أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نضال نعيسة - أكثر من دعارة سياسية














المزيد.....

أكثر من دعارة سياسية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2510 - 2008 / 12 / 29 - 09:33
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم يكن مستغرباً، أبداً، ما حصل في غزة من مجزرة دموية وحشية وبشعة تفوق الوصف والخيال. وليس من قبيل الصدف العابرة أن نرى هذا الكم المفجع من الموت المجاني المتقاطر تباعاً، وبفزع محبط، على كل الشاشات. فلقد كانت قد كثرت السفرات، قبلاً، وتعددت الزيارات، وتنوعت المؤتمرات، واشتطت التصريحات، وأرعدت وأزبدت الشمطاوات، وانزوى، خجلاً، نحو الزوايا المعتمة والمظلمة فحول الصمت، و"التسهيل" العربي الكبار.

وخيوط اللعبة وطقوس الذبح "الحلال"، لم تكن مغيـّبة عن العيون، وكانت تـُنسج في العلن، وعلى مرأى من ناظري الملايين المشدوهة ببلادة الأداء، وسماجة الوجوه، وترهل النظرات، وكيد الأخوة الألداء المستعجلين ليوم النحر العظيم الذي سيغسل لهم "عار" مقاومة أسياد الاحتلال. وقد بدا كل شيء مرتباً له بعناية، ومعداً مسبقاً، وبتصريح، وتواطؤ، و"تسهيل" ورضا، من الأشقاء القابعين في بروجهم السياسية، وقصورهم الخرافية الحبلى بالحرام وبقصص مخزية لا تنسى عن غدر هنا، وطعن وخداع وتضليل وخيانة هناك، في انتظار مكالمة هاتفية راضية قانعة مرضية من قيصر الموت، "المتعولم حذائياً"، والرابض فيما وراء البحار، تحمل بشائر التهنئة على الصمت، والمباركة بالمساهمة "الخيرة" والنخوة النشمية في مواسم الذبح المبارك والحلال، المشرعن بفتاوى مـُلاّ السلطان الذي اندفع، و"هوى"، غير عارف، ويا حرام، حباً، وتودداً، وولهاً، وتملقاً وتشوقاً إلى مصافحة السفاح بورع وتقوى يوحي بفيض دافق من عطر الإيمان بأسفار التوراة وليس بقصص القرآن. فهل هناك أروع من مشهد رسول الفرعون الأكبر، وكبير الحاخامات، والحبر الأعظم حين يخر متعبداً مستغفراً، ومبسملاً ، متشكراً، متحمداً لله على عطاياه الجزلاء بحرارة العناق؟ فهل كانت تلك المصافحة الشهيرة سوى صفحاً، ومباركة شرعية وتأشيرة الانطلاق "الحلال" لبداية ترنيم مقدس تتلى فيه صلوات الاستسقاء "المقبولة"، والحمد لله، لوابل الموت القادم من السماء في فصول البرد والشتاء وطقوس الاحتماء، كي يفعل فعلته في رقاب أطفال غزة الذين كانوا في انتظار بارقة أمل، وبادرة سلام و"تهدئة" ما، من زكاة البيوت السياسية الفاعلة في المنطقة وكهنة سلالات النظام العربي ، تعيد لهم طفولتهم وفرحهم المسروق، وتجلب لهم هدايا الأعياد والميلاد، فاستبدلوها لهم، "بروتوكولياً، وكرمى لعيون الشيوخ وحسناوات الموساد بأمطار غزيرة من لهب، وحمم ونار.

ولم تكد طائرة تلك الحسناء الفاتنة التي تحولت لوحش كاسر، آمرِ، ناهِ، في حضرة "الطراطير" و"التبـّع" والصغار، تحط رحالها قادمة من أرض الكنانة، مقر جامعتهم الناطقة بلغة البدو الأعراب، حتى انطلقت طائرات جنرالات الاحتلال ومجرمي الحرب الدوليين، وسفاحي العصر الكبار، حاملة معها حمم الموت القاتل التي انهمرت بلا هوادة، أو رحمة وتمييز، على رؤوس أطفال غزة الأبرياء، زارعة الموت والأحزان في كل ركن من أركان القطاع المنكوب، ومخلـّفة وراءها مشاهد مروّعة من دمار وخراب.

لقد فضح دوي القنابل ورائحة الموت، ومناظر الجثث المتفحمة إنكار ذاك الشيخ "المسكين" بوجود الحصار، وانكشف له، الآن، ما اعتراه من جهل. وكل ما نأمله اليوم، وهو أضعف الأيمان، أن يكون سماحته، وعساه، و"من دون قرف"، طبعاً يعكر صفو سريرته، قد سمع بشيء اسمه غزة، يتعرض اليوم، للإبادة ، والهولوكوست، والحصار.

ما جرى، ويجري في غزة من محرقة بشرية فظيعة ومروعة وقودها النساء، والشيوخ، والأطفال العزل، أمام آلات الموت الرهيبة، هو أولاً، وقبل أي شيء، وصمة عار سوداء، في جبين هذا النظام الرسمي العربي المتداعي. وهذا الإصرار المحموم، والتشفي، والرغبة في إيقاع أكبر عدد من الخسائر والضحايا والأرواح، المُغطـّى عربياً، ودولياً، هو، ثانياً، مجزرة ترتقي إلى مستوى الإبادة الجماعية وجريمة الحرب، بحق الإنسانية جمعاء. ويجب أن يقدم مرتكبوها إلى العدالة الدولية فوراً ودونما إبطاء جرّاء ما اقترفته أياديهم الملطـّخة بالدماء من ويلات وجرائم وآثام، حسب ميثاق، أو ما يسمى بنظام روما. وإن وصف ما يجري، بأنه نوع من الدعارة السياسية مؤسس على تداع وانهيار أخلاقي رهيب يصبح فيه الأخ والشقيق والولي والوصي هو المسهـّل والمروج والصامت والمتاجر البغي أمام انتهاك حرمة العهد والعرض والأرض والدماء، هو، ولعمري، أمر فيه الكثير من الأدب، والتشريف، والدبلوماسية واللباقة والمحاباة، فكل ما يوجد في قواميس العالم، من مفاهيم، ومصطلحات، لا يمكن أن يعبر، مع هؤلاء القتلة والأشقياء، عن واقع الحال.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصاحة رئيس
- الحرب على الحذاء
- خبر عاجل: قصف مصنع للأحذية جنوب بغداد
- أحذية الإذلال الشامل العراقية: أصدق إنباءً من الكتب
- غزوة الشيخ دقماق
- صلة الرحم الإليكترونية
- مصافحة الأزهر: انكشاف دور الكهنوت الديني
- الانهيارات المالية الكبرى: اللهم شماتة
- الحوار المتمدن: كلمة حق لا بد منها
- أيام الولدنة، ودهر المتصابين الطويل
- سماحة الإمام الأكبر شيخ الأزهر: تقبل الله طاعتكم
- غزّة تحاصرنا
- رسالة عتب رقيق لحوارنا المتمدن الجميل
- أوباما والمهام الأمريكية القذرة
- في الدفاع عن الباطنية
- ما قال ربك ويل لمن سكروا، بل للمصلينا
- رسالة إلى جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
- حوار ديني أم تطبيع سياسي؟
- لماذا الخوف من غزو ديني؟
- تضامناً مع أقباط المهجر


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نضال نعيسة - أكثر من دعارة سياسية