أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مازن كم الماز - العولمة في منظور جون بودريار














المزيد.....

العولمة في منظور جون بودريار


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2620 - 2009 / 4 / 18 - 09:59
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


كان جان بودريار ( 1929 – 2007 ) أحد المفكرين النشطين في الفكر الفرنسي و الأوروبي عامة في تشريح السلطة و الكشف عن أسرارها و خاصة أساليبها في إعادة إنتاج الحقيقة في شكل إيهام أو فوق واقع يخدمها , و خاصة و أنه قد انضوى , مع جاك دريدا , في حركة العولمة البديلة قبل وفاته . في تعريفه للعولمة يفرق بودريار بين الكونية Universalization و العولمة Globalization , فالتشابه بينها كما يراه مخادع , تدور الكونية عن حقوق الإنسان , الحرية و الثقافة و الديمقراطية , أما العولمة فهي على العكس تتعلق بالتكنولوجيا , السوق , السياحة , و المعلومات . و هكذا بينما نجد أن العولمة غير عكوسة فإن الكونية ما زالت تتقدم . إن الهدف الأعلى لأية قيمة هو في أن تصبح كونية , لكننا لا نقدر فعلا المخاطر التي ينطوي عليها هذا السعي , في هذه الحالة بدلا من أن تبقى دافعا للارتقاء تصبح ميلا نحو الدرجة صفر في كل القيم . في عصر التنوير كانت الكونية ترى كنمو غير محدود باتجاه التطور . لكنها توجد اليوم بشكل غيابي و يجري التعبير عنها كهروب إلى الأمام يهدف إلى الوصول إلى أدنى قيمة مشتركة , هذا هو مصير الحرية و حقوق الإنسان اليوم , حيث يكون انتشارها في الواقع أضعف تعبير عنها . تتلاشى الكونية بسبب العولمة , حيث تضع عولمة التبادل نهاية لكونية القيم . مع خسارة القيم الكونية لشرعيتها و سلطتها تتحول الأمور باتجاه أكثر راديكالية , فيستأصل الانتشار المظفر للعولمة كل أشكال الاختلاف و كل القيم الكونية التي تدافع عنه . بالتالي تؤدي العولمة إلى ظهور ثقافة غير متمايزة بالكامل , لا اختلاف فيها . منذ لحظة اختفاء الكونية هيمنت بنية تكنولوجية معولمة , لكن هذه البنية التكنولوجية عليها الآن أن تواجه اختلافات جديدة دون وجود القيم الكونية التي دمرتها هي هذه المرة . اليوم بينما تواجه مفاهيم الحرية و حقوق الإنسان نظاما عالميا دون أية بدائل من جهة و مع وجود اختلافات ثورية جارفة على الجهة الأخرى , تصبح هذه المفاهيم مجرد أشباح لماضي الكونية . اعتادت الكونية أن تدعم ثقافة تتميز بأفكار الذاتية , التجاوز , الواقع , لكن الثقافة العالمية الافتراضية اليوم تستبدل الأفكار بالشاشات , بالأرقام , بالشبكات . في الكوني كان ما يزال هناك مكان للإشارة الطبيعية إلى الجسد , الماضي أو العالم , كان هناك نوع من التوتر الديالكتيكي أو الحركة النقدية التي وجدت مادتها في العنف الثوري , لكن طرد هذا العنف الثوري يفتح الباب أمام عنف جديد , ما يسميه بودريار بعنف العولمة . يتميز العنف الجديد بسيطرة الكفاءة التكنولوجية , التنظيم الكامل , و التوزيع الكامل . من هنا ينشأ العنف الجديد , من نظام يلاحق أي شكل للاحتجاج و الاختلاف , إنه عنف مجتمع يحظر فيه النزاع , و لا يسمح فيه حتى بالموت كتعبير نهائي عن الاختلاف . ردا على سؤال من سيهزم العولمة , يرد بودريار بأنها لن تكون الحركة المناهضة للعولمة التي انخرط فيها هو نفسه قبل موته , هذه الحركة مهمة سياسيا عند بودريار لكنها ليست ذا تأثير رمزي مهم . إن البدائل الإيجابية لا يمكنها وفقا لبودريار أن تهزم النظام المهيمن , لكن الأشياء المختلفة عنده ليست إيجابية و لا سلبية , إنها تعبر عن نظام رمزي مختلف . ليس هناك صراع بين الحضارات هنا , بل مواجهة أنثروبولوجية بين ثقافة عالمية غير متمايزة و كل شيء آخر . بالنسبة للسلطة العالمية , أي شكل للاختلاف هو هرطقة . يحمل بودريار نبوءة متشائمة بالنسبة للحضارة , الغربية على الأقل , إنه يرى أن كل حضارة تصبح عالمية تفقد تمايزها وتموت , هذا ما حدث لكل الحضارات التي فرض عليها الغرب بالقوة أن تصبح مثله , يرى بودريار الفرق فقط في أن الحضارات الأخرى ماتت بسبب اختلافها , و كانت هذه ميتة جميلة , لكن الغرب يموت لأنه يفقد تمايزه و يدمر كل قيمه , و هذه ميتة أسوأ بكثير .

لا ريب أن التشاؤم صفة أساسية للمقاربة الفكرية المختلفة أو المعارضة التي يمثل بودريار نموذجا مهما عنها , إن النقد البودرياري للعولمة بشكلها السائد كئيب , لكنه عميق , و لعل هذا صفة ضرورية لهذا النقد في مواجهة العولمة الرأسمالية بما تنسبه لنفسها من نهاية إيجابية للتاريخ البشري , لتنكشف عن نهاية سلبية , مأساوية , لهذا التاريخ , هكذا تفرض العولمة شكل النقد الموازي لها , عندما تصبح دعواها في نهاية التاريخ هي المرجعية التي تشكل قاعدة الجدل معها .

مازن كم الماز


- Jean Baudrillard , The spirit of terrorism , Le Monde , 2 novembr 2001 .
- Jean Baudrillard , La Violence du Mondial , from Power Inferno ( Paris : Galilee , 2002 ) .



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القداسة بين الإسلام السياسي , السلطة , و مفهوم الحرية الإنسا ...
- أكثر عن رأسمالية الدولة 2
- لا ضحايا و لا جلادين لألبير كامو
- من كتاب كورنيليوس كاستورياديس : المجالس العمالية و اقتصاديات ...
- أكثر عن رأسمالية الدولة
- دعوة لتشكيل جمعية أو لجنة للدفاع عن حقوق العمال السوريين في ...
- ما الذي تفعله عندما تخسر عملك أو منزلك ؟
- لينكون في مئويته الثانية
- لا حاجة لتكريس سجننا , المطلوب هو فقط تحطيمه
- مناقشة لمشروع المهمات البرنامجية المرحلية لتجمع اليسار المار ...
- ما هي الأناركية الشيوعية ؟ لالكسندر بيركمان
- دفاعا عن الثورة الشعبية
- نداء أناركي شيوعي ضد قمة الناتو
- عن الإسلاميين مرة أخرى
- أي حوار فلسطيني هذا
- الثامن من آذار
- المجالس العمالية ؟ : المدخل للديمقراطية المباشرة و لبديل حقي ...
- ليبرتاد ( 1925 ) عبادة الجيف
- سواء بقي النظام السوري حليفا لإيران أو أصبح تابعا لأمريكا , ...
- حاجة هذا العالم للتغيير


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مازن كم الماز - العولمة في منظور جون بودريار