أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نضال نعيسة - غزّة تحاصرنا














المزيد.....

غزّة تحاصرنا


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2478 - 2008 / 11 / 27 - 10:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


(....................
فمن الخليج إلى المحيط ، ومن المحيط إلى الخليج
كانوا يعدّون الجنازة
وانتخاب المقصلة
جسدي هو الأسوار – فليأت الحصار
وأنا حدود النار – فليأت الحصار
وأنا أحاصركم
أحاصركم
وصدري باب كل الناس – فليأت الحصار). محمود درويش.

كم هي جميلة هذه الأبيات في تحدي الموت والحصار وهي انتصار معلن وشامل رمزي على قوى البغي وكل الوحوش الآدمية والغزاة ووصمة عار أخرى في جبين الأعراب المليء والمثقل بالوصمات.

نعم غزة هي التي تحاصرنا اليوم. وهذا هو لسان حالها، وقد أصبحت هي حدود الموت وحدود العزة والكرامة، وتغفو على تخوم الدم والنار وعلى أطرافها فقط تكتب، وبمداد من دماء وقهر ومجاعة وإملاق، أعظم أساطير التحدي وملاحم الفخار،.

غزة تهزمنا اليوم جميعاً وتكتب تاريخاً عظيماً عن تحدي الموت والإصرار على الحياة، مسطرة أروع ملاحم البعث والنشور، لشعب يرفض الاستسلام ولن يموت، وكطائر خرافي ينهض كل مرة من تحت الركام والرماد. أما نحن فأصبحنا أمواتاً ولا يحرك فيهم الموت والحصار أية نخوة، وأية روح، وأية حياة؟

فمن يحاصر من؟ ومن يقتل من في هذه الحال؟

فكفوا عن حصارنا، وكفوا عن قتلنا يا أطفال غزة الأبطال؟ كفوا عن إيلامنا إلى هذه الدرجة التي لا تطاق؟

كفوا عن إهانتنا بهذا القدر الذي لا يرحم فنحن في أسوأ وأحط حال، وأبأس زمان. فكفاكم جلداً وذبحاً وقهراً لنا فلم نعد نقوى على "عنفكم" هذا على الإطلاق.

لقد فضحتم نفاقنا العروبي أيها الأطفال، برغم كل آلات الرياء والضجيج والزعيق القومي والسلفي المتناثر والمتسلق في الفضاء على حبال البترودولار، ولم يبق لنا أي ستر أو غطاء. لقد بانت عوراتنا وضعفنا وعجزنا وهزالنا وهواننا وخواء وبؤس خطابنا، وكذب جعيعنا وجعجعتنا وزعيقنا البرّاق، وهوت إلى القاع كل تنطع لنا وضوضائنا الفارغة التي يفتعلها الأعراب وأزلامهم وغلمانهم وخصيانهم هنا وهناك.

أنتم اليوم في أقوى موقع تتبوؤنه على الإطلاق. فأنتم من يفرض شروط المعركة، ويعلن شروط الانسحاب، وأنتم فقط من سيحدد لنا شروط استسلامنا أمام روعة صمودكم الأسطوري في وجه أعتى آلات الموت.

فأطفال غزة هم المتخمون بالبطولة والبسالة والتحدي ونحن الجائعون المنهارون المفلسون.

وأطفال غزة هم الأغنياء "برغم أزمة المال العالمي"، ونحن الفقراء المتسولون المعدمون.

أطفال غزة هم الأقوياء الجبابرة ونحن العاجزون الأعنة الخائرون الخائبون المندحرون.

وأطفال غزة هم من سيحررنا ويخلصنا من كل عذاباتنا وآلامنا، فنحن متواطؤون ومتآمرون مع الأعداء ونرفع لهم الأنخاب هنا وهناك، ونرضخ فوراً، ومن دون قيد أو شرط، للأشرار و"نتفهم"، دون صعوبة أسباب الحصار.

وأطفال غزة يتوهجون نوراً وكرامة تشعّ على الجباه، ونحن من تلفهم العتمة والوحشة والظلام، فنوّروا علينا، نوركم الله أيها الأعزة والأحبة الصغار.

