محاولة التمديد.. إحترام الدستور والزمن

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2636 - 2009 / 5 / 4 - 09:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

شخصيات سياسية حشدت عددا كبيرا من الذرائع للمطالبة بتمديد الدورة الحالية لمجلس النواب وبالتالي التمديد للحكومة أيضا عبر تأجيل الانتخابات ورغم إن بعض الذرائع من العيار الثقيل لكنها تستحق أيضا قراءة معاكسة، فمن بين هذه الذرائع تراكم الاستحقاقات الانتخابية خلال فترة قصيرة لا تسمح بتوفير الاستعدادات الفنية والقانونية وتثقل من أعباء مفوضية الانتخابات، لكن هذه الذريعة تعود بقراء معاكسة لتتحول الى تساؤل عن سبب غياب هذه المعلومة عن ذهن المشرعين وهم يراكمون الاستحقاقات الانتخابية واحدا بعد الاخر دون الاخذ بنظر الاعتبار طاقة مفوضية الانتخابات ومشاعر وطاقة الناخب العراقي.
كما إن بعض النواب يبررون مطالبتهم بالتمديد من خلال ذريعة عدم كفاية الزمن المتبقي من عمر البرلمان والحكومة لإنجاز المهام المتبقية في ذمتيهما، ما يعني إن هاجس الزمن لم يكن موجودا في حساب المؤسستين التشريعية والتنفيذية وقد شهدت الاعوام الماضية إبداعا عراقيا منقطع النظير في تبديد الوقت وإبتكار الاعذار للتلكؤ وبطء الاداء سواء في البرلمان أو الحكومة، وكان أعضاء المؤسستين يخرجون من متاهة أو مشادة ليدخلوا أخرى في حالة نسيان تام للسقف الزمني، وهناك من الشخصيات والقوى التي لن تستطيع إثبات نجاحها حتى لو مدد لها أكثر من دورة نيابية، بل هناك من كان يستحق الاقالة بعد مرور بضعة أشهر فليس من المقبول الانتظار الى نهاية الدورة الانتخابية دون وجود تقدم ملموس في تنفيذ البرامج، وبمعنى آخر، سيكون تمديد عمر الدورة النيابية بمثابة المكافأة.
من الناحية العملية يمكن إلغاء شرط الاستفتاء على الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة لأنه تشريع يمتلك مفاتيحه مجلس النواب من الناحية القانونية والدستورية وكذلك الحال مع إنتخابات مجالس الاقضية والنواحي رغم أهمية هذه المجالس لكن موعد إنتخاباتها ليس محكوما بنص دستوري.
الشيء المهم الذي أثارته مطالب التمديد هو إنعدام وجود فهم حقيقي للديمقراطية رغم التغني بها وكثرة التنظيرات المتحذلقة فيها وحولها، ذلك إن سقف الزمن هو أحد الحدود المهمة للسلطة والتي تمنعها من الاستبداد، وهاجس الزمن يعدا هاجسا غريبا على الحس السياسي الشرق أوسطي خاصة والاستبدادي عامة حيث يتصور الحاكم "فردا أو مجموعة" إن الزمن بسرمديته مفتوح أمامه وبالتالي لا توجد لحظة لجرد الحساب والتأكد من الوعود، فالمستبد يمارس خداعا لذاته ولشعبه عبر توهم خلوده الشخصي فيتحرر بذلك من سلطة الزمن وبالتالي يتحرر من كل رقابة أو عقاب شعبي عبر التصويت الرافض له.
تمديد الدورة النيابية الحالية خرق دستوري ليس من مصلحة أحد إرتكابه فهو سيكون بمثابة السابقة التي تفتح الباب لحالات مماثلة مستقبلا، كما إن الدورة النيابية الحالية هي أول دورة دستورية وإقرارها لخرق التمديد يعني ضربة قاصمة للمشروع الديمقراطي الدستوري في العراق وهي ضربة ستساعد أعداء المشروع في تنفيذ مطالبهم بإلغاء العملية السياسية التي يريد بعض المشاركين فيها طعنها في مقتل لأسباب ومصالح خاصة.
حتى المخاطر المتوقعة من تداعيات الانسحاب الامريكي المبكر لا تبرر تأجيل الانتخابات بل إن الحريصين على العراق ونظامه السياسي يجب أن يبذلوا كل جهدهم لإجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة قبل آب 2010، موعد الخفض الكبير في القوات الامريكية وذلك للإستفادة من وجود القوات الامريكية لتوفير أجواء آمنة للإنتخابات ومفاوضات تشكيل الحكومة التي ستكون طويلة كالعادة.
النظم الديمقراطية وضعت لإقالة الحكومات في وقت يتعثر فيها إداء تلك الحكومات، وبمجرد القبول بمسوغات "الظروف الاستثنائية" نكون قد وضعنا أقدامنا في دوامة العودة الى الوراء، فجميع النظم الاستبدادية المعاصرة لديها ذريعة واحدة لرفض الديمقراطية وهي "الظروف الاستثنائية".

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات