أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - حروب خمس نجوم














المزيد.....

حروب خمس نجوم


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14 - 09:34
المحور: كتابات ساخرة
    


من الملاحظات الصارخة التي تعكس أزمة رؤيوية واضحة، هي ميل البعض نحو تحميل المقاومات في المنطقة عواقب ما تقوم به آلات الموت الصهيونية من أعمال إجرامية تؤدي لخسائر فادحة في الممتلكات أو الأرواح في أراضي المواجهات الساخنة في الإقليم، هذه الأيام، كونها تبنت خيار المواجهة والمقاومة، وأنها بذلك تعطي الذريعة لإسرائيل في كل مرة لشن عدوان جديد. غير أنه، ومن الجدير ذكره، قبل المضي أبعد في هذا المضمار، هو أن تلك المواجهات، وبرغم الاختلال الكبير في موازين القوى، قد باتت تأخذ طابعا تكتيكياً جديداً تترجح فيه كفة المقاومات، مذ اهتدت تلك المقاومات إلى إستراتيجية إطلاق الصواريخ والرجم ذات البعد والمفهوم الميثي الأسطوري الذي لا يغيب البتة عن جوهر الصراع، والتي- الإستراتيجية- قوضت ونسفت مفهوم الأمن الإسرائيلي برمته ومن جذوره، وجعلت أسطورة الفردوس والحلم التوراتي بأرض الميعاد، وهماً، وسراباً، وعلى كف عفريت.

فاليوم، وطبقاً لمعايير "الرجم" الأسطورية الصاروخية المستحدثة، أصبح بمقدور أية جماعة، لنقل أنها "خارجة عن السيطرة"، وتمتلك مجموعة من الصواريخ حتى البدائية (من أسطوانات المدافئ أو"بواري الصوبيات" بالشامي العتيق)، إزعاج وإقلاق راحة هذا الكيان بالصميم، الأمر الذي لم يكن متخيلاً، ولم يكن يدور بخلد أعتى قادته من الليكود أو الكاديما وإسرائيل بيتنا أو العمل، أو أن يصلوا، يوماً، لهذا المأزق، أو الكابوس الاستراتيجي المرعب المخيف. وللمرء أن يتخيل ماذا سيكون عليه الحال لو كان هناك جماعات، لا جماعة واحدة فقط تتبنى هذا الخيار، وليس لها من عمل سوى أن "تتسلى"، في أوقات فراغها، بإطلاق الصواريخ "البدائية"، حسب خطاب البعض، على إسرائيل. يبدو الأمر هنا بحجم كابوس، وأكثر ربما من كارثة إستراتيجية لهذا الكيان. ونكاد نجزم بأن هذا التصور المرعب يكاد لا يغيب اليوم عن بال المحللين والمفكرين الاستراتيجيين والأمنيين الصهاينة ويقض مضاجعهم ليل نهار، والذي لم يكن بمقدور أشدهم تشاؤماً أن يتصوره ذات يوم. إنها صيرورة قتالية جديدة، فرضها تطور آليات الصراع، وأدركت فاعليتها بعض قوى المنطقة لتمارسها بذكاء وحرفنة ودهاء سياسي . وعلينا الاعتراف أنه، وجراء هذا التكتيك الجديد، فقد فقدت إسرائيل زمام المبادرة، تماماً، برغم ترسانتها النووية المرعبة (200 رأس نووي) وتقف اليوم عاجزة عن فعل أي شيء حيال صواريخ "بدائية"، فكيف لو لم تكن بدائية؟

وفي السجال الذي يديره مثقفو الاعتدال في تحميل المقاومين مسؤولية الجرائم الإسرائيلية، فلا يمكن للمرء إلا أن يتساءل، في هذا السياق، متى كانت إسرائيل مهادنة ومسالمة؟ ومتى لم ترتكب مجازر بحق شعوب هذه المنطقة الناطقة بالعربية؟ ومتى كانت الحروب والمواجهات العسكرية بدون خسائر على جميع فرقائها المتقاتلين؟ بل متى كانت الحروب، أية حروب، إنسانية وأخلاقية، من حيث المبدأ والأساس؟ لا بل يحاول البعض أن يوهمنا بأن تاريخ الصهاينة في المنطقة هو تاريخ غزلان وديعة، وحملان مسكينة، وحمامات سلام "القط" يأكل عشاءها، وكانت ملتزمة تاريخياً بتطبيق عشرات القرارات الدولية التي صدرت للجم اندفاعاتها العدوانية المتكررة.

فهل لأحد أن يتصور اليوم، وحسب خطاب ورغبويات البعض، أن تكون هناك مواجهات، حتى لو كانت بين متظاهرين في الشوارع، دون خسائر مادية وبشرية؟ وهل يتوقع أحد أن يتحارب المتحاربون بالورود والرياحين، وأبيات الشعر الغرامية، وبطاقات الغزل، ونحن، بالمناسبة، على أبواب الاحتفال بالفالانتاين؟ وهل يتخيل أحد من هؤلاء الذين تعودوا على حياة الرفاهية، وأجواء الخمس نجوم، أن تتحول الحروب إلى حروب خمس نجوم لا تتأذى فيها إسرائيل، أبداً، ولا يزعج فيها دوي القنابل أحداً، ولا تطلق فيها رصاصة، وتستعمل بها السيوف البلاستيكية، والخناجر الخشبية، والطلقات المطاطية؟

لقد دمر الألمان لندن، وأبادوها عن بكرة أبيها في قصف سجادي Carpet Bombing، ولكن لم نر صوتاً بريطانياً "معتدلاً" يحمـّل السير ونستون تشرشل مسؤولية الهمجية النازية الألمانية لأنه اختار عدم التهادن معها، والتزم خيار المقاومة الوطني. كما لم نسمع عن أحد لام، وعنـّف الجنرال الفييتنامي الأشهر جياب، ثعلب الفييتكونغ، الذي مرّغ جباه الجنود الأمريكان بالوحل وجعلهم "يتعمشقون" وهم بسراويلهم الداخلية بطائرات الهيلوكبتر هرباً من جحيم ضربات المقاومة الفييتنامية الباسلة، أو حتى حمـّله، أيضاً، مسؤولية القصف البربري الأمريكي الهمجي الوحشي، لا بل دخل جياب المخيلة والعقل الباطن الفييتنامي كأسطورة حية ومقدسة، جنباً إلى جنب مع هوشي مينه، الذي أطلق اسمه، لاحقاً، على سايغون عاصمة الجنوب بعد تحريرها.

والتناقض والمفارقة تصبح عبثية وذات طبيعة سجالية نكدية تشاكسية وعدمية، حين يأخذ نفس هؤلاء اللائمين على البعض عدم إطلاق أية طلقة في مواقع أخرى من أرض الصراع. فكيف تستوي الدعوة، هنا، لعدم المقاومة، ونفس الدعوة لإعلان الحرب في ذات الوقت؟ ألا تبدو مثل هذه الدعوات، هنا، ومن نفس الأشخاص والأصوات، وبهذه الطريقة، نوعاً من قبيل العبث الصبياني، والضياع وغياب التصور الإستراتيجي الواعي لحقائق التاريخ والجغرافيا وإدارة الصراع، ناهيكم عن عدم وجود تبلور، ورؤية واضحة لمواجهة الغطرسة والعربدة الإسرائيلية.

وما دامت المقاومات تسبب كل هذا الكم من الإزعاج والمغص المزمن للبعض، فإنه من الواجب الاقتراح هنا، أن تكون المواجهات العربية الإسرائيلية المقبلة، ومن اليوم وصاعداً مواجهات، خمس نجوم، نظيفة، هادئة، وصامتة، لا يصدر فيها أي صوت، ولا يتكبد فيها أحد أية خسائر تذكر، ولاسيما على الجانب الإسرائيلي، وأن ننتظر دائماً من إسرائيل أن "تتكرم" هي علينا، في كل مرة متى تبدأ، وتنهي القتال؟ وكله كرمى لعيون مثقفي الاعتدال الكرام.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب وتركيا: القرعاء وبنت خالتها
- لماذا لا يرحّب العرب بإيران؟
- نضال نعيسة في حوار صحفي عن ادراج اسمة ضمن قائمة الكتاب العرب ...
- هذا هو مقال الخارجية الإسرائيلية!!!
- القوميون العرب: تاريخ أسود وفكر خبيث
- مَن هُم الكتاب العرب الصهاينة ؟
- تعقيب على رؤية إسراطين للعقيد معمر القذافي
- نقد للنظام أم جهل بموقع الذات؟
- الشأن السوري واقتراح حول نظام التعليقات
- الهزيمة الأخلاقية للمعتدلين العرب؟
- هل بدأ أوباما عملية التنظيف -وراء- بوش؟
- ماذا تبقى من المعارضة السورية؟
- بين المخابرات والمغامرات
- خيبة القرضاوي
- لا عروبية و لا اسلاماوية
- إسلام في خدمة الغزاة: المظاهرات تُلهي عن الصلاة
- هل يُحاكم مبارك بتهمة الإبادة الجماعية؟
- الرئيس المبارك والضوء الأخضر لذبح القطاع
- نداء إنساني عاجل إلى قمة مجلس التعاون الخليجي
- أكثر من دعارة سياسية


المزيد.....




- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - حروب خمس نجوم