|
الرئيس المتوافق عليه... ليس منتخبا
سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
الحوار المتمدن-العدد: 2635 - 2009 / 5 / 3 - 09:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل يوم ننظر نحن العراقيون إلى المستقبل بعيون ملؤها الأمل في محاولة لتجاوز الواقع المرّ و الأليم، فالتوافق كثقافة بديلة للديمقراطية و المحاصصة الطائفية و المذهبية و القومية العنصرية التقسيمية، كلها دفعت باتجاه تفتيت الشارع العراقي و إفراغ فكرة الانتخابات و التصويت من أي معنى حقيقي عبر تقاسم السلطة على أساس المحاصصة و القومية و الطائفة و حتى العشيرة، و بالفعل هناك أطراف عنصرية تسعى إلى ترسيخ هذه الثقافة لإفشال الأغلبية و منعها من حكم البلد على أسس قانونية و اجتماعية، فما دامت هناك محاصصة فلا معنى للانتخابات الديمقراطية و ترشيح مرشحين و اختيار قوائم، لأن المحاصصة ستعطي لكل طرف و قائمة (حصة) من الغنائم و لكن يكون هناك خاسر، عدا المواطن المسكين، و هذه الأحزاب النفاقية تنتهج حكم الأغلبية فقط عندما يصب في مصلحتها و تعود إلى التوافق بمجرد انتفاء هذه المصلحة الحزبية الضيقة. ليس مستغربا من معادلة قبيحة كهذه أن تنتهي بشلّ الحكومة العراقية و عجزها عن محاسبة أصغر الفاسدين حتى أكبرهم، و لم نرى أي فاسد يُعاقب اللهم إلا موظفون صغار ربما، و أذكر جيدا كيف أن مسألة انتخاب ريس الجمهورية عطلت كل الشأن الحكومي و بقي الشعب ينتظر تشكيل الحكومة أشهرا كلفته الكثير الكثير من الأرواح و الأموال و تراكم المشاكل الاجتماعية، إن ما أخشاه و يخشاه كل عراقي أن تتحول رئاسة الجمهورية و مجلس الرئاسة إلى لعبة و منفذ لهروب الفاسدين و اللصوص و حماية قتلة الأمس و اليوم، من البعثيين و الإسلامويين و غيرهم، و الانتخابات البرلمانية القادمة إذا لم تتحول نحو حكم الأغلبية المنتخبة و إذا لم يتم تجاوز المحاصصة التي تمت تحت شعار (حقوق الأقليات)، فسنعود إلى المربع الأول بمعنى أن الانتخابات ستصبح و كأنها لم تكن و سيستمر مسلسل القتل و الفساد و الدكتاتورية. نحن نرى مثلا كيف أن الحزب الإسلامي يصرخ ليل نهار (لا للمحاصصة الطائفية و القومية)، و لكن على أرض الواقع فإن هذا الحزب ـ و هو امتداد لتيار الإخوان المسلمين المعروف برفضه الديمقراطية ـ يعمل بكل طاقته و ما يمتلك من إعلام ـ تلفزيون بغداد خير نموذج لهذا النفاق ـ و خطاب سياسي على تفتيت الديمقراطية العراقية و إفشالها عبر ترسيخ مبدأ "التوافق = المحاصصة = النفاق"، و لهذا السبب أطلقوا كلمة "توافق" على قائمتهم الانتخابية، فقد أدركت هذه الجماعة أنها و بالمعايير الانتخابية "فاشلة" و خاسرة و لن تأخذ ربّما حتى حصة صغيرة في الحكومة، و من المؤسف حقا أنهم و بالإضافة إلى حصولهم على منصب نائب رئيس الجمهورية و نائب رئيس الوزراء فرضوا مرشحهم لرئاسة البرلمان بعد مداولات و تجاذبات من نوع المحاصصة، و هم منذ دخولهم العملية السياسية يحاولون زيادة صلاحيات الرئيس ـ الذي يبدو أنه لن يتقاعد أبدا و لو بلغ المائة عام ـ و تهميش السلطة التنفيذية المتمثلة برئاسة الوزراء. و حتى مسألة تعديل الدستور يحاول الحزب الإسلامي و حلفاءه من الفاسدين أن يحولوها إلى مسألة حصص، عدّل لي هذه المادة أحذف لك هاي المادّة، و هذا ما سيستبدل دستورنا المسخ بدلا من تجميله إلى مسخ أكثر قبحا و دمامة، و كعلاج و خطوة لتجاوز هذه الحالة المرضية المزمنة فإن العلاج الفعلي يكمن في جعل انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع و التصويت السري العام الذي يشارك فيه كل البالغين من أبناء الشعب، بل إن هناك جهات في الحكومة العراقية لا تريد الاكتفاء بانتخاب