أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - محاكمة إعلان دمشق: محاكمة لمرحلة














المزيد.....

محاكمة إعلان دمشق: محاكمة لمرحلة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2454 - 2008 / 11 / 3 - 09:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


بغض النظر عن كل تلك القراءات العاطفية والوجدانية والحزبوية وحتى الشخصانية والبكائيات والمرثيات التي أعقبت صدور الأحكام المخففة ضد "المتورطين" بمشروع إقامة دولة الخلافة فوق الأراضي السورية،( سنتان ونصف مع احتساب مدة التوقيف، ما يعني، ومع الاستفادة من ربع المدة المحتمل، فثمة بضعة أشهر قليلة ويكون المتورطون، وبمشيئة الله تعالى، بيننا ثانية، وفي بيوتهم)، فإن إحدى القراءات الشخصية جداً لمحاكمة هؤلاء "المتورطين" بإعلان دمشق الذي بلور إلى حد كبير بعضاً من أطروحات حزب التحرير الإسلامي والجماعات السياسودينية الأخرى في رؤيتها لنظام الحكم حيث الدين ومرجعيته، هو الناظم والضابط لعمل الدولة ومرشد لها، هي أنها محاكمة، ونهاية لمرحلة كاملة، وأبعد من محلية، مرّت بعجرها وبجرها على سورية، وهاهي تعلن عن نهاية فصولها الأخيرة، بعد أن أسدلت ستائرها عمليا،ً في قمة دمشق الرباعية التي ضمت إلى جانب سورياً كلاً من فرنسا، وقطر، ولبنان. وهذه المحاكمة هي، أولاً، محاكمة لمرحلة بوش نفسها التي انتهت بفشل ذريع ومريع كما الإعلان نفسه، وإن كان عهده، نفسه، يتطلب أحكاماً قيمية وقانونية أقسى من هذه بكثير. ولولا التداخلات والتأويلات المختلفة، لربما كان العفو عن المتورطين هو الخيار الأرجح، والأقرب. والمحاكمة في المحصلة النهائية هي واحدة من سلسلة المعارك الدبلوماسية والعسكرية والقضائية التي خاضها النظام على أكثر من صعيد إقليمي ومحلي، وأفلح في الخروج منها سليماً ومعافى، وبأقل الخسائر، وربما بدا أقوى، وأكثر تماسكاً، من أي وقت آخر.

وتأتي المحاكمة بتلك العلنية والأحكام المخففة، كـ "إعلان" دمشقي خاص وآخر، ولكن على طريقة النظام، من جانب آخر، على تجاوزه النهائي لكل الملمات التي أحاقت به من كل حدب وصوب إقليمي ودولي و"محلي" وكان إعلان دمشق، بالطبع، وجهها المحلي. وبدا الإعلانيون، كخصوم للنظام، هم الأضعف والأكثر انكشافاً والأقل حيلة، في حلقة الخصوم الإقليميين الأقوى، أو الدوليين الأكثر قوة، وهم الوحيدون من دفع ثمن حماقات الآخرين أولاً وأخيراً. ( ربما كان العدوان الأمريكي الأخير، المتزامن تقريباً مع المحاكمة، في أحد قراءاته هو الآخر أيضاً، تعبيراً عن احتجاج ما، وامتعاضاً من الاختراقات السورية المتتالية، وعلى غير صعيد، ولا يريد فيها الأمريكي أن ينتاب السوريين أدنى شعور بالراحة والاستقرار، غير أنه-العدوان- لم يفلح في ثني السوريين عن إرسال رسائل "رمزية" للخارج فيما يتعلق بالشأن الداخلي). لقد بدأت تلك المرحلة الساخنة والعاصفة نظرياً مع بداية العهد الجديد في العام ألفين، وانطلقت فعلياً مع الغزو الأمريكي للعراق، وتمثلت في أعلى مراحلها دراماتيكياً بسقوط بغداد في التاسع من نيسان، وشيوع نظرية تساقط أحجار الدومينو في تلك الأيام، التي قيل في حينها بأنها ستطال النظام السوري، لاحقاً، وانتظر كثيرون الدور القادم على "الشقيق التوأم" لحزب البعث العراقي. وتوّجت تلك المرحلة، باغتيال رجل المال والأعمال اللبناني، سعودي الجنسية، الملياردير رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط/فبراير 2005، وما أعقبه ذلك من سحب للقوات السورية من لبنان، بعد ثلاثين عاماً من تواجدها هناك. في هذه الظروف والسياقات المضطربة، ولد إعلان دمشق الشهير، وظهر الإعلانيون للوجود.

