مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 2655 - 2009 / 5 / 23 - 10:35
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كان نيتشه على حق في نهاية الأمر , لقرون قامت الأخلاق على أساس الشفقة و الإحسان تجاه الفقراء و المستضعفين , لقرون كان هؤلاء الفقراء و الضعفاء مجرد حاضرين غائبين عن الحياة , مجرد موضوع لإحسان الأغنياء و الأقوياء و الحكام و شفقتهم , كان هذا هو البعد الأخلاقي المزعوم لحقيقة انقسام البشر إلى أقوياء و ضعفاء , إلى مستكبرين و مستضعفين لو شئتم , فالشفقة تجاه الضعفاء هي جزء من عملية خلق , و تكريس , ضعفهم , و الإحسان للفقراء هو جزء من عملية خلق , و تكريس , فقرهم , هذه هي لعبة من يدعي القوة و الرحمة..ليست الشفقة و الإحسان انتقاصا من إنسانية الفقير و المحكوم , بل من أهليته , من معنى وجوده و قيمة هذا الوجود , لصالح المحسنين الأخيار , لصالح وجود أغنى قيميا و أخلاقيا و في الأصل فعليا و ماديا , ليس فقط أن الشفقة و الإحسان تجاه الفقراء و المحكومين تعبر عن الرغبة بتأسيس العلاقة بين الغني و الفقير , الحاكم و المحكوم , على شكل صورة خارجية قائمة على النفاق , كذبة الغني المحسن و الحاكم العادل , و نفاق الفقراء و المحكومين تجاه سادتهم للحصول على هذا الإحسان و استدرار تلك الشفقة , بل إنهما أساس استلاب الفقير و المحكوم و تغييبه كإنسان و كند للغني و للمحكوم , إنها الطريقة التي يتحول الفقير بموجبها إلى تابع للغني و المحكوم إلى تابع للسيد , إن شفقة رجال الدين و الحكام ليست سوى كذبة , مثلها مثل موقف النخبة ممن تسميهم بالشعب أو الجماهير , إنها محاولة لقلب الأمور ليبدو وجود هؤلاء الناس ثانويا و هامشيا و متوقفا بالكامل على حكامهم و على المؤسسة الدينية أو النخبة , لإعادة تأسيس العلاقة أو التوازن بين وظيفة الإنتاج المادي التي يقوم بها هؤلاء البشر الفقراء و المحكومين و بين الوظيفة الطفيلية للحكام و رجال الدين , و تكريس استلاب الناس عن ذواتهم و تكريس وضعيتهم كأتباع و يصادر قرارهم و يحولهم إلى أشياء تملك و تباع و تشرى و تورث , الزكاة في التعاليم الإسلامية و مشاعر الشفقة و الإحسان المرتبطة بالمقدس كل مقدس , و نظيرها الحداثي : عبء الرجل الأبيض أو المبرر الذي يستخدمه النظام الرأسمالي للقضاء على الشعوب التي تقف في طريق مضاعفة أرباحه أو لاستعبادها في أضعف الأحوال , هي بالضبط معادلة اغتصاب حرية الناس و لقمة خبزهم......
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