الرئيس عبر البرلمان و عبر التوافقات و المحاصصات، بل أن تجعل هذا الانتخاب على طريقة "المجلس الوطني البعثي" و الذي كان يشارك في التصويت (المهزلة) برفع اليد تأييدا لـ(الرئيس القائد المناضل) و هو ما سيسهل على ذوي "المؤخرات الضخمة" من احتلال الكراسي و إصابتها بالعفن ـ لطول مدة بقائهم في المنصب ـ و إخراج الإرهابيين و المجرمين من السجن و تهريب المطلوبين، كما حصل مع "محمد الدايني" و قبله الإرهابي "مشعان الجبوري" الذين نهبوا و قتلوا و ذبّحوا في أبناء العراق، إن الاقتراع السري سيكون الحل السحري و الناجح و الفعال لإخراج منصب رئيس الجمهورية من مأزق المحاصصة و التقاسم و التعاون على الإثم و العدوان الذي يكاد يدمّر الديمقراطية العراقية. إن الفساد و الفاسدين يرون في أبعاد الشعب العراقي عن المشاركة المباشرة في التغيير مصلحة فعلية لهم في الاستمرار و توسيع هذا الفساد بحيث لا يبقى أحد خارج هذا الفساد، و بالطبع فإن منصب الرئيس إذا ما أصبح متاحا بيد الشعب العراقي ليقرر هو ـ لا الأحزاب العنصرية و الطائفية ـ من هو الأجدر بشغل هذا المنصب المهم رغم كونه تشريفيا، فالرئيس المنتخب سيملك صلاحية تكليف شخص ما منتخب أيضا من تشكيل الوزارة و تقديمها للبرلمان و من ثم يقوم رئيس الجمهورية بالتصديق عليه من دون الرجوع إلى الرؤوس الفاسدة التي عملت و لا تزال على تمزيق وحدة الشعب ـ و هم يلتقون في هذه النقطة مع البعث و القاعدة ـ و نهب ثرواته، إن من واجب الوطنيين و الشرفاء الذين يواجهون أعداء الشعب العراقي من المفسدين و الإرهابيين أن يساعدوا الشعب على إنجاز هذا الأمر و التعديل الدستوري و الوطني الخاص بمنصب الرئيس بأسرع وقت ممكن.
Website: http://www.sohel-writer.i8.com Email: [email protected]
#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)
Sohel_Bahjat#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى أخي العباسي.. حول -قصور الملالي-
-
العراق و المواجهة الحتمية بين إيران و الولايات المتحدة
-
سايكوباثية -السياسي- العراقي و علاجات -الفقيه-!!
-
حرّيّتنا... مشوهة كتمثالنا!!
-
9 نيسان... يوم إسقاط هبل
-
هوية العراق (إنسانه رخيص)!!
-
مجتمعات القسوة و -أعمى العمادية-!!
-
المقاومة القذرة بين سقوطين
-
عمرو بن العاص و الاستراتيجية العراقية
-
بين جدّي و صدّام حسين
-
معايير الإنسحاب من العراق بقلم دانييل بليتكا*
-
أدباء و مثقفوا -هارون الرّشيد- في عراقنا الجديد
-
العراقيون و ... ما وراء السفارة
-
إلى الوزير خضير الخزاعي.. هل أنت غافل عن مناهج البعث؟
-
أزمتنا السّكنيّة و -الصهيونيّة-!!
-
الدبلوماسية وحدها لا تنفع مع إيران بقلم مايكل روبن
-
أزمة العقل العراقي
-
بعد الانتخابات... شبيك لبيك المرشح بين إيديك
-
المجتمعات الحرة و مجتمعات التخلف
-
الانتخابات بين الإخلاص و المتاجرين بالدين
المزيد.....
-
في ظل الحرب.. النفايات مصدر طاقة لطهي الطعام بغزة
-
احتجاجات طلابية بجامعة أسترالية ضد حرب غزة وحماس تتهم واشنطن
...
-
-تعدد المهام-.. مهارة ضرورية أم مجرد خدعة ضارة؟
-
لماذا يسعى اللوبي الإسرائيلي لإسقاط رئيس الشرطة البريطانية؟
...
-
بايدن بعد توقيع مساعدات أوكرانيا وإسرائيل: القرار يحفظ أمن أ
...
-
حراك طلابي أميركي دعما لغزة.. ما تداعياته؟ ولماذا يثير قلق ن
...
-
المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عملية هجومية بالمسيرا
...
-
برسالة لنتنياهو.. حماس تنشر مقطعا مصورا لرهينة في غزة
-
عملية رفح.. -كتائب حماس- رهان إسرائيل في المعركة
-
بطريقة سرية.. أميركا منحت أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|