وأطفال غزة هم الأعزة وهم الكبار الراشدين الأصحاء، ونحن الأذلة المعاقين ومن يبدون أمامهم صغاراً صغاراً؟

أنتم الأحرار، فقط، فنحن نقبع في "الوطن العربي الكبير"، أكبر سجن مفتوح في التاريخ في الهواء الطلق، على الإطلاق.

وأنتم من يشكل فعلاً خطراً ماحقاً، وحقيقياً على آلات الموت والدمار ويهدد الجيوش الجرارة وحاملات الطائرات.

إنا نشكوكم عجرنا وبجرنا، وضيق حالنا وبؤس أوضاعنا التي تزيدون في ضعفها، وتساهمون في كشفها وتعريتها إلى حدود الفضيحة وترنح المبادئ وهتك الأعراض والأخلاق.

غزة هي التي باتت تحاصرنا، الآن، فبادروا إلى إنقاذنا من هذا الجحيم، وهذا الذل والعذاب.

وغزة هي التي تجرعنا الحنظل والعلقم والمرارات، وجعلتنا صغاراً، صغاراً في عيون كل الناس.

وغزة تحرجنا جداً فأريحونا، أراحكم الله، من كل هذا الإحراج.

وغزة تذبحنا، وتنحرنا، كل يوم عشرات المرات فاعتقوا رقابنا رأفة بنا، وسنـّة سنـّها السابقون وأنبياء الله.

وغزة تجرحنا بسكاكين صمتنا وهواننا، فداوونا بترياق الكرامة والشرف المهدور أيها السادة النجباء.

وغزة تهزمنا بتحدي الموت والحصار، كل لحظة، فانجدونا من وطأة الذل، ووقع الهزيمة، وآثار الهوان.

وغزة تجلدنا كل يوم عشرات المرات، فهل هذا "حكمها" في شرائع الغاب؟ وافتوا لنا يا سادتي الفقهاء.
( وفتوى من مال الله. بالمناسبة، ألا تستحق مذبحة غزة فتوى عابرة وعلى الماشي "هيك يعني Take Away"، من وعاظ السلاطين وشيوخ البلاطات)؟

وغزة هي التي تمارس دور البطولة المطلقة في مسرح مفتوح في العراء، ونحن العبيد لأسيادنا وراء البحار والتـُبـّع والكومبارس. وهي التي باتت تقسو علينا وتستعبدنا بلا رحمة أو شفقة، أيها السادة الكرام، فحررونا من هذه العبودية والرق والاستعباد.

وليأت الحصار. وليأت الحصار. وليأت الحصار، فلن يساهم إلا في شرشحة وفضح وهزيمة الأعراب. وأية هزيمة مفجعة نكراء؟

فليأت الحصار. فليأت الحصار. فليأت الحصار.


ملاحظة على الهامش "براني": لماذا لم تعلن إسرائيل عن رغبتها ببيع هدايا الشيوخ ونشامى العرب الكرام لها إلا في عز حصار غزة؟ كم هي قاسية وظالمة وغدارة هذه الـ"إسرائيل" بحق حلفائها الأعراب، فهي، وعلى ذمة الراوي، وبعض الخبثاء، تحاصرهم أيضاً، ولا تأخذ لهم أي خاطر، ولا تقيم لهم أي وزن، ولا تشيل لهم أي اعتبار برغم تملقهم لها وانبطاحهم أمامها كعبيد صغار أذلاء؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة عتب رقيق لحوارنا المتمدن الجميل
- أوباما والمهام الأمريكية القذرة
- في الدفاع عن الباطنية
- ما قال ربك ويل لمن سكروا، بل للمصلينا
- رسالة إلى جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
- حوار ديني أم تطبيع سياسي؟
- لماذا الخوف من غزو ديني؟
- تضامناً مع أقباط المهجر
- I don’t have a dream
- الأوبامية وهزيمة ثقافة
- محاكمة إعلان دمشق: محاكمة لمرحلة
- القرضاوي: وباطنية شيوخ الإسلام
- سحقاً لهمجية الأمريكان
- وجوه أخرى لتصريحات القرضاوي
- القرضاوي:هل هو خوف من تشيع ديني أم سياسي؟
- نهاية فوكوياما
- من هي الدول الفاشلة؟
- حول طائفية إعلان دمشق
- العنصرية وعرب الخليج الفارسي
- عبد الرزاق عيد: ويل للعقلانيين!!!


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نضال نعيسة - غزّة تحاصرنا