ولقد كان أسوأ ما في الإعلان، ومن دون تشميل لأطروحاته "المريبة"، أو "فصفصة" لمنطلقاته وخلفيته السلفية الواضحة، هو توقيته الأسوأ، الذي جاء في ذروة تلك الهجمة البوشية على سوريا وفي تلك السياقات المحبطة وغير الملائمة لأي حراك سياسي على الإطلاق. وبدا، في لحظة ما، كظهير ونصير محلي، وربما تبرير لها. وهو ما اعتبر، وعلى الأقل من جانب المراقبين الحياديين، ومع علوٍ واضح في نبرة ما يسمون بالليبراليين العرب، حينها، لجهة طلب الدعم الخارجي في عمليات ما يسمى بـ"التغيير الديمقراطي" وظهور وإقحام مصطلح الدبابة الأمريكية كحامل للتغيير، استقواءً علنياً، بأجنبي، بشكل ما، في زمن غير مؤات البتة للبلد ويشكل عامل ضغط كبير وآخر عليه، وهذه إحدى أخطاء إن لم تكن خطيئات الإعلان القاتلة الكبرى.

والواقعية والإنصاف وعدم التحيز، تتطلب من الإعلانيين ومن لف لفهم، ووالاهم ليوم الدين، أن يتقبلوا هزيمة مشروعهم، المقترنة، تماماً، مع هزيمة بوش، ويسلموا بها بكل روح رياضية بعد أن تنكر لهم بوش وسقط مشروعه الشرق أوسطي وأسقط الإعلانيين معه، كما خانتهم الرياح الإقليمية والدولية وسارت بعكس ما يريدون وما يأملون، وكانوا مجرد وقود وحوامل لمشروع سياسي أوسطي كبير وفوضى غبية، وغير خلاقة، بالمرة، لم يكتب لها النجاح، وبغض النظر، دائماً، عن ضرورات الإصلاح والتغيير ومكافحة الفساد الداخلي التي هي بالتأكيد مطلب وطني عام ينادي به الجميع، ومهمة دائمة لكل وطني شريف وحر سوري. ودخلوا في أتون عملية عض أصابع مؤلمة، وكسر عظم غير متكافئة البتة مع النظام عندما يرفع عنهم الدعم الخارجي أو ينزعوا من من سياقاتهم الإقليمية وحواملهم الدولية. و"سرحوا" فيها بعيداً جداً، وربما أكبر من قدراتهم الذاتية، وطاقاتهم الاستيعابية، وقوتهم الديناميكية، وتخيلوا، وفي ذروة "عملية التسخين"، بأنهم صاروا قاب قوسين أو أدني من قصر المهاجرين. فـ"معليش وخيرها بغيرها"، و"اللي بدو يلعب مع القط بدو يتحمل خراميشو"، واللهم لا شماتة.

ومع هذه الأحكام المخففة، جداً، ها هي إذن مرحلة إسدال الستار على واحدة من أشد الحقب السورية مواراً واضطراباً تمضي، وتأتي أخرى. فماذا تحضر المعارضة السورية لها؟ وهل استفادت منها؟ أم ستستمر في طور قديم جديد من المراوحة في المكان مع طقوسها المعروفة من اللطم والندب وشد الشعر، وتدبيج المرثيات والبكائيات والمواويل الحزينة؟

ومرة أخرى وأخيرة، فالأحكام مخففة جداً، لأن محاكمة مرحلة بوش، وتداعياتها الكثيرة، تتطلب، بالتأكيد، أحكاماً أقسى من هذه بكثير.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرضاوي: وباطنية شيوخ الإسلام
- سحقاً لهمجية الأمريكان
- وجوه أخرى لتصريحات القرضاوي
- القرضاوي:هل هو خوف من تشيع ديني أم سياسي؟
- نهاية فوكوياما
- من هي الدول الفاشلة؟
- حول طائفية إعلان دمشق
- العنصرية وعرب الخليج الفارسي
- عبد الرزاق عيد: ويل للعقلانيين!!!
- عار السعودية الأبدي
- سحقاً للقتلة والجبناء
- القرضاوي وهشاشة الفكر الديني
- السّعُوديّة أولاً!!!
- حروب الشيوخ الكارتونية
- لا لأي تدخل سوري في لبنان
- عقلانية العرب: عبد الرزاق عيد أنموذجاً
- تصريحات جنبلاط وإعلان دمشق للتغيير الديمغرافي
- لماذا صوم رمضان فقط؟
- مهند ونور، وهشام وسوزان
- 11/9 جديدة: اللهم شماتة


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - محاكمة إعلان دمشق: محاكمة لمرحلة