امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2467 - 2008 / 11 / 16 - 10:35
المحور:
كتابات ساخرة
" اسطة محمد " ، كان رجلاً شغيلاً متعدد المواهب ، فهو بناءٌ جيد ، ويعرف قراءة الخارطة وتنفيذ شروط المهندس ، ويُشرف بنفسهِ على عمل " اللباخ " و " البراد " و " الكهربائي " ، اي بإختصار ، يُمكن الإعتماد عليهِ في مجال البناء والإنشاء والترميم .
طلب " الآغا " ، من اسطة محمد ، ان يبني داراً لأحد ابناءهِ ويُشرف على العمل كله ، وكذلك ترميم دارين عائدين للآغا نفسهِ ، وأعطىَ للأسطة مبلغاً بسيطاً للبدء بالشغل ، على ان يدفع له البقية بعد إكمال العمل . ولأن الآغا آغا ، وهو كبير القوم ، فلقد إضطر الاسطة محمد ، إحتراماً وتقديراً ، ان يؤجل بعض إلتزاماتهِ ، من اجل ان يُكمل العمل الذي كلفهُ بهِ الآغا ، بمواصفات جيدة وفي الوقت المحدد وبتكلفةٍ معقولة .
شَكَرَ الآغا ، الاسطة محمد ، وإمتدح نوعية عملهِ ودقة مواعيدهِ ، وطلب منه ان يأتي بعد اسبوعين ، لكي يستلم فلوسهُ على داير مليم ! .. طبعاً ، مَّرت اسابيع واسابيع ، والآغا يُماطل ويُؤجل بدون اي نتيجة .
ضاقت السُبل بصاحبنا الاسطة محمد ، فقرر ان يذهب في الصباح الباكر الى مضيف الآغا .
....
عند العصر ، دخل الآغا الى مضيفهِ ، فوجد " الاسطة محمد " وفي يدهِ ( فيته ) وهويقيس أبعاد المضيف .
قال الآغا : ماذا تفعل اسطة محمد ؟ أجاب الاسطة : كما ترى ايها الآغا المُفَدى ، اريد ان اعرف طول وعرض وإرتفاع المضيف !
الآغا : لماذا ؟
الاسطة محمد : يا سيدي المُبَجل ، اريد ان أبني لنفسي مضيفاً مثل مضيفك واصبح آغا ! .
الآغا مُحتداً : ماذا تقول ايها الاحمق ، هل جننت ؟
الاسطة محمد : كلا ياسيدي . ولكني عملتُ عندك لأشهر طويلة ، ولم تدفع لي مستحقاتي واجوري ، ورغم مراجعاتي الكثيرة ، وصبري وتحملي ، الا انك لم تفي بكل الوعود التي قطعتها لي . واليوم وانا هنا في مضيفك منذ الصباح ، لم يُقدم لي احدٌ من حاشيتك لا فطوراٌ ولا غداءاً .
إذا كانت ( الآغوية ) ، على هذه الشاكلة ،انا ايضاً استطيع ان افتح مضيفاً ، لا يقدم خبزاًً لأحد . وأستغل عمل الشغيلة ولا ادفع لهم شيئاً !
....
أحوال حكومتنا الرشيدة ، تشبهُ أحوال " الآغا " . فالسلطة بيدها ، والاموال الوفيرة عندها ، لكن الخدمات ضئيلة ، واجور الشغيلة والكادحين مُتدنية ، والاقتصادُ متداعي ، والفوضى منتشرة ، والفساد المالي والاداري متفشي ، والعدالةُ في التوزيع غائبة ..
سوف أضطر كما يبدو ، ان أقيس أبعاد مضيف الحكومة . فبهكذا مواصفات ، أستطيع انا ايضاً ان اشكل حكومة وأُديرها بمثل هذه الطريقة " المخربطة " !
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