ورجال الأعمال. كما انقطع 571 ألف آخر من العمال العاطلين عن سوق العمل- التوقف عن البحث لأنهم لا يرون احتمالاً للعثور على فرصة عمل.
رغم الإدعاء بالانتعاش الاقتصادي economic recovery، فإن جملة 834 ألف عامل فقدوا وظائفهم أو تخلوا عن البحث عن عمل، مع إضافة 700 ألف آخر ممن فقدوا أعمالهم شهري يناير/ ك2 وفبراير/ شباط.
جسّد شهر سبتمبر الانخفاض الحادي والعشرين لسلسلة مستمرة من فقدان العمال لأعمالهم.. أطول بطالة تصاعدية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ بدأت وزارة العمل جمع هذه البيانات العام 1939.
بحدود 15 مليون عامل أمريكي صاروا عاطلين عن العمل.. تقريباً ضعف عدد العاطلين عندما بدأ الركود في نهاية العام 2007، بينما بلغ متوسط فترة البطالة 26.2 أسبوعاً- أكثر من عام ونصف العام. وهو أعلى رقم منذ بدأت وزارة العمل هذه الإحصاءات العام 1948.
بالإضافة إلى هؤلاء العاطلين كلياً عن العمل، تم تسجيل 9.1 مليون عامل آخر رسمياً يعملون بشكل غير طوعي بدوام جزئي involuntary part-time، وأُجبروا على أن يعملوا ساعات عمل أسبوعية أقل من حاجاتهم بحيث لا تكفي للحفاظ على مستويات معيشتهم. وهكذا يصل الرقم الإجمالي للعاطلين عن العمل- كلياً وجزئياً- إلى أكثر من 25 مليون عامل.. رقم، على إطلاقه، يفوق كثيراً عدد العاطلين عن العمل خلال فترة الكساد العظيم Great Depression في الثلاثينيات من القرن الماضي.
من الناحية الفعلية، فقد أظهر كل قطاع من قطاعات الاقتصاد الوطني فقدان الوظائف في أيلول، بما في ذلك 53 ألف وظيفة في الحكومة. قطاع واحد فقط- الرعاية الصحية- أظهر زيادة، وهذا القطاع مستهدف من قبل إدارة اوباما والكونغرس باتجاه إحداث تخفيض كبير في تكلفته، مما سيقود إلى تخفيض فرص العمل.
يتواجد حالياً ستة عمال عاطلين مقابل كل فرصة عمل في أمريكا. أظهر استطلاع أجرته المائدة المستديرة Business Roundtable- رابطة الرؤساء التنفيذيين للشركات- بأن 40% من الشركات الأعضاء، تتجه إلى خفض رواتب العاملين فيها خلال الأشهر الستة القادمة (تخفيض ساعات العمل)، في حين أن 13% فقط من هذه الشركات لديها خططاً للتوسع.
أكثر من مليون أمريكي أعلنوا إفلاسهم في التسعة أشهر الأولى من العام الحالي (2009). ووفقاً لمعهد الإفلاس الأمريكي American Bankruptcy Institute، شهد شهر سبتمبر زيادة في حالات الإفلاس بواقع 41% عن الشهر نفسه للعام 2008، وبواقع 124790 حالة إفلاس. وتوقع المعهد أن ما مجموعه 1.4 مليون شخص سينضمون إلى ملف الإفلاس نهاية هذا العام (2009).
تمثلت سخرية ردود فعل إدارة اوباما والكونغرس تجاه هذه الكارثة في مجرد تمديد فترة معونة البطالة unemployment benefits لأسابيع محدودة. وفقاً لأحد التقديرات، فقد استنفد 400 ألف عاطل فترة معونة البطالة في أغسطس وسبتمبر، وستنفد فترة هذه المعونة من مليون عاطل بحلول نهاية العام (2009).
في كلمته الأسبوعية التي تبثها شبكة الانترنت كل سبت، قال اوباما بأنه يدرس "خيارات إضافية لدعم خلق فرص العمل،" بينما التدابير التي أعلنها المتحدث باسم البيت الأييض، تضمنت تمديد استحقاقات معونة البطالة وتوسيع الأئتمانات الضريبية للعمال المسرحين لتغطية تكاليف الرعاية الصحية في إطار برنامج كوبرا COBRA program. رَوَّجَ اوباما لخطته- هيكلة الرعاية الصحية- واعتبرها نعمة boon لقطاع الأعمال، قائلاً " يُريد مالكوا الأعمال الصغيرة تنمية شركاتهم واستخدام عمال إضافيين، لكنهم لا يستطيعون لأنهم قلما يكونون قادرين على تحمل تكاليف التأمين على العاملين لديهم."
