|
مذكرات - قط - في بلد عربي(3)
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 12:18
المحور:
الادب والفن
اليوم 30- آب –1921 أنا سعيد و متفائل ، كم هي حلوة الحياة ... اليوم اكتشفت اسم جارنا ذو الثياب الرثة... لكن هذا ليس السبب الحقيقي في سعادتي .. "نانا" ولدت . نعم ، لقد أصبحت أبا مدججا بالأطفال ..قطتين ، و قطين ، كلهم يشبهونني، مع كونهم شقر و ذوي عيون ملونة كوالدتهم ... قامت "نانا" بتسميّة الفتيات : سكر ، و كاتو . و قمت أنا بتسميّة الفتيان : الأول "تأبط شرا " على اسم والدي رحمه الله ، و الثاني "أجدب "على اسم جارنا الذي اكتشفته اليوم عندما كان أحد أصدقائه يصرخ : يا "أجدب" ،التهديدات الكرديّة حجة يستخدمها البريطانيون للبقاء هنا ..
اليوم ...-أيلول -1921 قمت بمخاطرة عمي "قرعون" في مصر لأزف له نبأ أحفاد عائلة "المقطقط" الجدد ، لكنه كان منهمكا في شيء ما أسماه " إضراب " و قد قال لي كلاما لم أفهمه و لكنني و لثقتي العظيمة به قمت بتدوين كلامه المليء بالثقة بعد حذف الصفة التي نعتني بها و التي أظنها سيئة: أنت فخور بزيادة التعداد السكاني القططي يا "عبيط" و أنا تشرفت بانتماء جاري البشري و الذي هو مثقف يساري مصري عتيد إلى( الحزب الاشتراكي المصري) ،هذا الحزب العظيم الذي سيحقق لنا ما يلي: ( تحرير مصر من الاستعمار، العمل على إلغاء استغلال جماعة لأخرى ومحو الفوارق بين طبقات المجتمع ،جعل التعليم حقا شائعا لجميع أفراد الأمة ، تحسين حال العمال بتحسين الأجور ، و تحرير المرأة الشرقية وتربيتها تربية سليمة .. كل ذلك بطريقة سلميّة حضارية ،و ليس بالعنف و القمع الذي رضخنا له في السنوات السابقة) . للأمانة القطقوطيّة فقد أقفل المخاطرة معي بعد أن قذفني بجملة : حضارة مصر الفرعونيّة لن يتذكرها أحد إذا بقي الشعب جائعا ، نحمد الله على كبر الأهرامات ، و إلا كانوا قد سرقوها ... اقرأ الواقع يا جاهل ... الواقع ! فعلا ..معه كل الحق فأربعة أطفال و أمهم، و أختي "بسه"..واقع ، في حاوية زبالة حي الشحاذين..واقع ، في عراق محتل و غير محتل في آن..واقع ، و بين جيران بشريين يتعاركون بلغة واحدة .. واقع . الواقع هذا يحتاج تفكيرا كثيرا حول إمكانية تعلم "المواء"، و تفكيرا أكثر في إمكانيّة البقاء على قيد الحياة ...
اليوم 30-كانون الأول -1922 ما الذي يعمي القلب عندما يناديه الحب (القطقوطي) ؟! "نانا" الرشيقة المهذبة الناعمة ، أصبحت (الوليّة ) البدينة الفاجرة ذات الصوت العالي. أكاد لا أصدق أن الفقر ينخر في شخصية القط و يقلبها . اليوم مثلا رجعت إلى بيتنا متعبا و حزينا بعد عراك مع أحد القطط الشاردة على أمعاء ديك مرحوم ، ففتحت لي الباب غاضبة ، و بدأت بالصراخ و تقييم منظري الأشعث ، ثم سخرت من عملي و من العيش معي ... هذا كله تحملته إلى أن لمحت إلى كوني لم أعد صالحا في السرير القطقوطي ..جنّ عندها جنوني و عضضتها من ذيلها ، نطت من الوجع . تستحق ناكرة المعروف ... خاطرني " قرعون " يزف لي نبأ قيام ما اسماه ( الاتحاد السوفيتي ) و طمأنني بأن مشاكلنا كلها ستحل . سألته إن كان هذا الاتحاد يحتاج إلى زعماء أو قادة ، فأنا بحاجة إلى إعادة هيبتي في نظر "نانا" ، فأجابني قبل أن يقفل الخط التخاطري : أنا " العبيط " لأنني أخبر جاهلا غبيا مثلك . عندما عاد الأولاد للبيت أعطوني محاضرة في الأخلاق و الرجولة ، و دافعوا عن أمهم التي كانت لا تزال تبكي ... لو كنت أعرف أن حملهم في البطن سيبقى ذو الأولويّة ، لما تشردت في الشوارع بحثا عن الطعام ، أنا عدو المرأة ؟! هذا ما كان ينقصني ...
اليوم 29-تشرين الأول – 1929 مدين أنا " هرهور المقطقط " إلى هذا اليوم : (الخميس الأسود) ..فهو الذي أعادني إلى كتابة المذكرات بعد كل تلك السنوات التي أمضيتها أركض وراء اللقمة . فقد شرحت لي ابنتي " سكر " كلام أخيها " أجدب " عن (الكساد الكبير ) الذي يحتل العالم اليوم ،و الذي بدأ منذ حوالي ستة أشهر و سيمتد بحسب تقديرات " أجدب " مطولا... رأيت أنه من الضرورة لأحفاد الحضارة القطقوطية أن يعرفوا أنني قد بدأت بقراءة الوضع الاقتصادي العالمي بصورة حكيمة كهلة ، بعد أن كبر أطفالي ،و تعلموا ،و استقلوا بأفكارهم ، و ميولهم ... سحقا للاستعمار ، لم أكن أطالع و أنا شاب ... ألم تقنعكم الحجة ؟! ...قديمة!
يتبع...
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسرار جنسيّة : للغيرة سلطان...
-
مذكرات - قط - في بلد عربي(2)
-
أسرار جنسيّة : قوس قزح
-
مذكرات -قط-في بلد عربي
-
أسرار جنسية: ثالوث
-
أسرار جنسيّة : (وسواس جنسي)...
-
أسرار جنسيّة :(حريم!!)
-
أسرار جنسيّة :(صور ليست للذكرى!!)
-
أسرار جنسية : سر (الحب والحزب الأول)
-
أسرار جنسية: السر الرابع عشر (عماد)
-
أسرار جنسية: السر الثالث عشر(رامي)
-
سر الأسرار!!
-
أسرار جنسية: السر الثاني عشر(ماهر)
-
أسرار جنسية: السر الحادي عشر(سيسي)
-
أسرار جنسية: السر العاشر(حرية الرأي في بيت الدعارة)
-
أسرار جنسية: السر التاسع (الغبية!!)
-
أسرار جنسية: الجزء الثامن(فاتن)
-
أسرار جنسية: الجزء السابع(ضرار)
-
أسرار جنسية: الجزء السادس(سامي)
-
أسرار جنسية: الجزء الخامس(بدر)
المزيد.....
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
-
روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|