أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - ايام معتمة














المزيد.....

ايام معتمة


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 2537 - 2009 / 1 / 25 - 06:18
المحور: الادب والفن
    


إليه(…) إلى صمته الجميل، إلى عينين لااستطيع التحديق بهما طويلا
يتمدد وحيدا على سرير في غرفة ما، تمتد يده إلى الاباجورة مطفأ النور، مستسلما
للحلم، بعيدا عن صخب الآخرين.
تُصاب بالارتباك عند لقائه.تشعر انه يعرف مايجول بخاطرها.أثناء الحديث، تتحاشى التحديق في عينيه. يبتسم يشد على يديها مشجعا.تبتعد في صمت ويبقى إعجابها حبيس صدرها.يبتعد هو الأخر مسافات ومسافات، محاولا نسيان سنوات عجاف.يسافر بعيدا عله ينسى.يغرق في دخان سيجارة لا تكاد تشرف على الانتهاء حتى يعوضها بأخرى، كأنه يعوض سنين مرت من عمره.
يعب نفسا طويلا من سيجارته.عبر ضباب دخانها المتصاعد تبحث عن تقاسيم وجهه.بينما تعود ذاكرته إلى فترة موجعة.يتذكر رفاق درب العتمة الطويل من شباب وشيوخ ونساء في العنابر المجاورة.يتألم كلما تذكر صورة كهل أشرف على النهاية ومازال يُعلق على آلة التعذيب، صوت صراخ النساء كلما دنس الكرباج جسد امرأة طاهرة، تصرخ دفاعا عن شرف أنوثتها.رائحة “الشيفون”المبلل ببول حارس لعين يمرره على فمه وأنفه.أنف طالما تزود برائحة عبق عطر امرأة تحمل دفئا وحبا..طالما حلم بامرأة تلثم بدفء شفتيها أثار الجراح.كلما تذكر الانفرادي، تلك الزنزانة اللعينة في الليالي الباردة في ارض برودتها تحت الصفر في ليالي الشتاء الكئيبة.وحارس لعين يصب عليه دلو ماء بارد، احتمى بمعطفه الصوفي، بحثا عن دفء مفتقد.كابوس الانفرادي مازال يُطارده حتى بعد إطلاق سراحه.بغصة وحرقة يتذكر معاناة صديقه “م.م”تسأل عنه بإلحاح ، يصمت تحت رجاء نظراتها يجيب:
-”م.م”:رجل أسمر، قوي البنية،حاد النظرات،رجل هزم جلاده دون أن ينطق.صورته مقيد الأيدي والأرجل معا والجلاد ينزع أظافره من منبتها بألة صدئة،دمه النازف،نظراته الساخرة لجلاد مجنون يصب جام غضبه على إنسان مقيد.
-”م.م”سيزيف الأيام المعتمة ظل شامخا لم ينكسر.آه ياعزيزتي ما أمر قهر الرجال!يومها شعرت بقهر فظيع موجع.
يصمت، يشرد قليلا، ثم يأخذ نفسا عميقا من سيجارته، يهرب من نظراتها ويترك الحكاية تغرق في بحر الصمت.تحاصره من جديد، نظراتها تعذبه، تعاتبه كيف ينسى أو يتناسى..؟
نظراتها حارقة دوما،كلما حدق بعينيها يتذكر كل شئ.تسأله تلح في السؤال..يصمت بحثا عن تصالح مع ذاته،مع ماضيه،مع حاضره..لكن نظراتها المعاتبة تُذكره برفاق العتمة..
تعرف مدى عشقه للحبر ولرائحة الورق تسأله:
-لماذا لاتكتب عن أيام العتمة تلك..؟
اكتب تجربتك،تجربة من نُسي في تلك الدهاليز المظلمة..اكتب..يقاطعها قائلا:
-كيف..؟ اكتب في جو ملوث..؟مستحيل!قد ابحث عن فضاء نقي،كي أتنفس بحرية دون خوف،اما أن اكتب كل شئ، أتفهمين كل شئ ؟أوأصمت.
يسود الصمت بينهما.يمرر يده بلطف على شعرها، يطلب منها أن تتجاوز الجرح،عله يندمل مع الأيام.تنظر اليه طويلا،تُداري دمعة منسكبة دون استئذان.وتسأل نفسها..كيف يطلب منها هذا..؟ تتجاوز الجرح..؟ أين أمالها..؟أحلامها المجهضة..؟
شبابها المندثر كأوراق خريف.بسمتها الخائفة من فرح مشوب بالحذر.
تصمت وتعانقه بشوق، متمنية في أعماق نفسها أن تداوي جرحه العميق يوما ما.أن تؤنسه وتبعد عنه شبح الوحشة والوحدة.
يبتعد مسافات ومسافات، يتوارى عن الانظارويتمدد وحيدا على سرير في غرفة ما.تمتد يده إلى الاباجورة مطفأ النور مستسلما للحلم.بعيدا عن صخب الآخرين.



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رائحة الوطن
- صمت المدن
- سر الحكاية
- الكوخو
- السبحة
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل
- الثامن عشر من ايار
- محطة القطار
- الطيور المهاجرة
- المسافات
- الهاتف
- انتظار
- طنطان:مدينة الوجع


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - ايام معتمة