رفض البيت الأبيض إطلاق مجموعة أخرى من الحوافز، ونفس الموقف عبّر عنه رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق Alan Greenspan في مقابلة مع برنامج أخبار ABC هذا الأسبوع، إذ أنه فضّل معارضة أي تمويل جديد لخلق فرص العمل.
الحفاظ على نسبة بطالة في أعلى مستوياتها منذ الكساد العظيم هو سياسة متعمدة لكل من رجال الأعمال والفئة الحاكمة. وفي حين يوجه الساسة الديمقراطيون والاتحادات البيروقراطية اللوم دوماً للانهيار الاقتصادي economic collapse، بخاصة في الصناعة، وبالعلاقة مع المنافسة الأجنبية والواردات، فإن أزمة البطالة هي ذات أبعاد عالمية. وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD التي تضم أكبر 30 دولة صناعية، فإن معدلات البطالة لهذه ألـ 30 دولة ستصل إلى 10% العام 2010، وهذا المعدل يُقارب مثيله في الولايات المتحدة لنفس العام. بحدود 57 مليون عامل سيتحولون إلى عاطلين عن العمل، وبما يُعادل سكان: فرنسا، إيطاليا، وكوريا الجنوبية مجتمعة.
تكشف أزمة البطالة عن فشل النظام الرأسمالي، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل على مستوى الرأسمالية العالمية. لم يتحرك أي بلد من بلدان منظمة التعاون لخلق فرص جديدة للعاطلين أو إعادة تشغيلهم.. ففي كل منها استخدمت النخبة الحاكمة ruling elite البطالة الجماهيرية mass unemployment كـ هراوة في وجه الطبقة العاملة، بغية فرض مطالب تدمير مستويات الأجور والمزايا وظروف العمل.
يتوجب على الطبقة العاملة مكافحة هذه المطالب من خلال طرح برنامجها الخاص للدفاع عن الأعمال، بدءً بحاجات الجماهير needs of the masses، وليس من منطلق متطلبات الربح للشركات الكبرى. يتوجب على العمال اتخاذ إجراء سياسي مباشر ضد إجراءات التسريح المؤقت عن العمل layoffs، الدوام الجزئي، إغلاق المصانع والمكاتب.. بعدم ترك occupying أماكن عملهم، منع إغلاقها، ومناشدة جميع فئات الشعب العامل تقديم أوسع دعم ممكن لهم..
يجب أن تقترن هذه الإجراءات العمالية بإعداد برنامج بتريليونات الدولارات للأشغال العامة public works، بدلاً من إطلاق مبالغ غير محدودة لصالح البنوك والشركات الكبرى.. بغية توفير الوظائف برواتب طيبة، إعادة بناء الهياكل الاجتماعية- بضمنها المنازل، المستشفيات، والمدارس.. يجب رفع هذا المطلب من أجل اتخاذ إجراءات فورية للتخفيف عن أحوال العمال، بما في ذلك أجر كامل لجميع العمال المسرحين laid-off workers ووفق رواتبهم السابقة، وفرض حظر على مصادرة الرهونات foreclosures، الإخلاءات evictions، إغلاق المصالح utility shutoffs، وغيرها من الإجراءات التي تم بموجبها تحميل عبء الأزمة الرأسمالية عل كاهل الشعب العامل.
يتوجب وضع هذه المطالب في سياق عملي للنضال السياسي political struggle من أجل أعادة بناء المجتمع على الطريق الاشتراكي. جعل الرأسماليين يدفعون تكاليف الأزمة وليس العمال! إلغاء Revoke كافة عمليات الإنقاذ لـ وول ستريت! تحويل كافة الشركات العملاقة giant والبنوك إلى الملكية العامة public ownership وفي ظل الرقابة الديمقراطية democratic control، مع عدم دفع أي أجر يزيد عن أجر العامل الماهر! إعادة تنظيم الحياة الاقتصادية لتخدم حاجات الشعب العامل، وليس أرباح الشركات! نظام عمل 30 ساعة أسبوعياً لغاية الدفع لـ 40 ساعة عمل لضمان أجر لائق لكل عامل.
إن محور هذا الصراع هو في إحداث قطيعة break مع الحزبين التجاريين الكبيرين (الديمقراطي والجمهوري) وإنشاء حزب جماهيري مستقل للطبقة العاملة على أساس برنامج اشتراكي عالمي في سياق الاشتراكية الأممية..
ممممممممممممممممممممممممممـ
As US jobless toll tops 15 million, Patrick Martin, uruknet.info, 5 October 2009.

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات